مقالات وآراء

أوروبا والبرقع

اقتربت معظم الحكومات الأوروبية من تشريع حظر ارتداء النقاب، وهنا في جعبتنا سؤال يطرح نفسه وهو هل تشريع منع ارتداء النقاب هو السبيل الصحيح بالنسبة لأوروبا للتعامل مع هذا الصدام الثقافي بين الغرب والإسلام.
أوائل انتهاكات قوانين منع البرقع
أمل مرموري ابنة الـ26 عاماً مهاجرة تونسية، لم تكن تعلم بموضوع انتهاكات القانون الإيطالي حتى اليوم الذي دخلت فيه إحدى مراكز البريد في نوفارا بايطاليا مرتدية ثوب طويل يحجب جسدها بالكامل، وكان وجهها متنقباً خلف حجاب ساتر. وهذا يمليه عليه دينها وخلقها.
فعندما غادرت مركز البريد أوقفها عناصر الشرطة الإيطالية (بتهمة عنوانها الأخلاق العالية)، حيث رفضت أن تكشف الحجاب عن وجهها، وبسبب ذلك تم تدوين مخالفة مالية بحقها بلغت الغرامة 500 يورو لقاء ارتدائها ثوباً يغطي كامل جسدها.
حقوق الإنسان
وهذا القانون ليس تشريعاً جديدا في ايطاليا، وانما يعود إلى عام 1975 عندما صدر تشريع ايطالي لمحاربة الإرهاب حينها، ولننظر عندما نقرأ كلمة محاربة الإرهاب، فقد جاء في هذا التشريع منع الرجال والنساء من تغطية وجوههم في الأماكن العامة.
محافظ مدينة يضع تشريعاً
ففي كانون الثاني للعام الماضي قدم محافظ نوفارا مشروع قرار يقضي بفرض حظر محلي على ارتداء البرقع استناداً إلى التشريع القديم المذكور أعلاه حيث قال المحافظ حينها وهو عضو في الحزب المحافظ المشارك في الائتلاف الحكومي: (الوسيلة الوحيدة لوقف سلوك يجعل اندماج المهاجرين بالمجتمع الايطالي عملية أكثر صعوبة).
حتى إن هذه الظاهرة انتشرت في العديد من المناطق الايطالية ككومو وبيرغامو ومنوتينغيرو بالقرب من بارما وفيرمينغانانو، حتى انه هناك محاولة لتكون ايطاليا كلها منطقة خالية من النساء اللواتي يرتدين البرقع.
في فرنسا
حذت فرنسا حذو شقيقتها ايطاليا أثناء محاولة تشريع قانون عام يمنع ارتداء البرقع والنقاب في الأماكن العامة.
ولم تكن معركة وزير العدل الفرنسية ميشيل إليوت ماري التي تبنتها في هذا الإطار إلا ذريعة أن الحياة في الجمهورية الفرنسية يجب ان يعيشها المرء ووجهه مكشوف للآخرين.
ويعدون ان من يرفض ذلك هو يرفض حق ثمين من الحقوق التي ينالها الإنسان الأوروبي مجرد ولادته وهو حق احترام الفرد.
الأميركيون لا يؤيدون حضر البرقع، على عكس الغربيون حيث ان أغلبية الألمان والفرنسيون والإسبان والبريطانيين يؤيدون حضر الحجاب في الأماكن العامة.
وهل الهدف من تأييد الأوروبين الذين لم يشكلوا بالفعل أغلبية مواطنيهم هو ان قوانين الحظر تلبي متطلبات أوروبا من المهاجرين من قوميات غير أوروبية.
أم لعزلهم فقط، ولجعلهم واضحي المعالم..
وقانون منع ارتداء الحجاب على كامل التراب الفرنسي ليس حدثاً فريداً في أوروبا، فهناك العديد من القوانين التشريعية المماثلة يتم تحضيرها او تم تقديمها مسودتها فعلاً إلى البرلمانات الأوروبية في بلجيكا في نيسان الماضي..
خارج حدود أوروبا
اسبانيا
في اسبانيا شرع محافظ برشلونة الاشتراكي هذه الخطوة وبررها بدواع أمنية، قائلاً أنها كانت خطوة ضرورية ناسياًَ محافظ برشلونة ان المواطنين الاسبان المسلمين في مقاطعة كاتالونيا إضافة إلى الحركة المناهضة للعنصرية ضد المهاجرين لديهم فرصة كبيرة بالفوز بأصوات أكثر في الانتخابات البلدية.
هولندا
وفي هولندا قام النائب الشعبوي من اليمين المتشدد غيرت فيلديرس حملته الانتخابات على أساس حظر الحجاب وبناء المساجد في هولندا..
سويسرا
وفي سويسرا دعت المقاطعة الشمالية اراغو لتشريع قانون وطني عام يمنع ارتداء الحجاب أو إخفاء الوجه.
استراليا
وفي استراليا تسبب حادث سطو نفذه مجهول يضع على وجهه حجاباً بإشعال نقاش عام حاد بين السياسيين الليبراليين حول إقرار منع ارتداء الحجاب على غرار العديد من الدول الأوروبية.. وكذلك في مقاطعة كيبيك الكندية.. اقترحت الحكومة إقرار قانون يمنع ارتداء ثوب يغطي كامل الوجه في المنشآت العامة.
الوطن العربي (تونس ومصر)
وفي الدول العربية بدأت تونس هذه الخطوة بعد ان اتخذ رئيسها المخلوع قبل خلعه عدة قرارات لمنع البرقع في الوظائف.. وكذلك حاولت مصر التوجيه لاتخاذ بعض القرارات إزاء هذه الهجمة العظيمة على الحجاب..
كلمتنا
إنهم يسمون أنفسهم (دُعاة الحرية)، فأرجو ممن ينساق ورائهم ويهتف باسم الإسلام، فهل سيصدق نفسه بأنه سوف يلقى ترحيباً عندهم، أم إن تلك الدعوة التي ترفع هذا الشعار، وشعار حقوق الإنسان، والحرية هي ليست إلا ذريعة ليقوم الغرب بالتحريض باسم الحرية والحقوق على دحض نظرية عملاقة تعد شعاراً لكل ملتزمة على وجه الارض سواء كانت مسلمة أو مسيحية أو يهودية أو من أي مذهب ودين..
وهذا ما نرفضه نحن في سورية خاصة، وفي الشرق على العموم، لذلك أقول باسم كل من يردد هذه الشعارات الطنّانة.. أنت لا يجب أن أن تنجر وراء دعوات أوروبية تتلفظ بشعار الحرية الزائف.. وهي في داخلها.. تحيك المؤامرات محاولة السيطرة على العالم العربي واحداً تلو الآخر..
وهيهات أن تسمح الشام العدية لذلك أن يتم، ولاسيما أن وعي شعبها والتفافه حول قيادته، وشموخها وعزة ابائها.. كل ذلك يجعلها شوكة في حلوق أعدائها، ولنذكر قول الشاعر المهاجر:
يا مسلمون ويا نصارى دينكم دين العروبة واحد لا اثنان..
المراجع:
1-خوف أوروبا من البرقع، جوليان فون ميتيلستايدت وستيفن سيمونز، ترجمة: سليمان حسّون، عن ديرشبيغل.
2-العدد الثاني من مجلة ضفاف، التي تعنى بترجمة المعرفة المعاصرة.

بواسطة
غازي الحمود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى