مقالات وآراء

الاتِّجار بالأطفال عالم جديد أم تطور حاصل ؟؟. بقلم…. غازي حمود

دراسة للدكتورة فوقية رضوان أوضحت في هذه الدراسة أن الفقر من الأسباب الرئيسة للاتجار بالأطفال ليعاملوا مثل السلع، والعمل في ظروف وحشية وتعرضهم لكل أشكال الإيذاء البدني والنفسي، على أيدي مستخدميهم،
 
كما أشارت إلى أنه رغم أن القانون الإنساني الدولي يحدد كيفية الحماية من النساء والأطفال والحفاظ على حقوقهم وكرامتهم، خلال الحروب والنزاعات المسلحة، فإنه وللأسف لا توجد آلية دولية للسهر على تطبيق هذه القوانين في بلد مثل العراق أو في مناطق الحروب والنزاعات في الدول العربية بشكل عام.
كما أكدت أن الاتجار بالأطفال في العالم العربي، وما يلاقيه من صعوبات ومتاعب في العديد من المناطق في الوطن، ولا سيما فلسطين والعراق والصومال، وفي مناطق النزاع في دارفور يحتاج إلى مزيد من الرعاية والحماية القانونية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية للطفل.
تجارة الأطفال مشكلة خطيرة
وهذه التجارة تعد من المشكلات الاجتماعية الحديثة، وكثيراً ما أصبحنا نرى في مجتمعاتنا العربية هذه الظاهرة التي من أهم أسبابها الفقر والجهل والتصدع الأسري.
وإذا ما عدنا إلى منتصف القرن الماضي والمنظمات الدولية والأهلية والمراكز البحثية فسنرى أن ظاهرة الاتجار بالأطفال خاصة في إفريقية، وارتأى صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) حلاً وهو إصدار تقارير سنوية حول هذه الظاهرة وتطوراتها حيمنا عرض تقريره الخطير وهو أن الدول الإفريقية الـ53 كلها تتعرض لهذه الظاهرة الهمجية، والتي راح ضحيتها آلاف الأطفال.
وبأساليب قذرة، حيث ينمي ضعاف النفوس في قلوب أولئك الأطفال أو حتى النساء بأنه سيتم لهم تأمين عيش رغيد، وفيز مجانية للهجرة، وهكذا يقعون في المصيدة.
وهناك طريقة أخرى وهي عن طريق الانترنت، حيث يقول أحد التقارير الرسمية والمعتمدة بأن عدد الأطفال الذين بيعوا عن طريقها وصل إلى نحو 100 ألف طفل سنوياً.
أصل المشكلة
كانت تجارة الرقيق في الماضي وأهم أسبابها الفقر المدقع، والمحيط الاجتماعي، والآن الأطفال يتعرضون إلى هذه الجريمة النكراء وقد يستخدمون لأسباب إجرامية مختلفة، مقابل القليل من المال.
طريقة أخرى
إذا ما أردت أن تتجول في شوارع كثير من الدول ولا سيما المتقدمة، فإنك تجد طفلة جميلة، جالسة فوق أحد الجسور التابعة للمشاة، وللوهلة الأولى تظن أنها بلا قدم، وإذا ما تمعنت النظر وجدت كتلة كبيرة خلفها ملفوفة بالجبس وهي جالسة، تبين لك بعد التدقيق أن هذا ليس إلا قدمها مطوية، بهذه الطريقة العجيبة والهدف كسب عطف أكبر وبالتالي كسب نقود أكثر.
الأسباب
القانون الجنائي التابع للمركز القومي للأبحاث الاجتماعية والجنائية في مصر بين أن أسباب ذلك منتشرة في كثير من البلدان وأهمها:
1- الاستغلال الاقتصادي في بعض الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة أو الأخلاق: مثل عمالة الأطفال في بعض قطاعا الصناعية (المحاجر- صناعة الزجاج- الصناعات الكيماوية..الخ)، وفي القطاع الزراعي (خاصة مزارع القطن، حيث يتعرضون لمخاطر الرش بالمبيدات الحشرية).
كما أن هناك فئة من الأطفال يعملون باعة جائلين يتعرضون لمخاطر الطرق والمواصلات والإرهاق الجسدي المستمر، والأطفال بلا مأوى (أطفال الشوارع)، الذين يتعرضون الغالبية العظمى منهم لأصدقاء السوء وينضمون للعصابات الإجرامية.
2- تنتشر أيضاً هذه الظاهرة في الدول الصناعية، وأثبتت دراسة أنه حوالي 22 مليون طفل بيع في الأسواق العالمية خلال العقد الماضي.
3- يوجد حالياً 212 مليون طفل يسخرون في أعمال قاسية وسط ظروف صعبة وخطيرة على حياهم.
3- 15 مليون طفل يموتون سنوياً نتيجة الممارسات غير الإنسانية بحق الأطفال.
الأثر النفسي لهذه الظاهرة
تؤدي هذه الظاهرة إلى تراجع مستوى ذكاء الطفل من خلال الاختلاط برفاق السوء، والابتعاد عن المدارس، ولا سيما إذا بيع هذا الطفل أو استغل من قبل مجتمع عاداته وتقاليده غير الذي ولد فيه، وبالتالي ينعكس ذلك على نفسيته، والأثر السلبي الأكبر عندما ينمو ويكبر متمرداً على هذا الواقع، ولا سيما الأسباب المادية المشجعة على ذلك، والأوضاع السلبية التي نجمت عنها.
منظمة اليونيسيف والأطفال
بعد إعلان هذه المنظمة تقريرها الذي ذكرناه آنفاً والذي تحدث عن بيع الأطفال، وعددهم المتزايد باستمرار، جعل الأمر منوطاً بلجنة حقوق الطفل التي عقدت اتفاقية نصت على أن الدول الأطراف بموجب الفقرة أ من المادة 12 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع الأطفال وبقاء الأطفال واستغلال الأطفال في مواد إباحية داخل الدول الطرف على جمع وتحليل البيانات المصنفة حسب جملة معايير من بينها العمر والجنس والأقلية، بطريقة منهجية باعتبارها توفر أدوات أساسية لقياس السياسة العامة، وقد أوصت اللجنة الدولية الطرف بالقيام بما يلي:
1- تعديل قانون العقوبات بغية التعريف وتغطية جميع الجرائم بشكل واضح وفقاً لأحكام المادتين 2، 3 من البروتوكول الاختياري، وذلك بوسائل منها التعجيل باعتماد وتنفيذ مشروع القانون المتعلق بحماية الطفل.
2- تحدد السن القانونية المعتمدة لتعريف الطفل بـ18 عاماً بالنسبة إلى كل جريمة من الجرائم التي يغطيها البروتوكول الاختياري.
3- تعزيز الإطار التشريعي بالتصديق على البروتوكول لمنع الاتجار بالأشخاص وخاصة الأطفال والنساء وقمعهن والمعاقبة عليه المكمل ىل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
4- الدأب على التماس المساعدة التقنية في هذا الصدد من منظمات من بينها اليونيسيف.
كما أكدت على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم تجريم الأطفال ضحايا الجرائم المنصوص عنها في البروتوكول الاختياري، أو معاقبتهم، وحماية الضحايا والشهود من الأطفال في جميع مراحل الإجراءات القضائية الجنائية وفقاً لأحكام المادة 8 من البروتوكول الاختياري ولهذا الغرض ينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تسترشد بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن العدالة في الأمور المتعلقة بالأطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها.
ماذا قررت اليونيسيف أيضاً بشأن الدول
وينبغي للدولة الطرف بوجه خاص القيام بما يلي:
1- السماح للضحايا من الأطفال بالإعراب عن آرائهم واحتياجاتهم وشواغلهم ومراعاة هذه الآراء والاحتياجات والشواغل في الإجراءات التي تهم مصالحهم الشخصية.
2- إتباع إجراءات تراعي خصوصيات الطفل بغية حماية الأطفال من أي أذى يمكن أن يلحقهم خلال الإجراءات القضائية، بما في ذلك تهيئة غرف مخصصة لمقابلة الأطفال واستخدام الأساليب استجواب تراعي خصوصيات الأطفال.
3- وضع الإجراءات خاصة لتلقي الأدلة من الضحايا والشهود من الأطفال كتسجيل أقوالهم على أشرطة مرئية وصوتية، بغية الحد من عدد المقابلات والتصريحات والجلسات.
4- ضمان تقديم كل مساعدة مناسبة للضحايا من الأطفال، بما في ذلك إعادة اندماجهم الكامل في المجتمع وتحقيق تعافيهم البدني والنفسي وفقاً لأحكام الفقرة 3 و9 منن البروتوكولات الاختياري ولهذا الغرض ينبغي للدولة الطرف أن تستمر في اتخاذ التدابير الكفيلة بتقديم التدريب الملائم ولاسيما التدريب القانوني والنفساني للأشخاص العاملين إلى جانب ضحايا الجرائم المحظورة بموجب البروتوكول الاختياري.
دور وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل
لهذه الوزارات في كل البلدان ولا سيما المعنية منها، الدول الأهم ومراقبتها لهذه الحالات عن كثب سيكون فعالاً، جداً وخاصة إذا ما تضافرت جهودها مع وزارات الداخلية التابعة لتلك البلدان، والتنسيق مع وزارة التربية لتبني برامج خاصة، تقوم على توعية الأطفال أنفسهم، ولا سيما أبناء المراحل الأولى في التعليم الأساسي، والتركيز على سن المراهقة، في المرحلة الثانية من التعليم الأساسي.
كيف نقضي على هذه الظاهرة
نبدأ من أنفسنا كأشخاص فالمسؤولية تقع عاتق كل شخص من المجتمع، وهناك عدة طرق تكمن في نبذ هذه المشكلة جذورها، وأهمها سن القوانين والعقوبات الرادعة، ومراجعة القوانين الخاصة بالأطفال من قبل الاخصائين من الدول التي خاضت الحروب وتركت وراءها جيوشاً جرارة من الأرامل، وتعديل هذه القرارات بما يتناسب والوضع الذي آل إليه هذا العمل البغيض.
كما أنه يمكن للدول أن تفتح دوراً لإيواء المشردين من دون استثناء ومختلطة من كل الأطياف وتبني مناهج علمية مدروسة لرعايتهم، وحث منظمات المجتمع المدني التي تهتم بأمور الأطفال ودعمها بالخبرات اللازمة من الدول الأخرى ذات الشأن.
وتخصيص ميزانية خاصة من أموال الدولة لأولئك جميعاً، بما فيهم المشردين والأرامل واليتامى.
متابعة ومعاقبة تجار بيع الأطفال وهذه مهمة الشرطة والأمن، ولاسيما إذا ما وضعت هذه القضية عالمياً بين أيدي الانتربول، واتفاقيات حماية الأطفال بين الدول ذات المنشأ الحدودي الواحد، فيكون في ذلك القضاء على نصف المشكلة.
المراجع
1- د.فوقية رضوان، أستاذة الصحة النفسية بكلية التربية- جامعة الزقازيق.
2- استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة ( بحث من الانترنت)
3-قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم / 2005/20، الخاص بمنظمة اليونيسيف، لجنة حماية حقوق الأطفال
www.unicef.org 4-
5- تجارة الأطفال وبيعهم بحث مقدم كلية الآداب/ قسم علم الاجتماع لرنا كيوان وإشراف الدكتور علي بركات، جامعة دمشق.

بواسطة
غازي حمود
المصدر
زهرة سورية/ حلب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى