اقتصاديات

سوق المهن الحرفية في طرطوس.. أعمال فنية رائعة من جذور البيئة السورية

عكست المنتجات الحرفية في معرض سوق المهن اليدوية في مدينة طرطوس القديمة الذي أقيم تحت
عنوان سورية بخير هوية ثقافية متميزة في ألقها وبهائها حيث وضع عليها حرفيو طرطوس بصماتهم الفنية الخبيرة والمتميزة برونقها ورسوماتها الكثيرة التي تلامس وتجسد مفردات البيئة المحلية في جميع المحافظات السورية.

ورغم بدائية الآلات المستخدمة فيها إلا أن تراكم الخبرات والمهارات عبر الأجيال المتوارثة إضافة إلى ما يتميز به الحرفي من إحساس فطري بالجمال جعل هذه المنتجات تتحلى بالأناقة والجمال لتبدو كمعزوفة موسيقية تشكل مقاماتها فنوناً حرفية ذاع صيتها وصيت منتجاتها ما أكسبها شهرة في كتب التاريخ وذاكرة الشعوب.

وتضمن المعرض الذي نظم بهدف الترويج للتراث أجمل الأعمال والإبداعات في مجال المطرزات الشرقية وصناعة العباءات والفضيات وأعمال الخيزران والقش والجلديات إضافة إلى أعمال الصدف وصناعة السفن البحرية وفنون الخشب والنحت وعددا كبيرا من لوحات الفن التشكيلي .

وأكد عبد الكريم شعبان عبود رئيس اتحاد حرفيي طرطوس أهمية المحافظة على هذا السوق الذي تتنوع فيه المشاركات حيث تضم كافة الأعمال التراثية القديمة التي تشتهر بها عدة محافظات سورية محاولين خلق مجتمع مصغر عن المجتمع السوري في صالة طرطوس القديمة مشيرا الى تميز السوق في هذا العام من حيث نوعية المعروضات وعمل الحرفيين وإبداعهم المستمر و الحيوية في العمل والإنتاج من أجل الحفاظ على التراث والقيم الأصيلة .

وقالت الحرفية ريم حماد المشاركة بأعمال الخرز والاكسسوارات إنها حاولت من خلال مشاركتها أن تضيف إلى أعمالها رمزا وطنيا كالعلم السوري وبعض الشعارات التي ينبض بها الشارع وقد لاقت رواجاً سريعاً حتى إن بعضها نفد فور عرضه علما أن المشاركين اتفقوا على أن يضعوا ريع منتجات السوق في البنك لدعم الليرة السورية .

وبينت أنها في كل معرض تحاول ابتكار أشكال جديدة ونماذج مغايرة عما قدمته في معرض سابق لتبقى أكثر جذباً للحضور فالأسواق الحرفية تخلق فرص ترويج جديدة على مستويات واسعة ومن هنا جاءت فكرة تنويع السوق الذي هو أشبه بمعرض من حيث محتوياته التي تشمل لوحات فنية وتطريز الأقمشة وصناعة السلال الخيزرانية والأدوات الخشبية والصمديات وغيرها من الأشكال المختلفة لهذه الفنون .

ولفتت حماد إلى أهمية وجود الدعاية الكافية للمعارض والأسواق قبل قيامها من قبل المشاركين والمساهمين والمراكز الثقافية التي تعرض فيها مع العلم أن المعارض والأسواق هي وسيلة تساهم في زيادة نشاط الفنان وتفتح له أسواقا متعددة إضافة إلى أنها وسيلة إعلان متميزة لصناعاتنا اليدوية التي لا تكاد تجد سوقا لها.

وفي قسم الأدوات التراثية القديمة أشارت الحرفية سلام عباس إلى أن هدف السوق بالدرجة الأولى هو تعريف الجيل القادم بالأدوات القديمة التي استخدمها أجدادنا في الحصول على قوتهم اليومي كالفأس والنير وغيرها من الأدوات الأخرى مشيرة إلى أن حرفيي المحافظة رفعوا شعار السوق بعنوان سورية بخير ليوجهوا رسالة للعالم اجمع بأن سورية بخير مشيرة إلى أن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين للشراء وللتعرف على هذه المهنة وخاصة من قبل السياح العرب والأجانب.‏

بدورها أكدت الحرفية نظمية إسماعيل أن سوق المهن اليدوية يعد عامل جذب مهما نظرا للأعمال المميزة التي تتسم بالطابع التراثي والقديم ويحتاج إلى حرفية ودقة عالية ومهارة لا نراها في أي مكان ويستقطب جميع الشرائح وكذلك السياح ومن هنا تأتي حاجة المحافظة التي تعد بالدرجة الأولى سياحية إلى سوق مهن يدوية دائم يغني حرفيي المحافظة عن المعارض والأسواق المؤقتة ليكون وسيلة جذب لمنتجاتنا وخاصة من قبل السياح في أوقات زياراتهم المتعددة والذين نعتبرهم مستهلكا أساسيا لنا .

وأضافت أنها في إطار تشجيع صناعة الأعمال التراثية البسيطة قامت بتعليم أطفال جمعية الرجاء لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال العمل التطوعي في الجمعية بعض الأعمال التراثية البسيطة وكيفية صناعتها وقد برع بها الأطفال فجاءت مشاركتهم بما أنجزوه في سوق المهن اليدوية لهذا العام للمرة الأولى.

وتعددت المشاركات في السوق لتشمل أغلب المحافظات السورية وكذلك بعض الدول العربية كالمغرب حيث شاركت فيه الفنانة التشكيلية المغربية غزالة مهاوش بلوحات زيتية ذات مضامين مختلفة طغى عليها الوضع الراهن الذي تعيشه سورية والذي جسدته بلوحة تضم العلم السوري كأكفان للشهداء.

وقال الحرفي محسن العلي من محافظة حماة إنه اعتاد المشاركة في هذا السوق منذ سبع سنوات وتضمنت مشاركته اللباس الشرقي وأعمال النول الذي يعتبر أحد الفنون الحرفية العريقة التي عرفتها مدينة حماة منذ عشرات السنين ويعتبر هذا الفن المميز بأشكاله وألوانه وتقنياته القديمة والحديثة شاهداً على العصور المتعاقبة ومرآة عاكسة للحياة اليومية للأجيال على الرغم من التطور الكبير الذي شهده على أكثر من صعيد سواء على مستوى الألوان المختارة أو النماذج العصرية والإبداعية الحديثة.

وأشار إلى الإقبال الواضح على هذه الحرفة بعد تراجعها وخاصة اللباس الحموي الذي يجذب السياح ويشكل عنصر جذب مهما لسوق المهن اليدوية الذي يضم معروضات تراثية لا تقدر بثمن مشيرا إلى أنه ومنذ عشرات السنين عرفت مدينة حماة مهنة الخياطة العربية التي انتشرت في أسواقها ولقد تخصص الكثير من الحمويين في مهنة تفصيل وخياطة الأزياء العربية الخاصة بالرجال وخاصة الجلابية والصدرية والشروال والدامر.‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى