سياسية

إسرائيل تحاكم طفلا فلسطينيا في الـ12 من عمره أمام محكمة عسكرية بتهمة رجم جنود الاحتلال بالحجارة

لم يرمش لقاضي محكمة عوفر العسكرية الإسرائيلية قرب رام الله جفن، وهو يحاكم طفلا فلسطينيا لم يتجاوز عمره الـ12 من عمره، كان يقف أمامه في قفص الاتهام مكبل اليدين، إلا عندما التقطت المحامية اليهودية ليئا تسيمل بالونا أحمر كبيرا من حقيبتها
وناولته للطفل حسن المحتسب كي يلهو به في قفصه لحين انتهاء محكمته.

كانت تهمة حسن إلقاء حجارة على الجنود الإسرائيليين في مدينة الخليل، يوم السبت الماضي، أثناء المظاهرات التي خرجت في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، احتجاجا على ضم الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى قائمة التراث اليهودي.

ورغم ذلك، لم تقدم النيابة الإسرائيلية ما يكفي من الأدلة فاضطر القاضي إلى تأجيل المحاكمة 5 أيام. واليوم من المقرر أن يتخذ القاضي قرار إما بسجنه أو بالإفراج عنه. ومن غير المعروف كيف ستسير المحاكمة التي تجند لها 3 محامين، في ظل رفض والد حسن أن يدفع غرامة قدرها 2000 شيكل طلبها القاضي المرة الماضية.

وقال فضل المحتسب والد الطفل الأسير لصحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر في العاصمة البريطانية التي نشرت تقريرا حول الفضحية القانونية الاسرائيلية اليوم الاحد إنه لن يدفع شيكلا واحدا للمحكمة حتى لو حكموا على ابنه بـ20 عاما، وإنه أبلغ القاضي بذلك.

واشتبك فضل مع القاضي كلاميا، وقال له: "أنت تحاكم طفلا لا يعي ما يفعل، وحتى لو اعتقله الجنود متلبسا بضرب الحجارة، فإنه لا يعي لماذا يفعل ذلك وما بعد ذلك". وأضاف مخاطبا القاضي: "اعتبر أنه ابنك وأنا أطلب منك الإفراج عنه فورا". وحسب المحتسب: "لم يستجب القاضي لطلبه وأمر بتأجيل المحكمة لحين إحضار النيابة الإسرائيلية لائحة اتهام ضد الطفل".

وقال حنا عيسى، خبير القانون الدولي، إن ما تم في محاكمة الطفل حسن مهزلة حقيقية تنتهك في شكلها وجوهرها وسير إجراءاتها اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، وأحكام القانون الدولي الإنساني. واتهم عيسى القضاء الإسرائيلي بالخروج عن كل القيم والمبادئ الإنسانية، وقال ان: "إن إجراءات المحاكم العسكرية الإسرائيلية تقوم على أساس عنصري كما حددها الأمر العسكري 378 لسنة 1970، الذي يعطي لقائد المنطقة العسكري حق تشكيل محاكم عسكرية يكون رئيسها وقضاتها ضباطا في الجيش، بغض النظر عن أهليتهم القانونية".

واعتبر الخبير القانوني أن ما جرى للطفل يؤكد على ان "قضاة المحاكم العسكرية الإسرائيلية الذين يحاكمون الأطفال الفلسطينيين في كثير من الأحيان، بل على الغالب، ما يستخدمون الصلاحيات القصوى التي خولتهم إياها الأوامر العسكرية، التي لا يوجد بها مبادئ توجيهية رسمية فيما يخص سجن الأطفال".

وأضاف عيسى ان "الحكم الصادر بحق حسن لا يعكس روح، ولا حتى نص، اتفاقية حقوق الطفل الدولية لسنة 1989التي وقعت عليها إسرائيل سنة 1991، مما يدلل على أن إصدار الإحكام هو نتاج عملية قضائية تعسفية تندرج في إطار عملية سياسية".

وبدأت قصة حسن عندما اعتقله الجنود وشقيقه الأصغر أمير، 10 سنوات، من أمام منزلهما في الخليل بتهمة إلقاء الحجارة، وبعد 10 ساعات أطلق الجنود سراح أمير الذي ما زال يعاني من اضطرابات نفسيه بسبب خوفه الشديد. وقال المحتسب إن ابنه الصغير يستيقظ كل ليلة مفزوعا من نومه ويصرخ: "يا بابا بدهم يوخذوني ويجيبولي كلاب". وأوضح أن ابنه أمير احتجز إلى جانب كلاب بوليسية عدة ساعات وعاد متبولا على نفسه، وما زال يفعل ذلك لا إراديا. ويذهب أمير مع والده لتلقي العلاج اللازم من أخصائيين نفسيين.

أما حسن فقد أبلغ والده بمكان اعتقاله عن طريق القوة الدولية في الخليل بعد يومين من اعتقاله، ومنع من زيارته حتى لاقاه في المحكمة الاثنين.

ووصف المحتسب المحكمة بأنها كوميديا سوداء، وقال إن المحامية الإسرائيلية كانت تتواجد صدفة في المحكمة، لمتابعة قضية أخرى، لكنها صدمت عندما شاهدت طفله هناك واقفا في قفص حديدي ومحاطا بالجنود. وتابع: "بالصدفة كان معها بالون أحمر فذهبت أمام الجميع إلى القفص وأعطته لحسن، حينها خجل القاضي وتوارى خلف شاشة الكومبيوتر، والناس صارت تضحك".

وقال المحتسب: "ما يمكن أن تشاهده في المحكمة لا يصدق.. دولة تقول إنها متحضرة تحاكم في عام 2010 في محكمة عسكرية طفلا في الـ12 من عمره". وأضاف: "بيجيبوه للمحكمة مكبل اليدين والقدمين، يمكن مستخدمين سلاسل أثقل من وزنه" .

المصدر
وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى