لايف ستايل

عملية تصغير المعدة اثبتت فوائدها الطبية الرائعة؟

الدراسة الحديثة للباحثين من جامعة ستانفورد التي قدمت بداية الشهر في مؤتمر المجمع الأميركي لعمليات المعدة لعلاج السمنة في أورلاندو بفلوريدا بينت فوائدها على القلب فاقت كل التوقعات،
فلقد عادت إلى المعدل الطبيعي لدى المرضى نسبة كل من الكوليسترول والهوموسستين وبروتين الدهن ـ أي والأهم انخفضت نسبة بروتين ـ سي التفاعلي بمقدار 50%، وهي كلها مؤشرات يرتبط ارتفاعها بارتفاع نسبة الإصابة بأمراض الشرايين والتي لا يوجد إلى اليوم من وسائل العلاج على أنواعها ما يقلل نسبتها بهذا القدر والسرعة.

وهذا ما دفع الدكتور «براندون وليمس» أحد الباحثين المشاركين في هذه الدراسة إلى القول ان هذه النتائج تظهر بجلاء أن من يصنف العملية على أنها مجرد عملية تجميل، يفتقر إلى الفهم السليم، فالنتائج تشير إلي فوائد صحية حقيقية للعملية. وأشارت قبل أيام دراسة الباحثين من جامعة أمري باتلانتا في ولاية جورجيا الأميركية المنشورة في مجلة مدونات الجراحة الأميركية إلى أن العملية لا تصغر حجم المعدة فقط، بل تقلل من نسبة هرمون الغريلين المسؤول عن إثارة الإحساس بالجوع لدى الإنسان. ويظل موضوع جراحة المعدة من المواضيع الساخنة لدى الناس نظراً للتباين الشديد في الآراء حولها وفي مشهد كاريكاتوري تتقابل النتائج الباهرة إزاء المعاناة الكبيرة للمرضى جراءها، فدعونا نراجع بعضاً من جوانبها.

علاج السمنة:
تؤدي عمليات المعدة إلى نقص وزن الجسم عبر مبدأين، أحدهما جعل المعدة أصغر حجماً، والآخر تجاوز مرور الطعام من خلال أجزاء الأمعاء التي تمتص غالب المواد الغذائية. ولتطبيق أحد أو كلا هذين الأمرين فإن هناك العديد من أشكال العمليات الجراحية، منها ما هو معقد ومنها ما هو بسيط لكنها كلها تحمل من المشاكل الصحية ما يملي التأني في إجرائها برغم الفوائد الجمة لها. المعدة بالأساس وعاء لتقبل كمية الطعام المتناولة، يتوقف الإنسان عن الأكل حينما تمتلئ، وكلما تناول المرء كميات كبيرة من الطعام كلما كبر حجمها ويغدو لسان حالها حينئذ: هل من مزيد؟!

وبالتالي يزيد وزن الجسم. وتصغير حجم المعدة يعتمد على نظرية سليمة تقول كلما قلت كمية الطعام المتناولة كلما نقص الوزن وأسهل طريق لهذا إن لم يفلح الإنسان في تحقيقه بنفسه هو جعل حجم المعدة صغيراً فلا تتقبل كمية كبيرة من الطعام مهما حاول المرء ذلك. ولتصغير حجم هذا الوعاء ليس من الضروري إزالة جزء منه وإلقائه خارج الجسم، بل يكفي أن يتم وضع حزام أياً كان كي يجعل حجم جزء المعدة الذي يتلقى الطعام مباشرة صغيراً فينتج لدينا ما يسمى بالمعدة الوظيفية الفعلية بدل كامل حجم المعدة الأصلية.

وإذا ما تم إضافة إلى هذا تحويل مسار الطعام بعيداً عن أجزاء الأمعاء المتخصصة بامتصاص المواد الغذائية فيه فإن نقص الوزن يتحقق بشكل أكبر.

*أنواع العمليات:
1ـ تدبيس وتحزيم المعدة: و هنا تعتمد العملية على تصغير حجم جزء المعدة المتلقي للطعام عبر طريقتين، الأولى وضع حلقة من مادة السيلكون حول الجزء العلوي من المعدة بواسطة المنظار الجراحي. ويمكن للجراح إزالة الحلقة متى ما شاء المريض ذلك أو دعت إليها الحاجة، كما يمكن للطبيب توسيع ضيق الحلقة متى ما اشتكى المريض من ضيقها.

والطريقة الثانية تجرى عبر فتح البطن أو بالمنظار الجراحي وفيها يتم أمران، الأول وضع حزام بلاستيكي حول أعلى المعدة والثاني تدبيس أجزاء المعدة التي تلي الحزام كي يتم تشكيل مجرى جديد للطعام يعبر من خلاله مباشرة إلى الأمعاء الدقيقة أي دون أن يتم خزنه في المعدة. وتجب ملاحظة أن التدبيس قابل للتخلخل والحلقة قابلة للقطع على المدى الطويل، وأن نتائجها أضعف في إحداث نقص الوزن بشكل سريع وكبير، لكنها لا تحرم الإنسان من فائدة الأمعاء في امتصاص المواد الغذائية، كما ويمكن تكرار وضع الحلقة أو التخلص منها.

2ـ عملية تجاوز الأمعاء وتصغير حجم المعدة في آن واحد إما عبر فتح البطن أو بالمنظار الجراحي، وهي الطريقة الأكثر شيوعاً اليوم في العالم بالرغم من أنها تغير كثيراً في شكل الجهاز الهضمي بما لا يمكن إعادته مستقبلاً وتحرم الإنسان من امتصاص الأمعاء للمواد الغذائية المهمة كالمعادن والفيتامينات. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً في سرعة وكمية نقص الوزن. لكنها عملية أكبر من عمليات تركيب الحلقة في أعلى المعدة وتحمل من الخطورة ما هو أكثر.

3ـ بالون المعدة: وهي طريقة تعتمد وضع بالون في المعدة يجعلها ممتلئة ولا تسمح للمرء تناول كميات كثيرة من الطعام، ونتائجها مخيبة للآمال ولا تنصح بها العديد من المراكز المتقدمة طبياً في العالم، وتكثر نتيجتها قروح المعدة وانسداد الأمعاء.

المخاطر:
* يحتاج إجراء هذا النوع من العمليات إلى قرار جاد ومدروس من قبل المريض والطبيب معاً، لأننا لا نتحدث عن عملية إزالة للسمنة يخرج بعدها المريض بوزن طبيعي من المستشفى كما في سحب الدهون من مناطق الجسم المختلفة، بل عن وضع المريض في حالة خاصة لمدة طويلة قد تستمر طوال حياته تجبره على الحد بشكل كبير جداً من الكمية التي تعود تناولها من الطعام دون الإبقاء على أي خيار آخر أمامه، هذا من جانب ومن جانب آخر الفوائد التي أقل ما يقال فيها أنها عظيمة جداً ومدهشة جداً كما سيأتي.
الفوائد:
* الوزن: سيفقد معظم المرضى حوالي 80% من الوزن الزائد، ويستمر النقص لمدة سنتين بعد العملية، ثم ربما يحصل شيء من التحسن في الوزن بعد 3 إلى 5 سنوات.
ـ ارتفاع الكوليسترول: 80% أو أكثر من المرضى تعود نسبة الكوليسترول لديهم إلى المعدل الطبيعي خلال 3 أشهر.
ـ ارتفاع ضغط الدم: 70% يعود ضغط الدم لديهم إلى المعدل الطبيعي خلال 3 أشهر، ولا تبقى هناك حاجة إلى تناول الدواء لدى الكثيرين منهم أو تقل الحاجة إلى كمية الجرعات السابقة للعملية، ما يعني التخلص من آثارها الجانبية.
ـ مرض السكري: 90% من مرضى النوع الثاني من السكري يتحسن حالهم خلال أسابيع والكثيرون منهم يتخلصون من الحاجة إلى أدوية السكر أو إبر الأنسولين، وكذلك الحال في مضاعفاته. والحقيقة لا يوجد من وسائل علاج السكر ما أعطى مثل هذه النتائج.
ـ امراض القلب: كذلك تتحسن وهو ما أكدته دراسات هذا العام وآخرها صدر هذا الشهر.
ـ مرضى توقف التنفس أثناء النوم ومرضى الربو وقصور أداء الرئة: كذلك يتحسن الحال لديهم.
ـ سلس البول الناتج عن السمنة وكبر حجم البطن وآلام المفاصل الناتجة عن ضغط الوزن عليها، كلاهما يتحسنان أيضاً بشكل كبير. إن حصول كل هذه الفوائد يؤكد بالتجربة على البشر لأول مرة بعد بدء إجراء هذه العمليات حقيقة ساطعة أن كثرة الأكل سبب في كل ما تحسن بعد العملية، وهو ما يجب أن يكون محل اعتبار لمن تأمل.

الآثار الجانبية:

* مخاطر العملية الجراحية كالتخدير وغيره مما هو عام في أي جراحة، ونسبة الوفاة ضئيلة في هذه العمليات لدى نتائج المراكز الجيدة.

ـ مخاطر تقنية تصل نسبة حصولها حوالي 20%، تظهر بعد العملية وتتعلق بتماسك الحزام وثباته في حال عمليات تركيب الحلقة وحصول تسريبات داخل البطن من المعدة وغيرها مما يتوجب إعادة الجراحة، وهذه الأمور تعتمد بالدرجة الأولى على مهارة الجراح وخبرته.

ـ أحد أكثر الآثار الجانبية شيوعاً هو تكرار القيء بسبب التجاوز في تناول حجم كمية الطعام التي تستطيع المعدة في «حلتها الجديدة» بعد تركيب الحزام أو الحلقة أن تتقبله أو نتيجة لعدم مضغ الطعام بشكل جيد. إضافة إلى الإسهال وآلام البطن وكثرة الغازات وغيرها.
ـ كثرة وسهولة الإرهاق والإعياء وحالات الإغماء التي كما أشارت بعض الدراسات الحديثة أنها بسبب نقص السكر في الدم.
ـ زيادة احتمال تكون حصاة المرارة بنسبة عالية مما يستوجب استئصالها حينها، وربما يقي من هذا تناول حبوب تحتوى أملاح المرارة خلال الستة أشهر الأولى بعد العملية.
ـ 30% منهم تظهر عليهم أعراض نقص بعض العناصر والفيتامينات الضرورية، كنقص الحديد وفقر الدم تبعاً لذلك، ونقص الكالسيوم بما ينتج عنه هشاشة العظام وغيرها من أمراض العظام، ونقص فيتامين «بي ـ12» ويمكن التغلب على هذه الآثار في الغالب بتناول حبوب المعادن والفيتامينات ربما مدى الحياة.
ـ النساء في سن الإنجاب يجب عليهن الامتناع عن الحمل لمدة لا تقل بحال عن سنتين أو أكثر لأسباب تتعلق بالتغذية وقدرة الأم على إنجاب أطفال كاملي النمو.
ـ تجنب تناول الأسبرين والحبوب الأخرى المخففة للآلام والمضادة للالتهابات كالبروفين والفولتارين وغيرها من أدوية المفاصل نظراً لتكون قرح المعدة بشكل أكبر.
ـ تجنب التدخين لأنه يزيد من نسبة الإصابة بقرحة المعدة بصفة أكبر من تأثيره على معدة من لم يجروا العملية. السمنة مشكلة والاستمرار بها في مشوار الحياة أمر محفوف بالمخاطر ووضع حل لإزالتها مطلب ملح وممارسة الحمية والرياضة يجدي كثيراً، وأقوى دليل على هذا هو عمليات المعدة لإنقاص الوزن، إذْ لو كانت الحمية الاختيارية لا تجدي لما أثبتت الحمية الإجبارية فائدة ذلك.
إن الرسالة الواضحة أن كل العمليات هي تجارب علاجية، فلقد تطورت خلال السنوات الخمس الماضية بشكل سريع والجراحون ما زالوا يبحثون عن أفضلها والعملية تحدث تغيراً كبيراً في الجهاز الهضمي لا عودة عنه، والحكيم من وعظ بما يري، فما نراه كلنا هو أن قطع تناول الطعام ينقص الوزن لا محالة وبلا أدنى شك، فلماذا لا يبادر المرء إلى عمل هذا بنفسه دون أن يضع نفسه في زنزانة عمليات المعدة؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى