صدى الناس

شتاء وبرد قارص وغرفة مظلمة مع جفاف هذا هو حال البيت السوري

ربما لا يختلف منظر البيت بين منزل أهلي في حلب ومنزل صديقي بدمشق وهاهو نفس الحال عند منزل أخت وأخي في حمص أما بيت الحبيبة باللاذقية يكاد الأمر نفسه ..
فالكل يحدثني عن معاناته ، فأمي تقول “لقد انقطعت الكهرباء منذ عشرين يوما ولم تأتي” ، وعندما أسألها ألم تأتي سيارة الحكومة لتصلحها ، تجيبني بالقول “لقد جاءت ولم تأتي” ، فسألها ولماذا ؟، فتجيب “مجموعة من الغرباء جاءوا من أفغانستان والشيشان سيطروا على السيارة وتعهدوا أن ينظم الأمور” ، حينها أودع أمي على الهاتف وأنا بنفسي أتسأل ، هل يعقل نحن السوريون الذين عمرنا لبنان وزرعنا في العراق وساهم بتنظيم وتطوير علوم الأرض أصبحنا نسمح للغرباء أن ينظموا حياتنا ، لا حولة ولا قوة إلا بالله .. أحاول مرة ثانية أن أجد مايدعوني للتفاؤل فأتصل بأخ في حمص لأطمأن عليه فخبرني ماكنت أجهل ، شتاء قادم وبرد قارص ومازوت وغاز مواد نادرة ، وحتى تقهر البرد عليك أن تجمع الحطب وتوقد النار وقد لاتجد شيء تحرقه فاصبر إن الله مع الصابرين .. أما مسؤولوا النفط والغاز فأحدهم يقول أن هذه المواد موفرة والثاني مؤمنة والثالث أصدق منهم بالقول فهو يعرب عن صعوبة توزيع المواد النفطية وطرق نقلها والمهم أن المواطن لم يصل شيء فالحديث لايوقد نارا .. مرة أخرى أودع أخي وأقول بنفسي هل حقا هذه هي سورية التي كانت تمد لبنان بالكهرباء وسعر المازوت والغاز والبنزين لديها أرخص بعشر أضعاف من دول الجوار ، أما اليوم لانعاني من ارتفاع الأسعار بل من إمكانية توفرها ، وبغض النظر عن الأسباب إلا أن الغاز والمازوت لم يصل بعد .. أحدث نفسي ربما باللاذقية الوضع أفضل فأهاتف حبيبة وبعد حديث المحبة الذي لاينتهي سألها ، كيف تعيشون ..؟ فتجيبني “ننام على أصوات رشاقات الرصاص بين هنا وهناك ونستيقظ على قذائف الهاون أما الماء فقد انقطعت قبل قليل جراء عبوة ناسفة ، أحس بجفاف ولا أعرف ماالحل!! ، ومدارسنا ملأها الحلبيون والحمصيون النازحون فلا أوتهم من البرد ولا علمتهم الحروف .. في هذه الأثناء إضررت لوداعها متمنيان لها أن تلقي بيوم جديد .. وفي هذه الأثناء جاءني صديقي ليخبرني بأن أسرته قد رحلت إلى لبنان وصديق أخر قال لي بأن مجموعات مسلحة تريد حرق بعض المناطق الآمنة في حلب والرقة ودمشق .. ينتابني صمت طويل يجبرني على أن أحمل نفسي بجسدي المرتعش وأتوجه إلى فراشي رغبة في النوم .. الكهرباء كان مقطوع بغرفتي وكوب الماء لدي فارغ تماما من أية قطرة ماء ، أما البرد فليس لدي شيء يقاومه سواء الإيمان بالله ومحبة الوطن ، حالي مثل أي سوري لديه بيت وأم وأب وأخوة وأصدقاء وأحباء ولم يعد هناك شيء يجبرنا على البقاء سواء الله والوطن وهذان الشيئان يكفيان لنكمل بهما حياتنا ، لنضع أيادينا ببعض عين على الماضي لنرمم آلامنا ومشاعرنا ووطننا والأخر للمستقبل نبني بها حياتنا ..

بواسطة
أحمد دهان / رئيس التحرير
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى