صحافة أجنبية

تركيا في ورطة

رأت صحيفة “الفايننشال تايمز” في افتتاحيتها عند حديثها عن تصاعد حدة التوتر بين تركيا وسوريا، إن “حادثة سقوط قذيفة سورية على بلدة أكاكالي التركية الأربعاء وتسببها بمقتل خمسة أشخاص يجب ألا تكون مقدمة للحرب بين البلدين”.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن "الحادث ورد الفعل التركي عليه شكلا معا الإنذار الأخطر حتى الآن بأن نار الحرب في سوريا قد تمتد لتتسبب باندلاع حريق نزاع إقليمي يشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها".
وأوضحت الصحيفة: "انه ومع ذلك، فإن الهجوم، الذي يبدو أنه نجم عن معركة شرسة للسيطرة على مناطق حدودية، يجب ألا يُنظر إليه على أنه مقدمة لحرب في المنطقة".
وشددت الصحيفة على انه "ليس هنالك أي مصلحة لا لسوريا ولا لتركيا بالتورط بصراع واسع النطاق، فتركيا تدرك تمام الإدراك وجود عداء شعبي لديها حيال أي حرب مع سوريا".
ورأت أن "العديد من الأتراك يعزون التصعيد العسكري الذي حدث مؤخرا بين القوات الحكومية والمتمردين الأكراد إلى الموقف العدائي لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تجاه سوريا ".
وعلى الرغم من أن الصحيفة لا ترى الحل أيضا "بعدم اتخاذ أي عمل أو قرار حيال استهداف بلدة أكاكالي التركية"، وأنها تؤكد أن "لا أحد يريد لحرب مدمرة جديدة أن تندلع في المنطقة"، إلا أنها تعتقد في الوقت ذاته أن "وقف عمليات القتل في سوريا قد يكون هو السبيل الوحيد لتجنب حدوث عواقب وخيمة للمأساة في المستقبل".
و نشرت صحيفة "الديلي تلغراف" مقالا بعنوان "يجب الاحترس من اللعبة الكبيرة لتركيا".
و أشارت الصحيفة الى انه "بالكاد يستطيع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن يزعم بأنه طرف بريء عندما يتعلق الأمر بإذكاء نيران صراع يمكن أن يشعل حريقا في المنطقة برمتها.
وأضافت أنه على مرِّ أكثر من عام ظلت تركيا تلعب الدور القيادي في حملة ترمي للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد".
وأضافت الصحيفة البريطانية "لقد عملت تركيا بشكل وثيق مع عدد من الدول الخليجية، كالسعودية وقطر، التي قطعت على نفسها التزاما بتخليص دمشق مما تصفه بالزمرة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، إذ دأب الأتراك على التنسيق بشكل حذر على تقديم الدعم الدولي لقوى المعارضة السورية".
وحذرت الصحيفة في ختام مقالها الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي "الناتو" من مغبة توريط أنفسهم في صراع "يساعد فقط بدفع المخطط الإسلامي للزعيم التركي أردوغان قدما إلى الأمام".
بدورها، نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية على صفحات الرأي والتحليل مقالا بعنوان "الانجرار إلى المستنقع"!، في خلاصة رؤية للمخاطر التي ينطوي عليها الموقف التركي حيال الأزمة الراهنة في سوريا.
ورأى المقال أن تركيا "تخاطر بالانجرار إلى أتون صراع هي لا تستطيع الهروب منه، وذلك على عكس الولايات المتحدة والسعودية".
وأضافت الصحيفة أن "تركيا تواجه خطر الانجرار عميقا إلى المستنقع السوري".
وقالت الصحيفة" إن المزاج في البلاد كئيب وحزين بعد عبور تلك القذيفة للحدود وفقدان أرواح على الجانبين بسببها. فخلال الأشهر القليلة المنصرمة، استبدل تدريجيا ذلك الحماس الذي قارب ذات يوم حد الإجماع للدعم الذي قدمته تركيا للمعارضة السورية وحلَّ مكانه مزاج أقرب إلى حالة التأمل. فالعواقب الوخيمة للتورط قد باتت الآن جلية على نحو متزايد".
ورأت أن "الدعم التركي للمعارضة السورية جمع بين المثالية والواقعية في آن واحد. فحسابات حقل حزب "العدالة والتنمية"، بزعامة أردوغان، لم تتطابق مع حسابات بيدر حكام أنقرة الذين قدموا كل ما أمكنهم من دعم سياسي وغيره لتلك المعارضة".
ورأت أن "أردوغان كان يأمل بتمكن الانتفاضة السورية بتحقيق نصر سريع على نظام حليفه السابق، الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لم يكن يتوقعه أن يبدي وجيشه وأنصاره هذا الحد من الصمود في وجه خصومه العتاة".
ولفتت "الغارديان" الى إن "أردوغان كان يأمل بتحقيق هدفين رئيسيين بضربة واحدة: كسب حكام سوريا الجدد إلى جانبه وتوجيه رسالة إيجابية إلى الولايات المتحدة بدعمه للتحول الديمقراطي في الجارة الجنوبية لتركيا".
ورأت الصحيفة أن عدم سقوط نظام الأسد وتحول الصراع في سوريا من "حراك سلمي" إلى "مواجهة مسلحة دامية، ودخول جماعات كثيرة، من جهاديين سلفيين وغيرهم، على خط الصراع، وبدعم من السعودية وقطر، قد أوقع تركيا بين طرفين يخوضان حربا باردة بالوكالة هما الرياض وطهران، الأمر الذي بدأ يهدد علاقة الأخيرة بأنقرة التي تعتمد على الإيرانيين كمصدر رئيسي للطاقة".
واضافت "أما الخطر الأكبر الذي ألقت تركيا نفسها فيه جرَّاء دعمها للمعارضة السورية، بحسب الصحيفة البريطانية، فهو الشرخ الكبير الذي أحدثه هذا الدعم داخل المجتمع التركي ذاته.
ورأت الصحيفة أن "وما زاد الطين بلَّة هو إسهام أنقرة بخلق بيئة مثالية حاضنة لخصمها الأبرز، حزب العمال الكردستاني، الذي انتقل مؤخرا الكثير من عناصره من العراق إلى شمال شرق سوريا بعد أن تراجعت سلطة الدولة على تلك المنطقة".
واعتبرت الصحيفة البريطانية ان "المفارقة أن الدعم التركي هو من مكَّن خصوم أنقرة الذين حاربتهم عقودا من الزمن من التخندق في المناطق السورية المتاخمة للحدود مع تركيا، إذ يستعد عناصر حزب العمال الكردستاني للانقضاض من هناك على الداخل التركي حيث يسعون منذ عقود لإنشاء كيانهم الانفصالي في جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية".
وقالت إن "حادثة إطلاق القذيفة يوم الأربعاء الماضي على البلدة التركية المذكورة وردَّ البرلمان التركي بتفويض الحكومة بشن عمل عسكري داخل سوريا يدفعان بأنقرة خطوة إضافية باتجاه "المستنقع السوري".
وأشارت الى انه "بإمكان السعودية والولايات المتحدة ترك سوريا تواجه مصيرها في حال قررا ذلك عندما يريان أن البلاد انزلقت إلى فوضى عارمة. لكن، ولسوء الحظ، ليس لدى تركيا مثل هكذا خيار، وذلك بحكم كونها جارة لسوريا".
ووجهت الصحيفة نصيحة للحكومة التركية ولصناع القرار وأصحاب الشأن في تركيا، بالقول: "بات الأمر لزاما على أنقرة أن تعيد تقييم ورطتها، وإلا باتت الفوضى السورية فوضى تركية".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى