مقالات وآراء

السودان سودانان ليبيا ثلاثة اليمن يمنين والخير لقدام

كالعادة بمتابعتي للأحداث الأخيرة وما يجري في عالمنا العربي من تونس إلى مصر و ليبيا واليمن أستوقفتني هذه الأحداث تحت عنوان هل هذه ثورة أم إثارة.
ثورة للشعوب نقية , الهدف منها التغيير والتحرر والكرامة .
أم إثارة للشعوب الهدف منها تغيير الواقع لتحقيق أطماع ومخططات.
بمراجعة لتاريخ ثوراتنا نحن العرب وطرح بعض التساؤولات – ( أعتقد أنه آن الآوان لدراستها وتحليلها وانتقادها من مختلف جوانبها ) – عن الثورة العربية الكبرى على السلطنة العثمانية :
هل كانت فعلاً ثورة أم إثارة ؟
بمعنى آخر هل قمنا بها وفق رؤية استراتيجية وإعداد وإيمان ,أم قمنا بها تحت تأثير الآخرين وتوجيههم لتنفيذ مآربهم وأطماعهم تحت غطاء وستار شعارات براقة ضللتنا ؟
هل حققت لنا هذه الثورة أحلامنا ؟
ألم يكن بالإمكان المحافظة على وحدتنا الأسلامية تحت تاج السلطنة العثماني وإصلاح نظام السلطنة , وبالتالي نبقى موحدين .
علماً أن من يملك القدرة على الثورة ,يملك القدرة على الإصلاح .
أم أن أهم نتائجها – ( إثارتها ) -كانت :
1-تقسيمنا إلى عالم إسلامي – ( تم تقسيمه فيما بعد إلى دول إسلامية ) –وعالم عربي .
2-ظهور الكيان الأسرائيلي في فلسطين المحتلة وضياع القدس رمز وحدتنا عبر التاريخ الأسلامي .
3-تقسيمنا – ( العالم العربي ) – إلى أكثر من 20 دولة عربية بعد أن كنا دولة واحدة إسلامية .
علماً أن هناك من الأدلة والأثباتات على لسان أعدائنا تثبت للأسف الشديد أننا دائماً نثار ولا نثور وننفذ المطلوب دون تفكير.
والتالي هو عينة .
في سنة 1982 بينما كانت تدبيرات التقدم قد اكتملت لاجتياح لبنان، و إيقاع المذبحة على الفلسطينيين في المخيمات حول بيروت مثل صيدا و صور،
نشر تقرير مميز في جريدة كيغونيم ( و تعني بالعبرية – الاتجاهات – ) و هذه الجريدة تابعة لقسم الإعلان في المنظمة الصهيونية العالمية . . كان كاتب المقال عوديد عنون يعمل في وقت سابق في وزارة الخارجية ، و يعكس وجهات نظر الأفكار الصادرة عن المصادر العليا في المنظمة العسكرية و أجهزة المخابرات .
كانت المقالة بعنوان ( استراتيجية مقدمة لإسرائيل لتنفيذها في الثمانينات ) و تحدد هذه المقالة جدولاً زمنياً لإسرائيل لتكون القوة العظمى الإمبريالية في المنطقة . على أساس إتباع و تنفيذ ( استراتيجية الإخضاع ) القائمة على تفكك وتحلل الدول العربية .
و في مجال مناقشته لقابلية سقوط و إنهيار الأنظمة العربية الفاسدة في الشرق الأوسط . فضح عنون – بدون إغفال أي شيء – مدى الخيانة التي وصلت إلى منتهاها نحو عدم الاستجابة لمتطلبات الشعوب ، و عدم مقدرتهم الدفاع عن أنفسهم أو شعوبهم ، أو الوقوف عن اللحاق في أذيال الإمبريالية .
لقد احيا عنون فكرة وزير خارجية حزب العمل ( أبا إيبان ) و مضمونها ان العرب الشرقيين ما هم إلا فسيفساء من الاختلافات العرقية و بالتالي فنظام الحكم المناسب لهذه المنطقة هو نظام الملل (Millet System) الذي اتبعته الامبراطورية العثمانية . . حيث اعتمد الحكم الإداري على موظفين محليين يشرفون على جاليات عرقية غير مترابطة .
( إن العالم العربي بما فيه من أقليات عرقية ، لا تستطيع زمرها و أحزابها المتنافرة و الأزمات المتضاربة الداخلية ، ان تتعامل بنجاح مع مشاكلها الأساسية و هذا يؤدي بشكل مذهل إلى تدمير الذات ، كما نرى ذلك يحدث في لبنان ، و في إيران غير العربية و الآن يحدث أيضاً في سورية ) .
يؤكد عنون ان الأمة العربية هي قشرة بيضة هشة و سهلة الكسر في انتظار أن تتناثر إلى شظيات عديدة . . . و لا بد لإسرائيل أن تتابع بجد السياسات التي ناضلت من أجل تحقيقها منذ إبتداء الصهيونية حيث سعت لشراء العملاء المحليين من بين الزمر المتناحرة ، و الجماعات الطائفية ، و الذين سيسعون إلى محاولة فرض مصالحهم ضد الجماعات الطائفية الأخرى ، تحت وصاية و حماية إسرائيل و ناقش عنون بأن ذلك سيكون دائماً محتملاً و واقعياً للأسباب التالية :

( لقد بني العالم العربي المسلم بما يشبه بيتاً مؤقتاً من أوراق اللعب و جمعت تلك الدول عن طريق قوى خارجية / فرنسا، و بريطانيا من عشرينات القرن العشرين / دون الأخذ في الاعتبار رغبات و آمال سكان هذه البلاد . . . و لقد قسمت بشكل إعتباطي إلى تسع عشرة دولة و كلها مكونة من خليط من الأقليات و المجموعات العرقية ، و التي تضمر العداء لبعضها و على العموم فإن كل دولة عربية مسلمة تجابه هذه الأيام هدماً و تخريباً اجتماعياً عرقياً يتولد من داخلها . و بين بعضها بدأت تشتعل أوار حرب أهلية ) .

تفكيك لبنان و القضاء عليه :
كان لبنان هو المثال / النموذج / و قدأعد لأداء دوره من قبل الإسرائيليين لمدة ثلاثين سنة ، كما وضحت ذلك مذكرات شارييت (رئيس وزراء إسرائيل 1954 – 1955 و مدير القسم السياسي و وزير الخارجية في الوكالة اليهودية ) إن هذا ما وضعه هيرتزل و بن جوريون و هو التوسع بالإكراه أو التمدد القسري ، لقد تم اقتراح تفكيك لبنان و القضاء عليه في سنة 1919 ، و خطط لذلك في سنة 1936 و بدأ التنفيذ في عام 1954 و تحقق في سنة / 1982 / .

/ إن التفكيك الكامل للبنان إلى خمس مقاطعات تخدمنا كمقدمة لتفكك كامل العالم العربي، و سورية و العراق و شبه الجزيرة العربية ،و هذه البلاد تتبع الآن نفس هذا المسار . إن ما سيتبع لبنان هو تفكيك سورية و العراق إلى مناطق عرقية أو دينية متعددة و هذا هو الهدف الأول لإسرائيل على الجبهة الشرقية على المدى البعيد – وتفكيك القوة العسكرية لهذه الدول يجب أن يكون الهدف الأول على المدى القريب / .

تجزئة سورية :

( ستقع سورية في فخ التجزئة ، و ذلك نظراً لتركيبتها العرقية و تكوينها الديني، إلى مجموعة من الدويلات العديدة ، مثل الذي يحدث هذه الأيام في لبنان .
بحيث تتكون دويلة شيعية علوية في الساحل ، و دويلة سنية في محيط حلب ، و دويلة سنية أخرى في دمشق ، على عداء كبير مع جارتها في الشمال ، أما الدروز فسيقيمون دويلتهم ربما في جولاننا – (احتلت إسرائيل هضبة الجولان سنة 1967 ) – و بكل تأكيد ستشمل حوران و شمال الأردن . هذا الوضع – حينما يتم – سيكون الضمانة للسلام و الأمن في المنطقة على المدى الطويل ، و هذا الهدف أصبح قاب قوسين أو أدنى منا هذه الأيام ) .
و استمر عنون في تقريره في توضيح كيف ان الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان تمت بوساطة تمويل العميل سعد حداد من جنوب لبنان و وحدات الجميل حول بيروت و أدعى ان ذلك يمكن أن يمتد إلى سورية .

هذا التقرير ينسحب تطبيقه على الواقع الراهن الآن فمنذ دخولنا الألفية الثالثة بدأنا نسمع عن تحضيرات لشرق أوسط جديد يتم التخطيط و التحضير له على أعلى مستوى في دوائر التخطيط و القرار و الدراسات الاستراتيجية في عواصم الغرب وبعض العواصم العربية .
و أوكلت مهمة التنفيذ لمخطط الشرق الأوسط الجديد إلى قيادات عربية / سميت بعرب الإعتدال / وهذه القيادات لم تستطع التنفيذ– ( نتيجة وجود قيادات عربية ممانعة ومقاومة ) – لما هو مخطط لها على أرض الواقع ففشلت في التنفيذ رغم إحداث أربع هزات قوية في المنطقة لمصلحتها :
1 – احتلال العراق و سقوط بغداد .
2 – إغتيال رفيق الحريري .
3 – حرب 2006 جنوب لبنان .
4 – حرب 2008 غزة .
و أجزم بأن ما شهدناه ونشهده من ثورات في عالمنا العربي ما هو إلا نتيجة لهذه الإخفاقات من قبل هذه القيادات فأصبح المطلوب هو تغييرها نتيجة فشلها و تغير خارطة المنطقة بشكل جذري .
ولكن بأسلوب وطريقة جديدة يتم فيها أستبعادها طبقاً لمبدأ ( السوفت باور ) القائم على قوة الإعلام وليس على القوة العسكرية ( الهارد باور ) التي أثبت أستخدامها في العراق وجنوب لبنان وغزة أنها مكلفة مادياً وبشرياً وذات مردود سلبي على مستخدمها .
فإصحوا و تفكروا و حللوا هل فعلاً هذه ثورات قمنا بها أم ثورات دفعنا لها من أجل أهداف و غايات أخرى ، المطلوب منها :
إعادة تقسيم المقسم و تجزئة المجزأ بشكل طائفي عشائري، لتبرير وجود كيان أصبحنا منذ فترة نسمع عنه إعلامياً – ( الدولة اليهودية ) – لضرب ما يسمى بنظام العيش المشترك بين الطوائف و الأديان و العشائر ، في منطقة عرفت عبر التاريخ وفق عقيدتها وأعرافها بالعيش المشترك فيما بينها .
( الرجاء الأنتباه :
السودان سودانان
ليبيا ثلاثة
اليمن يمنين
والخير لقدام )
هذه طروحات أطرحها للحوار والنقاش آمل أن تدرس بجدية الهدف منها أن نكون فاعلين لا منفعلين .

بواسطة
عمار محمد صادق الأيوبي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. القادة العرب جميعاً هم الذين أوصلونا إلى ماوصلنا إليه ،وهذا ليس مستغرباً 0 فالقادة العرب الذين قاطعوا بعضهموتآمروا على بعضهم وتفرقوا ، ولايجتمعوا إلا من أجل أنيشتموا بعضهم ويلعنوا شوارب بعضهم بعضا – كما حدث -هم الذي أساؤوا لأنفسهم ولشعوبهم ولأمتهم وبرهنوا أنهمغير جديرين بالقيادة ، وآن الأوان ليتساقطوا كأحجار الدومينو كنهاية حتمية وطبيعية غير مأسوف عليهم .

زر الذهاب إلى الأعلى