اقتصاديات

المركزي السوري يتدخل لدعم الليرة السورية …

تعرضت الليرة السورية لما يشبه «القرصنة» نهاية الأسبوع الماضي..الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمامها لأكثر من ثلاث ليرات، وسجل سعر الصرف في السوق السوداء 52.5 ليرة في
حين كان السعر الرسمي 47.69 ليرة. وسارع رجال أعمال سوريون كبار إلى التدخل لدعم الليرة عبر ضخ مبالغ كبيرة بعضها تم في مصارف لبنانية، أسفر عن عودة الليرة إلى سعرها ضمن هامش 47.40 و47.69 ليرة للدولار وهي المرة الثانية التي يتدخل فيها رجال أعمال لحماية الليرة منذ اندلاع الأحداث الأخيرة في البلاد، انطلاقا من مدينة درعا جنوب سوريا.. وذلك عبر قيامهم بإيداع مليارات الليرات في المصارف السورية، الأمر الذي ساعد في لجم تراجع افتراضي لليرة ناجم عن عوامل نفسية خلقتها الأحداث.
وكان حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور أديب ميالة وجه تهديدا شديد اللهجة لكل من يحاول التلاعب بسعر الليرة، واصفا المتعاملين بالسوق السوداء كمن يحمل السلاح في وجه المدنيين.وأكد في تصريح صحافي أن الوضع المالي في سوريا قوي جدا، وأن كل المبالغ التي تم ضخها في السوق من القطع الأجنبية لا تشكل إلا جزءا بسيطا من القطع التي قام «المركزي» بشرائها من فائض المصارف السورية طوال السنوات الماضية وفق مبدأ تسوية مراكز القطع مع المصارف. وأشار إلى أن الاحتياطات لم تمس (تتجاوز احتياطات المركزي من القطع الـ25 مليار دولار)، مؤكدا أن الليرة قوية ومتماسكة وهناك تدخل قوي لحمايتها، مشيرا في هذا السياق إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 52.5 ليرة نهاية الأسبوع الماضي كان افتراضيا، ونجم عن تلاعب صرافة وتجار عملة في السوق السوداء في محاولة للتأثير على الاقتصاد الوطني، متوعدا المتعاملين بالسوق السوداء بأقصى العقوبات التي يجيزها القانون السوري بوصفهم خارجين عن القانون.هذا وكان رجال أعمال سوريون وصفوا محاولات المضاربة بسعر صرف الليرة بالمشبوهة، مؤكدين أن التلاعب في أسواق المال في سوريا في هذه الفترة ليس باللعبة الآمنة، حسب وصفهم، وذلك في ظل الجهود التي تبذل ومن أكثر من طرف لحماية الليرة ومنع تدهورها، خاصة أن لا أسباب اقتصادية لتراجعها.
إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن رجال أعمال سوريين كبارا وبالشراكة مع نظراء عرب لهم، يستعدون للإعلان عن مشاريع استثمارية وصفت بالضخمة في سوريا، وذلك في إشارة للتأكيد على أن الأمور مستقرة في البلاد، ولا خوف على الاستثمار فيها.وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد الرحمن العطار، وهو أحد أكبر رجال الأعمال في سوريا، إن «المكان الأفضل لأموال السوريين في هذه المرحلة هي المصارف»، إلا أنه أشار إلى أن الحل الأمثل للوضع الاقتصادي الحالي هو أن تقوم الحكومة بضخ أموال في السوق عبر إطلاق مشاريع تنموية ومشاريع بنى تحتية تضمن تشغيل أكبر عدد من الناس.هذا وتتعالى المطالب في سوريا برفع سعر الفائدة من 7.5 إلى 9.5 في المائة كحد أقصى، وهو ما وجده البعض أنه حل غير موفق في بلد يحتاج لتدوير عملية التنمية وخلق فرص عمل، الأمر الذي يحتاج إلى توجيه المدخرات نحو الاستثمار وليس نحو التجميد.
وكان رجل الأعمال السوري المعروف رامي مخلوف قال في تصريح صحافي في تعليقه على وضع الليرة، ردا على ما أشيع في بعض الصحف المصرية عن أن مستثمرين مصريين كانوا قد أعلنوا وقف مشاريع لهم في سوريا، إن «تلك التصريحات مغرضة ولا داعي لها، إلا إذا كان القصد منها مساعدة المخربين الذين حاولوا الإساءة إلى سوريا. وشكك في نية من أطلق هذه التصريحات في الوقت الذي لا تتجاوز استثماراتهم في سوريا بضعة ملايين من الدولارات، محذرا من يعتقدون أن التلاعب بأسواق المال السورية هو لعبة آمنة، مؤكدا أن الطريق سيقطع على كل من يحاول مد يده إلى الليرة مهما كانت التضحيات.
إلى ذلك، أعلن مخلوف الذي يشكل أحد أقطاب شركة «شام» القابضة التي تضم تكتل أكثر من 70 رجل أعمال سوريا، أنه وأمثاله من رجال الأعمال السوريين ملتزمون بالاستثمار الداخلي، لافتا إلى قرب إطلاق أسهم مجموعة من الشركات في السوق السورية، ستكون ملكيتها لذوي الدخل المحدود فقط، وذلك في إطار التنمية المستدامة التي تهدف إلى رفع دخل العائلات السورية وتحسين وضعها المعيش.كما كشف مخلوف عن التحضير للإعلان قريبا عن عدد من شركات النمط التكافلي والتي ستقدم لعدد كبير من ذوي الدخل المحدود فرصة لتنمية دخلهم الفردية دون أي عبء على أوضاعهم الاقتصادية الحالية.وكانت الحكومة السورية أقرت السبت الماضي برنامجا لتشغيل الباحثين عن عمل لدى القطاع الخاص مقابل تكفل الدولة بدفع رواتبهم لمدة عام.ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة عن وضع خطة كاملة للإصلاحات المنشودة في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والقضائية والسياسية، بالإضافة إلى تطوير العمل الحكومي نفسه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى