مقالات وآراء

ابو زهرة الساكت .. صار شفاف ……. فاختفى

بينما كنت خارجا من طابور الذل و الحصار , واضعا فوق رأسي سحارة فيها كم كوساية و بندورة معفسة و شوية خيار , استوقفتني فرقة المداهمة من احدى قنوات الأخبار , مؤلفة من مذيعة حسناء و اثنان زباينة أهل النار ,
و وجهت سؤالا قاتلا مع ابتسامة لا تخلو من الخباثة و الاحتقار .
شو شعورك يا عزيزي المواطن و أنت تحمل هل الكمية الهائلة من الفواكه و الخضار .
ألا تظن بأنك قد رفعت احدى اصابعك بقوة في وجه من سبب لك و لإخواننا الحلبية هذا الحصار.
و هل تظن أن هذا اول أم آخر الانتصار .
و اخيرا و ليس آخرا ما هو رأيك يا عزيزي بتقدم وخطوات جيشنا الجبار .
جاوبتها وانا المبهوت , و عيناي تراقب عيون الصقرين بجانبها و تخاف أن اموت على يديهما و ألحش في التابوت
: الحمد لله كل شي تمام
لم يعجبها جوابي الصغير , و عرفت أني اخفي في صدري الكثير , فقد قرأت في عيوني ألف تفسير و
ازاحت المايك من أمامي و قالت تكلم يا ابن الناس , أريد جوابا لا يخلو من العزة في الاحساس , اريد صوتك عالي و جبينك مرفوع , فنحن ما جينا من الشام إلا حتى ما تموتو انتو من الجوع .
همست بإذنها يعني احكي و علي الأمان , و إلا اذا حكيت بصير وجهي احمر و جسدي بلا عنوان , هزت رأسها قائلة : احكي يا عزيزي و لا تخاف , فنحن صرنا في زمن الاعلام الشفاف , احكي بس لا تحر و لا تلوص , منشان نعري كل الحرامية و اللصوص .
بلعت من الخجل ريقي و غمضت من الخوف عيوني , و قلت للمذيعة : رح احكي بعض الحقائق و ريتون بعدها يشنقوني .
أما عن سؤالك الأول : عن الكمية الهائلة من الفواكة و الخضار , فهي يا حبيبتي ما هي فواكة و لا حتى خضار , هي شوية بندورة معفسة و باقة بقدونس و كم قرن خيار , أخدتون يا عزيزي بعد ما صرلي واقف أكثر من ئلائة ارباع النهار , و ما هو مهم دفعت قيمتون بالســـوري أو بالمغضوب الدولار , و المهم صارو معي و بدي فرح فيون ولادي الصغار .
أما عن رفعت اصبعي بقوه لمن سبب لنا هذا الحصار , فأنا ما بعرف أي الاصابع ارفع , و لا في أي اتجاه ولا حتى مين هنن الاخوة الاشرار , بعرف حالي تخوزقت و يلي صار صار .
أما عن سؤالك يا عزيزة اذا كان هادا أول أو آخر انتصار , فأخبرك ـــ بشفافية كما وعدتك ــ أنه لا يمكن لأحد ان يحدد منتصرا بعد كل هذا الدمار , قد يكون أول المنتصرين و آخرهم هو ــ كما علمتمونا ــ في جميع نشرات الأخبار , هو صنع المؤامرة هم تجار الدم هم الصهاينة أو الاســــتعمار , و لكن ما بنشوفي معي أني أهم من كل هؤلاء , المنتصر الأول هم هولاء المحتكرين من سماسرة و تجار , الذين يحتكرون الحليب و الزيت و يعتبرونه أغلى واربح من الدولار , و لا ترين معي أن شريكهم في الربح هم بعض المسؤولين و المدعومين و المبتسمين في نشرات الأخبار .
و اخيرا يا عزيزتي و عن سؤالك عن تقدم جيشنا المغوار أخبرك أني اراه كل يوم ينظم الدور على الافران و مؤسسات الخضار , ليسلبني بحنان جميع ربطات خبزي و يبيعني ياها سبعة ارغفة بدولار .
عزيزتي الغالية : الانتصار هو أن تنتصر من الداخل , لا أن نحرق منزلا و نرحل الجار , و هو ان نحارب الفساد لا أن نعانق الاشرار , هو ان نتكلم بشفافية و ننتقد و تذيعي انت كامل الاخبار .
فتحت عيوني بعد كل هذا الكلام لأجد المذيعة قد صارت بحماة أو وصلت للشام , و تركتني مع اخويها الظريفين ملائكة الليل والظلام , ليعلماني أدب الحديث و يشرحان لي معنى الشفافية , و يعطياني دروسا أخرى لاستعمال أخمص البندقية .

بواسطة
ابو زهرة الساكت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى