اقتصاديات

الولايات المتحدة تدخل على خط أزمة الديون الأوروبية

أثارت محاولات وزير المالية الأمريكي التدخل في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمنطقة اليورو وتقدم النصح لها
تحفظات العديد من الدول الأوروبية حيث اعتبرت بعض الدول الأوروبية التدخلات الأمريكية أنها غير مبررة وتأتي خارج السياق كونها تأتي من دولة غير عضو في منطقة اليورو وترزح هي الأخرى تحت وطأة أزمة اقتصادية مماثلة.

وقد جاءت التدخلات الأمريكية في أزمة الديون الأوروبية في تصريحات أطلقها وزير الخزانة الأميركية تيموثي غايتنر خلال مشاركته بصفة استثنائية في اجتماع لوزراء المالية الأوروبيين في فروكلاف ببولندا حيث دعا إلى بذل مزيد من المساعي لإبعاد خطر التخلف عن دفع الديون بصورة تسلسلية عن دول منطقة اليورو مطالبا دول الاتحاد النقدي بزيادة الأموال لإغاثة الدول التي تمر بصعوبات وتقديم دعم مالي أكبر لمصارفها التي تعاني من أوضاع مضطربة.

ولم يتأخر الرد الأوروبي على تصريحات الوزير الأمريكي حيث وصفت وزيرة المالية النمساوية ماريا فكتر موقف نظيرها الأميركي بأنه غير مبرر انطلاقا من أن دعامات منطقة اليورو أفضل من دعامات الولايات المتحدة التي ترزح تحت عبء دين عام هائل معتبرة أن الحل سيكون عبر فرض ضريبة على الصفقات المالية بما في ذلك في الولايات المتحدة لتوفير الأموال الضرورية وتقديم الدعم المطلوب وهو الأمر الذي رفضه الوزير الأمريكي بشكل قطعي.

بدورها اعتبرت ألمانيا أنه لم يعد ممكنا سحب مزيد من أموال دافعي الضرائب في الاتحاد الأوروبي وذلك ردا على الوزير الأمريكي الذي أعرب أيضا عن قلق بلاده من الانقسامات بين الدول الأوروبية بشأن سبل تسوية الأزمة ولاسيما بين الحكومات والبنك المركزي الأوروبي.

أما رئيس مجموعة وزراء المالية في منطقة اليورو ورئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر فكان رده على الوزير الأمريكي أكثر قسوة حيث قال.. إننا لا نناقش توسيع أو زيادة صندوق إغاثة الدول التي تمر بصعوبات مع بلد غير عضو في منطقة اليورو.

وقد أضاف هذا السجال بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية على سبل حل أزمة الديون تعقيدا جديدا إلى سلسلة التعقيدات التي تواجه اتفاق دول منطقة اليورو على طريقة لمواجهة الأزمة في ظل تضارب المواقف بينها وهذا ما يوءكده المحللون الذين يرون أن هذه التعقيدات تبرز بشكل واضح في أن صندوق إغاثة الدول الذي يستمد أمواله من الأسواق مع ضمانة دول منطقة اليورو للتمكن من منح قروض بشروط تفضيلية أكثر من شروط السوق للبلدان التي تمر بصعوبات مجهز اليوم بقدرة فعلية على إعطاء قروض بقيمة 440 مليار يورو موضحين أن هذا المبلغ يكفي حاليا لمواجهة مشكلات اليونان وايرلندا والبرتغال ولكن في حال امتدت أزمة الديون لتزعزع استقرار جميع مصارف منطقة اليورو ووصلت إلى بلدان مثل اسبانيا أو اإيطاليا فإن شبكة الأمان هذه ستكون محدودة للغاية.

ويشير محللون وخبراء إلى أن القائمين على الاقتصاد الأوروبي يواجهون مشكلة تتمثل في ضرورة تصديق الدول ال17 الأعضاء في منطقة اليورو على أي تغييرات تتضمن توسيع حزمة أدواتهم المالية لكي تعمل كصندوق نقد دولي أوروبي مع إمكانية شراء سندات الدين العام من بلد يعاني من صعوبات في السوق ليتم تبادلها بين مستثمرين وإقراض المصارف.

ويرى محللون أن عدم تحقيق الهدف الأساسي في تنفيذ الخطة الثانية لإنقاذ اليونان البالغة قيمتها حوالي 160 مليار يورو تشكل معوقا آخر من شأنه الحيلولة دون التوصل إلى اتفاق أوروبي على خطة لإنقاذ الدول المتعثرة الأمر الذي قد يعرض اليونان للإفلاس لأن تحقيق ذلك ما زال يصطدم بالضمانات التي تطالب بها فنلندا مقابل إعطاء قروض جديدة لأثينا وذلك خوفا من أن تطلب دول كثيرة فيما بعد المعاملة نفسها وهذا ما دفع دول منطقة اليورو إلى تأجيل أي قرار بشأن دفع شريحة جديدة من القروض في إطار خطة المساعدة الأولى لليونان والتي تعتبر ضرورية وحيوية لاقتصادها إلى تشرين الأول المقبل والتي كان من المقرر دفعها خلال الشهر الحالي.

ومن هنا يرى خبراء ومتابعون أن الأزمة لا تسير بشكل واضح نحو الحل بل نحو مزيد من التأزم ما يدفع إلى تنامي مخاوف دولية من احتمال اتساع نطاقها لتتجاوز أوروبا عابرة المحيط الأطلسي نحو الولايات المتحدة التي لا يبدو أنها قادرة على تجاوز أزماتها الخانقة وبالتالي فهي ووفق كثير من المحللين لن تستطيع مواجهة أزمة جديدة قد تزعزع أركان اقتصادها المهتز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى