مقالات وآراء

تداعيات ثورة بركان آيسلندا بقلم هشام منور

شلت حركة الملاحة الجوية في القارة الأوروبية تقريباً جراء سحب الرماد المنبعث من بركان آيسلندا. وبينما رجحت تقارير الأرصاد الجوية استمرار البركان في نفث مزيد من الغبار الكثيف في الأيام المقبلة،
، تصاعدت المخاوف من التداعيات الاقتصادية والبيئية في ضوء الخسائر المالية الكبيرة التي ستتكبدها شركات الطيران عبر العالم. فإلى متى ستستمر ثورة بركان آيسلندا، وهل سيواصل إطلاق سحب الغبار والرماد؟ وما الأضرار الاقتصادية والبيئية والصحية للمقذوفات المنبعثة من هذا البركان؟.
لقد بدت أوروبا شبه معزولة عن العالم بعدما طوقها غبار بركان آيسلندا القادم من وسط الأطلسي وخيم السكون على أجوائها بعد ما غاب عنها هدير محركات الطائرات، المطارات الأوروبية الرئيسية، أوصدت أبوابها في وجه ملايين المسافرين وشركات الطيران ألغت آلاف الرحلات، وبينما بدأ العالم يحصي خسائره عادت الحياة إلى حركة النقل الجوي بعد سبات بركان دام نحو مائتي عام، فعلى سبيل الاحتياط ألغيت السبت 16 ألف رحلة من بين 22 ألف داخل المجال الجوي الأوروبي، فضلاً عن إلغاء 230 رحلة قادمة إلى أوروبا من أميركا، هذه الأرقام تكررت تقريباً مع إغلاق المجال الجوي في نحو ثلاثين دولة أوروبية.
من أبرز شركات الطيران التي تتكبد خسائر يومياً هي شركة الطيران الفرنسي وتبلغ خسائرها نحو ثلاثين مليون يورو، وخمسة وعشرين مليون يورو لشركةs way British air و22 مليون دولار لشركة ساس الاسكندنافية، أما أبرز المطارات التي تتعرض لخسائر كبيرة منها مطارات باريس، وتخسر يومياً نحو خمسة ملايين يورو، ويتسبب إغلاق مطار فرانكفورت بخسارة ثلاثة ملايين يورو يومياً، بينما تخسر صناعة النقل الجوي الألماني خمسين مليون يورو يومياً، هذا الوضع يتسبب في متاعب للناس العاديين، منها تأخر رحلات علاج ومواعيد عمل ومناسبات اجتماعية متنوعة، إضافة إلى تأخر البريد الجوي العاجل، وتأخر وصول الأدوية إلى المستشفيات.
بركان آيسلندا الذي تعود آخر ثوراته إلى عام 1821 قبل أن يزمجر غضباً مرتين في شهر واحد، وينفث سحابة رماد بركاني عملاقة شرعت تنتشر في سماء آيسلندا بارتفاع 11 كليومتراً، ولم تصل إلى لندن إلا وقد بلغ ارتفاعها 16 كليومتراً فارضة شللاً شبه تام على بعض الأنشطة الحيوية مثل حركة الطيران التي توقفت تنتظر أن يعود البركان وسحابته الرمادية إلى رشدهما.
وتعد البراكين مخارج للقشرة الأرضية تمكن جوف الأرض من قذف كل ما ارتفعت فيه حرارته وخف وزنه من صخور وغازات، يتركز 90% من البراكين فيما يعرف بالصفائح التكتونية، صفائح تقع على واحدة منها آيسلندا التي توجد في المحيط الأطلسي بين أوروبا وأميركا الشمالية، أما 10% الباقية، فتقع فيما يعرف بالحواف وهي نقاط جيولوجية ساخنة تشهد نشاطاً بركانياً هي الأخرى، وعادة ما تكون تلك المقذوفات إما سائلة في شكل حمم تزيد حرارتها عن ألف درجة، أو صلبة عالية اللزوجة يتسبب ضغط الغاز في تفجيرها عندما تبلغ سطح الأرض، وربما كان ما ينفذه البركان غازات تكون سحباً هائلة سوداء نتيجة اختلاطها بالغبار البركاني.
وبوجود ألف وخمسمائة بركان ناشط حول العالم، تجد البشرية نفسها ممزقة بين كوارث البراكين وفوائدها الجمة، نعم فوائدها التي تتمثل أساساً في إنشاء الجبال الشاهقة والهضاب الواسعة، وفي تحسين خصوبة التربة، والكشف عن شيء من أسرار العوالم الجيولوجية الواقعة أسفلها.
شركات الطيران في الأحوال العادية تحقق أرباحاً بقيمة 2% إلى 3% من مجموع عملياتها وعائداتها السنوية، هذه السنة كان الاتحاد الدولي للطيران للنقل الجوي قد توقع أن تكون الخسائر في صناعة النقل الجوي بحدود 10 مليارات دولار، وستترك هذه الأزمة مضاعفاتها على طريقة رسم إستراتيجية الدمج بين الشركات التي تقول إنها الآن في مواجهة أزمة تحتاج إلى توحيد الصفوف وتجاوز العوائق القانونية، لا سيما فيما يخص تنظيم السوق بين الولايات المتحدة وبين أوروبا، حيث هناك قرابة 60% من إجمالي صناعة الطيران الجوي في العالم، وبالتالي ستكون هناك مضاعفات هذه من ناحية، لكن الأمر الآخر الذي لا يجب أن يغفل هو أن المطارات وكل البنية التحتية لقطاع النقل الجوي تشكل ما نسميه عنصراً مضاعفاً يعني بحكم وجودها في منطقة معينة تؤدي إلى تحفيز النشاط الاقتصادي في قطاعات كثيرة تبنى حولها.

بواسطة
هشام منور

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى