ثقافة وفن

في المنابر الثقافية العمالية .. ثقافة الحوار وتداعيات الأزمة في سورية

بدعوة من نقابة عمال المواد الغذائية وتأكيداً على رفع مستوى الوعي الثقافي والقومي والسياسي للطبقة العاملة في المنشآت والتجمعات العمالية ألقى السيد زكريا شحود محاضرة بعنوان (الحوار الوطني وتداعيات الأزمة في سورية) ..

أشار من خلالها إلى أن مبدأ الحوار بحد ذاته يعتبر ثقافة متكاملة وهو يعني التعريف بمقدرة الشخص على الاستماع للآخر أولاً ومن ثم مقدرته على تقديم الحجج والبراهين التي تثبت وجهة نظره بشكل منطقي وعقلاني بعيداً عن العنف أو التهجم أو محاولة إلغاء الآخر وهو ما يعني المقدرة على قبول الرأي الآخر من أجل قضية مشتركة ذات قيمة عالية وسامية لحمايتها وصونها والتي تتلخص بالوطن وبالتالي يكون التنازل من طرفي الحوار هو لصالح هذه القضية المشتركة فيكون الطرفان منتصران لأن القضايا الوطنية لا يوجد فيها غالب ولا مغلوب وأنه للدلالة على أهمية الحوار وضرورته نجد أن هذا المصطلح بحرفيته جاء في القرآن الكريم عدة مرات ومثال على ذلك قوله تعالى في سورية الكهف " وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً " ثم جاء أيضاً قوله تعالى "قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم نطفة ثم سواك رجلاً " وهذا يقودنا إلى أن الله عز وجل استخدم في كتابه العزيز مصطلح الحوار للدلالة على إضفاء الشخص المحاور لمن يحاوره ثم تقديم حججه وبراهينه على ما يقول دون تعسف أو شجار بين الرجلين وهذا يدل أن الحوار يختلف عن منطق الجدل الذي يؤدي غالباً إلى الخصام والتناحر وصولاً إلى العداء وبنفس معنى الحوار جاء في القرآن الكريم معنى التشاور والشورى , قال تعالى "وأمرهم شورى بينهم" ثم جاء قوله تعالى "وشاورهم في الأمر" , وأضاف المحاضر بأن هذا يقودنا إلى أن الحوار الوطني في سورية لم ولن يكون حالة طارئة ويخطى من يظن أن هذا الحوار الحاصل الآن هو مفرزات الأزمة الحالية بل على العكس , لأن الحراك السياسي في القطر العربي السوري هو حالة دائمة ومستمرة فالساحة السورية هي الوحيدة على المستوى العربي , كانت وما تزال متنوعة وذات غنى في الحوار والحراك السياسي والثقافي والاجتماعي نظراً لوجود قوى وأحزاب سياسية متنوعة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بل أكثر من ذلك هناك مصادر التنوع الإيجابي الذي تنفرد به الساحة السياسية وهو يشكل في النهاية حالة وطنية استطاعت أن تحرر سورية من الاحتلال الفرنسي كما استطاعت أن تحمي سورية من هيمنة الأحلاف والمشاريع وأن تساهم في قيادة الجماهير لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وأن تنجز أول وحدة عربية بين مصر وسورية عام 1958 وأن تسقط الانفصال البغيض عبر ثورة آذار التي شكلت لخطوة الأولى في توجيه البوصلة باتجاه القضية المركزية فلسطين وجاءت حرب تشرين التحريرية تتويجاً لمنطق التكامل الوطني عبر تلاقي الحراك السياسي التكاملي داخل الساحة السورية ..

كما بين المحاضر أن كلمة أزمة هي مصطلح غير دقيق لما يحدث على الساحة السورية والصحيح أن تقول أن هناك مؤامرة أدت إلى نشوء أزمة , " فالأزمة هي نتيجة لسبب وليست سبباً " ولكي نكون موضوعيين وعقلانيين نقول أن هناك حرب كونية تجري على سورية وهي على عدة مستويات الأول منها دولي ويتألف من الولايات المتحدة الأمريكية وملحقاتها الغربية ( فرنسا , انكلترا , ألمانيا ) وهي تستهدف سورية لما تشكله من عقبة أمام مصالح هذه الدول التي تهدف لنهب الثروات العربية ..

واختتم المحاضر حديثه بالتأكيد بأن الحوار العلني والشفاف الذي تمارسه سورية اليوم إنما يهدف على ولادة مشروع وطني بامتياز مبني على تحقيق آمال مطالب الجماهير وأن تلاحم الجماهير تحت علم وراية الوطن وتماسك الدولة بكل مكوناتها هو الذي جنب الوطن ولهذا فإن كل من يرفض الحوار إما هو جاهل ليس لديه مشروع وني وإما عميل مرتبط بأجندة خارجية ويبقى حزبنا العظيم وبالتلاحم مع أطياف المجتمع ومنظماته ومؤسساته أن تحبط المؤامرة عبر نقل الحراك الشعبي والسياسي من الشارع إلى مؤتمر الحوار تحت سقف الوطن ليكون بناء سورية المستقبل هو حالة حضارية وأن بناء سورية الحديثة المتطورة تحتاج إلى كل الجهود المخلصة في نشر الوعي المستند على ثقافة المواطنة والعيش المشترك ..

وكان المهندس جوزيف موصللي رئيس النقابة قد تحدث فأشار إلى انطلاق الديانات من أرضنا أرض سورية وشعبها الصامد والطيب الذي فتح قلبه لكل الأشقاء وإن المغتربون في بلاد المهجر الجاليات السورية بمجموعها تحركوا ضد ما يحاك لبلدهم ..

كما تحدثت الآنسة أمينة النقيب أمينة الثقافة والإعلام فأشارت إلى أهمية المنابر الثقافية في كونها تعمل على إبراز الحوار الثقافي البناء الذي يرتكز على جوهر القضايا الثقافية العمالية ووضع الأخوة العمال في صورة الأحداث الراهنة بكل شفافية وصدق ..

بواسطة
محمد القاضي – أحمد دهان
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى