سياسية

بوتين يتسلم مهامه كرئيس لروسيا الاتحادية: العالم بدأ يشهد عودة روسيا كدولة عظمى

أقيمت اليوم في الكرملين مراسم تنصيب فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا الاتحادية الذي فاز في الانتخابات الرئاسية بأغلبية كبيرة من جولة انتخابية واحدة.
وأكد بوتين في كلمة بعد أن أدى اليمين الدستورية كرئيس لروسيا لست سنوات قادمة أن أمن روسيا ومواطنيها ومصالحهم وازدهارهم سيكون دائما من أسمى أولويات عمله من أجل تلبية طموحات ملايين الروس وخدمتهم.

وقال بوتين.. إن دعم الشعب الروسي يساهم في حل أصعب المهمات وقد قطعنا معا طريقا صعبا وطويلا ونؤمن بقوانا وإمكانياتنا وعززنا بلادنا واستعدنا كرامة روسيا التي بدأ العالم يشهد عودتها كدولة عظمى نتيجة لعملنا المشترك حيث يوجد فيه قسط لكل فرد من المجتمع.. واليوم لدينا كل الإمكانيات المتوفرة من أجل تقدم روسيا كدولة قادرة على الأداء وبناء القاعدة الاقتصادية المتينة والمجتمع المدني النشيط.

ونوه بوتين بالمساهمة الكبيرة للرئيس ديمتري ميدفيدف خلال ولايته لاستمرار نهج البلاد والتي أعطت دفعا جديدا لتحديث مختلف المجالات، معربا عن أمله في أن يحقق ميدفيدف النجاح في المهام الصعبة التي تنتظره خلال المرحلة القادمة.

وقال بوتين: اليوم نبدأ مرحلة جديدة لتطورنا الوطني ويجب علينا تحقيق أهداف جديدة نوعا وحجما ولاسيما أن السنوات القادمة ستكون مصيرية بالنسبة لمستقبل روسيا.. وعلينا أن نفهم أن حياة الأجيال القادمة ومستقبل روسيا يتوقف على النجاحات الحقيقية في بناء الاقتصاد الفعال المعاصر ومعايير الحياة الحديثة والحفاظ على ادخارات المواطنين ودعم الأسر الروسية وقدرات المجتمع الروسي على استعادة بناء الأراضي الروسية الشاسعة من البلطيق إلى المحيط الهادئ وقدرتنا على استقطاب كل أوراسيا.

وأضاف بوتين.. أن تحقيق الأهداف المستقبلية لروسيا يكون من خلال وحدة الشعب الروسي وتعزيز الديمقراطية والحقوق والحريات الدستورية وتوسيع مشاركة المواطنين في وضع الأجندة القومية وتجسيد سعي الفرد في المجتمع في العمل المشترك من أجل ازدهار روسيا مشددا على أهمية الأساس المتين للتقاليد الثقافية والروحية للشعب الروسي متعدد القوميات ذي التاريخ الطويل على مدى آلاف السنين والقيم الحضارية التي تؤسس الأسس الأخلاقية لحياة الروس.

وأكد بوتين سعي روسيا كي تكون شريكا واضحا وشفافا في المجتمع الدولي معربا عن ثقته التامة بالقيم الديمقراطية في روسيا وبقدرتها على استعادة بناء البلاد وتحديثها وقال: //نحن مستعدون للامتحانات القادمة ولدى روسيا تاريخ عظيم ومستقبل لا يقل عظمة وسنعمل بثقة وإيمان في قلوبنا//.

بوتين يعود رئيسا لروسيا لتعزيز مكانتها كقوة عالمية عظمى

ويعود بوتين إلى الكرملين كرئيس جديد للبلاد وفي جعبته برامج وخطط طموحة لمواصلة ما بدأ بتنفيذه عندما تولى مهام رئيس روسيا الاتحادية في 31 كانون الأول 1999 بهدف تعزيز مكانة روسيا الاتحادية كقوة عالمية مؤثرة في الخريطة السياسية للعالم لا يمكن القفز عليها.

وبوتين الذي عمل لتكريس سياسات روسيا الخارجية طيلة السنوات الماضية لحماية المصالح الجيوسياسية لبلاده بشكل يعكس مكانتها على الخارطة الاستراتيجية العالمية ودورها في التاريخ وتطوير الحضارة يحرص في الوقت نفسه على تدعيم الأمن العالمي على أساس الاحترام المطلق للسيادة الوطنية لكل دولة والسعي إلى التعاون بشأن التحديات مثل انتشار الأسلحة النووية والنزاعات والأزمات الإقليمية والدولية والإرهاب وخطر المخدرات.

ومن هذا المنطلق يرى بوتين أن حل الأزمات في العالم يجب أن ينطلق من تعزيز دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وعدم تجاوزها مع التأكيد على مبدأ سيادة الدول وعدم العمل على تقويض حكم الأنظمة باستخدام المؤسسات غير الحكومية وتمويلها مؤكدا أن الأمن العالمي مسؤولية جماعية ولا يخضع لفهم خاص من هذا الطرف أو ذاك ولا تتم حمايته بقرار أحادي يقضي بنشر منظومات الدرع الصاروخي أو غيره.

وينبع موقف بوتين بأن التدخل الخارجي في أحداث الدول العربية أمر غير جائز لأن ادعاءات الغرب بالسعي إلى إدخال الديمقراطية بالقوة غالبا ما تؤدي فعلا إلى نتيجة عكسية تماما من الموقف الروسي الواضح بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ولاسيما أن القوى التي تريد فرض الديمقراطية بالقوة تسعى لتحقيق أهدافها الجيوسياسية فقط ولا تهتم أساسا بحرية الشعوب وحقوق الإنسان الأمر الذي يحتم منع التدخل الخارجي الداعم لطرف واحد في النزاعات الداخلية واستخدام القوة وعدم السماح باستقلال المؤسسات الدولية واتضح ذلك بالموقف الروسي من الأزمة في سورية والذي يؤكد على العمل لتوجيه جهود المجتمع الدولي لوقف العنف من أي جهة كانت وإطلاق الحوار الوطني من دون شروط مسبقة أو تدخل أجنبي واحترام سيادة سورية.

وإذا كان بوتين يلقي بالمسؤولية على الولايات المتحدة والناتو بتسميم أجواء الثقة ومحاولة زعزعة استقرار العلاقات الدولية عبر نشر منظومة الدرع الصاروخي واستخدام الضربات العسكرية لإنهاء الأنظمة فإنه يؤكد في الوقت نفسه انفتاح الكرملين على الحوار مع جميع الشركاء الدوليين واستعداده للتعاون معهم على أساس المنفعة المشتركة وفي مقدمتهم واشنطن معربا عن استعداد بلاده لتحقيق تقدم كبير بل واختراق نوعي على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة شريطة أن يتصرف الأميركيون بشكل واقعي من منطلق الشراكة المتكافئة والاحترام المتبادل.

وينبه بوتين دول العالم بشكل عام والقوى الغربية بشكل خاص إلى الأخذ بعين الاعتبار في سياساتها أن العالم قد تغير وأنه لم يعد مقبولا أن يحل الغرب مشاكله الاقتصادية على حساب الآخرين بالتدخل في شؤونهم أو بالضغوط العسكرية واستخدام القوة من دون موافقة الأمم المتحدة لما لذلك من نتائج سلبية تؤدي إلى توتر العلاقات الدولية وتهديد الأمن العالمي ومن هذا المنطلق اعتبر بوتين في خطاب القاه أمام مجلس الدوما يوم 11 نيسان الماضي "أن حلف الناتو من مخلفات الحرب الباردة ويخرج عن نظامه الداخلي ويدس انفه فيما لا يعنيه وأنه لا داعي لوجوده ولاسيما بعد أن تم تفكيك حلف وارسو".

ويشمل انفتاح موسكو على جميع الأطراف العالمية وخاصة الصين التي تتبع سياسة عالمية واضحة لا تعطي مجالاً للشك في نواياها بحسب الرئيس الروسي المنتخب الذي لفت إلى أن بكين تشاطر موسكو موقفها في الأمم المتحدة ناهيك عن تعاونهما في إطار مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون قبل أن يكتمل ضلعا المثلث بالتأكيد على أهمية علاقات موسكو ودلهي المتطورة والرائدة في رسالة واضحة مفادها أن حل جميع المشكلات في هاتين المنطقتين وما بينهما يدخل في إطار المصالح الاستراتيجية لهذه الدول الثلاث دون أن ينسى التأكيد على أن روسيا تعد جزءا من أوروبا الكبيرة وأن مصالحها تتمثل في قيام فضاء أوروبي اقتصادي وبشري من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي مع ضمان قيام علاقات متوازنة مع أوروبا والشرق بغية لعب دور كبير في حفظ السلام وبناء عالم أكثر عدلا وتنوعا.

والرئيس الروسي المنتخب الذي حقق بسياساته وخططه وبرامجه خلال ترؤسه للبلاد بين عامي 1999 و2008 الاستقرار لروسيا وأعادها لتتربع ضمن قائمة دول العالم الرئيسية ليبرز كشخصية مؤثرة في كل من الساحتين الروسية والدولية مرة أخرى نجح أيضا في وقف التدهور السياسي الداخلي الذي عانت منه البلاد أواخر التسعينات قبل أن يتولى الحكم.

وبوتين المولود عام 1952 والحاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الاقتصاد والذي شغل منصب رئيس روسيا الاتحادية قبل ان يتسلم رئاسة الوزراء وحزب روسيا الحاكم في عهد الرئيس ديمتري ميدفيديف عمل خلال فترة رئاسته على تعزيز السلطة المركزية وإحداث التوازن في العلاقات بين الجهاز التشريعي ووكالات تطبيق القانون والحفاظ على نمو اقتصادي مستقر وتحديث القوات المسلحة لضمان التنمية الوطنية وإعادة السيطرة على عدد من القطاعات المهمة في الدولة مثل قطاعي النفط والغاز.

وتشير المعطيات والإحصائيات الروسية الرسمية إلى أن النجاحات الكبيرة التي حققها بوتين خلال رئاسته للحكومة الروسية نقلت الاقتصاد الروسي ليصبح واحداً من أكبر عشرة اقتصادات في العالم حيث بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي نحو 7 بالمئة سنوياً إضافة إلى الانخفاض الملحوظ في التضخم والبطالة والفقر وارتفاع الدخل الحقيقي للسكان بنسبة 50 بالمئة ناهيك عن انخفاض الدين الحكومي الروسي الى 10 بالمئة منها 4ر2 بالمئة للدين الخارجي فقط في الوقت الذي يبلغ فيه الدين المتوسط لمنطقة اليورو نحو 95 بالمئة إضافة إلى تسديد الحكومة ديونا خارجية بقيمة 50 مليار دولار ووصول الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي إلى رقم قياسي بلغ 84 مليار دولار في دليل واضح على مدى الانتعاش المالي الذي حظيت به روسيا في عهد بوتين.

ويرى مراقبون أن بوتين هو الأجدر برئاسة روسيا في المرحلة المقبلة بما يملكه من خبرة ورصيد بالقيادة في الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعصف بالعالم من أجل ضمان عدم التفريط بالمنجزات التي حققتها روسيا الاتحادية في السنوات الماضية عبر عمل مضن انتشل البلاد من أزمتها العميقة وتغلب على الإرهاب إضافة إلى بعث القوة في الاقتصاد وتحقيق معدلات نمو مرتفعة هي الأعلى عالميا على مدار العقد الماضي.

هذه المنجزات كانت كافية لفوز بوتين بثقة الشعب الروسي للعودة إلى الكرملين بعد أن حقق مجمل الآفاق والاستراتيجيات والأهداف الموضوعة خلال رئاسته للحكومة بين عامي 2008 و 2012 والمتمثلة في تحديث الاقتصاد وتخفيف اعتماده على موارد الطاقة ومعالجة مشكلة الفقر نهائيا في روسيا حتى العام 2020 إضافة إلى إسهام السياسة الاقتصادية التي اتبعها في السنوات الماضية في التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الروسي ما شكل عامل قوة لروسيا في رسم معالم النظام العالمي الجديد الذي يبرز مع عدم قدرة نظام القطب الواحد على الحفاظ على الاستقرار العالمي.

واستند بوتين في جميع النجاحات التي حققها في مختلف المجالات ولاسيما في مجال السياسة الخارجية على خبرته الواسعة التي اكتسبها خلال تسلمه العديد من المناصب والمسوءوليات منذ تخرجه من كلية الحقوق بجامعة لينينغراد عام 1975 وحتى وصوله إلى الكرملين كرئيس للبلاد ولاسيما عمله في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة في الفترة ما بين 1985-1990 قبل أن يتولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينغراد للشؤون الخارجية في عام 1990 ومن ثم مستشاراً لرئيس مجلس مدينة لينينغراد عام 1991 ومن ثم تولي رئاسة لجنة العلاقات الاقتصادية في بلدية سانت بيترسبرغ وصولا إلى منصب النائب الأول لرئيس حكومة مدينة سانت بيترسبرغ عام 1994 .

كما أصبح في آب عام 1996م نائباً لمدير الشؤون الإدارية في الرئاسة الروسية ومن ثم نائباً لمدير ديوان الرئيس الروسي ورئيساً لإدارة الرقابة العامة في الديوان منذ آذار 1997 وفي أيار 1998 أصبح نائباً أول لمدير ديوان الرئيس الروسي وفي تموز 1998 تولى منصب مدير جهاز الأمن الفيدرالي ومنصب أمين مجلس الأمن في روسيا الاتحادية في آذار 1999 وفي آب 1999 أصبح رئيساً لحكومة روسيا الاتحادية ومن ثم رئيسا للبلاد في 31 كانون الأول 1999 بعد تنحي الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن قبل أن يتم انتخابه رئيساً لروسيا الاتحادية في السادس والعشرين من آذار عام 2000 ليعاد انتخابه رئيساً لروسيا مرة أخرى في 14 آذار 2004 بعد اكتساحه الانتخابات بأغلبية الأصوات ليتسلم بعد ذلك رئاسة الحكومة الروسية في عام 2008 قبل أن يفوز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في آذار الماضي بنسبة 6ر63 من أصوات الناخبين.

وبوتين المعروف كشخصية سياسية عرف أيضا كبطل رياضي شغف برياضات الدفاع عن النفس التي شغلت حيزا من اهتمامه أثناء فترة شبابه حيث أصبح في عام 1973 أستاذاً في لعبة السامبو التي تعد إحدى فنون الدفاع عن النفس الروسية كما فاز بعدد من بطولاتها التي أقيمت في سانت بيترسبرغ قبل أن يتحول منها إلى لعبة الجودو التي تألق بها حاصلاً على الحزام الأسود وهو متزوج منذ عام 1983 من لودميلا الكسندروفنا وهو أب لابنتين هما ماريا وكاتيا.

وفي المحصلة فإن بوتين الذي يتسلم للمرة الثالثة رئاسة روسيا الاتحادية نجح مع فريقه في استعادة روسيا الاتحادية لمكانها على الخارطة الاستراتيجية العالمية لتصبح شريكا كاملا في حل جميع القضايا العالمية ومصالحها الاستراتيجية والاقتصادية تصل إلى ما وراء البحار بالتزامن مع بناء علاقات مع شركاء ضاقوا ذرعاً بعالم أحادي القطب ويحتم طي صفحة ما بعد الحرب الباردة وبناء عالم متعدد الأقطاب على أساس الاحتكام إلى المنظمات الدولية المختصة مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول والشعوب وقوتها الحقيقية على الأرض وسيادتها ومصالحها.

حزب روسيا الموحدة يعلن تأييده لترشيح مدفيديف لرئاسة الحكومة

أكد نواب كتلة حزب روسيا الموحدة في مجلس الدوما اليوم تأييدهم لترشيح دميتري مدفيديف الرئيس الروسي السابق المرشح لرئاسة الحكومة وذلك بعد إجراء مدفيديف مشاورات مع نواب الكتلة.

ونقل موقع روسيا اليوم عن سيرغي نيفيروف نائب رئيس مجلس الدوما قوله إن القرار اتخذ بالإجماع.

من جانبه أكد فلاديمير جيرينوفسكي رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي في مشاورات مماثلة لحزبه مع مدفيديف أن كتلة الحزب على استعداد لتأييد ترشيحه بالإجماع مشيرا إلى أنه من الصعب تصور مرشح أكثر خبرة.

وبعد المشاورات مع كتلتي روسيا الموحدة والحزب الليبرالي الديمقراطي التي جرت اليوم سيجري مدفيديف غدا الثلاثاء مشاورات مع الحزبين الآخرين في البرلمان هما روسيا العادلة والحزب الشيوعي الروسي وفقا للإجراءات المألوفة حيث يجري المرشح لرئاسة الحكومة مشاورات مع الكتل في مجلس الدوما.

وكان فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي السابق الذي تولى مهام رئيس الدولة رسميا صباح اليوم رشح الرئيس السابق دميتري مدفيديف لرئاسة الحكومة ولإقرار ترشيحه يجب أن يحظى بتأييد ما لا يقل عن 226 نائبا من أصل 450 .

وسينظر مجلس الدوما في اقرار ترشيحه خلال جلسة عامة غير دورية غدا الثلاثاء سيلقي خلالها مدفيديف خطابا امام نواب المجلس يتحدث فيها عن خططه المتعلقة بعمل الحكومة.

يذكر أن حزب روسيا الموحدة الحاكم يتمتع بأغلبية المقاعد في المجلس ب238 مقعدا أما الحزب الليبرالي الديمقراطي فله 56 مقعدا في البرلمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى