اقتصاديات

أسعار الحديد في ازدياد

يثير ارتفاع سعر الحديد المبروم بشكل غير مسبوق الكثير من الأسئلة عن واقع الاستثمار في صناعة الحديد في سورية ومستقبلها في ظل الازدياد الملحوظ على طلبها محلياً وفي المنطقة العربية بما يتيح إمكانيات واسعة للتصدير.

ويتوقع أن تبرز مشاريع استثمارية جديدة في هذه الصناعة على جدول أعمال مؤتمر الاستثمار في المنطقة الشرقية الشهر القادم حيث تناقش سبل الاستفادة من المواد الأولية في تلك المنطقة الغنية بالثروات المعدنية بما فيها فلزات الحديد.. وتتيح هذه المناسبة فرصة طيبة للتعرف على واقع صناعة الحديد في سورية واستكمالها بصناعات إضافية تعطيها بعداً جديداً كصناعة استراتيجية لم يكن يحسب لها حساب فيما مضى بعدما كانت مقتصرة على القطاع العام.‏

6 شركات خاصة‏

أثبت القطاع الخاص نفسه هذه المرة عندما دخل في استثمار صناعة حقيقية منذ نحو خمس سنوات ونما خلالها بشكل مطرد لتلبية حاجة السوق المحلي وتصدير قسم لا بأس به إلى الدول المجاورة, ويبلغ عدد معامل الحديد والصلب الخاصة ستة معامل ثلاثة منها في اللاذقية وواحدة في طرطوس والباقي في ريف دمشق, وتبلغ قدرتها الإنتاجية ما يقارب المليون طن حديد سنوياً, غير أن هذه المصانع تستورد معظم احتياجاتها الأولية من مادة العروق من السوق العالمية في وقت تسعى بعضها اعتباراً من هذا العام لإقامة مصنع لصهر الخردة لتأمين هذه المادة الأساسية. وأما شركة حديد حماة وهي الشركة الحكومية الوحيدة فتسعى للاستفادة من خبرتها الطويلة لتطوير مصانعها الأربعة وأهمها مصنع صهر الخردة لتغطية احتياجات مصنع حديد التسليح التابع لها والذي يبلغ إنتاجه السنوي 70 ألف طن مقابل طاقة إنتاجية تتجاوز 100 ألف طن سنوياً, وتعتزم الشركة تطوير هذه الطاقة إلى نحو 400 ألف طن سنوياً لتلبية احتياجات الشركات الخاصة المشار إليها. وإذا أضفنا إلى ما سبق بعض المشاريع الاستثمارية المعلن عنها, فإن حاجة السوق المحلي تبدو محققة خلال السنوات القادمة ونشير هنا إلى المشروع السوري الإيراني لإقامة معل في مدينة حسياء الصناعية بطاقة 800 ألف طن سنوياً وهذا يتيح الباب واسعاً للتصدير إذا تم تنفيذه.‏

بين الأوكراني والسوري‏

وبالعودة إلى حاجة السوق المحلي التي تبلغ 800 ألف طن حالياً فإن الاستيراد تمركز على الحديد الأوكراني لسنوات طويلة والذي اكتسح السوق المحلي منذ التسعينات وحتى عام 2003 وكان الإقبال عليه شديداً وسعره مرتفع إلا أن أن ظهور النوعيات الجيدة والمتينة من الحديد الصيني وبسعر أرخص ساهم في تغيير المعادلة.. واستطاع المستثمرون في القطاع الخاص أن يقلعوا بمشاريعهم وينتجوا حديداً بمواصفات جيدة ونوعيات ممتازة وسعر أقل واشتد التنافس بين المحلي والمستورد حيث لا تزال عقدة المنتج المستورد سائدة عند الكثيرين لكن الوضع بدأ يتغير تدريجياً وزادت الثقة بالمنتج المحلي لتزيد حصته في السوق المحلية على حساب حصة الحديد الأوكراني التي تراجعت إلى أقل من 35% بعد أن كانت تزيد عن 70%.‏

ودعماً للصناعة المحلية وتوفير المادة الأولية لها فقد أصدرت وزارة الاقتصاد قراراً بعدم السماح بتصدير مادة خردة الحديد تحت أي تسمية ومن أي بند جمركي, إضافة الى حصر تصدير مادة خردة المعادن الملونة (نحاس والمنيوم) باصحاب المنشآت الصناعية التي تستخدم هذه المواد كمادة اولية في صناعتها بحيث لا تزيد عن نسبة 10% بموجب تعهد باعادة القطع وهذا ايضا يثير موضوع تدوير النفايات الصلبة للاستفادة من مخلفاتها في الصناعة المحلية بمختلف فروعها.‏

ارتفاع الاسعار‏

ولئن كان ارتفاع اسعار الحديد العالمي من نحو 450 دولاراً للطن الى 750 دولاراً في مطلع هذا العام يطرح نفسه بقوة لتطوير صناعة الحديد المحلية من الاعتماد على المادة الاولية المستوردة الى توفيرها محليا فانه من المهم معرفة مايجري على الساحة العالمية واسباب هذا الارتفاع الحاد لتحسين موقعنا ونخطط لمستقبل هذه الصناعة الناشئة حديثا.‏

ولو نظرنا الى الصين المورد الاول فان انتاجها هذا ا لعام سيصل الى 530 مليون طن بعدما كانت تنتج نحو 500 مليون طن العام الماضي غير ان ارتفاع اسعار الشحن وفرض ضرائب على الصادرات وارتفاع قيمة العملة الصينية بالنسبة للدولار ادى الى تراجع معدلات التصدير التي كانت بحدود 50 مليون طن سنويا مما يشكل فراغا في السوق العالمية رافقه ازدياد الطلب العالمي على الحديد بكل انواعه…..‏

من جهة ثانية تشكل الاسواق العربية احدى اكثر المناطق العالمية جذبا لمستوردات الحديد بسبب حجم الاستهلاك وعدم قدرة الانتاج المحلي لسد هذا العجز حيث بلغ انتاج الدول العربية نحو 21 مليون طن سنويا واستوردت نحو 25,6 مليون طن.‏

لا تأثيرعلى العقارات‏

وفي الوقت الذي استبعد فيه المحللون واصحاب المصانع ان يؤثر ارتفاع سعر الحديد الجديد من نحو 34 الف ليرة للطن العام الماضي الى نحو 40 الف ليرة هذا العام ان يؤثر على اسعار العقارات لان كلفة الحديد لا تشكل الا 6% فقط من كلفة الانشاء.‏

فان توازن السعر في السوق المحلي امر مهم للغاية في استقرار الاسواق بما فيها سوق العقارات ذاتها ونشير هنا الى دور مؤسسة (عمران )الحكومية لتجارة مواد البناء الذي يقتصر حاليا على تلبية حاجات القطاع العام من مواد الحديد ومواد البناء باقل الاسعار الممكنة وضمن المواصفات القياسية السورية حيث يتم توريد الحديد لها بالامانة من قبل التجار ومعامل القطاع الخاص بينما يعتذر معمل حديد حماة عن تزويدها باحتياجاتها.‏

وتؤكد مؤسسة عمران ان هناك لجاناً لسبر الاسعار في فروعها بالمحافظات تتابع رصد اسعار مواد البناء بشكل دوري وبمعدل مرتين اسبوعيا وتم خلال العام الماضي بيع نحو 8 الاف طن من الحديد اضافة لاستبدال دوري لجزء من المخزون الاستراتيجي في مستودعاتها حفاظا على مواصفاتها الاساسية من جهة ولخلق حالة توازن سعري مقبول في الاسواق من جهة ثانية.

المصدر
جريدة الثورة السورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى