مقالات وآراء

هل تفعلها إسرائيل وتضرب إيران?!

هل ستقوم »إسرائيل« بضرب المنشآت النووية الإيرانية?! يراه بعضهم سؤالاً افتراضياً, ويرى كثيرون أنه سؤال واقعي تؤشر إليه مجموعة وقائع وقرائن دالة على أن أمراً بهذا الخصوص يرتب بين واشنطن وتل أبيب,
 

وأن زيارة رئيس أركان القوات الأميركية تندرج في إطار الاستعداد لعمل عسكري في المنطقة ومن المرجح أن يكون على إيران.. وللسؤال تفرعات كثيرة ولكن السؤال الأكثر أهمية: ما الذي سيكون عليه رد الفعل الإيراني إذا ما تعرضت لقصف إسرائيلي أو أميركي?!‏

بعض المحللين السياسيين يرون أن »إسرائيل« لا يمكنها أن تقدم على هذه المغامرة الخطرة وهي متأكدة من قدرة الإيرانيين على الرد القوي, ولن تشجع الإدارة الأميركية على القيام بهجوم لأن الرد الإيراني سيتجه أولاً إلى »إسرائيل« وأن أكثر الأهداف المرشحة للضربة الإيرانية هو (مفاعل ديمونة) الذي سيكون لقصفه نتائج خطرة على »إسرائيل« والمنطقة.‏

يوم شنت أميركا حربها على العراق كان الإسرائىليون كما يقول »نتنياهو« على علم مسبق بها, وأكثر من ذلك أنهم كانوا وراءها, لأنها في مصلحتهم كما يقول ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي, ولكن الإسرائيليين كانوا يعرفون تماماً قوة العراق قبل الحرب التي أنهكتها حرب الكويت واستنزفها الحصار, إذ تراجعت مخاطر القوة العراقية على »إسرائىل« إلى الصفر.. ولكن الحال مع إيران مختلف, فإيران اليوم في أوج قوتها الرادعة.‏

الحرب الإسرائىلية على لبنان في تموز عام 2006 كانت تهدف إلى تدمير القوة العسكرية لحزب الله خلال يومين أو ثلاثة أيام لتمرير اتفاقية مع الحكومة اللبنانية وتمرير الشرق الأوسط الجديد, وكما يقول الأميركيون الزحف من بيروت إلى دمشق وطهران وثمة هدف إسرائىلي هو غسل عار هزيمة جيشها في الجنوب عام 2000 واقتلاع مفهوم المقاومة من أذهان العرب كطريق لمواجهة »إسرائيل« وانتزاع النصر منها.. ولأن إسرائيل هزمت , وهزمت إرادتها وغطرستها لم تجرؤ طوال العامين الماضيين على ضرب المقاومة أو التحرش بها, وكان من المتوقع أن تقوم »إسرائيل« بضرب المقاومة لتعيد ثقة الإسرائيليين بأساطيرهم وبقوتهم العسكرية ولتعيد ثقة الغرب بالجيش الإسرائيلي الذي كان ينظر إليه (سوبر مان الجيوش القتالية) ولأن الجيش (السوبر مان) هزم نفسياً وعسكرياً لم يجرؤ على شن عدوان جديد.‏

ومع ذلك, فالجيش الإسرائيلي في هذه الآونة بحاجة إلى انتصار, والإسرائىليون بحاجة إليه ليعزز ثقتهم بجيشهم وبأساطيرهم وأحلامهم التي صنعتها الصهيونية بعد أن أصابتها حرب تموز في الصميم, ولهذا راحت القيادة الإسرائيلية تركز على إقامة المناورات العسكرية على الحدود الشمالية مع لبنان وسورية تحت عنوان الاستفادة من دروس حرب تموز وتضخمها وتهول من قدراتها, والمناورات في حقيقتها كانت تهدف إعادة بناء ثقة الإسرائيليين بجيشهم وتخليص الجيش الإسرائيلي من عقدة الهزيمة, وفي إطار الحصول على هذه الثقة ظلت »إسرائيل« تطلق التصريحات وتعلن عن قدراتها القتالية لأن هزيمة واحدة كافية لحذفها من الجغرافيا والتاريخ كما قال بن غوريون يوماً, ولهذا فإن مفهوم الحرب عند »إسرائيل« ينطلق من مفهوم الانتصار لأن الهزيمة عندها إنهاء وجود وهذه حقيقة.. وإسرائيل يرعبها مجرد التفكير بالهزيمة ولهذا فهي تعيش اليوم في وضع صعب عمقته الانتكاسات الداخلية التي تواجهها حكومة أولمرت التي لا تعرف كيف تطيل عمرها وتعيد ثقة الإسرائيليين بها وبخاصة بعد صدور تقرير (فينوغراد).‏

إذا كان حزب الله في رأي الإسرائيليين يستمد قوته من إيران, وهو القوة التي لا يمكن لأي قوة في العالم أن تهزمه كما تقول ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية تغامر »إسرائىل« وتشن حرباً على منبع هذه القوة »إيران« وإذا كان حزب الله وحده قد هزم »إسرائيل« وهو اليوم يمتلك جهوزية قتالية أكبر بكثير مما كان عليه في تموز 2006 وهذه القوة مؤهلة للدخول في الحرب إذا ما أشعلتها »إسرائىل« على إيران.. فهل تغامر »إسرائيل« وتقصف إيران?!‏

»إسرائىل« اليوم كبالع السكين على الحدين بعد حرب تموز.. فالقوة الإيرانية تتنامى, وكذلك القوة السورية وحزب الله وحماس والجهاد, والعرب من المحتمل أن يغيروا اصطفافهم في مشروع مواجهة الخطر الصهيوني الذي يتهدد وجودهم والقدس والأقصى, وأميركا في وضع صعب في العراق وسياساتها في المنطقة أثبتت عقمها.‏

»إسرائيل« تشن حرباً نفسية بعد أن فشلت في تحقيق انتصار عسكري فقد سربت عن طريق وسائل إعلام غربية أنها أقامت مناورة عسكرية على امتداد 250 كم من شواطئ أكبر جزر بحر إيجة, ويقول مسؤول في البنتاغون :إن أحد الأهداف هو التدريب على تكتيكات متعلقة بضربة محتملة للمنشآت النووية الإيرانية والصواريخ البعيدة المدى ويتابع إنها رسالة مفادها أن »إسرائيل« مستعدة لكل عمل عسكري إن أخفقت الدبلوماسية.‏

إن قراءة لما تمارسه »إسرائيل« والإدارة الأميركية من حرب نفسية يهدف إلى تخويف إيران وجرها إلى وقف تخصيب اليورانيوم, وبقاء إيران دولة ضعيفة.. ولكن تلك الحرب فشلت سواء على إيران أم سورية أم قوى المقاومة والممانعة في لبنان وفلسطين, وما حدث أن تلك الأطراف الرافضة والمجابهة للمشروع الصهيوني الأميركي زادت من قدراتها الدفاعية ومن ممانعتها وصمودها وتمسكها بمواقفها.‏

هناك سيناريوهات كثيرة ومدارس كثيرة تقرأ الأهداف التي تحملها التحركات الأميركية الإسرائيلية وأكثرها رجحانا هو القراءة التالية: إن ضرب إيران قد ترتد آثاره العكسية على»إسرائيل« ذاتها وعلى المصالح الأميركية في المنطقة وستكون »إسرائيل« وأميركا هما الخاسرتان من مغامرة كهذه.‏

بواسطة
سي _السيد
المصدر
صحيفة الثورة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى