مقالات وآراء

الفوضى الخلاقة في السياسة الأمريكية

الإدارات الأمريكية تختزل سياساتها في التعامل مع شعبها والشعوب بالخداع والمزايدة والفوضى والأضطراب.
فالرئيس الأميركي باراك أوباما بعد مضي أكثر من نصف ولايته.يبدوا أنه لا يملك من حلول لما تعانيه بلاده. أو ما تعانيه الشعوب. ووجد أن المخرج المشرف له ولإدارته وبلاده. إنما يكون بإتباع أساليب الدجل والمكر والنفاق والاحتيال. فقضية الصراع العربي الصهيوني بنظره باتت قضية مستعصية, ولا حل لها. والحرب على الإرهاب,باتت حرباً لانهاية لها ولا أمل يرتجى منها. والنظام الامبريالي دخل غرفة الإنعاش, بعدما ضربه الإفلاس ضربات قاتلة.وبلاده مهزومة وجريحة.والخروج من هذه المآزق والمشاكل بات مستحيلاً.ولذلك فكل ما بقدرته أن يفعله. هو أن يوظف هذه المشاكل والمآزق والهزائم لخدمة مصالح بلاده وإسرائيل فقط. ولهذا السبب قرر أن يتقمص دور محتال من الطراز الأول.يمارس طقوس الاحتيال في كل خطوة من خطواته, وحتى في سياساته ومخططاته وتصرفاته وتصريحاته وخطاباته, و مع وزرائه وضيوفه ومصيفه. وهذا بعض منها:
1.والرئيس أوباما يتلطى خلف هذه الانتفاضات والثورات و الثورات المضادة, التي تجتاح البلاد العربية,ويدعي انه أبوها وأن بلاده أمها.و يسارع بروسي ريدل العميل السابق في CIA ليموه مواقف إدارته بقوله:أن هذه الثورات أنهت كثير من العلاقات التي نسجتها الوكالة على مر الزمن لمحاربة تنظيم القاعدة وتنظيمات إرهابية على شاكلتها. وستقلص من نفوذ أجهزة الأمن الأميركية. ولذلك ستكون الولايات المتحدة الأميركية وأيضاً أوروبا تحت تهديد أكبر.
2.والرئيس باراك أوباما يجد في ما تشهده الدول العربية والإسلامية من ثورات وثورات مضادة.دليل على عدم صحة مقولة أسامة بن لادن بأن ما يعانيه المسلمين والعرب سببه السياسات الأمريكية الجائرة والعدوانية والممالئة لإسرائيل. فهذه الثورات تثبت أن ما يعانيه المسلمين والعرب سببه أنظمتهم فقط. والصراع يجب أن يكون بينهم وبين أنظمتهم. لا بينهم وبين إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية
3.والرئيس أوباما وجد أن الشجاعة والسلامة تكمن بعدم التزامه بأي وعد قطعه, أو بخطة رسمها, أو بسياسة حددت إدارته أو حزبه معالمها. فكلامه في المساء,يمحوه نور الصباح. وكلام النهار تمحوه حلكة الليل. ولذا عليه أن يكون حر من كل التزام قطعه أو قد يقطعه.فالسياسة مصالح ,ولضمان مصلحة بلاده عليه أن يتعامل بمنطق وقيم العاهرة.فبالعهر وحده يمكن إنقاذ مصالح بلاده.
4. والرئيس باراك أوباما وجد أن سياسة إدارة بوش والجمهوريين لنشر الفوضى الخلاقة الخشنة, كلفت بلاده خسائر فادحة. فقرر متابعة ترويج الفوضى الخلاقة ,أساليب الدجل كي تكون سلسة وناعمة. وشن الحروب الناعمة,و تسخير تكنولوجيا الاتصالات ونظم المعلوماتية لتحقيق هذا الغرض. ولكن تصريح السيد جوليان اسانج مؤسس ويكيليكس يفضح حقيقة نظم المعلوماتية حين قال: فايسبوك أبشع آلة تجسس تم اختراعها.و غوغل و ياهو وغيرهما لديهما واجهات مدمجة للاستخبارات الأميركية,ولهم ارتباطات بأجهزة الاستخبارات الأميركية.وأن كل حرب تقريباً بدأت في الخمسين سنة الماضية كانت نتيجة لأكاذيب وسائل الإعلام. وربما هذا الدور الذي تقوم به حالياً فضائية الجزيرة.
5.والرئيس أوباما ينفذ عقيدة البروفسور ميلتون فريدمان. والتي تنص على ضرورة التصرف بسرعة خاطفة بدجل ومكر عند وقوع أزمة,لفرض تغيير سريع يصب في مصلحة بلاده قبل ان يستيقظ الجميع.
6.والرئيس أوباما يزايد على الصهاينة وحكام إسرائيل.بأنه ولو لم يكن من أصول يهودية,إلا أنه أكثر صهيونية من الجميع.وأنه وإدارته وبلاده ملتزمون بأمن إسرائيل .وهذا الالتزام حديدي وصخري من طراز حجر الصوان,و بقساوة الماس.ولذلك لا يمكن أن يلتوي أو يتآكل أو ينكسر أو يتصدع.وأنه حين يعترض على سياسية الاستيطان, فاعتراضه نوع من خداع المسلمين والعرب.وأن أمله أن تكون إسرائيل قادرة على زرع العالم والكواكب بالمستوطنات.وهذا هو كل ما يسعى إليه.
7.والرئيس أوباما يريد من ثورات ما يسميها بالربيع العربي, أن يكون دورها محصور في تطوير ديمقراطي وليس بثورة ديمقراطية.حتى لا تتغير السياسات العربية القائمة,وتعرض مصالح بلاده ومصالح إسرائيل للخطر.أي أن التغيير الديمقراطي المطلوب يجب أن يكون على الطراز والمقاس الأميركي فقط.
8.والرئيس أوباما يريد لهذه الثورات أن تكون أكثر دموية.وأن تستغل لتخريب وتدمير مؤسسات الدولة والمجتمع,كي توفر لبلاده فرصة التدخل.أو فرصة تدويل الأحداث الجارية.أو فرصة سرقة هذه الثورات وجهد الثوار لطرف ثالث يتربع على سدة الحكم. ويخدم مصالح أميركا وإسرائيل.وأن تنهمك الثورة بعدها لتغذية الأحقاد والفتن والغرق في الماضي .بدلاً من تحقيق أهدافها الحقيقية والمنشودة.
9.وجهل الرئيس باراك أوباما واضح للعيان حين يتآمر على سوريا. ويجهل ما قاله السيد أندريه بارو مدير متحف اللوفر في باريس: إن على كل إنسان متمدن ومتحضر في هذا العالم.أن يقول إن لي وطنين:وطني الذي أعيش فيه وسوريا. و أوباما بتصرفاته إما أنه يتآمر على وطنه لأنه غير متمدن.
10.والرئيس أوباما كأنه يطبق مقولة هنري كيسنجر وزير الخارجية السابق والأستاذ في جامعة جورج تاون. والتي أجاب فيها على سؤال طرحه عليه الدكتور غسان الرفاعي. حين سأله:هل السلام العادل والشامل آتِ إلى الشرق الأوسط ؟فأجابه كيسنجر قائلاً:أي سلام عادل؟إنه سلام الأمر الواقع,ألا ترى أن الشرق الأوسط برميل بارود؟هل استسلمت اليابان إلا بعد هيروشيما, ويبدوا أنكم في الشرق الأوسط لن تتأقلموا إلا بعد هيروشيما مماثلة.وكأن أوباما يريد حرقنا بالحروب والفتن.
11.والرئيس أوباما وإدارته يريدان أن يكون حاضر المسلمين والعرب دامي ومأزوم وتنتعش فيه الفتن. ومستقبلهم مظلم ومقلق وغامض , بحيث لا يمكنهم تمييز الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
12.والرئيس باراك أوباما كغيره ممن سبقوه من الرؤساء الأميركيين. يتابع تنفيذ توصيات مؤتمر كامبل بنرمان الذي عقد سراً عام 1905م بدعوة من حزب المحافظين البريطاني. وحضرته بريطانيا وهولندا وبلجيكا وأسبانيا وإيطاليا.حيث قسموا العالم إلى فئات ثلاث. وهذه الفئات هي:
•الفئة الأولى(دول الحضارة) وتضم دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا. وهي الدول الواجب دعمها مادياً وتقنياً في كافة المجالات كي تصل إلى المستوى المطلوب.
•الفئة الثانية: وتضم دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية.ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها, ولا تشكل تهديداً لدول الحضارة.كدول أميركا الجنوبية واليابان والصين وكوريا ودول شرق آسيا.والواجب يفرض احتوائها ,ودعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديداً على دول الحضارة.
•الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية,ويوجد تصادم حضاري معها,وتشكل تهديد لدول الحضارة.وهي بالتحديد منطقة الوطن العربي.وهذه المنطقة تعتبر الجسر الذي يصل الغرب بالشرق.وملتقى طرق العالم والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية والمحيط الهادي والمحيط الهندي.ويمر فيها الشريان الحيوي للاستعمار, ومخزونات الطاقة فيها بكميات كبيرة.والواجب يقضي بحرمانها من الدعم,واكتساب العلوم والمعارف والتقنية,وإغراقها في الفتن والانحلال اللاأخلاقي والفساد.ومحاربة أي توجه وحدوي يهدف لم شملها في دولة واحدة.
13.والرئيس أوباما الذي أعتبر أن حربه على الإرهاب ساحتها أفغانستان,أضاع فرصة وقف هذه الحرب بإعلانه انتصار بلادها فيها,وذلك بعد عملية قتله لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وحتى انه كاد يدخل بلاده بصراع مع باكستان بسبب اتهامه لها بأنها كانت هي من توفر الملاذ الآمن لأسامة بن لادن.ولولا مسارعته مع رموز إدارته لتبرئة باكستان لكان ادخل بلاده بحرب جديدة.
14.والرئيس أوباما ورموز إدارته ثبت أنهم متعطشون لشرب دماء البشر كالمحافظين الجدد. وخارجون عن القانون والشرعية. ويمارسون عمليات السطو.ويروجون للكراهية:بتصرفاتهم التالية:
•فما نشر عن سهرهم الليل لقيادة القوات لقتل رجل واحد هو أسامة بن لادن. دليل على أنهم مجرمون وإرهابيون من الطراز الأول.وهمهم طمس حقيقة أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
•وتنديدهم مع حكام إسرائيل بالمصالحة الفلسطينية. دليل على أهم يريدون إيقاد نيران الفتن.
•ومصادرتهم لأرصدة لشخصيات لا تحمل الجنسية الأميركية وضمها لخزينة بلادهم عملية سطو لا تمارسها سوى عصابات السطو و اللصوصية والإجرام الخارجة على الشرع والقانون.
•وفرضهم عقوبات بحق رؤساء ودول مستقلة, عمل همجي وعدواني لا تقره المواثيق الدولية.
•وتدخل جيفري فيلتمان بالشأنين اللبناني والسوري, عمل بلطجة يتنافى والأعراف الدبلوماسية.
•وجهل السيدة هيلاري كلينتون بالأمور السياسية وبحقيقة مجريات الأحداث. بات مضرب مثل.
15.والرئيس أوباما يبيع العرب والمسلمين كلاماً فقط, ليس له من رصيد ولا يقبل الصرف.لأن أفعاله تجاههما تناقض كلامه 180 درجة. وهذا يعيب ويسئ لرجل السياسة وأي رئيس دولة.
16.والرئيس أوباما يريد أن يغرق الوطن العربي بالثورات ومضاعفاتها لعشرات السنين كي يحقق أربه بتمزيق كل دولة عربية إلى عدة دول.كي يوفر لإسرائيل متطلبات الأمن والطمأنينة.
17.والرئيس أوباما يعلم بما قاله بول كريغ روبرتز مساعد وزير الخزانة الأميركي السابق.وهذا ما قاله حرفياً:أن الهدف من إزاحة القذافي عن السلطة في ليبيا هو إزاحة الصين من محاولتها استثمار النفط في منطقة الشرق وأفريقيا.وربما هو السبب الكامن لتقسيم السودان إلى عدة دول.
18.والرئيس أوباما بات يدحرج المشاكل كما تدحرج كرات الثلج.وهذه الدحرجة ستفاقم المشاكل,وتحيلها إلى كتل كبيرة.إن تدحرجت ستحطم كل شيء أمامها بحيث لا تبقي لشيء من أثر.
ونسأل الرئيس باراك أوباما ماذا ستكون النتيجة حين تفتضح أساليبه الماكرة؟ وهل ستكون بلاده في مأمن من غضبة الشعوب وجيل الشباب الثائر في هذا العالم؟وأليس من الأجدى بالرئيس أوباما وإدارته أن يكونوا في أكثر حكمة.بدلاً من تصرفاتهما التي هي أشبه بتصرفات المشعوذين والمحتالين والخارجين على القانون.

بواسطة
برهان إبراهيم كريم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى