أخبار البلد

السفير الروسي في دمشق: لا أحد من الكرملين اجتمع مع “المعارضين السوريين”

يتساءل السفير الروسي في سورية سيرجي كيربتيشينكو ما الذي يدفع بعض الدول إلى تكرار أخطائها، حين نستفسر عن جدية موسكو في موقفها من سعي كل من باريس ولندن لاستصدار قرار في مجلس الأمن بالموضوع السوري.
وهو سعي أخفق أمام مبدأ موسكو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولاسيما فيما يتعلق بمجلس الأمن. ولكنه في معرض برهانه على ثبات المبدأ، يذكر أن روسيا استخدمت حق النقض للمرة الأولى في عام 1946 ضد محاولة كل من باريس ولندن التدخل في الشأن السوري، وهي الآن مستعدة لتكرار التجربة ذاتها.
ورد على سؤال حول امكانية تغيير الموقف الروسي أنا مستغرب لهذا السؤال، لأنني يمكن أن أعنون نفس السؤال لحضرتكم. من أين دوافع التخوف من الموقف الروسي؟ بصراحة هذا الخوف غير مفهوم. وأنا سأروي لك قصة من تاريخ الدبلوماسية، ففي عام 1946 استخدم الاتحاد السوفييتي حق النقض في مجلس الأمن للمرة الأولى حين بحث وجود قوات بريطانية فرنسية في أراضي سورية ولبنان. الطريف في الأمر أن الدولتين اللتين استخدم الاتحاد ضدهما حق النقض، تريدان الآن إعادة القصة من جديد. يبدو أنهما ليستا على دراية بهذا التاريخ، ورأينا أنه يجب ألا تكررا الخطأ ذاته الذي قامتا به في الماضي تجاه سورية. أشياء كثيرة تغيرت في العلاقات الدولية منذ تلك الفترة، ولكن هنالك مبادئ ثابتة، وكما حصل في عام 1946 سيحصل اليوم أو غدا إن أصرت الدولتان على طرح هذا الموضوع.
وأضاف السفير بالنسبة للمياه الدافئة هذا موضوع لا وجود له، وخصوصاً في الزمن الروسي. أما الاعتبارات الأخرى المبدئية بعدم جواز التدخل في السياسات الداخلية فهو راسخ في سياستنا، وهو يفسر الكثير من المواقف التي اتخذتها موسكو في الفترة الماضية.
وعن لقاء المعارضة السورية في روسيا أوضح السفير الروسي هذا طرح غير دقيق. لا أحد من الكرملين اجتمع مع معارضين. السيد (ميخائيل) مارغيلوف الذي دعا هؤلاء، استقبلهم بصفته رئيس منظمة لجنة التضامن الأفرو آسيوية، وهي منظمة اجتماعية. وكانت الاتصالات التي جرت غير رسمية لأن الأشخاص الذين جاؤوا غير رسميين. المهم في هذا الأمر أن رسالتنا للجهتين، الحكومة السورية الصديقة، وبعض المعارضين هي رسالة واحدة محتواها واحد ولغتنا وغايتنا بالنسبة لسورية واحدة. لذلك لا يدل هذا اللقاء على أية ازدواجية أو تباين في المواقف الروسية أو دوائر روسية في موسكو تجاه هذا الموضوع، وزير الخارجية الروسي دعا للحوار بين المعارضة والسلطة في سورية، ورأى أنه يشكل مخرجاً من الأزمة.
وأضاف لم يدع الوزير فقط للحوار بل انتقد أيضاً موقف الناس الذين اجتمعوا منذ فترة في أنطاليا، ورفضوا مبدأ الحوار الوطني. قال السيد لافروف إنه موقف ضعيف ولا يدل على وجود نوايا إيجابية تجاه الوطن الأم. نحن من طرفنا نؤيد مبدأ الحوار الوطني بقوة، وهذا ما نصحنا به في الماضي القيادة السورية، ونصر على إجراء هذا الحوار.
وعن العلاقة بين روسيا ودمشق قال السفير الروسي أثناء المكالمات الهاتفية التي جرت بين الرئيسين (الروسي والسوري) بحثا هذا الموضوع وبحثا حزمة الإصلاحات التي تنوي القيادة السورية إرساءها في سورية، ورحبت موسكو بذلك. أثناء الاتصالات الأخرى يبحث هذا الموضوع باستمرار، وأثناء وجود رئيس جمعية الصداقة ألكسندر دزا سوخوف بحث هذا الموضوع مع كل من نائبي الرئيس السوري فاروق الشرع ونجاح العطار، ووزير الخارجية وليد المعلم، وأيضاً مع قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي.
كل المحاورين شرحوا بالتفاصيل موضوع الإصلاحات وتصوراتهم حول كيفية تنفيذها، وأيضاً شاطرهم الرأي السيد الكسندر بخبرته الغنية، لأنه رجل سياسي مهم في روسيا، وكان لفترة طويلة رئيساً لجمهورية أسيتيا وهي إحدى الجمهوريات في روسيا الاتحادية.
وأشار السفير أعتقد أنه لا بد من أن تستعمل بعض التجارب الروسية في مجال الإصلاح سواء كان اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً. وعن التعاون التقني بين البلدين فيما يخص الأزمة في سورية قال السفير : لم يحدث لأنه سابق لأوانه أولا، وثانيا السوريون لابد أن يحددوا بأنفسهم ماذا يريدون من هذه التجربة تقنياً أو فنياً. ونحن مستعدون لمواصلة الحوار في هذا الشأن.
ورد على سؤال عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين طبعاً لديها رصيد كبير وخصوصاً في زمن السوفييت كان التعاون التجاري والاقتصادي مستمرا مع تفاوت الفترات طبعا حتى الآن. الأحداث تؤثر لسوء الحظ في الإمكانات الاقتصادية السورية، ولكن التجارة مع روسيا لا تنقطع إطلاقا، والتعاون الاقتصادي لا ينقطع أيضاً. ونحن نتطلع للمزيد بعد استتباب الأمن، وإعادة الأوضاع لطبيعتها في سورية، ونتصور سورية في المستقبل شريكاً أكثر قيمة من ناحية التجارة والاقتصاد. ونحن من طرفنا ليس هنالك أي حاجز بل هنالك رغبة قوية لتمتين هذه العلاقات خصوصاً أننا أشرنا إلى أن العلاقات التجارية الاقتصادية كانت تتأخر بعض الشيء من حيث الحجم والنوع عن التعاون السياسي.
وعن الحجم التبادل التجاري المسجل قال السفير الرقم القياسي للفترة الأخيرة كان في 2008 وبلغ ملياري دولار، بعدها تناقص قليلا بسبب الأزمة الاقتصادية.
وعن طموحات روسيا في الشرق الأوسط أوضح السفير ليس لدينا طموحات بمعنى طموحات. لدينا مصالح طبعا، وصلات تقليدية مع كل الدول العربية دون استثناء. هذه الأمور تشكل رصيدا لوجود روسيا في المنطقة، وروسيا كما تعرفون تلعب دوراً ريادياً في كل الأمور، ابتداء من موضوع التسوية في الشرق الأوسط مرورا بمواضيع عامة، كنزع أسلحة الدمار الشامل، وصولا للقضايا الإقليمية البحتة كالأزمات التي تجري الآن في بعض الدول العربية. ومن الممكن أن ترى دورنا في ليبيا مثلاً، نحن اخترنا الحل السياسي لا العسكري، ونحن على حق بذلك. من هذا المنطلق أرى أن مصطلح "المياه الدافئة" له صبغة غريبة بعض الشيء عن طبيعة السياسة الروسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى