مقالات وآراء

بعض مما جرى في الساعات الأخيرة في الدوحة

نقل الصحافي اللبناني رئيس مجلس إدارة جريدة الأخبار اللبنانية إبراهيم الأمين المتواجد في قطر، حيث مؤتمر الحوار اللبناني في الدوحة، بعضا من مجريات المباحثات في الساعات الأخيرة التي سبقت الاتفاق بين الأفرقاء اللبنانيين في الدوحة ومما قاله بأن الأمين العام
عمرو موسى برر انحيازه للموالاة بقوله : «التوازن لا يعني الانحياز».

هكذا برر الموقف الذي تتخذه أغلبية في اللجنة العربية، وكان يقول ذلك في معرض رده على اتهام قوى من المعارضة اللبنانية له بالانحياز الدائم إلى فريق 14 آذار، وإن هذا الانحياز برز بقوة في مفاوضات الساعات الـ24 الأخيرة حتى إن قطباً في المعارضة تحدث عن ارتفاع صوت مسؤول عربي كبير في وجه موسى لأنه شعر بأن الأخير يريد أن يحمّل المعارضة مسؤولية عدم التوصل إلى حل في تلك اللحظة. وعندما جرى الحديث صباح أمس عن مغادرة موسى إلى المنامة، بادر مساعدوه إلى القول إنهم يستعدون للمغادرة إلى القاهرة لأنه لم يعد لديهم ما يقومون به، وإن موسى قد لا يعود إلى الدوحة إلا إذا لمست القيادة القطرية نتائج إيجابية تقتضي وجوده ليتولى إعلان الأخبار السارة.
ومع ذلك، فإن موقف المعارضة ظل حذراً حيال سلوك بعض العواصم العربية، إلى أن جاءت الأنباء من الخارج هذه المرة. إذ تلقت المعارضة بخيبة أمل البيان الصادر عن مجلس الوزراء في السعودية، الذي يدعو إلى اتفاق يسمح بتشكيل حكومة تقوم بإجراء تعديلات دستورية لمواجهة من هم مع أفكار قومية غير عربية. وكان لهذا الكلام الوقع السلبي، وخصوصاً حين أثمر في وجوه وكلام أقطاب من فريق 14 آذار.
الوزير محمد الصفدي كان قد عبر عن غيظه لأن حلفاءه في 14 آذار يهملونه، لكنه توجه باحتجاجه إلى الراعي القطري. ونجح الأخير في إقناع سعد الحريري بدعوة النائب الطرابلسي إلى جلسة تشاورية، لكن الاجتماعات الليلية التي كانت تتناول القضايا الحساسة غاب عنها الصفدي من جديد. كما غاب عنها معظم «الضيوف» من أعضاء لجنة الحوار وأعضاء الوفود المرافقة لأقطاب الأكثرية. وهو أمر طال المعارضة نفسها أيضاً، لكن ذلك لم يمنع من أن الذين التقوا الصفدي أول من أمس وأمس فوجئوا بأنه بدا متشدداً، وهو الذي كان يدعو إلى حكومة حيادية تشرف على الانتخابات، عاد وتمسك بمطلب الفريق الأكثري بحجة أنه لا يمكن التسليم للمعارضة بكل ما تطلبه.
وإذا كان سمير جعجع والحاشية من أعضاء وفود 14 آذار قد تمسكوا بمواقفهم الداعية إلى اعتبار ملف سلاح المقاومة هو العنوان الأساسي للبحث، فإن المفاجأة تمثلت في عودة النائب وليد جنبلاط إلى لغة لا تشبه كل ما قاله قبل الوصول إلى الدوحة وبعده، ولو أن الرئيس نبيه بري ظل متمسكاً برهانه على دور لجنبلاط في تعديل موقف 14 آذار. لكن جنبلاط عاد ليطلق كلاماً وإن مكتوماً في حلقات ضيقة ضد حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله. وأعلن تمسكه بحلفه مع النائب سعد الحريري، وإن كان يكثر من التعبير عن انزعاجه من قائد القوات اللبنانية.
الرئيس السنيورة قليل الاختلاط بالوفود، لكن مساعديه ـــــ وأحدهم يعد من «المفكرين» الإسلاميين ـــــ تولوا التوضيح فقالوا إن الأمر لا يتصل بمقعد هنا أو هناك، وتولت هذه الشخصية قيادة حملة التعبئة على «الغزو الشيعي» الذي يريد إبعاد السنّة من لبنان، وهذه المرة صار الرجل يشير صراحة إلى «العدو الفارسي» الذي له «أدوات في لبنان تتلطى خلف واجهة المقاومة التي لم نعد نريدها ولا مصلحة لنا فيها ولا بكل ما تقوم به». وكانت وظيفة هذه التعبئة مساعدة مندوبي الإمارات العربية والأردن في اللجنة العربية، وآخرين، على اعتبار ما يحصل الآن معركة الدفاع «عن الوجود السنّي في لبنان».
وعند محاولة أحد هؤلاء شرح الأمر قال: «المعارضة بقيادة حزب الله سجّلت نقطة كبيرة على سعد الحريري في الأحداث الاخيرة، وقد حصلت فعلياً على الثلث المعطل في الحكومة المقبلة، لكنها تريد الآن السيطرة على نصف مقاعد العاصمة، وهذا أمر إن حصل يعني الهزيمة الكاملة للسنّة في لبنان، وهو أمر مرفوض عربياً ودولياً أيضاً».
وذهب أصحاب هذا الرأي إلى القول إن على «حزب الله أن يبادر إلى خطوات إيجابية للتعويض عما فعله، وإن موافقته على استمرار سيطرة تيار المستقبل على مقاعد العاصمة ستعتبر بمثابة رسالة اعتذار ومصالحة وتعويض، وعلى سائر المعارضين إدراك حقيقة كون العالم العربي لن يقبل بأن تخرج اجتماعات الدوحة بوثيقة تكرس انتصار المعارضة وحزب الله».
بناءً على هذا المنطق، جرت مناقشات مع الجانب القطري بضرورة ممارسة ضغوط على المعارضة لإقناعها بالتنازل، وفي وقت معين، تصرف القطريون على أساس أنهم يتهمون المعارضة بعدم تسهيل التوصل إلى اتفاق، وقال أحد العاملين على خط الاتصالات إن الجانب القطري تلقى اقتراحاً بتسمية المعارضة كطرف معرقل في البيان المفترض إذاعته، علماً بأن المناقشات اللاحقة بينت للقطريين أن خطوة من هذا النوع سوف تؤدي إلى نسف الحوار أولاً، وإلى نسف الوساطة القطرية ثانياً، وسوف تكون النتائج لمصلحة خصوم قطر في المنطقة. وقد جرت مناقشات حول هذه النقطة قبل الاتفاق على «منح الفريقين فرصة أخيرة» من خلال البيان الذي أذاعه المسؤول القطري بعد ظهر أمس، والذي نفت المعارضة أن يكون لها أي علاقة به. وقال العماد عون إن البيان يتحدث عن مقترحات لم نكن قد اطلعنا عليها، وإذا كان المقصود بها ما سبق أن اقترحه فريق الموالاة، فإننا أبلغنا الجميع رفضنا له، وبالتالي ليس هناك حاجة لانتظار أي جواب جديد. علماً بأن عون كان يعرف أن البيان هدفه فتح الباب أمام المزيد من الاتصالات، لكنه كان يقول جازماً: لن نقايض الحكومة بقانون الانتخابات، ولن نقبل أقل من حقنا بالثلث الضامن في أي حكومة إذا توافقنا على حكومة حيادية مصغرة تنحصر مهمتها في إجراء الانتخابات النيابية، شرط أن لا يتم انتخاب الرئيس قبل انتهاء هذه الانتخابات… كان عون يقول ذلك ويسأل مَن حوله: «هل هناك طائرة يمكن أن تقلّنا الآن إلى بيروت!؟».

بواسطة
syriarose

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى