اقتصاديات

العلامات التجارية المزورة تغزو الأسواق

تتكشف في كل يوم تداعيات كثيرة للأزمة السورية، فالظواهر السيئة التي كانت موجودة قبل الأزمة تطورت وبلغت أشدها حالياً، ويعدّ تلاعب الباعة والمزورون بالعلامات التجارية من أبرز تلك الظواهر، ولكن المواطن استطاع كشف عمليات التزوير في أوقات كثيرة دون أن يؤثر في و
غزت البضائع الصينية الأسواق السورية وأصبحت هي البضاعة رقم واحد من حيث التواجد في السوق المحلية، لدرجة أن المواطن السوري اعتاد خلال فترة من الفترات على قراءة عبارة "made in china" على معظم المواد، إلا أن هذه الحقيقة لم تكن بمجملها مفيدة للمواطن.
وقال (غيث.ش)، والذي يعمل كتاجر في مدينة حماه لـ"الاقتصادي": "منذ أن دخلت البضاعة الصينية للسوق لم يعد أحد يشتري غيرها، فرخص ثمنها ومواكبتها للجديد جعلها الأولى، إلا أن كثيرين من مستوردي البضائع الصينية أصبحوا يقومون بشراء بضائع ذات جودة قليلة جداً حتى يغطوا احتياجات السوق، وهو ما استغله بعض التجار لإيهام المواطن المستهلك بأنها بضائع بجودة عالية"، وأضاف "ساعد في ذلك وجود العلامات التجارية في الأسواق السورية مثل adidas وpuma وغيرها من الماركات ذات الصناعات المتميزة".
كما انتشرت بضائع الصناعات المحلية وخصوصاً الحلبية في السوق مواكبةً رخص وحداثة البضائع الصينية، وهو ما جعل بعض التجار يقومون أيضاً باستغلالها مستفيدين من علامات تجارية مزورة في هذه المرة مثل "adidos" بدل "adidas" و"zuma" بدل "puma"، وغيرها الكثير من الماركات التي لا يمكن حصرها.
وأدرك مواطنون سوريون كثر هذه الحقائق واستطاعوا تمييز الأصلي من المقلد، خصوصاً أن العلامات التجارية الأصلية كانت متواجدة بكثرة في الأسواق قبل الأزمة في سورية.
التلاعب أصبح ثقافة سوق
واختلفت الموازين خلال الأزمة، فالعقوبات الاقتصادية والحرب الدائرة في سورية فرضت صعوبات كثيرة على استيراد وتوزيع وبيع البضائع في الأسواق، وهو ما دفع الحكومة السورية أولا وتجار السوق ثانياً للسعي في سبيل تغطية حاجات السوق المحلية ومتطلباتها، إلا أن هذه التغطية لم تتناسب بالجودة مع حاجات السوق والمستهلك الحقيقية.
وعلّق (أبو عبد لله)، أحد قاطني دمشق، على هذا الموضوع قائلاً: "إن الكثير من حاجاتنا المنزلية والعائلية لا نشعر بقيمتها، فعندما أنزل إلى السوق لشراء فوط أطفال مثلاً لابني الصغير، أجد الكثير من الأنواع وخصوصاً الفوط بالمفرق، ولكنها جميعها ليست صحية، وكأنها مصنوعة لغير الاستعمال البشري، وحتى الفوط ذات العلامات التجارية المميزة أصبحوا يزورونها، والكثير أيضاً من أنواع الشامبو باتت بشكل خارجي فقط وليس لها أي جودة بالمضمون".
وتابع قوله: "من خلال تجربتي كربّ أسرة أقوم بالشراء دائماً للكثير من المواد في السوق بعناية وباهتمام بمصدرها، إلا أنني اكتشف عند الاستعمال أنها مزورة وجودتها منخفضة".
في حين قالت (أم بانة) التي تقيم في طرطوس: "في كل مرة اشتري لابنتي الصغيرة مشتريات كالبسكويت وغيرها اكتشف أنها تقل في حجمها وتتغير في جودتها ورغم كل ذلك ترتفع في سعرها، على الرغم من كونها من علامات تجارية معروفة، فهل هذا معقول؟".
وتتابع أم بانة "رفعوا أسعار المواد، فهمنا، وقللوا من حجم المواد أيضاَ، أما أن يقوموا بتقليل مواصفات المواد فهذا كثير، ولم يعد يمكن السكوت عنه".
كما تحدث (محمد.ع)، وهو مواطن من حماه، حول هذا الموضوع قائلاً: "أقوم بشراء الكثير من المواد يومياً من السوق، إلا أنني اعتدت على أن يكون هنالك غش في بعضها وهو ما لا يدفعني للاستغراب، فالتجار والبائعون اعتادوا على بيع أي شيء حتى لو لم يكن حقيقياً بقيمته مقابل أن يحصلوا على المال طبعاً إلا القليل منهم، وبكوني اشتري معسل الاركيلة دائماً، لاحظت أن من بين كل ثلاث علب حقيقية في محتواها هنالك علبة على الأقل مغشوشة".
لا يمكن ضبط جميع الحالات
وتعمل "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" على موضوعي الأسعار المرتفعة بغير مبرر والمواد المغشوشة أو المزورة، كما تسعى أيضاً لتفعيل دور للمواطنين المستهلكين باعتبارهم معنيين بمسألة التلاعب والغش.
وقال مدير أحد الشعب التابعة لوزارة التجارة الداخلية نور الدين سليمان: "دورياتنا تقوم بشكل مستمر بالعمل في السوق، ونقوم بإغلاق المحلات المخالفة وأخذ عينات للمواد بشكل دائم وتغريم المخالفين، إلا أنه ضمن الأحداث لا يسعنا سوى العمل في مناطق محددة وضمن النهار وهو ما يجعل العبء الأكبر في هذه المرحلة يقع على المواطن، فعليه أن يتحد معنا بشكل فعلي ويبلغنا بشكل مستمر عما يحدث، عن أي مخالفات يراها أو يسمع عنها حتى نقوم بمتابعتها، وهذا يعني تعزيز ثقافة حماية المستهلك بين المواطنين أنفسهم وبين المواطن ووزارة حماية المستهلك".
وأضاف "نبحث في الوقت الحالي إمكانية زيادة المخالفات المادية للمخالفين حتى نتمكن من ردعهم، وردع كل من يفكر في المخالفة، فبعض المخالفات المالية يدفعها صاحب المحل أو المركز التجاري من دون أن يكون لديه مشكلة باعتبارها من طرف الجيبة".
وكان "الاقتصادي" نشر خلال آذار الماضي تقريراً بعنوان "مواد تجميل مزورة بإتقان في الأسواق وسعرها الزهيد يفضحها"، إذ تحدث التقرير عن انتشار البضائع المزورة في سورية بشكل عام، وانتشار مواد التجميل المزورة بشكل خاص.
يذكر أن "مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق" كانت قد ضبطت خلال العام الماضي نحو 2400 عبوة شامبو ومسحوق غسيل مقلدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى