مقالات وآراء

عندما يتدثر الثلج باللون الأحمر

أحببنا الثلج منذ كنا صغاراً و أفتقدناه عندما أصبحنا كباراً، و كرهناه في هذه السنة بمقدار كرهنا للعصابات المسلحة.
إنه الثلج، إنه البرد الذي لا يراعي حرمات جنودنا الأبطال و لا يأخذ بعين الإعتبار الأزمة التي تمر بها سورية، و لا يراعي عدم توافر أماكن إقامة وسكن لهؤلاء الأبطال في هذا البرد الشديد، و تهيأ لي( بإعتباري سورية ومهووسة بفكرة المؤامرة) أن الحمدين وجزيرتهم وشركاهم هم من أرسلوه لنا.
عند تواصلي مع بعض إخوتنا العسكريين، كان لا بد لي من سؤالهم عن أمر يقلقني ليل نهار، ألا وهو : كيف تتحملون هذا البرد في هذا الطقس ؟!
منهم من كانت غصته تسبق صوته فيختصر و يجيب:" تعودنا عليه".
ومنهم من كانت شجاعته وحبه لبلده تتفوق على غصته فيجيب: " وين البرد، ما في برد، كلو فدا سورية بيهون".
ومنهم من كان إشتياقه لدفء عائلته ولوهج الحياة يتفوق على حروفه ومفرادته وجمله ليقول:" بيني وبينك إشتقت للصوبا والقعدة بين أهلي، قولك رح أرجع أقعد معهم، صار لي شهور ما شفتهم".
و أما آخرهم، والذي أسميته عاشق الربيع، فكان يقول:" لا يهمني البرد ولا أشعر به، كل خوفي أن أستشهد في هذا الثلج، إدعِ لي أن أستشهد في الربيع، إنه أحبُ الفصول على قلبي، إنه الفصل الذي يشبه سورية".
كنت أود أن أخفف عنهم وأشدُ من أزرهم و لو قليلاً وأقول: أننا نشعر بالخجل أمام تضحياتكم، و أنكم ستبقون بيننا وأن هذه الأزمة إلى زوال، وأننا جميعاً سنبذل أقصى جهودنا حتى لا تذهب تضحياتكم سدىً، ولكن كلماتي كعادتها خذلتني و فضلت الصمت والإكتفاء بالنظر إلى الثلج الذي رغماً عنه خلع رادئه الأبيض وتدثر باللون الأحمر.
عند عودتي للتحايل على نفسي وتعزيتها بالقول: "إن الحقيقة ستنتصر أياً كان المهزوم"، وأن جميع السوريين وعلى رأسهم هؤلاء الأبطال الشجعان وأهاليهم عبروا عن محبتهم لوطنهم سورية بطريقة لم يشهد مثلها التاريخ، قاطعني صوت صمتي قبل أن أكمل ليقول:
" لقد مللتكم أيها السوريين ومللت تعاطفكم ومللت أشعاركم. ألا تستدعي هذه المرحلة التي تمر بها سوريتكم أن تبتكروا أفعالاً وسلوكاً مختلفة تماماً عما مضى، أفعالاً تجعلكم تخرجون من ذواتكم المهترئة إلى ذوات حقيقية تليق بتضحيات شهدائكم وجنودكم الشجعان.

بواسطة
وفاء موسى

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. سجل يا تاريخ هؤلاء هم أبطال سوريا الشجعان. الله يحميهم ويصبر قلوب أهاليهم والله نحنا ببيوبتنا ورح نموت من البرد. الله يكون معكم ويحميكم يا أبطال. شكراً أخت وفاء

  2. الله محي أبطالنا وأهالي أبطالنا. نعدكم أن نقف معكم بكل ما أستطعنا. نحن نشعر بالخجل أمام تضحياتكم. عاش جيش ورجال الأمن في سوريا. قريباً سنحتفل بالصر معكم

زر الذهاب إلى الأعلى