سياسية

حرب أميركية غير عسكرية تستهدف دمشق منذ عام 2003

“تستعد واشنطن وحلفاؤها في المنطقة لتوجيه ضربة شديدة الفعالية من طراز مختلف، وتقترب من الحسم، ضد دمشق”، هذا ما كفشته دراسة أمنية إستراتيجية لمصادر معنية ببحث و استقراء مستقبل المنطقة الشرق أوسطية
وتشير الدراسة إن الحرب ضد دمشق بدأت منذ لحظة احتلال بغداد ولكن بالوسائل غير العسكرية، لافتة أن مسرح المواجهة مع دمشق يتضمن الكثير من الخطوط والجبهات المفعّلة يوماً بعد يوم، وإن الجهود الحربية ضد دمشق تنقسم إلى جهد رئيسي للولايات المتحدة وإسرائيل، وجهود ثانوية تقدم الدعم والمساندة للجهد الرئيسي وتقوم بهذه الجهود العديد من الأطراف الأخرى، وتوضح الدراسة التي نشرتها العرب اون لين أن محور واشنطن– تل أبيب "يمثل بطارية إطلاق النار الرئيسية فى الهجوم على دمشق، وتمثل باريس وبرلين ولندن وعواصم عربية محيطة، بطاريات النيران الصديقة المتحالفة مع محور واشنطن– تل أبيب.

أما حول الوسائل السياسية التي تتبعها واشنطن تنفيذ خططتها ضد دمشق أشارت الدراسة انها تعتمد على "تزويد المعارضة السورية بالدعم والمساعدات والضغط على العواصم العالمية من أجل إشراكها فى استهداف سوريا أو تحييدها على الأقل، وأيضاً بناء تحالف إقليمى عربي- شرق أوسطى، يضاف إلى ذلك ليس عرقلة الجهود السورية الهادفة إلى السلام والاستقرار فى المنطقة وحسب، وإنما تحميلها مسؤولية الاضطراب والصراعات الدائرة فى المنطقة".

فيما يتعلق بالوسائل الاستخباراتية للخطة الأميركية فهي  تخصيص الكثير من الأقمار التجسسية لمراقبة ورصد سوريا، وتلفت الدراسة إلى الدور الذي تلعبه الشبكات اللبنانية في المجال الاستخباراتي ضد سوريا، لافتة أن هذه الشبكات "متعددة ونجحت أجهزة الموساد الإسرائيلى ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقلم المخابرات فى الخارجية الفرنسية فى تجنيد وتدريب وتنظيم ونشر عناصرها"، كما تحدثت الدراسة عن الشبكة الكردية، منوهة أنها "ظلت تقدم خدماتها للموساد الإسرائيلى ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ فترة نظام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين"، كما لفتت الدراسة نفسها أن المعطيات والتكهنات تشير إلى أن الشبكة الكردية "توسعت كثيراً بعد احتلال العراق وظهور "أربيل" كعاصمة ظل للحركات الانفصالية الكردية ومركز إقليمى لمحطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وواحد من أكبر محطات الموساد الإسرائيلي في منطقة شرق المتوسط".

الدراسة تلفت إلى أن الخطة الأميركية تستخدم في وسائلها الاستخباراتية شبكة المتعاملين العراقيين، وإضافة إلى هذه الشبكات تلفت الدراسة إلى دور جهاز مخابرات دول عربية مجاورة لسوريا، مشيرة أنه "يرتبط بالتنسيق وعلاقات التعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلى ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبدرجة أقل مع غيرها من الأجهزة الغربية"، وكما تقول التسريبات فإن جهاز المخابرات المعنى يلعب دوراً كبيراً في:

•تقديم المعلومات والبيانات والتقارير لجهاز الموساد الإسرائيلي.

•دعم الجهود الإستخبارية الأمريكية فى العراق ودول الجوار الإقليمى مثل سوريا والعراق والسعودية والأراضى الفلسطينية.

•تقديم المعلومات والبيانات والتقارير للإسرائيليين والأمريكيين حول الفلسطينيين والشؤون اللبنانية.

•القيام بالعمليات السرية بـ"الوكالة" عن المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي. وقد تبين أن العديد من الإغتيالات التى تمت للعلماء العراقيين لم تكن بعيدة عن هذا الجهاز.

 

 

وفيما يلي نص الدراسة كما نشرته العرب اون لاين:

عندما احتلت القوات الأمريكية بغداد توقع الكثيرون أن تكون دمشق هى المحطة الثانية فى مسيرة القوات الأمريكية، وكانت هذه التوقعات والتحليلات تعد السند الكبير فى توجهات جماعة المحافظين الجدد المسيطرة على دوائر صنع القرار داخل الإدارة الأمريكية.

فهل ما تزال دمشق تمثل المحطة الثانية، أم أن الإدارة الأمريكية وجماعة المحافظين الجدد قد قرروا التقدم نحو هذه المحطة بوسائل حربية أخرى غير الوسائل العسكرية، خاصة أن علم الحرب قد أكدت منجزاته الحديثة أن الوسائل العسكرية ليست هى الوحيدة المستعملة فى شن الحروب؟

توصيف الأحداث والوقائع الجارية على الجانب الآخر، وتحديداً جانب واشنطن وتل أبيب، يشير بقوة إلى أن ثمة سيناريو محددا ضد دمشق يتم العمل على تنفيذه منذ لحظة احتلال بغداد.

وبقليل من التدقيق يتبين لنا بكل وضوح أن الأداء السلوكى الحربى هو السمة البارزة التى يتميز بها هذا السيناريو، وتأسيساً على الأحداث والوقائع التى حدثت وتحدث حالياً يتضح لنا أن العمل فى تنفيذ هذا السيناريو ما زال جارياً على قدم وساق وبوتائر تتزايد سرعتها يوماً بعد يوم بما يؤكد ما يلى بقوة ووضوح:

– إن الحرب ضد دمشق قد بدأت منذ لحظة احتلال بغداد ولكن بالوسائل غير العسكرية.

– إن مسرح المواجهة مع دمشق يتضمن الكثير من الخطوط والجبهات التى يجرى تفعيلها يوماً بعد يوم.

– الجهود الحربية ضد دمشق تنقسم إلى جهد رئيسى تقوم به الولايات المتحدة وإسرائيل، وجهود ثانوية تقدم الدعم والمساندة للجهد الرئيسى وتقوم بهذه الجهود العديد من الأطراف الأخرى.

– يمثل محور واشنطن– تل أبيب بطارية إطلاق النار الرئيسية فى الهجوم على دمشق، وتمثل باريس وبرلين ولندن وعواصم عربية محيطة، بطاريات النيران الصديقة المتحالفة مع محور واشنطن– تل أبيب.

وتعتبر نظرية تحليل النظم من أكثر الأدوات فعالية فى تحليل المعطيات ورصد فعاليتها وتفاعلاتها وتوجهاتها وتداعياتها المستقبلية وتأسيساً على ذلك يمكن أن نشير إلى الآتي:

– على جانب الوضع الجزئي: طوال الفترة الممتدة منذ لحظة احتلال بغداد فى مطلع العام 2003 وحتى الآن تتعرض دمشق لعملية استهداف واسعة النطاق تضمنت استخدام الآتي:

•الوسائل الاقتصادية: العقوبات الاقتصادية والمتصاعدة وعرقلة الاتفاقيات الاقتصادية القائمة وقطع الطريق على إنجاز المزيد من الاتفاقيات والحرب التجارية غير المعلنة ضد قطاع الصادرات والواردات، إضافة إلى عرقلة حركة الأفراد السوريين إلى الخارج ومحاولة الحد من قدوم الأجانب إلى سوريا.

• الوسائل السياسية: تزويد المعارضة السورية بالدعم والمساعدات والضغط على العواصم العالمية من أجل إشراكها فى استهداف سوريا أو تحييدها على الأقل، وأيضاً بناء تحالف إقليمى عربي- شرق أوسطى والدفع به باتجاه المشاركة فى استهداف سوريا ويضاف إلى ذلك ليس عرقلة الجهود السورية الهادفة إلى السلام والاستقرار فى المنطقة وحسب، وإنما تحميلها مسؤولية الاضطراب والصراعات الدائرة فى المنطقة على النحو الذى يجعل دمشق مسؤولة عن:

– مقاومة الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلى لأراضيهم.

– مقاومة اللبنانيين للعدوان الإسرائيلى على لبنان ومعارضة اللبنانيين لحكومتهم.

– مقاومة العراقيين للاحتلال العسكرى الأمريكي.

•الوسائل الاستخبارية: حيث تم تخصيص الكثير من الأقمار التجسسية لمراقبة ورصد سوريا.

وقد أكدت الأدلة الدامغة التى تمثلت فى الصور الفضائية التى التقطتها أقمار التجسس لما زعم بأنه منِشأة نووية سورية، وهى الصور التى نشرتها صحف نيويورك تايمز والواشنطن بوست والتايمز البريطانية وغيرها من كبريات الصحف العالمية، وبغض النظر عن المفاعل النووى المزعوم فإن وجود مثل هذه الصور فى حد ذاته يعكس الحقيقة المتمثلة فى أن كل أراضى سوريا قد أصبحت هدفاً لكاميرات أقمار التجسس الفضائي.

كذلك تشير المعلومات إلى أن محور واشنطن- تل أبيب قد قطع شوطاً كبيراً فى بناء الشبكات الإستخبارية للقيام أولاً بجمع المعلومات الاستخبارية، وثانياً بتنفيذ العلميات السرية. وحالياً أصبحت سوريا هدفاً لعدد من الشبكات الاستخبارية الإقليمية، منها على سبيل المثال لا الحصر:

•الشبكات اللبنانية: وهى متعددة وقد نجحت أجهزة الموساد الإسرائيلى ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقلم المخابرات فى الخارجية الفرنسية فى تجنيد وتدريب وتنظيم ونشر عناصرها.

•الشبكة الكردية: وهى شبكة ظلت تقدم خدماتها للموساد الإسرائيلى ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ فترة نظام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، وتشير المعطيات والتكهنات إلى أن هذه الشبكة قد توسعت كثيراً بعد احتلال العراق وظهور "أربيل" كعاصمة ظل للحركات الانفصالية الكردية ومركز إقليمى لمحطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وواحد من أكبر محطات الموساد الإسرائيلى فى منطقة شرق المتوسط.

•شبكة المتعاملين العراقيين: نجحت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى تجنيد شبكة واسعة من العراقيين منذ أيام النظام العراقى السابق، ومن أبرزهم العراقيين من حملة الجنسية الأمريكية، ولاحقاً بعد احتلال العراق تزايد عددهم وبالتأكيد ستقوم أمريكا باستخدام وتفعيل شبكاتهم فى بلدان الجوار الإقليمى للعراق وعلى وجه الخصوص سوريا وإيران.

إضافة إلى هذه الشبكات فهناك الوسائل الاستخبارية الرسمية التى يتم استخدامها فى استهداف سوريا ومنها:

•جهاز مخابرات دول عربية مجاورة لسوريا: يرتبط بالتنسيق وعلاقات التعاون مع جهاز الموساد الإسرائيلى ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبدرجة أقل مع غيرها من الأجهزة الغربية. وكما تقول التسريبات فإن جهاز المخابرات المعنى يلعب دوراً كبيراً في:

•تقديم المعلومات والبيانات والتقارير لجهاز الموساد الإسرائيلي.

•دعم الجهود الإستخبارية الأمريكية فى العراق ودول الجوار الإقليمى مثل سوريا والعراق والسعودية والأراضى الفلسطينية.

•تقديم المعلومات والبيانات والتقارير للإسرائيليين والأمريكيين حول الفلسطينيين والشؤون اللبنانية.

•القيام بالعمليات السرية بـ"الوكالة" عن المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي. وقد تبين أن العديد من الإغتيالات التى تمت للعلماء العراقيين لم تكن بعيدة عن هذا الجهاز.

•الوسائل العسكرية: حتى الآن لم يبرز استخدام هذه الوسائل بالشكل الواسع النطاق أو بشكله المباشر باستثناء الغارة الإسرائيلية الأخيرة وما سبقها من عمليات تحليق للطيران الإسرائيلي، وأيضاً قيام وحدة استطلاعية أمريكية فى إحدى المرات بتجاوز الحدود السورية العراقية.

ولكن قبل بضعة أشهر برزت بعض المعلومات حول نقاش يدور داخل البنتاغون حول مدى جدوى وحق قوات الاحتلال الأمريكى فى القيام بما أطلقت عليه تسمية "عمليات التعقب الساخن" للمتمردين العراقيين داخل الأراضى السورية.

ويشير العلم العسكرى وعلم الحرب إلى وجود العديد من الحروب والوسائط العسكرية وبتعدد ذلك تتعدد المسارح والنماذج وأنماط أجيال الحرب، فهناك الجيل الأول والثانى والثالث من الحروب، أما الجيل الرابع فهو جيل الحرب "اللامتماثلة"..

وهى الحرب التى تخوضها دمشق الآن ضد محور واشنطن- تل أبيب وحلفائه. وتشير دلالة مفهوم الحرب اللامتماثلة إلى الحرب التى تنشأ وتندلع بين طرفين أو أكثر، أو الجماعات. تتميز هذه الأطراف بالاختلاف الكبير فى الاعتبارات المتعلقة بالقوة ويسعى التفكير الاستراتيجى العسكرى المعاصر إلى توسيع هذا المفهوم.

• وسائط المواجهة اللامتماثلة: تركز دمشق على استخدام قدراتها الذاتية والحصول على مساندة حلفائها وأصدقائها ونفوذها الكبير فى الشارع العربى والرأى العام العربى وخطابها الملتزم بمبدأ الحقوق العادلة المشروعة فى مواجهة محور واشنطن- تل أبيب الذى يركز على ازدواجية المعايير واستخدام الإملاءات الوحيدة الاتجاه من أجل توظيف كامل البنيان الدولى فى مواجهة دمشق ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

•توظيف ملف دعم الإرهاب.

•توظيف ملف المحكمة الدولية.

• توظيف ملف حقوق الإنسان.

• توظيف الأدوات المؤسسية المتوافرة لدى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

•توظيف التحالفات الإقليمية والتى بدأت بتجميع المعتدلين العرب.

الحرب اللامتماثلة الدائرة حالياً فى منطقة شرق المتوسط ضد سوريا تدور أيضاً ضد حزب الله وحركة "حماس"، وقد اتسع نطاقها ليشمل إيران.

وسوف ترتفع وتائرها خلال العام الحالى باعتبار أن محور واشنطن- تل أبيب قد دخل حالياً فى مرحلة الأزمة، لأنه لم يستطع إحراز النصر فى الحرب اللامتماثلة، ولا فى الحروب الأخرى الدائرة فى العراق والأراضى الفلسطينية وأفغانستان.

ولأن الفترة الزمنية المتبقية لإدارة بوش أصبحت محدودة بحيث لم يعد أمام هذا المحور سوى تسريع خطوات التصعيد والقيام بالمزيد من العمليات واستخدام المزيد من الوسائط، ومن الأمثلة على حالة العجلة والارتباك التى سادت فى أوساط هذا المحور نجد تزامن قيام الرئيس بوش بفرض العقوبات على سوريا مع حادثة اغتيال عماد مغنية فى دمشق، ومع اقتراب فرض عقوبات جديدة على طهران، فهل ستنجح عملية تسريع إيقاعات الحرب اللامتماثلة فى تحقيق النتائج التى يسعى محور واشنطن- تل أبيب الحصول عليها والمتمثلة فى تنازل سوريا عن الجولان لصالح إسرائيل، وقيام حزب الله بتسليم أسلحته، واعتراف حركة "حماس" بإسرائيل، وتخلى إيران عن برنامجها النووي..؟ أم سيقبل محور واشنطن- تل أبيب تجرع كأس الهزيمة..؟

المصدر
صدى سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى