الرئيس السوري

كلمة السيد الرئيس في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير

عقد السيد الرئيس بشار الأسد والسيد طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا مؤتمراً صحفياً مشتركاً في قصر الشعب بدأه السيد الرئيس بكلمة ترحيب برئيس وزراء بريطانيا قال فيها ..

أرحب بالسيد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني والوفد المرافق له في سورية وأود أن أنوه بأنها الزيارة الأولى لمسؤول بريطاني بهذا المستوى منذ استقلال سورية في الأربعينيات وبكل تأكيد قبل ذلك أيضاً بعقود طويلة وهذا له دلالات كثيرة ومعان عميقة ويدل على مدى التطور الذي تشهده العلاقة بين سورية وبريطانيا .

وبالرغم من قصر هذه الزيارة الزمنية ، فإن المحادثات كانت غنية جداً وكان لدينا الوقت لنتطرق إلى مواضيع كثيرة وكان هناك توافق أو اتفاق حول الكثير من التحليلات التي طرحت خلال النقاش وكان هناك الكثير من نقاط التفاهم وأيضاً كان هناك بعض نقاط التفهم .

المواضيع الأساسية التي طرحت خلال هذه الجلسة تركزت على موضوعي الإرهاب وعملية السلام في الشرق الأوسط ، طبعاً كان هناك مرور سريع على موضوع العلاقات الثنائية بين البلدين واتفقنا على تدعيمها من خلال الأفكار التي طرحت في لقاءات عديدة بين مسؤولين سوريين وبريطانيين سواء في سورية أو في بريطانيا .

بالنسبة لموضوع الإرهاب كانت هناك إدانة لما حصل في 11 أيلول في الولايات المتحدة ونحن طبعاً نعتقد أن هذا الشيء بديهي فلا يوجد الآن بلد في العالم يقول أنه مع الإرهاب ، هذا مبدأ الكل ملتزم به لكن الإدانة السورية لم تأت نتيجة لما حصل في 11 أيلول بل هي نتيجة لأمور أو عوامل أخرى ، هي نتيجة لمبادئ قديمة في سورية موجودة عبر التاريخ ، مبادئ اجتماعية ونتيجة للمبادئ الدينية الموجودة في منطقتنا العربية سواء كمسلمين أو مسيحيين ، هي نتيجة لمعاناتنا من الإرهاب خاصة في منتصف السبعينيات والفترة التي تلتها وفي نفس الوقت طبعاً فرقنا ، وأنا شخصيا فرقت بين المقاومة والإرهاب ، وبين الإسلام والإرهاب ، هناك فرق كبير ، المقاومة هي حق اجتماعي هي حق ديني هي حق قانوني وهي حق مكفول من خلال قرارات الأمم المتحدة إن الإسلام وأية ديانة سماوية بل الأديان السماوية كلها منشؤها واحد أو أنزلت من إله واحد ولا يمكن أن تكون أنزلت من أجل الحرب بل أنزلت من أجل السلام ومن أجل مكافحة الإرهاب في الأرض .

تحدثنا عن أسباب الإرهاب وذكرت أنا أسباباً كثيرة ولكنني توقفت عند سبب مهم وهو سبب يشعر به الكثير من المواطنين سواء في المنطقة العربية أو المنطقة الإسلامية وهو شعور بفارق القيمة بين المواطن في هذه المنطقة والمواطن في الغرب بشكل عام خاصة أن الإرهاب موجود منذ زمن طويل وسورية في عام 1985 الرئيس حافظ الأسد في ذلك الوقت أرسل مجموعة من المسؤولين إلى دول أوروبية مختلفة لكي يطالبوا بمؤتمر دولي لتعريف ومكافحة الإرهاب فإذاً الموضوع قديم وصحيح أن المكافحة متأخرة لكن يجب أن نبدأ بها ، المهم أن موضوع الإرهاب كان يجب أن يكون البدء به من قبل والشعور الآن لدى المواطنين هو أن هناك فجوة يجب على الدول الغربية أن تتعامل معها بشكل دقيق ، الإنسان إنسان في أي مكان في العالم الإرهاب إرهاب سواء كان في الولايات المتحدة أو في أوربا أو في الشرق الأوسط أو في أسيا أو في أي مكان آخر وقيمة الإنسان واحدة تكلمنا عن معالجة الإرهاب وذكرت أن المعالجة تبدأ من تعريف المصطلح لا يمكن أن نقاتل عدواً لا نعرف من هو ، ما هو شكله أين يوجد ، شرقاً غرباً . شمالاً جنوباً . لا بد من أن نعرف هذا العدو ولا بد من أن نحدد شكله وطبيعته من ثم ننتقل إلى تحليل الأسباب التي أدت لوجود هذا الإرهاب وبالتالي علينا لكي نكافح هذا الإرهاب أن نتعامل مع الأسباب وليس مع النتائج ، حتى الآن هناك تعامل مع نتائج الإرهاب لكن لم تبدأ المعالجة الحقيقية للأسباب أو أنها في بداياتها .

معالجة الأسباب تكون كما عبرت معالجة سياسية بالدرجة الأولى ، هي معالجة ثقافية ، هي معالجة إعلامية معلوماتية ، هي قد تكون معالجة أمنية ، الإرهاب له بشكل أو يعمل شكل شبكات ، لا يعمل بشكل رأس معين سواء أكان هذا الرأس شخصياً أو منظمة أو دولة ، إنها شبكة ، الإرهاب ينتشر في كل مكان وبالتالي معالجة هذا الإرهاب ومعالجة أسبابه تكون بشكل تعاون دولي وليس بنفس الطريقة أي أن جهة واحدة تقاوم الإرهاب ، الإرهاب منتشر في كل مكان ويجب أن تكون مكافحته من كل الدول في العالم .

تطرقنا إلى موضوع السلام طبعاً وكما نقول دائماً أن سورية لم تغير مواقفها من السلام أي نريد التوصل إلى سلام عادل وشامل في المنطقة بالرغم من كل الظروف الصعبة والقاسية التي مرت بها عملية السلام وبالرغم من كل الانتكاسات التي نشهدها حتى هذه اللحظة لم يتغير موقف سورية من السلام فهو موضوع إستراتيجي وليس موضوعاً تكتيكياً لكن بالمقابل فإن إسرائيل بالنسبة لوجهة نظرنا تثبت يوماً بعد يوم أنها ضد هذا السلام وبالتالي لا يمكن أن تتوافق الرغبة مع السلام مع الرغبة بالقتل ولا يمكن أن تكون لوائح الاغتيالات المعلنة هي الدليل على الرغبة في التوصل إلى سلام حقيقي ومستقر أي إلى استقرار في المنطقة .

أيضاً تكلمنا بالنسبة لموضوع السلام عن الإجماع الدولي الموجود حالياً في العالم خاصة ما حصل في 11 أيلول حول ضرورة تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وقلت إن هذا الإجماع فرصة قد لا تتكرر في المستقبل فرصة للعالم وبمقدار أكبر هي فرصة للإدارة الأمريكية التي تستطيع الآن أن تتحرك من دون الأخذ بالاعتبار الكثير من العوامل الداخلية التي من الممكن أن تؤثر على دورها الحيادي كراع لعملية السلام لم نفصل في الحوار بين موضوع السلام وموضوع الإرهاب ، البعض يربط قضية الشرق الأوسط بالإرهاب بشكل مباشر ويفهم من هذا الكلام أن قضية الشرق الأوسط هي منبع للإرهاب هذا الكلام غير صحيح بغض النظر عن وجهة نظرنا نحن كعرب لأن إسرائيل هي دولة مارست الإرهاب بشكل منظم وهو إرهاب دولة هذا موضوع آخر لكن قضية الشرق الأوسط من الممكن أن تؤثر أو غالباً تؤثر في تفعيل الإرهاب من خلال كون الإرهابيين بحاجة دائماً إلى غطاء قد يكون غطاء في قضية وطنية ، قد يكون غطاء في قضية قومية في قضية دينية في قضية اجتماعية وبالتالي فإن حل المشاكل إزالة بؤر التوتر البؤر الساخنة في العالم يسحب الغطاء من فوق هؤلاء الإرهابيين .

آخر نقطة أقولها بالنسبة للسلام نحن لا نستطيع في سورية أن نرى بعين واحدة كما يرى البعض أي لا نستطيع أن نفصل موضوع الإرهاب الذي نراه يومياً ونعيشه بشكل مستمر في إسرائيل مع الفلسطينيين أو ضد الفلسطينيين ، لا نستطيع أن نفصله عن الإرهاب الموجود في العالم ، الرؤية بعين واحدة تعني نصف الحقيقة والبعض يرى بعينين مغمضتين والبعض الآخر يغمض عينيه ويريد من العالم أن يغمض أعينه نحن ننظر إلى الأمور بعينين مفتوحتين لكي نرى رؤية ثلاثية الأبعاد وبالتالي نسـتطيع أن نرى الأمور على حقيقتها وكما هي وبالتالي لا يمكن للإنسان أن يرى التفاصيل الصغيرة والبعيدة إن لم يكن قادراً على رؤية الأشياء الكبيرة والقريبة وبالتالي فإن الشعوب في هذه المنطقة العربية وحتى الإسلامية لا يمكن أن ترى الإرهاب العالمي إذا لم تر الإرهاب الإسرائيلي وبالتالي فإن معالجة هذا الإرهاب واحدة من حيث معالجة الإرهاب البعض يقول أن التوصل إلى السلام يحقق خطوة كبيرة لصالح مكافحة الإرهاب في العالم هذا الكلام صحيح ولكن أيضاً معالجة الإرهاب في إسرائيل تساعد في التوصل إلى السلام في هذه المنطقة وفي كل العالم ، أختتم هذه المقدمة بأن أقدر عالياً ما سمعته من السيد رئيس الوزراء حول تقديره العالي ونظرته العميقة للإسلام كدين عظيم وحول اهتمامه الشخصي بالجالية المسلمة في بريطانيا .

هل يمكن أن أسأل رئيس الوزراء بلير ما إذا كنتم بحثتم وضع المجموعات الإرهابية التي يعتقد الأمريكيون أنها تعمل في هذا البلد وهل طلبت من السيد الرئيس أن يضبطها وهل يمكنني أن أسأل السيد الرئيس هل أنتم مستعدون لاتخاذ إجراءات ضد هذه المجموعات وخاصة تلك التي أعلنت مسئوليتها عن الاغتيال الأخير في إسرائيل ؟

السيد الرئيس : أريد أن أعقب طبعاً القضية أعني قضية الشرق الأوسط هي قضية الدول المعنية بها ونحن من أوائل الدول المعنية بها ونحن الأقدر على تحديد طبيعة المنظمات أو الجهات أو الأفراد الموجودة لدينا في منطقتنا كما قلت في البداية المقاومة لتحرير الأرض هي حق دولي لا أحد يستطيع إنكاره وبالتالي نحن لدينا جهات مختلفة وشخصيات وتيارات تدعم التحرير أو تدعم المقاومين الذي يسعون لتحرير أراضيهم العمل المقاوم هو غير الإرهاب وكما قلت في البداية نحن نفرق وسأعطي مثالاُ لديكم مثال في الغرب في فرنسا على سبيل المثال أحد أهم الشخصيات أو أحد أهم رموز المقاومة في التاريخ الحديث هو الرئيس ديغول هو قاوم لتحرير الأرض الفرنسية هل يمكن لأحد منكم أن يتهمه بأنه إرهابي لا يمكن العمل الذي قام به الرئيس ديغول هو نفس العمل الذي يقوم به الآن المقاومون في هذه المنطقة وبالتالي المعيار يجب أن يكون واحداً. يبدو أن التركيز هو تنفيذ خطة ميتشل وخطة تنيت من أجل تعزيز وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل والفلسطينيين هل تعتقدون أن هذه بداية جيدة وإنها كافية كبداية وهل سوف تشجعون المقاومة التي ترونها شرعية على وقف هجماتها لإعطاء خطة ميتشل فرصة ؟

السيد الرئيس : نحن لنا وجهة نظر في تقرير ميتشل أولاً نحن لم نساهم به ولم يؤخذ رأي سورية في تقرير ميتشل ولكن فشل الكثير من المبادرات التي لم تأخذ بالاعتبار المتطلبات الضرورية لعملية سلام شامل وعادل ومنها حقوق الشعب الفلسطينـي وشعوب المنطقة أثبتت صحة وجهة النظر السورية.

فإذاً الشيء الصحيح الذي قلته هو أنه اتفاق لوقف إطلاق النار وليس كما يعتقد البعض مرجعية للسلام ، المرجعية هي قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة طبعاً بالإضافة لمرجعية مدريد ، عندما نتكلم عن مبادرات بغض النظر عن أسم هذه المبادرات أو تلك أو عندما نتكلم عن مفاوضات كل هذه أدوات المهم هو الهدف ، الهدف هو السلام يجب أن نضع قاعدة واحدة للأدوات وللهدف لكي نستطيع أن نحقق هذا الشيء لنفترض أن هناك مبادرة طرحت سيسأل المواطن الفلسطيني ما هو الهدف من هذه المبادرة وقف العنف أحد الأشياء التي قد تكون ضرورية للوصول إلى السلام لكن هي ليست كل شيء الأهم منها هو ما هي ، ما الذي سيحصل عليه هذا المواطن من حقوق عند انتهاء عملية السلام ، المهم أن تكمل أية مبادرة بالارتكاز إلى قرارات مجلس الأمن إلى مرجعية مدريد وأن تكون هناك ضمانات أن تكون إدارة عملية السلام وبشكل خاص الراعي إدارة محايدة نزيهة وهذا ما لم يتحقق في العشر سنوات الماضية ولذلك فشل السلام وفشلت كل المبادرات وإذا لم يكن هناك قاعدة جيدة لإدارة عملية السلام كما قلت الأدوات والأهداف فسوف نلتقي في مؤتمرات صحفية أخرى ومع مسؤولين آخرين بعد عشر سنوات لكي نسأل نفس السؤال كيف نطلق عملية السلام .

سيادة الرئيس كنت مهتمة بسماع ما قلتم عن العمل العسكري في أفغانستان ، هل تطلبون الآن من رئيس الوزراء أن يوقف العمل العسكري وهل تذهبون إلى حد القول أن هذا العمل هو نوع من الإرهاب ؟

السيد الرئيس : نحن لا نطلب شيئاً في كل الأحوال لم نكن طرفاً في بداية هذا الموضوع حتى نطالب بإنهائه ، لكن نحن لدينا وجهة نظر ، وجهة نظر عامة من هذه الحرب ومن أية حرب ، أي لو عدت إلى التاريخ السوري لستة آلاف عام من الآن ، أي أربعة آلاف عام قبل الميلاد كان الآشوريون مقاتلين أشداء لكن منذ ذلك الوقت وحتى اليوم يوجد دفاع عن الأرض السورية ولكن لم يكن في يوم من الأيام في تاريخ السوريين اعتداء أو احتلال لأراضي بلد آخر أو قتل الأبرياء فهذا مبدأ لكن في الوقت ذاته نحن لا نستطيع أن نقبل بما نراه يومياً على شاشات التلفزيون من أبرياء أصبح عددهم على ما أعتقد بالمئات الآن يموتون يومياً ولا أعتقد بأن أحداً في الغرب يوافق على هذا الشيء .

واختتم السيد الرئيس المؤتمر الصحفي قائلاً : شكراً لكم جميعاً وكما قلت للسيد رئيس الوزراء في نهاية اللقاء مهما كانت الصورة سوداء فيمكن أن يخرج منها ضوء عندما تتوفر الإرادة وهذا الشيء يمكن أن يساهم به الإعلام بشكل مباشر وفاعل خاصة في الغرب ، نتمنى من الإعلام أيضاً أن يلعب دوراً إيجابياً في هذه الأزمة

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى