أخبار البلد

الرئيس الأسد يبدأ اليوم زيارة رسمية إلى أوكرانيا

يبدأ السيد الرئيس بشار الأسد اليوم زيارة رسمية إلى أوكرانيا تستمر يومين يجري خلالها مباحثات مع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش حول تطوير العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات والأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.
كما سيجرى الرئيس الأسد محادثات مع كل من رئيس البرلمان ورئيس الوزراء الأوكراني.

ويرافق الرئيس الأسد وفد رسمى يضم الدكتور محمد الحسين وزير المالية ووليد المعلم وزير الخارجية والدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية وعبد الفتاح عمورة معاون وزير الخارجية.

وكان الرئيس الأسد بعث رسالة إلى الرئيس يانوكوفيتش في آب الماضي نقلها وزير الخارجية وليد المعلم تتعلق بسبل تطوير العلاقات الثنائية والأوضاع الراهنة في المنطقة وأكد الرئيس الأوكراني أن استئناف الحوار على المستوى السياسي سيمكن الجانبين من دفع العلاقات قدماً.

كما عقدت اللجنة الحكومية السورية الأوكرانية المشتركة اجتماعات دورتها السابعة في كييف في شهر تشرين الأول الماضي تم خلالها بحث العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين وسبل تطويرها ولاسيما اتفاقية منطقة التجارة الحرة المزمع توقيعها بين الجانبين كما تم توقيع عدد من الاتفاقيات في المجال الزراعي والثقافي وبروتوكول الدورة السابعة كما تم عقد منتدى رجال الأعمال السوري الأوكراني.

وكانت الدورة السادسة للجنة الحكومية السورية الأوكرانية عقدت بدمشق في تشرين الأول 2008 بحضور الكسندر تورتشينوف نائب رئيس وزراء أوكرانيا وتم خلالها توقيع ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبروتوكول تعاون في مجال الصناعة والنقل والإسكان والجمارك والعدل والتجارة.

سورية وأوكرانيا.. نحو شراكة اقتصادية تعزز الربط بين منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا

حافظت العلاقات السورية الأوكرانية التي تأطرت دبلوماسيا في أعقاب استقلال أوكرانيا عام 1991 على قوة العلاقات التاريخية التي ربطت سورية بالاتحاد السوفييتي بل جرى تعزيزها في مجالات عدة لتصبح أوكرانيا الشريك التجاري الأكبر لسورية في شرق أوروبا وتكون سورية أحد أهم الشركاء التجاريين لأوكرانيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

فبعد قيام الدولة الاوكرانية بادرت كل من دمشق وكييف إلى وضع حجر الأساس للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين وكانت سورية أول دولة في الشرق الأوسط تعترف بأوكرانيا دولة مستقلة في عام 1992 وتم افتتاح سفارة لأوكرانيا بدمشق في عام 2000 وقنصلية فخرية في حلب 2002 وتم افتتاح سفارة سورية في كييف عام 2004 كما زار الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما سورية في عام 2002 تم خلالها تحديد التوجهات الرئيسية لتطور العلاقات الثنائية ووضع الأطر التشريعية للتعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي بين البلدين.

وتعكس زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى كييف الأهمية التي توليها سورية لأوكرانيا ليس باعتبارها الشريك التجاري الأكبر في شرق أوروبا فحسب بل من كونها شريكا أساسيا في فضاء التعاون الإقليمي الذي تعمل دمشق على نسجه وانطلاقا من الدور الذي تضطلع به أوكرانيا كممر من ممرات الطاقة الكبرى التي تنقل الغاز والنفط من آسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى أسواق الاستهلاك الأوروبية حيث تشكل المعبر الأساسي لأنابيب الغاز الروسية إلى أوروبا كما تمتلك شبكة سكك حديدية تصل شمال أوروبا بالبحر الأسود.

كما تكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة من حيث توقيتها إذ تأتي في وقت بدأت رؤية سورية الإستراتيجية لربط البحار الخمسة المتوسط والأحمر والخليج والأسود وقزوين بشبكة تعاون إقليمية تأخذ منحى عملانيا إما من حيث إقامة شبكات ربط للنقل البحري بين المرافئ السورية ونظيراتها في كل من رومانيا وأوكرانيا أو من حيث ربط شبكات إمداد الطاقة الكهربائية أو الغاز العربية مع منظومة الطاقة الأوروبية عبر تركيا كخط الغاز العربي الذي يتم العمل على ربطه بمنظومة الغاز التركية عبر سورية وبالتالي بمنظومة الغاز الأوروبية وليس هذا فحسب بل إن هذه الرؤية تلقى دعما من قادة الدول الإقليمية التي تشكل عناصر أساسية في هذا الفضاء الاقتصادي وينظر إلى توسيعه لربطه مع الدول المطلة على بحر البلطيق الأمر الذي يقع في صلب الرؤية الإستراتيجية لسورية.

وتميزت العلاقات السورية الأوكرانية في الفترة الأخيرة بفاعلية كبيرة وعكست الزيارات المتبادلة وحركة الاتصالات المكثفة حرص الجانبين على تعزيز العلاقات الثنائية ودفع عجلة التعاون الاقتصادي حيث تم في عام 2003 تأسيس اللجنة السورية الأوكرانية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني التي تعقد اجتماعاتها سنويا في كل من دمشق وكييف كما تم إطلاق مجلس الأعمال السوري الأوكراني العام الماضي لتأطير عمل القطاع الخاص السوري في العلاقات مع أوكرانيا وتكامله مع القطاع الحكومي وعقد العام الجاري ملتقى رجال الأعمال في كييف بهدف إعطاء القطاع الخاص في البلدين دوره في تفعيل النشاط التجاري المشترك وتوسيع فرص التعاون الاقتصادي وتطوير بيئة الأعمال المشتركة لإقامة شراكات اقتصادية حقيقية في مجالات جديدة.

ويشمل الإطار القانوني للتعاون بين البلدين أكثر من 40 اتفاقية تم توقيعها خلال التسع عشرة سنة الماضية من عمر التعاون الثنائي في المجالات السياسية والثقافية والسياحية والطبية والصحية والاتصالات السلكية واللاسلكية والتعاون الإعلامي والرياضة والبناء والزراعة والجمارك والنقل الجوي والبري والبحري والتعاون التجاري والاقتصادي والتقني والمصرفي وحماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة وحماية أنواع النباتات والتعاون في مجالات الموارد المائية والتعليم والتكنولوجيا.

ويدرك الجانبان السوري والأوكراني إن التطورات السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم مؤخرا سواء ما يتعلق منها بالأزمة الاقتصادية العالمية أو الانحباس الحراري وتأثيراتها على الأمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة تفرض على البلدين استكشاف مجالات جديدة للتعاون ولاسيما في مجالي الطاقة والغذاء اللذين يشكلان عصب الحياة والعمل على تنويع المبادلات التجارية وإقامة الاستثمارات المشتركة في المجال الزراعي والطاقوي حيث يمتلك البلدان طاقات كامنة وقدرات زراعية ينبغي تطويرها وتحسينها بالتعاون المشترك.

ففي المجال الزراعي تعتبر سورية وأوكرانيا من الدول المنتجة للحبوب بأنواعها ولاسيما القمح وهي مجالات واعدة للتعاون وتبادل الخبرات من أجل تطوير هذه المحاصيل وزيادة إنتاجيتها وتطوير الصناعات المرتبطة بها من مطاحن وغيرها كما يشكل قطاع الطاقة في كلا البلدين مجالا واسعا للاستثمار المشترك ولاسيما مصادر الطاقة المتجددة من طاقة شمسية وطاقة الرياح التي تمتلك سورية فيها إمكانات كبيرة تسمح بإقامة شراكات صناعية على غرار الشركة السورية الأوكرانية لصناعة الخلايا الضوئية وإنتاج الطاقة الكهروشمسية.

والمبادلات التجارية على أهميتها وحجمها الذي تجاوز المليار والنصف دولار عام 2009 لا تعكس الإمكانات المتوفرة للتعاون وخصوصا أن تلك المبادلات تميل بشكل كبير لصالح أوكرانيا التي تحظى بنسبة تفوق 90 بالمئة من المبادلات التجارية ويشكل الحديد الأوكراني نسبة90 بالمئة من الصادرات الأوكرانية لسورية فيما يشكل الفوسفات معظم صادراتنا إلى أوكرانيا الأمر الذي يتطلب من الجانبين العمل على استكشاف نطاقات جديدة للتعاون وإقامة شبكات نقل مباشرة سواء برية أو بحرية أو جوية وكذلك قنوات مصرفية مباشرة تساعد في تعزيز التبادل التجاري وتوسيعه وتنويعه وإقامة الاستثمارات المشتركة في مجالات النفط والغاز والزراعة والطاقة الكهربائية والنقل وصناعات الطيران وبناء الآليات إضافة إلى المجال الفضائي والتقنيات العالية وتطوير التعاون في قطاعات النقل السككي والبحري والجوي.

وخشية عدم قدرة البلدين على الاستمرار في هذا الاتجاه التصاعدي في حجم المبادلات التجارية يجري العمل بشكل حثيث على توقيع اتفاقية منطقة تجارة حرة تكون أوكرانيا أول دولة خارج منطقة الشرق الأوسط توقع سورية معها مثل هذه الاتفاقية التي من شأنها أن تفتح المجال أمام زيادة الصادرات السورية إلى أوكرانيا وبالتالي زيادة حجم التبادل التجاري وتحقيق نوع من التوازن في ميزان المبادلات التجارية التي تميل لصالح أوكرانيا وتؤسس لمزيد من التعاون وخاصة في مجالات النقل والمصارف والطاقة والزراعة في ظل الفرص الكبيرة والخبرة التي توفرها أوكرانيا والإمكانيات المختلفة لسورية.

وأما القطاع السياحي فيوفر مجالا واسعا للتعاون ولاسيما في ظل الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها كل من سورية وأوكرانيا حيث تأتي أوكرانيا في المرتبة 25 عالميا بعدد القدوم السياحي وتستقطب سنويا ما يقارب 17 مليون سائح فيما تشكل سورية مقصدا سياحيا مهما في منطقة الشرق الأوسط وتستقطب سنويا نحو 7 ملايين سائح وهذا الأمر يتطلب تعاونا في مجال تشجيع وكالات ومكاتب السياحة في البلدين على تنظيم برامج سياحية مشتركة وزيادة التعاون في مجال الخدمات السياحية والتخطيط السياحي وعمليات التسويق والترويج بما يسهم في إقامة صناعة سياحية جاذبة تستقطب المزيد من السياح.

وتنظر أوكرانيا باهتمام بالغ إلى تطوير التعاون مع سورية في مختلف المجالات والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية وترى في سورية شريكا تجاريا قويا ومستقبليا بالنظر إلى الآفاق الواسعة للغاية للتعاون سواء عبر إيجاد شراكات ناجحة وخاصة في قطاعات حساسة ومهمة كالغاز والنفط والصناعة والطاقة إضافة إلى مشاريع البنية التحتية والبناء والزراعة والتكنولوجيا والنقل وصناعات الطيران وبناء الآليات أو من خلال موقع سورية كبوابة رئيسية لدخول المنتجات الأوكرانية إلى منطقة الشرق الأوسط.

والعلاقات السورية الأوكرانية لم تقتصر على التعاون في المجال السياسي والاقتصادي بل شملت الجانب التعليمي والثقافي أيضا فالكل يذكر أن آلاف الطلاب السوريين تخرجوا من الجامعات الأوكرانية زمن الاتحاد السوفييتي وهذه العملية ما زالت مستمرة حتى الآن حيث تستقبل الجامعات الأوكرانية نحو 2500 طالب سوري سنويا يتلقون تعليمهم العالي هناك الأمر الذي خلق حالة من التفاعل الاجتماعي والقرابة عبر الزيجات المختلطة ويتركز وجود السوريين في مدينة أوديسا خاركوف ودنيبر وبيتروفسك.

وتقع أوكرانيا في أوروبا الشرقية على الشاطئ الشمالي للبحر الأسود ويحدها من الشمال كل من روسيا البيضاء وبولندا ومن الغرب المجر ورومانيا ومولدوفا وروسيا من الناحية الشرقية وهي من أكبر الدول الأوروبية بمساحة7ر603 آلاف كيلومتر مربع وعدد سكانها قرابة 46 مليون نسمة وتمتلك أوكرانيا صناعة متطورة في مجال الطاقة والوقود والاستخراج ومعالجة المواد الحديدية وغير الحديدية والغاز والكيماويات والبتروكيماويات وبناء الآلات والأعمال المعدنية والخشبية والورق ومواد البناء وتمتلك أكبر مجمعات الصلب في العالم تنتج الحديد الزهر والصلب وقاطرات السكك الحديدية والحافلات ووسائل النقل من سفن وطائرات وسيارات وآلات ومعدات زراعية وصناعية بالإضافة إلى الصناعة الخفيفة وصناعة الأطعمة.

كما تمتلك أربع محطات طاقة نووية و47 محطة طاقة حرارية كهربائية بإنتاج طاقة إجمالي4ر32 ألف ميغاواط.

وينتج القطاع الزراعي في أوكرانيا نحو 9 بالمئة من إجمالي الناتج المحلى ويوظف ربع السكان العاملين وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة حوالي نصف المساحة الإجمالية للبلاد.

وتحتل اوكرانيا المركز الأول في حجم التبادلات التجارية بالنسبة لسورية حيث حققت555 مليون دولار في النصف الاول من هذا العام كانت بمجملها مواد علفية وحبوبا وحديدا بأنواعه واسمدة فيما تصدر سورية الى اوكرانيا بشكل اساسي الفوسفات بالاضافة الى منتجات الغزل والنسيج .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى