المنوعات

حرب تشتعل في تركيا بعد حظر الإجهاض واعتباره جريمة قتل

تعهد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بحظر الإجهاض على نحو فعال، في أحدث إشارة إلى خطة حزبه التي تهدف إلى صياغة النظام السياسي العلماني التركي وفقاً لخطوط أكثر تديناً.
واحتجت الآلاف من النساء في أنحاء البلاد كافة على قرار أردوغان، الذي اعتبر أن الإجهاض "جريمة قتل"، متعهداً بإعادة النظر في القانون الحالي، الذي يسمح بإنهاء حياة الجنين في الأسابيع الـ 10 الأولى من الحمل. "لا يوجد فرق بين قتل طفل في بطن أمه أو قتله بعد الولادة"، قال اردوغان يوم 25 أيار/مايو.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ "كريستيان ساينس مونيتور" أن هذا القرار غير المتوقع هو فصل جديد في حرب الثقافة المحتدمة بين الأتراك العلمانيين والغالبية المسلمة، التي تشكل قاعدة اردوغان الشعبية.
ونقلت الصحيفة عن مصطفى أكيول، صحافي ومؤلف كتاب الإسلام بدون النهايات، قوله: "هذا القرار يشعل جبهة جديدة في الحرب والثقافة، وأعتقد أنه من الناحية السياسية سيفيد أردوغان، لأن الغالبية العظمى من السكان ضد الإجهاض".
وقالت تقارير إعلامية أن الحكومة قد تضع حداً جديداً للإجهاض، يسمح للمرأة بإجهاض طفلها في الأسابيع الأربعة الأولى من الحمل، أي الوقت الذي لا تعرف فيه معظم النساء أنهن حوامل
"في الماضي، كان العدد الأكبر من المحافظين في موقف دفاعي ويطالبون بحرياتهم الأساسية"، يقول السيد أكيول، مضيفاً "اما الآن، وبعد الفوز الساحق في انتخابات العام الماضي، التي أعطت حزب العدالة والتنمية ولاية ثالثة على التوالي في السلطة، فإن المحافظين أصبحوا في موقع الهجوم".
من جهتها، تقول عائشة اونال، الصحافية، التي كانت تؤيد حزب العدالة والتنمية عندما فازت بالسلطة في عام 2002 مع وعود بتوجيه تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، إن الحكومة "تشعر بأنها في موقف قوة، وتستخدم هذه القوة لطرح السياسات الإسلامية".
وتضيف: "لأن الإجهاض قضية خلاف في تركيا، بعكس الغرب، فإن رئيس الوزراء يريد استخدامه بمثابة جبهة جديدة لجدول أعماله للحصول على تأييد القاعدة السنية المحافظة".
وأشارت الصحيفة إلى أن البعض يجادل بأن قرار أردوغان يعود إلى أهداف إقتصادية، فقد تعهد برفع تركيا إلى أفضل 10 اقتصادات عالمية بحلول عام 2023، ويعتقد أن المرأة يمكن أن تساعد في هذا السياق عن طريق إنجاب ما لا يقلّ عن ثلاثة أطفال.
واعتبر أردوغان أن الإجهاض، جنباً إلى جنب مع العمليات القيصرية، كان جزءاً من مؤامرة للحدّ من سكان تركيا. "علينا أن نعرف أن هناك خطة ماكرة للقضاء على أمتنا، وإبعادها من المسرح العالمي"، قال أردوغان في تصريحات أثارت سخرية خصومه، إنما عكست عقلية الحصار القومية، التي اعتمدت في كثير من الأحيان من قبل السياسيين الأتراك لمغازلة الدعم الشعبي.
ويجادل المنتقدون بأن فرض حظر على الإجهاض لن يوقف هذا الإجراء، بل سيؤدي إلى ممارسته في الخفاء، مما سوف يتسبب في وفيات ومخاطر صحية كثيرة على النساء اللواتي يردن إجهاض أطفالهن. "إن عدد حالات الإجهاض غير الآمنة في تركيا سوف يزيد، وليس هناك شك في ذلك،" تقول طبيبة التوليد عائشة أكين، وهي المدير العام السابقة لقسم تخطيط الأسرة في وزارة الصحة في تركيا.
وتذكر هذه المخاوف بأيام الخمسينات في تركيا، عندما تم حظر الإجهاض في اطار سياسة نمو عدد السكان. وتقول أكين: "في العام 1955، كانت هناك 500 ألف حالة إجهاض غير شرعية في تركيا، وتوفيت 10.000 امرأة"، كما تقول. ويقول أكيول: "الشريعة الإسلامية تعارض الإجهاض بشكل عام، لكن هناك اختلافًا في الرأي لدى الفروع، إذ إن الكثير من الأحكام الإسلامية تعتبر أنه من الممكن إجهاض الجنين قبل الشهر الرابع من الحمل لأنه يكون بلا روح".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى