مقالات وآراء

فنجان قهوة .. بقلم زينة حسين

يحكى أن معلماً وقف أمام تلاميذه ومعه بعض الوسائل التعليمية .. وعندما بدأ بالدرس ودون أن يتكلم أخرج عبوة زجاجية كبيرة فارغة وأخذ يملؤها ببعض الكرات البلاستيكية حتى لم تعد تتسع لأية كرة أخرى.. ثم سأل التلاميذ هل الزجاجة التي في يده مملوءة أم فارغة ؟؟

اتفقت أجوبة التلاميذ على أن الزجاجة مملوءة.. فأخرج المعلم صندوقاً صغيراً مملوءاً بالحصى الصغيرة وسكبه داخل الزجاجة ثم رجّ الزجاجة بشدّة بحيث دخلت الحصيات الصغيرة بين الكرات في المسافات الفارغة.. ثم أعاد السؤال: هل الزجاجة مملوءة؟؟… اتفقت الإجابات كذلك على أن الزجاجة مملوءة ..

أخرج المعلم بعد ذلك صندوقاً من الرمل وسكبه فوق المحتويات في الزجاجة فدخلت حبيبات الرمل في الفراغات بين الحصيّات حتى ملأتها.. وسأل التلاميذ مرة أخرى إن كانت الزجاجة مملوءة، فردّ الجميع بصوت واحد: إنها مملوءة!!

أخرج المعلم بعد ذلك فنجانا من القهوة وسكب كامل محتواه داخل الزجاجة حيث اتسعت له.. ضحك التلاميذ من فعلته، وبعد أن هدأ الضحك أعاد المعلم التجربة بشكل معاكس، حيث سكب الرمل في الزجاجة أولاً، ثم سكب بعده الحصى الصغيرة، وعندما حاول وضع الكرات البلاستيكية وجد الزجاجة لا تتسع إلا لعدد قليل من الكرات وبقي القسم الأكبر خارج الزجاجة؟!!

وعندها شرع المعلم يشرح للتلاميذ تجربته فقال: أريدكم أن تعرفوا ما هي القصة وما هو الهدف من التجربة .. إن هذه الزجاجة تمثّل حياة كل واحد منا، والكرات البلاستيكية تمثل الأشياء الضرورية في حياتنا مثل الدراسة للطالب والعمل والقيم والأخلاق والأسرة والصحة والأصدقاء.. بحيث أننا لو فقدنا كل شيء وبقيت هذه الأشياء فستبقى حياتنا مليئة وثابتة.. وأما الحصى فتمثل الأشياء المهمة في حياتنا مثل المنزل والسيارة وغيرها..

وأما الرمل فيمثل بقية الأشياء البسيطة نسبياً كاللعب والتلفزيون والنزهات والرحلات.. وعدما وضعنا الرمل في الزجاجة أولاً فلا يبقى مكان للكرات وهذا يسري على حياتنا الواقعية كلها بحيث لو صرفنا كل وقتنا وجهدنا على توافه الأمور فلن يبقى مكان للأمور المهمة، ولذلك فعلينا أن ننتبه جيداً وقبل كل شيء للأمور الضرورية ولحياتنا واستقرارنا كالدراسة والعمل والقيم والأسرة.. ثم نلتفت للأمور ذات الأهمية التالية كالتواصل مع الأهل والحوار مع الأصدقاء.. ولكن علينا أن نتذكر دائماً أن علينا قبل كل شيء الاهتمام بالكرات البلاستيكية أولاً، والباقي مجرّد حصى ورمل..

وعندما أنهى المعلم حديثه مع تلاميذه، سأل أحد التلاميذ: وماذا تمثل القهوة في التجربة؟!.. ابتسم المعلم وأجاب: أضفت القهوة لأوضح لكم بأنه مهما تكن حياتنا مملوءة فسيبقى فيها مساحة لفنجان قهوة نشربه مع مَن نحب..

بواسطة
زينة حسين
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. مهما تكن حياتنا مملوءة فسيبقى فيها مساحة لفنجان قهوة نشربه مع مَن نحب..
    شكرا كتير على هالقصة الحلوة و طبعا مهما شغلتنا الحياة لازم يكون في وقت للناس الذين نحبهم ….

  2. كلامك حلو كتير يا زينة , واللي حكيتيه آخر شي بأكد مقولتي بأنه ذات يوم ستشرق الشمس بعد منتصف الليل ….

زر الذهاب إلى الأعلى