أخبار البلد

الاسد وعقيلته في مأدبة عشاء تكريماً للرئيس غل والسيدة عقيلته

أقام السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته مأدبة عشاء تكريماً للرئيس عبد الله غل رئيس الجمهورية التركية والسيدة عقيلته حضرها أعضاء الوفدين الرسميين وكبار المسؤولين في الدولة وعدد من الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية.
وألقى السيد الرئيس كلمة خلال المأدبة جاء فيها .. يسعدني في هذه الأمسية أن أرحب وعقيلتي وكل مواطن سوري بكم أخي الرئيس وبعقيلتكم وبأعضاء وفدكم ضيوفاً كباراً في بلد يحمل لكم ولشعبكم كل مشاعر المحبة والأخوة الصادقة.

ومنذ لقائنا الأول معكم في دمشق بداية عام 2003 حتى اليوم فإن العلاقات الثنائية تشهد تطوراً لافتاً جداً أنجزنا خلاله خطوات واسعة في المجالات كافة واستطعنا بفضل الإرادة المشتركة والثقة المتبادلة بين شعبي وقيادتي البلدين أن نصبح فعلاً نموذجاً يحتذى به في شكل العلاقات بين الدول.

تمكنا بفضل تعاوننا الوثيق من الوقوف في وجه المحاولات العديدة لخلق فجوة بين مواقفنا

وعندما بدأت الغيوم السياسية تتلبد في بداية هذا العقد في العالم بشكل عام وفي منطقتنا بشكل خاص رافقتها حالة من التشوش وضبابية الرؤيا انعكست اضطراباً في مواقف معظم الدول في التعامل مع قضايا معقدة مزمنة كانت تزداد تعقيداً في كل يوم ولم يكن من السهل تحديد مواقع الدول المختلفة على خريطة سياسية مضطربة غير ثابتة إلى أن أتت مرحلة التحضير لحرب العراق لترسم الحدود على تلك الخريطة فكان موقف البرلمان التركي الرافض للحرب ولاستخدام الأراضي والأجواء التركية في عدوان على دولة مستقلة موقفاً مشرفاً يعبر عن رغبة الشعب ويؤكد استقلالية القرار ومن البديهي أن يكون هذا الموقف محل تقدير كبير في سورية بشكل خاص كبلد مجاور لتركيا وللعراق في آن واحد.

ولم يكن أقل تأثيراً وتقديراً لدى كل مواطن عربي موقف الشعب التركي ودولته من العدوان الإجرامي الإسرائيلي الأخير على الفلسطينيين في غزة وقد كانت المسيرات العفوية وخاصة مسيرة اسطنبول خير تعبير عن الموقف السياسي وعن العاطفة الإنسانية لشعب شقيق.

وتمكنا بفضل تعاوننا الوثيق من الوقوف في وجه المحاولات العديدة التي تمت بهدف خلق فجوة بين مواقفنا ومن ضمنها الضغوطات التي تعرضت لها تركيا من أجل المشاركة في محاولات ضرب الاستقرار في سورية وعزلها في الأعوام القليلة الماضية ونجحنا في إعطاء العلاقة زخماً أكبر واقتربت المواقف أكثر في وقت رضخ فيه كثيرون في العالم لتلك الضغوطات وذلك لأننا فهمنا بأن أحدنا يكون بخير عندما يكون الآخر بخير بفعل الجغرافيا والتاريخ والمصالح والعواطف وغيرها.

انطلاقاً من ذلك بنيت ثقة كبيرة بيننا شكلت المدخل الأساسي لتكون تركيا الدولة الوحيدة التي تمكنت من لعب دور هام جداً في إطلاق عملية السلام في العام الماضي والذي جعل الكثيرين في العالم يتساءلون عن سر النجاح حيث فشل الآخرون.

نمتلك الإرادة والقرار والسيادة لأننا أصحاب هذه المنطقة والأقدر على حل مشاكلها

هذه العناوين قليلة لكنها عميقة التأثير وهي تكفي لتدل على أهمية دور تركيا وسورية في المنطقة وعلى تأثير التعاون بينهما على الاستقرار فيهما فبالرغم من العناصر القاتمة في الصورة الشرق أوسطية إلا أنها كانت ستكون أكثر قتامة من دون هذا التعاون وزيادة وتيرته ستعزز البقع المضيئة إلى أن يصبح المربح أكثر من الخسارة وهذا ما سنصل إليه بكل تأكيد طالما أننا نمتلك الإرادة والقرار والسيادة لأننا أصحاب هذه المنطقة والأقدر على حل مشاكلها بدلاً من انتظار الغير للقيام بذلك ولا يمكن لنا أن نطمئن للمستقبل طالما بقيت القضية العراقية أو الأراضي المحتلة في سورية ولبنان وفلسطين من دون حل وإذا كانت الدول الموجودة خارج الشرق الأوسط قد بدأت تشعر بخطورة هذه القضايا عليها فالآحرى بنا أن نشعر بخطر أكبر يحدق بنا.

من هنا فإن الوقوف إلى جانب العراق من أجل استعادة عافيته هو أمر حيوي من خلال دعم عملية المصالحة التي تشكل أساس وحدة الأراضي العراقية وتؤدي إلى انسحاب أخر جندي أجنبي من العراق.

أما فيما يتعلق بموقفنا من السلام فتمسكنا به ثابت كتمسكنا بعودة كامل أراضينا المحتلة وتركيا لاعب أساسي لا يمكن تجاوزه في أي عملية سلام قد تنطلق في المستقبل عندما يتوفر شريك لا نراه حتى هذه اللحظة.

وتمسكنا بالجولان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بوقوفنا إلى جانب استعادة الحقوق والأراضي الفلسطينية كاملة بما فيها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم.

السيد الرئيس .. في الختام أجدد ترحيبي بكم في بلدكم الثاني سورية وأنا على ثقة مطلقة بأن قطار التعاون الذي انطلق لن يتوقف متمنياً لكم وللشعب التركي الصديق دوام التقدم والازدهار.

بدوره ألقى الرئيس غل كلمة قال فيها …

في مستهل كلمتي أود أن أعبر عن بالغ سعادتي بزيارة الجمهورية العربية السورية الصديقة تلبيةً لدعوة كريمة من قبل الأخ الفاضل صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد كما أود أن أعبر عن الشعور الدافئ الذي غمرنا خلال هذه الزيارة ولما حظينا به من كرم ضيافة جعلنا نشعر وكأننا لم نفارق بيوتنا.

تستمد العلاقات التركية السورية قوتها من التاريخ المشترك الممتد الى مئات السنين إضافة للقيم الثقافية المشتركة وأواصر الأخوة بين الشعبين الكريمين.

سورية هي بوابة تركيا إلى الشرق الأوسط وتركيا هي بوابة سورية إلى أوروبا وبالتالي فإن تطور هذه العلاقة القائمة سيساهم دون أدنى شك في تحقيق السلام والرخاء لدولنا والمنطقة أجمع هذا التسارع في التطور الذي تشهده علاقاتنا مستمر من خلال الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات والتي توجت بزيارة فخامة الرئيس لنا في عام 2004 .. إن هذه اللقاءات المتبادلة تعكس التقارب والدفء المستمر في هذه العلاقات.

حققت الصادرات السورية إلى تركيا زيادة بنسبة 70%

لقد سجلت العلاقات الاقتصادية والتجارية فيما بيننا تطوراً هاماً وبشكل يواكب التطور الذي شهدته علاقاتنا السياسية حيث حققت الصادرات السورية إلى تركيا زيادة تجاوزت نسبتها 70 بالمئة كما ازدادت الصادرات التركية إلى سورية بنسبة 40 بالمئة وذلك بعد البدء بتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة التي أبرمت عام 2007 كما وصل حجم التبادل التجاري في نهاية عام 2008 إلى ما يقارب ملياري دولار .. وأود هنا أن أعبر عن سروري البالغ لما آلت إليه العلاقات الاقتصادية.

إن برنامج التعاون الإقليمي المشترك الذي يشمل مناطقنا الحدودية والذي تمت المباشرة به مطلع عام 2006 يعد خير برهان على سير مشاريعنا المشتركة والتقدم الذي حققته.

تركيا تهدف لأن تكون قوة ايجابية لتحقيق الاستقرار والسلام الاقليمي والدولي

أخي العزيز … السادة الضيوف إن تركيا تهدف لأن تكون قوة إيجابية لتحقيق الاستقرار والطمأنينة والسلام الإقليمي والعالمي حيث تواصل جهودها الحثيثة بكل جدية وعزم نحو هذا الاتجاه .. ومن جانب آخر ومع الأسف فإن المشاكل أيضاً لاتزال مستمرة في منطقة الشرق الأوسط إذ أن هذه المنطقة التي تجمعنا وأياها القيم التاريخية والثقافية والاجتماعية المشتركة لم تنعم بالسلام والاستقرار بسبب الصراعات المستمرة منذ العديد من السنوات.

إن قضية فلسطين تنتظر الحل العاجل كما أن مصاب الشعب العراقي ترك فيناً أثراً وجرحاً عميقين ومن جهة أخرى فإن تهديد انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب يشكل قلقاً مشتركاً في منطقتنا.

وينبغي على المجتمع الدولي وعلى جميع الاطراف المعنيين في منطقتنا أن يتحركوا بروح من التضامن والتعاون المشترك لدفع المخاطر والتهديدات وإزالتها وإيجاد الحلول العادلة والدائمة للمشاكل السائدة في منطقتنا.

سورية تعتبر بمثابة مفتاح لتحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة

إن سورية تعتبر بمثابة مفتاح لتحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة كما أن لمساهماتها في التوصل لحلول المشاكل في المنطقة أهمية بالغة وبالتالي فإن حظوظ النجاح في البحث عن حلول من خلال تجاوز سورية والابتعاد عنها تعتبر ضئيلة للغاية ونحن في تركيا أكدنا دائماً على ضرورة انخراط سورية في هذا الأمر وليس العمل على عزلها.

وفي هذا الإطار فإننا نرحب بارتفاع وتيرة الاتصالات الدبلوماسية بين الدول الغربية والولايات المتحدة مع سورية ونتوقع أن تثمر هذه الاتصالات عن نتائج إيجابية وطيبة .. إننا على ثقة بأن استمرار المباحثات غير المباشرة والتي بدأت العام الماضي بطلب من سورية واسرائيل ومن خلال الجهود التي بذلتها تركيا والتي علقت بسبب تطور الأحداث في قطاع غزة ستساهم بشكل هام في تحقيق السلام المنشود في المنطقة ومن هنا نعرب في تركيا عن استعدادنا للاستمرار في هذه المساهمة في إطار الطلب من الجانبين.

كما أود أن أعبر عن سعادتنا إزاء التقارب الذي حصل في الآونة الأخيرة بين الدول العربية وكلنا ثقة بأن هذا التقارب سيسهم اسهاماً هاماً في تحقيق السلام والرفاه في المنطقة.

كذلك فإن التطبيع الذي جرى في العلاقات السورية-اللبنانية يبعث على الأمل في تحقيق السلام في المنطقة … وفي هذا الإطار رحبنا في تركيا بإقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء بين البلدين.

إننا نولي اهتماماً وحرصاً خاصين لمفهوم تحالف الحضارات وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة في إطار هدفه القائم على إزالة الحساسيات والمفاهيم الخاطئة وتبني ثقافة التسامح وقد شكل الملتقى الثاني الذي عقدناه في اسطنبول ما بين 6- 7 نيسان 2009 بمشاركة السيد وليد المعلم وزير الخارجية خطوة هامة للوصول إلى هذا الهدف.

أخي العزيز .. حضرات الضيوف .. أود أن أؤكد على سرورنا البالغ لما آلت إليه علاقاتنا النموذجية والتي نعمل على متابعتها بكل غبطة وبكل حرص وإصرار .. وعلينا أن نتوج هذا التطور بخطوات ملموسة ومن خلال الاستمرار بإقامة المشاريع المشتركة.

إنني على ثقة بأن زيارتي هذه ستعزز صداقتنا الشخصية القائمة بيننا وتسهم في ترسيخ علاقات الأخوة بين بلدينا.

أتقدم إليكم بعميق شكري وامتناني لدعمكم الهام للصداقة التركية-السورية ولما رأيناه أنا وعقيلتي والوفد المرافق من حسن ضيافة وحفاوة في الاستقبال خلال هذه الزيارة.

وفي الختام أتمنى لسيادتكم دوام الصحة والسعادة والرفاه والرخاء للشعب السوري الصديق والشقيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى