أخبار البلد

افتتاح ندوة (العلاقات السورية التركية تاريخ ومستقبل مشرق).. نواة للفضاء الاستراتيجي في المنطقة

افتتحت صباح اليوم في مديرية الثقافة بحلب ندوة حوارية بعنوان العلاقات السورية التركية تاريخ ومستقبل مشرق وذلك ضمن فعاليات العيد الذهبي لسوق الانتاج الصناعي والزراعي.
وأكد المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء خلال الافتتاح أن العلاقات المتميزة بين سورية وتركيا وما شهدته خلال السنوات القليلة الماضية من تطور كانت ثمرة جهود كبيرة وضعت العلاقة بين البلدين في اطارها الطبيعي المعبر عن مصالح البلدين الجارين والشعبين الشقيقين.

وقال المهندس عطري إن المحطة المفصلية في تطور العلاقات السورية التركية كانت الزيارة التاريخية للرئيس بشار الأسد إلى تركيا عام 2004 والتي وضعت الأساس المتين لانطلاقة جديدة بين قيادتي البلدين عمقت ابعادها اللقاءات والمباحثات الاخوية التي تواصلت تارة في دمشق واخرى في انقرة واسطنبول بين الرئيس بشار الأسد والرئيس عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وما اعقبها من لقاءات على مختلف المستويات الرسمية والحكومية والشعبية.

وأضاف المهندس عطري لقد أرست هذه اللقاءات جسورا متينة من الثقة المتبادلة التي أكدت الحاجة للاندفاع بهذه العلاقات إلى آفاق أوسع وأشمل تنطلق من الروابط والصلات الثقافية والتاريخية وعلاقات الجوار والمصالح الاقتصادية لكل من سورية وتركيا.

وقال إنه وفي هذا الاطار الذي يسير بوتائر متنامية كان اتخاذ قرار الغاء سمات الدخول بين مواطني البلدين الذي جرى تطبيقه منذ أيلول 2009 تلاه الاعلان عن تأسيس مجلس تعاون استراتيجي عالي المستوى بين سورية وتركيا والذي عقد اجتماعه الاول في دمشق اواخر عام 2009 حيث تمخض عنه توقيع ما يقرب عن 51 اتفاقية ووثيقة اعطت قوة دفع لعلاقات التعاون بين سورية وتركيا على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والتنموية حيث عملنا في الحكومة خلال الاشهر الماضية على انجاز تصديق هذه الوثائق وفق النواظم القانونية ونتطلع إلى ان يتم تصديقها ايضا من الاشقاء الاتراك قبل انعقاد دورة الاجتماع الثاني لمجلس التعاون السوري التركي عالي المستوى خلال شهر تشرين الثاني القادم في أنقرة لنعطي بذلك زخما جديدا لعلاقات بلدينا وشعبينا وان نسعى إلى تجسيدها كحقائق حية وانجازات ساطعة على ارض الواقع وبذلك نترجم الإرادة السياسية والرغبة الشعبية الرامية إلى الارتقاء بعلاقات تعاوننا الاقتصادي إلى مستوى العلاقات السياسية القائمة بين سورية وتركيا.

وأكد رئيس مجلس الوزراء أن العلاقة السورية التركية لم تعد تعبر عن مصلحة سورية وتركيا فحسب بل اصبحت تعبر عن مصلحة دول المنطقة بشكل عام ومصالح الدول العربية بشكل خاص وهذا ما تفسره الخطوات واللقاءات العربية التركية على المستويات السياسية والاقتصادية ولعل خير مثال على ذلك هو الاعلان خلال انعقاد الاجتماع الثالث لمنتدى التعاون السوري التركي قبل أيام من هذا الشهر في اسطنبول عن تأسيس مجلس التعاون الرباعي عالي المستوى بين سورية وتركيا والاردن ولبنان والذي يهدف إلى تطوير شراكة استراتيجية طويلة الامد بين هذه البلدان وتحقيق تكامل اقتصادي فيما بينها من خلال بناء منطقة بين دولنا تسمح بحرية انتقال الأفراد والأشخاص.

إن تطوير علاقات التعاون بين بلدينا يتطلب منا جميعا متابعات حثيثة ومستمرة وقرارات جريئة واجراءات سريعة لمعالجة أي عوائق قد تعترضها وعلينا في هذا المجال ان نعمل على توسيع هذه العلاقات وان ننزل بها من المستويات الرسمية إلى المستويات الشعبية لنزيدها قوة ومتانة والا تقتصر على قطاع دون اخر بل تمتد لتشمل القطاعات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والاعلامية وهذه مسؤولية عامة تقع على عاتق الاشخاص والمؤسسات الرسمية والهيئات الشعبية.

وقال المهندس عطري إننا في سورية نقدر عاليا المواقف الرسمية والشعبية لتركيا المساندة للقضايا العادلة والتي تجلت من خلال رفض انقرة مرور القوات الاميركية لغزو العراق عام 2003 ووقوفها الحازم تجاه العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006 وإدانتها العدوان الاسرائيلي على غزة وجهودها لكسر هذا الحصار من خلال سفن الحرية حيث اكدت دماء الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال العدوان الاسرائيلي على المتضامنين مع شعب غزة ان الدماء العربية والتركية قد امتزجت من اجل قضية انسانية عادلة وأكدت أن على العالم الا يسكت على جرائم اسرائيل وغطرستها وعنصريتها كما نقدر الدور التركي النزيه في مباحثات السلام غير المباشرة بين سورية واسرائيل وكشف القيادة التركية للعالم حقيقة أن إسرائيل هي الطرف الذي يعطل جهود السلام في المنطقة.
وأضاف أن سورية اذ تعرب عن تضامنها مع تركيا في هذا المجال فإنها تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه العربدة الإسرائيلية وإجراء تحقيق دولي في جريمة الاعتداء الإسرائيلي على سفن الحرية ورفع الحصار عن غزة.

بدوره أشار المهندس علي أحمد منصوره محافظ حلب إلى مكانة حلب الاقتصادية والتاريخية وما شكلته كمحطة هامة على طريق الحرير التجاري وبكونها الحاضرة الاقتصادية والفكرية والثقافية كإحدى المدن التاريخية على سجل التراث العالمي.

ولفت منصورة إلى العلاقات التي ربطت حلب بجوارها من المدن التركية في علاقات اجتماعية وتاريخية مشتركة مشيراً إلى تطور العلاقات في السنوات الأخيرة ولاسيما إلغاء سمات الدخول بين البلدين وإنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي عالي المستوى بين البلدين في سابقة للعلاقات المتميزة لدول الجوار وهو ما يجعل سورية وتركيا قوى لنواة اقتصادية وإقليمية فاعلة في المنطقة.

حضر افتتاح الندوة العماد حسن توركماني معاون نائب رئيس الجمهورية و ارشاد هرمزلو مستشار الرئيس التركي عبد الله غل والدكتور تامر الحجة وزير الإدارة المحلية وأمينا فرعي الحزب في حلب والجامعة ومحافظ الرقة وسفيرا البلدين ورئيسا مجلس الأعمال في البلدين والفعاليات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية.

توركماني: العلاقات بين سورية وتركيا نمت بشكل قياسي

وأكد العماد حسن توركماني معاون نائب رئيس الجمهورية أن العلاقات بين سورية وتركيا نمت بشكل قياسي بعدما نضجت لدى الحكومتين والشعبين فكرة التعاون وضرورته والتقاط قادة البلدين اللحظة المناسبة وتحويلها إلى فعل تاريخي لإقامة هذا التعاون الذي يشكل مستقبلاً جديداً للمنطقة.

وقال توركماني إن هذه العلاقات تشكل نواة للفضاء الاستراتيجي في المنطقة الذي يرتبط بجذور تاريخية وثقافية وشعبية في إطار النظرة الإستراتيجية للسيد الرئيس بشار الأسد في ربط البحار الأربعة مبينا أن هذه العلاقات ستكون جاذبة لما حولها لتضم إليها دولاً أخرى لافتاً إلى أن مستقبل المنطقة الذي تؤسس له هذه العلاقة مبني على رؤية سياسية وإستراتيجية إقليمية نابعة من شعوبها ومصالحها و سيكون لها آثار كبيرة في صناعة تاريخها وموازين القوى فيها وبناء نظرة جديدة لحل مشاكلها تلغي الحلول القادمة من وراء البحار .

ودعا توركماني إلى تطوير العلاقات الإستراتيجية بين البلدين بشكل مستمر إلى مستويات أعلى من التعاون في كل المجالات لترجمة تطلعات قادة البلدين والشعبين مبدياً ثقته في الوقت نفسه بمستقبل هذه العلاقات وقدرتها على تحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي.
ولفت توركماني إلى نمو الصادرات السورية إلى تركيا خلال العام الأول لتطبيق اتفاق التجارة الحرة بين البلدين بنسبة 60 بالمئة و الصادرات التركية ب40 بالمئة ونمو الصادرات السورية بنسبة 200 بالمئة خلال الشهرين الأولين من العام الحالي مقابل20 بالمئة للصادرات التركية موضحاً أن حجم التبادل التجاري بين البلدين سيصل إلى أعتاب 5ر2 مليار دولار بعد أن كان لا يتجاوز ال 400 مليون دولار .

وقال معاون نائب رئيس الجمهورية: إن العلاقة بين العرب والأتراك كانت دائماً علاقة إخاء ومحبة وتعاون وعيش مشترك وتعود بتاريخها إلى أكثر من1200عام حيث تداخلت الجغرافيا والتاريخ والثقافة والمجتمع وامتزجت في ظل هذا الفضاء الجيوسياسي.. مبيناً أن الرئيس الخالد حافظ الأسد استطاع أن يخرج في العلاقات بين البلدين في أواخر القرن الماضي من حالة التوتر وعدم الثقة إلى خلق حالة من الحوار وبداية مرحلة من التعاون.

واستعرض معاون نائب رئيس الجمهورية المراحل التاريخية التي مرت بها هذه العلاقة وصولاً لإعلان قيام مجلس التعاون الاستراتيجي عالي المستوى بين البلدين الذي قضى برفع سمات الدخول بين البلدين وفتح الحدود في فترة قياسية أسهمت في زيادة أعداد عابري الحدود بنسبة30 بالمئة خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي لافتاً إلى المنافع الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذه الحركة النشطة.

وقال توركماني إن المجلس الوزاري المشكل بين البلدين مهد لاتفاقات عديدة تقرر تحويلها إلى وثائق تعاون تضم برامج تنفيذية ومذكرات تفاهم واتفاقيات بلغت في العام الماضي نحو51 وثيقة جديدة تضاف إلى مجمل الاتفاقيات ومجالات التعاون بين البلدين في كافة الميادين موضحاً أن التطور الذي تشهده العلاقات الثنائية يعتبر قياساً ونموذجاً يحتذي بين الدول وأن هذه العلاقات تمتد إلى نواحي الدفاع والأمن حيث خلقت حدوداً آمنة بين البلدين يعمل كلا الطرفين من خلالها على درء المخاطر عن مواطنيهما.

بدوره قال ارشاد هرمزلو مستشار الرئيس التركي عبد الله غل إن العلاقات التركية السورية أثبتت انه بالإمكان تحقيق التناغم والتكامل وخلق بعد اجتماعي واضح دون الإخلال بالخصوصيات مؤكداً أن القرارات التي اتخذها الجانبان على المستويات كافة أفرزت واقعاً جديداً يمكن أن يتخذ كمثال يحتذى به في العلاقات الإقليمية.

ورأى هرمزلو أن العلاقات التركية السورية المتنامية دليل آخر على أن شعب هذه المنطقة يمكن أن يخلق بعداً حضارياً أصيلاً يحتذى به كل من يعاني من آثار العلاقات التي تبنى على منطق الدفاع عن النفس ومحاولة الاستحواذ على منافع بغض النظر عن رغبة الآخر وتطلعاته على خلاف رؤية المنظرين وخاصة الغربيين منهم الذين لا يستطيعون الوصول إلى عمق المفاهيم الشرقية والأصيلة لافتاً إلى أهمية عنصر الثقة الذي توفر بين الطرفين ومكن قيادة البلدين من ترسيخ أواصر التعاون وإحلال رغبة التعاون والتكامل محل الجفاء أو التنافس.

وبين مستشار الرئيس التركي توفر عناصر الديمومة في العلاقات التركية السورية من خلال الاستمرار بتعزيزها والتنفيذ الفوري لجميع الاتفاقيات من إلغاء التأشيرات إلى التبادل الحر للتجارة مؤكداً أن هذه العلاقات والرغبة في تطويرها أصبحت مؤسساتية لا تعتمد على ردود الفعل .

وأشار في هذا الصدد إلى مئات المشاريع التي تدل على دور المؤسساتية في خلق هذا الواقع الجديد لافتاً إلى الخطوات المتخذة في تنفيذ مشروع متحف ذاكرة حلب وترميم الحمام الأثري في منبج وإصدار دليل تعريفي للموروثات الثقافية والسياحية في حلب وغازي عنتاب واقامة مركز المعلومات السوري التركي وإنشاء مراكز تعليم اللغة العربية ومراكز الارتباط التجاري والبدء بمشروع مراكز تعليم اللغة التركية.

وقال هرمزلو إن ديمومة العلاقات بين الدول وتخلصها من عنصر الوقت والمراحل تقتضي وجود ضلعين أساسيين في العلاقات بين الدول التي تشترك في نفس المصير والتطلعات مبيناً إن هذه العلاقات يجب ألا تقتصر على البعد الثقافي والتاريخي والديني حتى لا تبقى هذه العلاقات في بطون الكتب والمقالات والندوات والمحاضرات كما يجب الا تقتصر على الضوابط الاقتصادية والمصالح المشتركة البحتة حتى لا تكون عرضة لمتغيرات تفرضها العوامل الجيوسياسية أو الاقتصادية في ظل بحث كل طرف عن بدائل.

وأضاف إن تمازج الضلعين الثقافي والاقتصادي يجعل العلاقات دائمة ومتواصلة دون أن تصيبها يد التغيير وتكتسب صفة الديمومة مؤكداً إن هذا المنطلق يدفعنا باتجاه إنشاء منظومات التكامل الاقتصادي مع الدول المجاورة والتي نرتبط بها بعلاقات اجتماعية وثقافية وتاريخية راسخة مع مبدأ الثقة المتبادلة والأمن الايجابي بحيث يحل التكامل محل التنافس وتفتح الأبواب للاستثمارات المتقابلة التي ترتوي من مناخ الثقة ومبدأ الاقتصاد الحر الذي يعود بالنفع على عموم المنطقة.

وأشار مستشار الرئيس التركي إلى أن هذا الجانب مهم لتطور المنطقة ورفاه شعوبها حيث لا يقتصر على العلاقات المتميزة بين دولتين ترتبطان بنفس التصورات إزاء القضايا المشتركة بل يمتد لتحقيق الأمن والأمان من جهة والنهضة الاقتصادية من جهة أخرى.

وأكد أن المنطقة تمتلك من المقومات التي تؤهلها لأن تمسك بزمام أمورها بما لديها من قادة وحكماء ومثقفين ومنظرين قادرين على وضع الحلول لمشاكلها والاستغناء عن الحلول الغريبة عن المنطقة في ظل وجود صراع بين من يطلب السلام وبين من يقوضه في المنطقة.

وتحدث الدكتور وليد رضوان الباحث والخبير في الشؤون التركية عن المراحل التاريخية التي مرت بها العلاقات الثقافية الحضارية العربية التركية.

وأشار رضوان إلى أن الأساس الثقافي الحضاري هو الذي بنيت عليه العلاقات السورية التركية الحالية مبيناً الرابط التاريخي السياسي والاقتصادي والتاريخ الحضاري بين الشعبين خلال هذه المراحل .

كما استعرض الباحث عبد القادر عبد اللي التاريخ المشترك بين العرب والأتراك منذ القرن الثامن للميلاد والاسهامات التركية في بناء الحضارة العربية والاسلامية من خلال العديد من الفنون والتي تأتي في مقدمتها المنمنمات والعمارة والفنون التقليدية من زخرفة وتجليد والتذهيب والخط العربي . ونوه عبد اللي بأن التداخل المبكر بين الشعبين عبر التاريخ أدى إلى تأثير اللغة العربية بقوة في بنية اللغة التركية وأصبحت جزءاً منها لافتاً إلى دور المثقفين والمؤرخين الأتراك في إحياء التراث العربي والإسلامي والحفاظ عليه من الضياع والإندثار .

حضر اللقاء الدكتور تامر الحجة وزير الإدارة المحلية.

المصدر
الوكالة العربية للأنباء - سانا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى