ثقافة وفن

بعدعام على انطلاقتها في اللاذقية..رمال تصوغ لغة أخرى للرقص التعبيري

الحفل الفني الراقص الذي أقامته مؤخرا فرقة رمال للفن الشعبي و الرقص التعبيري على مسرح دار الثقافة في اللاذقية يؤشر بوضوح على العمل الإبداعي الجاد الذي تقوم به الفرقة التي تأسست قبل عام
كأول فرقة من نوعها في المحافظة في تأكيد على ولادة خلية فنية رائدة في مجال الأداء التعبيري الراقص كشكل فني تفتقده الساحة المحلية .

وتستمد الفرقة أحد أبعادها المهمة من خلال هيكلها الأساسي الذي يقوم على الأطفال بشكل رئيسي في محاولة لاستثمار مجموعة من الطاقات البشرية الواعدة في تشكيل نسق فني مغاير وخاصة إذا ما أضفنا لهذا البعد أفقا اخرى تتمثل في كون مجمل أعمال هذه الطليعة الفنية موجهة بدورها إلى أطفال في العمر نفسه كجمهور أساسي .

و تتألف الفرقة التي أسستها الفنانة غيداء محمد من أربعين راقصا و راقصة جميعهم من الفئة العمرية الممتدة بين سن الثامنة و حتى الرابعة عشرة من العمر حيث تم اختيار أفراد المجموعة اعتمادا على شروط و مقاييس الموهبة والميل الفني و اللياقة البدنية بالدرجة الأولى و تم اختبار قدراتهم و ميولهم بعد مرحلة طويلة الاختبار و التدريب المكثفين لتخرج الفرقة بعد ذلك بطاقمها الحالي إلى الضوء الجماهيري.
وقد أكدت الفنانة محمد و هي المدربة الأساسية في الفرقة و المخرجة الوحيدة لكافة أعمالها في حديث خاص لسانا أن اختيار المرحلة العمرية المشاركة في الأنشطة الراقصة قد جاء استجابة لمتطلبات العمل الفني المسرحي حيث يتطلب فن الرقص التعبيري التعامل مع أطفال في سن مبكرة تتيح قدرة عالية على الاستيعاب و تلقي الفنون الجديدة إلى جانب المرونة البدنية التي يتطلبها هذا النوع من الرقص .

و أضافت غيداء حول أسبقية الفرقة و ريادتها كأول فرقة تشتغل في المسرح الراقص في المحافظة ان المشهد الفني المحلي يفتقر إلى فرقة متخصصة في الرقص التعبيري و هو أداء يسعى لإيصال فكرة معينة من خلال حركات الجسد و تعابير الوجه ضمن إطار متناسق شفاف يركز على الإيماءات التعبيرية و الحركية دون استعراض الجسد نفسه.

و قد سعت الفرقة منذ عرضها الأول كما أوضحت إلى خلق علاقة وثيقة مع التراث الشعبي المحلي من خلال دمج الفن التعبيري بالفنون الفلكلورية الشعبية ساعية إلى تأجيج روح الحركة و الخيال من خلال مثلث الفكرة و الروح و الجسد و ذلك لخلق صيغة بصرية تشكيلية تخاطب الآخر عبر الحركات و الخطوات والإيماءات.

و كان العرض الراقص قد تضمن مجموعة من اللوحات الفنية المتنوعة و التي قدمت في أجواء تم اختيار موسيقاها و أزيائها و إضاءتها بما يتماهى مع النصوص البصرية التي تعكسها و التي يرفدها في الوقت نفسه إرث شرقي واسع يكرس سمات الهوية المحلية و الذاكرة الشعبية الغنية التي تنبثق منها ملامح هذه الهوية .

فمن لوحة إلى أخرى تتبدل الموسيقا المصاحبة و ملابس الراقصات و أنساقهم الحركية لترصد جغرافيا الرحلة البشرية في إرهاصاتها الأولى فمن البداية في صحراء شبه الجزيرة العربية حيث مهد البشرية الأول و منه إلى بلاد الشام فمصر و المغرب و من ثم الانتشار إلى أصقاع الدنيا البعيدة عبر خطاب بصري يلغي كافة الفروقات على صعيد اللغة و ينتصر في النهاية لقيم الخير و الحب و الجمال.

يذكر أن السنوات العشر الأخيرة قد شهدت ظهور العديد من الفرق الفنية في المشهد الثقافي السوري و قد حظيت محافظة اللاذقية بنصيب وافر من هذه الفرق سواء الموسيقية منها أو الراقصة أو الغنائية حيث أطرت كل من هذه المحاولات على حدة لمشروع فني له سماته المميزة و رؤيته الخاصة لتلتقي مجتمعة في إطار السعي لرفد الساحة المحلية بأنماط فنية جديدة و تكريس مجموعة من الطموحات الفردية التي لم يتسن لها الخروج إلى دائرة الضوء إلا عبر هذه التوليفات الجماعية .

المصدر
الوكالة العربية للأنباء - سانا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى