مقالات وآراء

يوم في الشارع بقلم لينا جنيدي

اليوم وانا عائدة من عملي … أخذت اراقب الناس وهي عائدة من أعمالها الى منازلها ورأيت أن امورا كثيرة تغيرت في اهتماماتهم واولوياتهم وحتى طبيعة أحاديثهم …. طوابير امام
 المخبز لتأمين الخبز اليومي ….حتى ان احدهم افتعل مشكلة فلم يعد يحتمل الوضع وقام بكسر زجاج سيارة مركونة بجانب الفرن وليس مهما بالنسبة له ما يمكن ان تكلف صاحبها لاصلاحها فالامن والامان مفقودين ولن يحاسبه احد …. فلقد أصبحنا في

حارة كل مين ايدو الو … وبما ان الوسيلة ام الاختراع يحاول البعض التحايل على الوضع لتامين اكبر قدر ممكن من الخبز اليومي فمثلا زميلي في العمل يسجل على خمس ربطات خبز يوميا باسماء مستعارة ويقوم ببيعها لجيرانه بدلا من 15 ل س.. ب 75 ل س كونهم لا يستطيعون الحصول على العدد الكافي واما موضوع المازوت
فلا تسأل لأنك ستعود خائبا" ولن تراه الا دخانا" يخرج من أشكمان السيارات ومن مداخن المعامل فلقد اصبح حلما يقول المسؤولون سوف يتحقق بعد عدة اشهر يعني في بداية الربيع يعني يطعمك الحج والناس راجعة ويعيدني الفضول
لاستراق السمع لاحاديث المارة فالكل يسال الكل …. من أين أمنت ربطة الخبز والثاني يسال كيف تدبر مازوت للتدفئة والثالث المواد الاولية زادت ثلاثة اضعاف والرابع متى سنقبض الرواتب نحن المتقاعدون والخامس يسال عن مخطوف والسادس عن شهيد والسابع نازح وهذا النازح له قصة فاليوم اصبح لدينا مقابل مكتبنا في العمل جيران وكم سعدت انا وصديقتي في نفس المكتب وانا الموالية وهي المعارضة بالجيران الجدد …. لقد قدم لهم المدير غرفة كبيرة كنا نستخدمها للاجتماعات ليسكن بها هو وعائلته المكونة من طفلين وزوجته وكم كان سعيدا فلقد استلم كل شيء من الشركة
الاسرة والاغطية والطاولات والتدفئة مجانية والكهرباء والهاتف والماء أيضا" بالمجان وإسطوانة غاز ممتلئة
وهذه الاخيرة بكينا عندما رأيناها فلقد اشتقنا لرؤيتها كثيرا وهي ممتلئة ….. وللحظة كنا سنتصور بقربها كتذكار
فالتسجيل على الدور او بالبطاقة للحصول على الغاز لا يجدي نفعا" لسبب واحد فقط لأن جارنا ابو علي القبضاي يعطي جارنا المحتال خمس إسطوانات حيث يوجد صيغة تفاهم مشتركة بينهما أعطيك وتعطيني البقشيش
اللي بيعبي العين … (وبتروح عالغلابة المساكين ) فهم يفكرون بتأمين ثمنها فكيف يدفعون زيادة عليه ….ولكن لا بد أن أكون أمينة أيها السادة فبالرغم من انقطاع الكهرباء المتواصل ولساعات طويلة الا أنني رأيت جانبا" إيجابيا" في ذلك فلقد ألغت كل وسائل العولمة الدخيلة على حياتنا والتي دمرت أركان التواصل الأسروي سابقا" وأما الآن أصبحنا نتواصل مع بعضنا كأسر ونتسامر على ضوء الشموع وقربنا من بعضنا كأشخاص ……
مشاكل حياتية يومية …. كانت في السابق من ابسط الامور وتأمينها شيء بديهي ومقدور عليه ولم يكن أحديفكر به وكان الناس يفكرون بالمستقبل وبالطموح والحصول على الافضل …. كانوا يفكرون بسبل الابداع والمعرفة
وكيف يبنون جزئيات صغيرة من احلامهم …. اما الان فأصبحت الحياة صعبة وأصبح التفكير بالابداع سخافة
فكيف يكون وانا لا املك مقوماته من امن وامان وراحة مادية ومعنوية …. المهم انهم نجحوا في تهديم ما بنيناه
منذ عام 1970 .وأعادونا الى ذلك التاريخ.. وما نعانيه اليوم من مشاكل يومية كانت امي ترويه لي دائما عندما كنت اتململ قبل الاحداث بكثيرقائلة لي :
ما تحصلون عليه اليوم كنا نتمنى استنشاقه سابقا فأنتم تعيشون في النعيم … كل شيء متوافر … كل وسائل الراحة …
الم نفهم بعد بانهم يريدون أن يكون همنا الوحيد كيف نأكل ونشرب ونعيش وممنوع علينا ان يكون همنا العلم والثقافة وممنوع ان نكون بلدا" حضاريا قادرا مقتدرا …. كالحمام تقوم بقص أجنحته كلما نبتت حتى لا تطير ونحن كالحمام ممنوع علينا ان نشعر بالحرية او ان نتذوقها …. فقط نشاهدها في سماء العولمة والانترنت …
مطلوب منا ان نتسوق فقط ونستهلك فنحن بنظرهم سوق وممنوع علينا ان نكون تجار اقتصاد وصناعة
في العالم …. واما شعوبنا ويا حسرتاه عليها … ما زالوا يقرأون عن الحريات في الصفحات ويناقشون ما معناها
أستأذنكم أعزائي فلقد جاءت شاحنة توزيع الغاز

المصدر
زهرة سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى