صحافة أجنبية

وصول المراقبين إلى سورية ـ هل هذا بداية النهاية؟

وصول المراقبين العرب المنتظر منذ فترة طويلة الى دمشق، يشكل الملحمة الدبلوماسية الاخيرة للسلطات السورية.
ومن المحتمل ان تنقل المراقبين، كما الصحفيين الاجانب، سيجري بصورة اساسية بمرافقة ممثلي السلطات السورية. وبالتالي، سيشاهدون ما تود السلطات عرضه، وهذا سيكون حتما، مجرد جزءا من الحقيقة.
ومن جانب آخر، لن يقيد المراقبون في الاتصال مع لجان التنسيق المحلية للمعارضة. ومع ذلك بوسع المراقبين اما الاصرار على التنقل بحرية والدخول في خلاف مع دمشق، واما محاولة الاتصال سرا بممثلي المعارصة، والقيام بهذا عند الرغبة بدعم من لجان التنسيق، وان كان صعبا، ولكنه غير مستحيل. وفي هذه الحالة سيشاهدون ايضا، جزءا من الحقيقة، اي ما تود المعارضة عرضه.
ونفس الشيء سيحدث لو تحلت دمشق باقصى درجات الانفتاح، وسمحت بالتنقل ذاتيا، فان المراقبين سيتوجهون على الفور الى هناك، حيث تشير لجان التنسيق المحلية. وعلى العموم ان هذا الخيار على الارجح مستبعد. ومهما يكن، فأن كافة الخيارات ليست في صالح السلطات السورية، اذ اما ان لا يصدقون بها ويتهمونها بعدم الانفتاح بصورة كافية، واما يجمعون عددا كبيرا جدا من الاتهامات ضدها.
هذا وقد اعرب بعض ممثلي المعارضة في الحديث مع كاتبة هذه المقالة، عن الثقة في ان المراقبين سيغادرون سورية بعد شهر مع قائمة باسماء المسؤولين السوريين الكبار، بمن فيهم ماهر الاسد شقيق الرئيس بشار الاسد، وستسلم هذه القائمة على الفور، الى محكمة الجنايات الدولية. ومن ثم، جرى سرد مختلف الخيارات للاحداث: من انقلاب عسكري الى قتل الرئيس الاسد، او انتفاضة شعبية ناجمة بما في ذلك، عن تنامي الاستياء من عواقب العقوبات الاقتصادية والوضع الامني المتوتر.
كما ان ارتفاع الاسعار، وتنامي مستوى البطالة، والانقطاعات في التيار الكهربائي، والطوابير الطويلة على الغاز والكيروسين (النفط الابيض)، كل هذا يشكل عبئا ثقيلا على كاهل المواطنين. وقد يتظاهر الواقفون في الطوابير امام الصحفيين الاجانب، بان كل شيء على ما يرام، وبوسعهم العيش على الرغيف وزيت الزيتون فقط، ويبقون في غضون ذلك، مخلصين لنظام الاسد. ومع ذلك لايصمد الناس كثيرا، ويبدأون بالتحدث عن صعوبة الحياة. فقد هتف شاب، ساحبا ورائه قنينة غاز، بوجه الصحفيين:"صورونا، صورونا، كيف نعاني في هذه الطوابير كل يوم".
وعن سؤال: من المسؤول عن هذا الوضع، يرفع رجل آخر واقف في الدور كتفيه، ويقول بغموض "الجميع". ومع ذلك يبدو جليا من وجهه، ان كلمة "الجميع" تشمل بما في ذلك، السلطة. وعلى العموم يوجد من يرى باخلاص ان سورية مرت بفترات اسوأ، والجميع صمدوا واجتازوا المحنة. وهؤلاء الناس جاهزون للصبر، ومجرد الا يسمح للمجتمع الدولي بالتدخل في الشأن السوري، وتبقى المعارضة منقسمة في قضية التدخل.
ونذكر هنا على الفور، بان الحديث يدور حول المعارضة غير النظامية، سواء في الخارج او داخل سورية، وليس حول الاحزاب المسجلة رسميا.
ويكتفي بعض اعضاء المعارضة بالعقوبات الاقتصادية ووجود مراقبين دوليين في سورية. ويرى هذا الفريق من المواطنين ان الغزو العسكري الخارجي سيؤدى الى كارثة وطنية. وآخرون على العكس، واثقون من ان "الخيار الليبي" سيكون ضروريا، اذا لم يتخل الاسد عن السلطة في القريب العاجل. ويقولون ان "هذا بمثابة عملية جراحية، قد تكون مؤلمة ولكن لا خيارات اخرى، والتباطؤ يؤدي الى تقيح (غنغرينا)".
وبالمناسبة ان المعارضة السورية، رغم تباين المواقف بشأن مصير البلد، تجمع على شيء واحد، وهوانه يتعين على الاسد وحاشيته التنحي، وهذا سيتحقق عاجلا او اجلا. ومن الطريف ان بعض ممثلي لجان التنسيق في سورية، قالوا نهاية الصيف، ان المجلس الوطني السوري، الذي شكل في الخارج برئاسة برهان غليون، لا يمثلهم. كما قال ناشطون محليون، على علم بما يجري في مناطق البلد الهائجة، لكاتبة المقالة: ان الوضع تغير الان بشكل جذري. وان نشاطات برهان غليون والمجلس الوطني السوري تتجاوب تماما مع مصالحهم فيما يتعلق بتغيير النظام. وان هذه الوحدة اغلب الظن، ستبقى حتى سقوط نظام الاسد، وبالتالي، ان انقسام المعارضة السورية حتمي.
ويجدر القول ان تركيبة لجان التنسيق، وتنسيق العمل تحسنا في الاشهر الاخيرة عمليا، اذ كان هناك في بداية الاضطرابات شعور، بانها مجموعات عفوية، نشأت على اساس "جيران" يثق احدهم بالآخر، والآخر بآخر، ويخرجون سوية في مظاهرة، بينما هذه اللجان الان، عبارة عن جهاز منظم جدا، له رئيسه وخدمة صحفية، واعلام منظم .. والخ.
ومن جانب آخر اصبحت اجراءات السلطات منظمة اكثر، واخذت تبرع بكل جلاء في العمل مع الصحافة، وظهر لدى الخارجية السورية ناطق رسمي جهاد مقدسي، شاب يتقن اللغة الانكليزية ويستوعب الواقع الراهن. وهذا يعتبر خطوة هامة الى امام، ولكن غير كافية للانتصار في الحرب الاعلامية. والسلطات السورية لا تلحق لا بالصحافة ولا بالمعارضة. وقد يتمخض هذا عن عواقب كارثية.
ولا يستطيع اي فرد حاليا، بالمناسبة، التكهن بكيفية تطور الوضع في سورية. ويعكف على تحديد خيارات تطور الاحداث ممثلو المعارضة وانصار السلطة و"الاغلبية الصامتة" على حد سواء. فيما يصر الغرب، انطلاقا من تصريحات واشنطن الاخيرة، على تنحي بشار الاسد.
والقضية تنحصر الان في موقف البلدان العربية ـ هل يتوفر لديها ما يكفي من العزم للعمل ضد سورية، او ستماطل وستقتصر على الالاعيب الدبلوماسية. وان اغلبها بلا ريب، يراهن على سقوط النظام، ولكن من المريع لها تجاوز الحد الاخير، لان هذا يفتح الباب الى اللامجهول. والغموض مريع ايضا. وهذا الخوف يوفر للسلطات السورية الامل والوقت. وليس عفويا ان اوساطا معينة في سورية واثقة من ان النسيان سيلف الاضطرابات بعد بضعة اشهر، وسيواصل الاسد سيطرته على الوضع، ويستقر الوضع في البلد قريبا. وهناك في سورية من يعول على هذا، وهناك من لا يثق بذلك. ومع ذلك ان الكثير جدا يتوقف على موقف المجتمع الدولي. وقد بدأت الملحمة الاخيرة في سبيل سورية.

بواسطة
ماريانا بيلينكايا
المصدر
روسيا اليوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نشرة قناة نور الاردنية خبر كتبت مفاجاة رئيس لجنة المراقبين العرب لسوريا مطلوب دوليا الله يسترنا ويحفظ سوريا وقائدها بشار الاسدوينصره

زر الذهاب إلى الأعلى