سياسية

أشباح الفشل تطارد أنان، فهل يكون مصير مبادرته السورية كسواها؟! من يستفيد من نشر المراقبين

من رواندا إلى البوسنة وغيرها، تطارد اشباح الفشل مهمات الموفد الدولي لحل الأزمة السورية كوفي أنان. ويتساءل مراقبون هل سينجح أنان بتحقيق نجاح في
مهمة تبدو أكثر تعقيداً بكثير من الأزمات التي فشل بحلها سابقاً. وقبل الاسترسال بما رمى إليه المبعوث الأممي إلى سوريا كوفي أنان من جملة المواقف والتسريبات التي جاءت على لسانه أو ألسنة المتحدّثين باسمه في الساعات القليلة الماضية، لا بدّ أولاً من طرح أكثر من علامة استفهام حول شكل ومضمون المبادرة. فهل ستلاقي مبادرة البنود الستة التي أطلقها أنان النجاح، أم أنّها ستلقى مصير مبادرات أنان السابقة في العراق واليمن وتونس وما إليها من مبادرات لم يكن لها نصيب من النجاح؟ ومن هو المستفيد من نشر المراقبين الدوليين النظام أم المعارضة؟ وبالتالي ماذا سيكون عليه موقف المراقبين في حال كانت الخروقات من مصدر واحد دون الآخر، وهل ستكتفي بعثتهم حينها بكشف الفاعلين أم أنها ستتعامل معهم؟ وأبعد من ذلك، هل تكفي مدة الأشهر الثلاثة لتنفيذ المهمة الموكلة اليهم أم أنّ الهدف الحقيقي هو مراقبة الانتخابات العامة المقررة في السابع من ايار المقبل؟
جملة اسئلة مشروعة في ظل استمرار الخروقات على الساحة السورية، وتنقلها من ساحة إلى اخرى بحيث يبدو المشهد على حاله من التوتر المستمر، وإن كانت وتيرته قد خفت إلى حد ما، وذلك في ظلّ تحول المعارك الميدانية من حرب مفتوحة إلى حرب أمنية بكلّ ما للكلمة من معنى، وهي حرب من المتوقع ان تتخذ شكل معارك الاستنزاف التي يمكن للنظام أن يحصد نتائجها في حال أحسن التعاطي الأمني والاستخباراتي مع الهجمة الشرسة التي يتعرض لها وفق تعبير زوار العاصمة السورية. ويرى هؤلاء أنّ إمكانية نجاح المبادرة مشكوك بامرها خصوصا أنّ الانكفاء الأميركي عن الساحة الامنية السورية قابله اشتداد الاندفاعة السعودية – القطرية – التركية، ما يؤشر إلى أنّ الولايات المتحدة جيّرت هذا الملف للثلاثي المذكور للتفرغ لانتخاباتها الرئاسية وترتيب بيتها الداخلي قبل حلول موعد فتح صناديق الاقتراع في ولاياتها.
أما المستفيد من نشر المراقبين الدوليين فهو النظام في مطلق الاحوال بحسب المصادر، إذ إنّ انتشارهم يحد من حركة النظام والمعارضة على حد سواء. غير أنّ الهامش العريض المتوفر للحكومة وأجهزتها الامنية يسمح لها بحركة ناشطة ولو محدودة، لاسيما على صعيد المتابعة الامنية والميدانية، بينما يجعل من السلاح المتوفر بين أيدي المسلحين من دون جدوى لعدة اعتبارات أبرزها صعوبة التحرك في ظل اعتماد بند نجحت الحكومة السورية بتمريره وهو يقضي بان تتخذ القوى الامنية السورية على عاتقها حماية المراقبين وتأمين سبل انتقالهم ميدانيا ما يعني أنهم سيكونون شهوداً على أيّ خرق محتمل يأتي من قبل المسلحين او المنشقين. إلا أنّ هذا الأمر لا يمنع استفادة المعارضة المسلحة من اشغال الوقت المستقطع باعادة لملمة صفوفها وتحويل الشارع إلى ساحة للانفجارات وزرع العبوات وحصد المزيد من النقمة على الحكومة، على حدّ تعبير المصادر نفسها.
وحول مدة الثلاثة اشهر، يعرب هؤلاء الزوار عن اعتقادهم بانها ستكون كافية لمراقبة سير عملية الانتخابات ليس الا، خصوصاً أنّ واشنطن ستكون في ذروة اهتماماتها بمصير الانتخابات ونتائجها وتداعياتها على مجمل الملفات الخارجية. إلا أنّ هذه المدة قد تكون كافية للنظام لاعادة ترتيب أولوياته من جهة، ولاعادة هيكلة أجهزته الحساسة من جهة ثانية، فضلا عن السماح له بالتقاط أنفاسه واستعادة المبادرة السياسية والدبلوماسية والامنية في وقت واحد، كما قد تكون ثمينة للمسلحين لاسيما في حال نجحت المعارضة في حصد مقاعد نيابية ثمينة في مجلس الشعب السوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى