اقتصاديات

رؤية مكانية للتنمية الصناعية في سورية تعتمد المدن والمناطق الصناعية

يقتضي بناء دعائم التنمية الصناعية إعادة النظر في آليات توزيع المنشآت الصناعية وتنظيم القطاع الصناعي انطلاقا
من تأثيرها في البنى التحتية وازدياد التلوث وتعاظم الآثار البيئية الناتجة عن الصناعات العشوائية القائمة وقيد الانتشار.

ويرى الاقتصاديون أن رؤية مكانية للتنمية الصناعية للمرحلة القادمة يمكن أن تعزز مكاسب سورية من عملية الاندماج الاقتصادي الإقليمي واستغلال الفرص الكامنة في الاقتصاد الوطني وتحقق التنمية المتوازنة مشيرين إلى أن تحقيق العدالة في توزيع الدخل لا يتم إلا بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تلعب دورا أساسيا في التنمية ولاسيما المكانية للنهوض بواقع الإنسان في مكانه الجغرافي.

وفي ظل ضعف التنسيق بين الجهات المعنية لتنفيذ وتطوير المناطق والتجمعات الصناعية القائمة حالياً تم وضع رؤية مكانية للتنمية الصناعية تهدف إلى مواءمة الوضع الراهن للمناطق الصناعية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة والفرص المستقبلية للتوسع الجغرافي والقطاعي للمناطق الصناعية المخدمة بالشكل الأمثل الذي يلبي متطلبات وغايات النشاط الصناعي بفروعه المختلفة على المدى البعيد.

ويوضح رئيس هيئة التخطيط الإقليمي الدكتور عرفان علي في تصريح لوكالة سانا أن استراتيجية التنمية المكانية الصناعية جزء أساسي من الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي مشيرا إلى التعاون بين الهيئة ووزارت الصناعة والإدارة المحلية والزراعة للخروج بهذه الاستراتيجية.

ولفت رئيس الهيئة إلى المبادئ الاقتصادية في الدستور الهادفة إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة بالاضافة إلى تعاون الهيئة مع هيئة الاستثمار والتطوير العقاري لبحث إمكانية الاستثمار وجذب القطاع الخاص إلى المناطق الصناعية.

وتراعي استراتيجية التنمية المكانية للمرحلة القادمة إقامة مناطق صناعية تستغل الموارد المتاحة في المنطقة بما يتكامل مع المناطق الأخرى وزيادة الحصة النسبية للصناعات المرتبطة بإنتاج وإمكانيات المنطقة إضافة إلى تحقيق الانتشار المتوازن للمناطق الصناعية بما يتوافق مع مناطق التركز السكاني و دعم رأس المال الصغير والمتوسط للدخول إلى سوق الإنتاج الصناعي كذلك اختيار موقع المناطق بما يحقق إمكانية التوسع المستقبلي دون الحاجة إلى إنشاء بنى تحتية جديدة ووضع سياسات التحفيز والتسهيلات لاستقطاب الأنشطة الصناعية وتوفير الشروط الملائمة لتنفيذ هذه المناطق وبفعالية زمنية وضمن قدرة التمويل ولغاية عام2025.

مدير الدراسات والخطط الإقليمية في الهيئة ماهر الرز يقول إن الواقع الراهن للمدن الصناعية يبين وجود صناعات ومعامل كبيرة ومتوسطة وصغيرة منتشرة ضمن تنظيم صناعي وإداري ووجود صناعات كبيرة ومتوسطة وصغيرة منتشرة عشوائيا دون تنظيم صناعي وخدمي وإداري إضافة إلى وجود حرف وصناعات صغيرة عشوائية منها ما هو داخل المخططات التنظيمية ومنها خارجها.

وأشار الرز إلى أن المدن الصناعية الأربع تمتاز ببنية تحتية ونظام إداري فعال نسبيا مبينا أنه لا يمكن رسم استراتيجية لتنظيم التجمعات الصناعية وتطوير المدن والمناطق الصناعية القائمة وإنشاء الجديد منها دون رؤية اقتصادية واستراتيجية وصناعية طويلة الأمد.

ويضيف.. هناك عدد من المناطق الحرة تخضع لنظام خاص وتقوم ببعض النشاطات الصناعية كما اعتمدت وزارة الإدارة المحلية مناطق مخصصة للصناعات الحرفية والمهن الحرة ضمن المخططات التنظيمية مبينا أن وزارة الإدارة المحلية اقترحت 98 منطقة للصناعات الصغيرة والمتوسطة والحرفية تم اختيار 25 منها كأولوية في المدن الكبيرة فيما اقترحت وزارة الزراعة إقامة 28 منطقة للصناعات الزراعية متناسبة مع انتشار الإنتاج الزراعي.

ويوضح مدير الدراسات ان المناطق الصناعية المهيأة من أهم أدوات جذب الاستثمار وزيادة القيم المضافة كما أن هناك فرصة سانحة لمراجعة السياسات الاقتصادية والصناعية في هذه المرحلة ضمن برنامج عابر للوزارات.

وحددت الاستراتيجية محاور عمل تمثلت باعتماد مقاربة وزارة الإدارة المحلية التي تلحظ تنفيذ المناطق الصناعية المخصصة للصناعات الحرفية والمهن الحرة ضمن المخططات التنظيمية وهي 900 منطقة ومتابعة تنفيذ المناطق الصناعية المخصصة للصناعات الصغيرة والمتوسطة وهي 98 منطقة منها 25 منطقة تحتل الأولوية إضافة إلى تخصيص منطقة دمشق الكبرى بمنطقتين صناعيتين تكملان التوازن الإقليمي وتعالجان موضوع العشوائيات في الكسوة وصحنايا والقلمون على أن تكون مدة التنفيذ ثلاث سنوات.

وتضمنت محاور عمل الاستراتيجية تفعيل محور دمشق السويداء وتعزيز النشاط الصناعي وربط جنوب ريف دمشق بشمال محافظة السويداء ودمج عدد من مراكز الصناعات الزراعية ضمن المخططات الصناعية قيد التنفيذ إضافة إلى تبني تحويل 8 مناطق من 98 منطقة مقترحة إلى مدن صناعية كبيرة وتبني خيار استراتيجي بتحويل 8 مناطق من المناطق المقترحة من قبل وزارة الإدارة المحلية.

وتحقق بعض المناطق الثماني المقترحة التنمية الجغرافية بحيث تغطي مناطق بعيدة عن المدن الصناعية الحالية وتكون قطبا تنمويا للإقليم ككل وبعضها مخصص للتصدير وللتحالفات الاستراتيجية بحيث تقام في المناطق الحدودية لجذب الاستثمارات والبعض الآخر تخصصي تقام فيه صناعات تركز على نشاط محدد وتتحول إلى أقطاب تنموية بمفهوم التجمع العنقودي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى