ثقافة وفن

لوحات فنية على وريقات اليانصيب دون تواقيع .. نافذة لتنمية الذوق البصري

بعيداً عن وسائل العرض التقليدية التي يلجأ إليها الفنانون عادة لتعريف الناس بإبداعاتهم تحط لوحات فنانين بين أيدي نحو مئتي ألف شخص أسبوعيا على هيئة بطاقة يانصيب لسبعة أيام كاملة مدة سريان البطاقة ..

لكن بطاقة اليانصيب التي تم العمل عليها للارتقاء بشكلها فنيا بهدف تطوير الذوق العام بصريا من خلال مسابقة سنوية أطلقتها المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية تسقط عنها اسم الفنان الذي رسم او صمم اللوحة وتوقيعه.

ويقول الناقد التشكيلي سعد القاسم إن أحد أهداف فكرة المسابقة عندما طرحت في البداية كانت الاستفادة من بطاقة اليانصيب في رفع الذائقة الفنية لدى الجمهور العام باعتبارها الوسيلة الأكثر انتشارا مضيفا أن المسابقة بقيمتها المادية والمعنوية توفر فرصة للفنانين وطلاب كلية الفنون الجميلة للابداع والتنوع وتحفز الفنانيين التشكيلين على الابتكار كونها تحقق المساواة في الفرص.

وقال القاسم إن تلمس القيمة الفنية لبطاقة اليانصيب عملية تراكمية تحث على الاهتمام دون كلمات توضيحية أو توجيه بألفة الاشكال الجديدة وبالتالي يتدرج الذوق البدائي غير المتدرب ودون وعي ثقافي إلى خبرة تترجم في سلوكياته وحياته من خلال بيته ولباسه ومكان عمله تأثرا بالحالة الفنية مشيرا إلى أن معايير اختيار الاعمال تقوم على الفكرة الجديدة التي تحمل روح الفنان والقابلة للطباعة دون ان تفقد قيمتها الفنية وترتبط بموضوع البطاقة.

وبدأت اللوحات الجديدة الفائزة بالمسابقة بالظهور على وريقات اليانصيب مع مطلع تموز الماضي اربع لوحات كل شهر حتى سنة كاملة حيث تم اختيار 55 تصميما من بين 361 عملا مقدما إلى المسابقة.

وتتنوع الاساليب الفنية للتصاميم المختارة بتنوع الفنانيين المشاركين بين تصميم وتصوير ضوئي وغرافيك وفن تشكيلي مستلهمة موضوعات متنوعة بعضها يعكس تفاصيل الحياة السورية وتراثها وتاريخها.

وتجذب المسابقة فنانين كثر من مشارب واساليب فنية متعددة وتجارب متباينة وتقول الفنانة لين البطل التي تشارك للمرة الثالثة ان المشاركة في المسابقة تحقق دعما ماديا ومعنويا للفنان والشعور بالمتعة عندما يرى لوحته على أوراق اليانصيب وان كنت أتمنى أن يظهر اسم الفنان على البطاقة لانه أكثر تحفيزا وتشجيعا وأضافت غالبا أرى تصميمي بالصدفة على ورقة اليانصيب فاتصل باصدقائي لاخبرهم فيشترون اليانصيب تشجيعا لي.

وتضيف البطل خريجة كلية الفنون الجميلة قبل أكثر من عشر سنوات ومشاركة في معارض فردية وجماعية ان بطاقة اليانصيب عندما تأخذ شكل تصميم فني تسهم بطريقة غير مباشرة بتنمية الذوق العام بصريا وتقبل الاشياء الجديدة في الفن خاصة ان الاعلان ما زال في بلدنا ضعيفا مشيرة إلى أن الطباعة تفقد التصميم كثيرا من جمالياته.

ويقول الفنان التشكيلي صلاح الدين الخالدي الذي اختار حضارة عمريت موضوعا للوحته انني استحضرت التاريخ قبل 5000 عام وما تميز به من فنون و لباس والوان وحتى الشكل الحقيقي للسفن الفينيقية بقصد تعميق الارتباط والتواصل بين انسان اليوم وتاريخه وجذوره الحضارية.

وأشار الخالدي خريج مركز الفنون الجميلة في حلب عام 1965 احاول تقديم اعمال مرتبطة بالوطن واثاره الغنية وبصورة تجعل الناس يهتمون بالفن وترفع من ذائقتهم الفنية.

ويقول الفنان التشكيلي عبد الله اسعد الذي فاز بلوحة يتناصف القمر والشمس فيها وجه انسان ان بطاقة اليانصيب فيها سحر يشدني للمشاركة كل عام واعمل على اختيار فكرة جديدة انفذها باسلوب مبتكر ودقة وباسلوب اعلاني حديث مشيرا إلى أن قوة الفكرة والحركة واللون تجذب الناس إلى بائع اليانصيب وقال أسعد خريج فنون جميلة من جامعة موسكو ويدرس حاليا في جامعة القلمون وكلية الفنون في حلب لا اشتري اليانصيب إلا قليلا لأنني شخص غير محظوظ لكن هذا لا يمنعني من رسم لوحات لبطاقات اليانصيب خاصة ان كل بطاقة تعبر بطريقة ما عن شخصية الفنان ونظرته ورؤيته للحياة ..

وتصل قيمة الجوائز الاجمالية للوحات الفائزة إلى مليوني ليرة سورية حيث قيمة الجائزة المخصصة لكل تصميم رابح خمسة وثلاثون الف ليرة سورية ويشترط في التصميم ان يكون جديدا ومبتكرا ويعكس فهما خاصا في مجال الاتصال البصري وهوية فنية متميزة وبقياس 5ر22 سم عمودي و4ر47 سم افقيا والا يؤثر موضوع التصميم على وضوح الارقام التي سيجري عليها السحب ولا على الكتابات الثابتة على بطاقة اليانصيب وان تكون أبعاد التصميم واضحة.

ويقول محمد حمود المدير العام للمؤسسة العامة للمعارض والاسواق الدولية إن المسابقة تقليد سنوي دابت المؤسسة على إقامته بهدف إغناء الجانب الفني والجمالي لبطاقات اليانصيب من خلال اللوحات الفنية التي تتضمنها بطاقات كل إصدار اسبوعيا إلى جانب دعم الفن التشكيلي في سورية من خلال الجوائز المالية التي تقدم إلى أصحاب اللوحات الفائزة والمسابقة ضمن عدد من الفعاليات الاجتماعية التي تدعمها المؤسسة من بينها المعوقين والنشاطات الرياضية ورعاية الملتقيات الفنية وتقديم الهدايا للأعراس الجماعية.

وتقول أروى عبيد رئيسة دائرة سحوبات معرض يانصيب دمشق الدولي إن اللجنة التي اختارت الأعمال مثلت عدة جهات أساتذة من كليات الفنون في دمشق و درعا والقلمون ونقابة الفنانيين التشكيليين لتكون الآراء مختلفة وهو ما عكس في تنوع أساليب اللوحات الفائزة مشيرة إلى أنه تم الاتصال مع الفنانين الفائزين لإجراء بعض التعديلات على اللوحات لان الطباعة لا تظهر اللوحة على طبيعتها وهو أمر يأخذ جهد وعمل من الموافقات والاقتراحات.

وتصل قيمة جائزة الإصدار الأسبوعي لليانصيب إلى 7 ملايين ليرة سورية حيث توزع 200 ألف بطاقة اسبوعيا إضافة إلى 900 ألف بطاقة خلال الإصدار السنوي لرأس السنة و300 ألف بطاقة خلال السحوبات الممتازة الأخرى اضافة إلى جائزة معرض دمشق الدولي وقيمتها 30 مليون ليرة و كان أول إصدار يانصيب في سورية عام 1948 واخذ شكلا رسميا في اول دورة لمعرض دمشق الدولي عام 1954 وتعود مسابقة اختيار اعمال فنية لبطاقات اليانصيب إلى عام 2002 إلى جانب مسابقة أخرى سنوية تطلقها المؤسسة العامة للمعارض والاسواق الدولية مرتبطة باختيار عمل فني لشعار معرض دمشق الدولي.

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى