مقالات وآراء

السياسة و جدلية اللون البرتقالي …بقلم :مأمون شحــادة

الألوان كثيرة، منها الأحمر، والأخضر وغيرها من الألوان، ولكن اللون الذي يمتلك الشهرة هو البرتقالي، باعتباره ذا دلالة رمزية للتعبير، حيث اعتبره الهولنديون كرمز للاستعداد والحركة، فيما اعتبره التشيليون والأوكرانيون كرمز للتحرك الشعبي، وفق نظرة مستقبلية تغيير

ولكن دون تحريف لرمزية ذلك المعنى. بما معناه، فان عملية اختيارية طوعية يختارها شعب من الشعوب كأسلوب للتعبير والتغيير دون فرضه بالغصب والإكراه، ولن يكون لذلك اللون أي معنى إن لم يكن نابعاً من حرية الذات.
هنا نتذكر قول احد الشعراء، حينما قال “ولون الدم يزور حتى في التأبين رماديا”، ولكن في اي كفة نضع التحريفات الأميركية والإسرائيلية لرمزية ذلك اللون، على اعتبار انه لوناً للإذلال والقهر، فالألبسة البرتقالية، التي فرضت على سجناء جوانتانامو تتوافق مع التحريفات الإسرائيلية، كنموذج يحتمل تطبيقه على الأسرى الفلسطينيين…!
ولكن ألا يعتبر اللون البرتقالي رمزاً للمظلوم ومن لبسه فانه بطبيعة الأمر كذلك؟ فوفقاً لهذا السؤال فان الإجابة ستكون متربعة بين حشايا الضمير كمطلب لرد المظالم إلى أهلها، فهل يستطيع العقل الأميركي استيعاب هذا الجواب؟ أم أن بصيرة عقله لا تحتمل إلا الأجوبة الإسرائيلية!؟!
من الظاهر إن تشعب تلك الإجابة أدت إلى صبغ بعض من الشعوب بلون تلك الإجابة، كأسلوب حضاري، وكتعبير عن اليأس والضجر تجاه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لإحداث تغيير جوهري وجذري في المجالات الحياتية، بمنظور مستقبلي يتلاءم مع متطلبات الجماهير.
بطبيعة الحال، فان هذه الجدلية تحتمل وتحمل عدة توجهات وتجاذبات في استخدامه، كالذي شاهدناه على سبيل المثال في جمهورية التشيلي أبان حكم بيونيشه، حينما احتدم التجاذب والصراع السياسي بين الجماهير، التي تسعى إلى أصلاح أوضاعها الحياتية، والمناهضة للسياسة الأميركية، وبين الرئيس التشيلي بيونيشه الموالي لتلك السياسية، والذي أدى إلى انتصار تلك الجماهير.
أما على الجانب الأوكراني فان الأوضاع كانت مغايرة للحالة التشيلية، فسياسة الرئيس كوتشما الموالية لروسيا جعلت من الجماهير الأوكرانية تفترش الأرصفة وهي ترتدي الزى البرتقالي كأسلوب تؤيد فيه السياسة الأميركية ضد الروسية باعتباره “طوق نجاة” يخرج البلاد من أزماته المتلاحقة، ولكن بيضة ألقبان وبعد ستة أعوام عادت لتتمركز مرة أخرى لمصلحة المد الروسي بفوز يانكوفيتش، ما شكل ضربة قوية للثورة البرتقالية التي أسسها يوتشينكو ويوليا توميشنكو.
يتبين من ذلك أن السياسة هي من يحرك ديمومة ذلك اللون، وفق عدة مفاهيم تسعى لإحلال الثورة وتصفية الحسابات، والالتفاف، والإقصاء، والاحتواء… فعلى الرغم من تلك التقلبات البرتقالية إلا أن ذلك اللون وباعتراف كل ضمير حي يعتبر لونا حضاريا للنهوض بالإنسانية.
ولكن ألا يبدو انه أصبح رمزاً يعبر عن المصالح الأميركية؟ فالثورة البرتقالية “الأوكرانية” تحمل أحلاما أميركية، والمتهم بالإرهاب وفقاً للمواصفات الأميركية صُبِغت ملابسه باللون البرتقالي، أفلا يشكل ذلك امتداداً برتقالياً على شاكلة المد الأخضر والأحمر؟

بواسطة
مأمون شحادة
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى