اقتصاديات

ســوريـة وماليــزيـا تــوقعـان اتفاقيــات ومـذكــرات

بدأت أمس في مبنى رئاسة مجلس الوزراء الماليزي جلسة المباحثات السورية الماليزية برئاسة المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء والسيد عبد الله بدوي رئيس وزراء ماليزيا.
ونقل المهندس عطري في كلمة له خلال جلسة المباحثات تحيات السيد الرئيس بشار الأسد إلى حكومة ماليزيا وشعبها الصديق وتمنيات سيادته لمسيرة التقدم والازدهار الماليزية ان تتواصل وتتقدم على الدوام ولعلاقات التعاون بين سورية وماليزيا تحقيق المزيد من الانجازات العملية بما يخدم المصالح المتبادلة ويعطي المثال والأنموذج الحي لما ينبغي أن يكون عليه التعاون الفاعل والبناء بين الدول العربية والبلدان الإسلامية.

وأكد رئيس الوزراء أن العلاقات السورية الماليزية تكتسب أهمية مميزة بارتكازها على قيم الثقة والاحترام والرؤية المشتركة تجاه المتغيرات العالمية وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وتشخيص التحديات التي تواجه بلدان عدم الانحياز وشعوب الأمتين العربية والإسلامية مقدراً مواقف ماليزيا الداعمة والمؤيدة للقضايا العربية والإسلامية ومواقفها الجريئة حيال ما تتعرض له سورية من ضغوط نتيجة تمسكها بحقوق شعبها وامتها وتصديها لمشاريع السيطرة الإسرائيلية والأميركية على المنطقة.

ونوه عطري بالمواقف الإيجابية للشعب الماليزي وحكومته حيال ما يجري على الساحتين العراقية والفلسطينية مجدداً التأكيد على أن يسود السلام وأن تنعم كافة بقاع العالم بالأمن والاستقرار ومنها منطقة الشرق الأوسط التي دفعت شعوبها ثمنا باهظا على مدى العقود المنصرمة وعانت الكثير من الحروب والويلات ما أثر سلباً على تقدم مجتمعاتها وتراجع فرص البناء والتنمية فيها.

وحول العدوان الإسرائيلي على غزة أوضح رئيس الوزراء أن سورية تؤكد ضرورة تحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة مسؤلياتهم القانونية والأخلاقية تجاه جرائم القتل والدمار والإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل ولاسيما مجزرة غزة التي وقع ضحيتها حتى الآن مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين من المدنيين العزل والنساء والأطفال الأبرياء مطالباً الضمير الإنساني بتدخل دولي عاجل لرفع الحصار المفروض على غزة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عما اقترفته أيديهم من جرائم وحشية بحق الإنسانية جمعاء.

وفيما يتعلق بالأوضاع على الساحة العراقية أوضح المهندس عطري أن هذه الأوضاع تشكل عاملاً يزيد من تداعيات التوتر وتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة مؤكداً على خروج قوات الاحتلال الأجنبي من العراق ودعم جهود المصالحة الوطنية والعملية السياسية بين كافة مكونات المجتمع العراقي لأن في ذلك السبيل لصون وحدة أرض وشعب العراق ويحافظ على هويته العربية والإسلامية.

وقال رئيس الوزراء إن لقاءنا اليوم يأتي في إطار أهداف وتطلعات تجمع بيننا للعمل من أجل الارتقاء بعلاقات التعاون بين سورية وماليزيا وتوسيع آفاقها انطلاقاً من الإرادة والرغبة المشتركة المرتكزة على ما يمتلكه البلدان من إمكانات وطاقات علمية وموارد بشرية معرباً عن ارتياحه لخطوات التعاون التي تحققت بين البلدين.

وأضاف أن طموحنا أكبر من ذلك بكثير وهو طموح مشروع يستدعي من حكومتي البلدين البحث عن السبل الكفيلة بالنهوض بميادين التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والصناعي والمالي والسياحي والإسكان والنقل والطاقة واستكشاف آفاق جديدة تزيدها قوة وتنوعا من خلال التركيز على تفعيل عمل اللجنة التجارية السورية الماليزية وتعزيز دور مجلس رجال الأعمال السوري الماليزي وحث غرف التجارة والصناعة في البلدين للعمل على زيادة حجم التبادل التجاري وإقامة المعارض الاقتصادية وتبادل المعلومات حول الفرص والمشاريع الاستثمارية والاستفادة من الخبرات الماليزية في مجال التأهيل والتدريب وادارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبناء القدرات بما يخص مهارات التفاوض المتعلقة بالاتفاقيات التجارية والانضمام الى منظمة التجارة العالمية في مواجهة المحاولات التي بذلتها الإدارة الأميركية الحالية لعرقلة انضمام سورية الى المنظمة الدولية لأسباب سياسية أميركية لا تخفي على أحد.

وأكد أهمية التوقف عند الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتقويم آثارها ومعالجة اي معوقات تعترض تنفيذها وضرورة رفدها واستكمالها باتفاقيات ومذكرات تفاهم منطقة حرة سورية ماليزية وسواها من المجالات وقطاعات التعاون الأخرى.

واستعرض المهندس عطري ما تحقق في سورية خلال السنوات الماضية من نقلة نوعية وعملية اصلاح اقتصادية وادارية شاملة غايتها تحفيز طاقات المجتمع على الإبداع والابتكار وزيادة الإنتاج وتجديد الهيكليات الإدارية والاقتصادية والتشريعية والمالية وتوسيع دور القطاع الخاص للمساهمة في العملية التنموية مشيراً إلى ما أثمرت عنه عملية الإصلاح في توفير عشرات المصارف العامة والخاصة وشركات التأمين والجامعات والمدارس الخاصة إضافة إلى وجود أربع مدن صناعية كبرى ولفت إلى ما وفره الاستثمار رقم 8 من حوافز مالية وتسهيلات جاذبة لرؤوس الأموال والمشجعة للمشاريع الاستثمارية.

وأعرب عن ترحيبه بعقد منتدى الأعمال السوري الماليزي خلال العام الحالي في سورية وبالاستثمارات الماليزية في سورية مجدداً الدعوة لرجال الأعمال والشركات الماليزية بتوسيع نشاطاتها الاستثمارية في كافة القطاعات التنموية والخدمية خاصة الاستثمار في مجال الطاقة والمدن الصناعية والنقل وتنفيذ مشاريع الطرق والمطارات والموانىء والبنى التحتية.

بدوره أكد السيد عبد الله بدوي رئيس وزراء ماليزيا أن سورية وماليزيا تتمتعان بعلاقات صداقة راسخة وان التعاون بين البلدين يسير بشكل مرض وفي الاتجاه الصحيح مشيراً إلى أهمية المباحثات الجارية بين البلدين ودورها في بحث افاق جديدة للتعاون المشترك بينهما.

وأوضح رئيس الوزراء الماليزي ان حجم التعاون الاقتصادي والتجاري ما زال دون طموح البلدين نظرا لما يمتلكانه من امكانات وموارد اقتصادية ومادية لافتاً إلى أهمية العمل المشترك لزيادة حجم التبادل السلعي والتجاري وزيادة حجم الاستثمارات والمشاريع الاستثمارية.

وأشار بدوي إلى أن إمكانات التعاون بين البلدين واسعة ومتنوعة وركز بشكل خاص على فرص التعاون على صعيد السياحة التبادلية والمصارف العاملة على الطريقة الإسلامية وتنمية الموارد البشرية إضافة إلى مشاريع التعاون المقترحة في مجال السكن وتنمية البنى التحتية والطرق وتنمية المدن الصناعية وصناعة المنتجات الحلال الى جانب التعاون في ميادين التعليم والتقانة والخدمة المعلوماتية.

وأكد رئيس الوزراء الماليزي أهمية تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين ورفدها باتفاقيات جديدة داعياً إلى تفعيل عمل اللجان المشتركة وكذلك دور رجال الأعمال والمستثمرين في البلدين.

كما أكد بدوي على الصعيد السياسي أهمية التنسيق والتشاور بين سورية وماليزيا إقليمياً ودولياً وقال إن ماليزيا دعت دائماً إلى حل لمشاكل الشرق الأوسط وإعادة الجولان المحتل إلى سورية أما بخصوص الأوضاع في غزة فقد أوضح بدوي أن ماليزيا دعت إلى عقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتدهور الأوضاع في المنطقة.

ثم أعقب ذلك إجراء مباحثات موسعة بين الجانبين السوري والماليزي تركزت بشكل أساسي على بحث علاقات التعاون الثنائي وسبل وآليات تطويرها من خلال تحليل واقعها الحالي وتحديد الصعوبات التي تقترحها والآليات والوسائل اللازمة لمعالجتها.

كما جرى استعراض مجموعة من الافكار والمقترحات التي تعزز خطوات التعاون المشترك في العديد من القطاعات الاقتصادية والتنموية والصناعية والخدمية والاستثمارية والطاقة الكهربائية وتم تأكيد اهمية تفعيل الاتفاقيات المبرمة وتنفيذها واضافة اتفاقيات جديدة عليها وتفعيل عمل اللجان المشتركة وتوسيع دور رجال الأعمال والمستثمرين والفعاليات الاقتصادية والتجارية في البلدين.

وناقش السادة الوزراء خلال جلسة المباحثات موضوعات التعاون مع نظرائهم الماليزيين في القطاعات المختلفة وخاصة التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والنقل والإسكان والتعمير والمشاريع الصغيرة والمتوسطة حيث تم تأكيد أهمية المتابعة وتعزيز الزيارات واللقاءات والمشاركة في المعارض الاقتصادية وتبادل الخبرات والتجارب العملية والفنية والإدارية.

بعد ذلك وقع الجانبان السوري والماليزي بحضور السيدين عطري وبدوي الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الآتية:

1- اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات وقعها عن الجانب السوري الدكتور عامر حسني لطفي وزير الاقتصاد والتجارة وعن الجانب الماليزي نان سري محيي الدين ياسين وزير التجارة الدولية والصناعة الماليزي.

2- اتفاقية الخدمات الجوية وقعها عن الجانب السوري الدكتور يعرب سليمان بدر وزير النقل ونظيره الماليزي سري أونغ تي كيت وزير النقل.

3- مذكرة تفاهم لبرنامج تعاون للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بين سورية وماليزيا وقعها عن الجانب السوري الدكتور تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة وعن الجانب الماليزي داتو حفصة هاشم الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة الماليزية.

وصدر في اختتام أعمال المباحثات السورية الماليزية بيان مشترك عن الجانبين أعربا فيه عن ارتياحهما للعلاقات الودية بين البلدين وأهمية النتائج التي تم الوصول إليها بهدف تقوية وتطوير مجالات التعاون المشترك وبما يحقق المصلحة المشتركة.

وأكد البيان أن الإمكانيات الواسعة التي تمتلكها سورية وماليزيا كفيلة بتوسيع ميادين تعاونهما المستقبلي على صعيد الاقتصاد والتجارة والاستثمار والسياحة والتعليم العالي والتعاون الفني وبناء القدرات وتكنولوجيا الاتصالات والخدمات الجوية وتفعيل وتطوير الاتفاقيات القائمة بين البلدين ورفدها باتفاقيات جديدة في مجال تشجيع وحماية الاستثمارات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والخدمات الجوية.

وعلى الصعيد السياسي أوضح البيان أن الجانبين بحثا تطورات الأوضاع على الساحة الإقليمية والدولية ولاسيما تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة وأكدا ضرورة وقف هذا العدوان الهمجي فوراً ورفع الحصار وفتح المعابر وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة واعتبار هذا العدوان جريمة حرب ضد الإنسانية.

كما تم تأكيد أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول العربية والإسلامية بهدف توضيح مبادئ وأسس الإسلام الحقيقية والتصدي لحملات التشويه التي تستهدف قيم وتراث الإسلام والأمة الإسلامية.

حضر جلسة المباحثات وتوقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من الجانب السوري:

1- الدكتور عامر حسني لطفي وزير الاقتصاد والتجارة

2- الدكتور يعرب سليمان بدر وزير النقل

3- المهندس عمر غلاونجي وزير الإسكان والتعمير

4- الدكتور تيسير رداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة

5- السيد احمد عرنوس معاون وزير الخارجية

6- السيدة لمياء عاصي سفير سورية لدى ماليزيا

7- السيد تيسير الزعبي مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء وعدد من المديرين والفنيين.

وحضرها من الجانب الماليزي السادة:

وزراء الخارجية، التجارة الدولية والصناعة، النقل، الأشغال، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، معاون وزير العلوم والتكنولوجيا، أمين عام وزارة الخارجية،مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية، سفير ماليزيا في سورية، وعدد من المديرين والمستشارين.

وقد جرى للمهندس عطري استقبال رسمي حيث كان في استقباله لدى وصوله إلى مبنى رئاسة مجلس الوزراء السيد داتو سري عبد الله بدوي رئيس وزراء ماليزيا حيث توجه السيدان عطري وبدوي الى المنصة الرئيسية وعزف النشيد الوطني لكل من الجمهورية العربية السورية وماليزيا ثم استعرض المهندس عطري حرس الشرف بعد ذلك صافح رئيس مجلس الوزراء مستقبليه السادة نجيب تون رزاق نائب رئيس الوزراء الماليزي وجميع أعضاء الحكومة الماليزية وسفير ماليزيا في سورية واعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمدين في ماليزيا.

كما صافح السيد بدوي الوفد المرافق للمهندس عطري.

وكان السيدان عطري وبدوي عقدا اجتماعا ثنائيا بحثا خلاله علاقات التعاون بين سورية وماليزيا وسبل تطويرها بما يحقق مصلحة البلدين والشعبين الصديقين في المجالات كافة.

وتم خلال الاجتماع استعراض الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وآلية تفعيلها وتأكيد رفدها باتفاقيات جديدة تشكل قوة دفع لمسارات التعاون المشتركة في الميادين والقطاعات الاقتصادية والتنموية والخدمية.

كما جرى بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع في المنطقة والعدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة.

وأقام رئيس الوزراء الماليزي مأدبة عشاء تكريما للمهندس عطري والوفد المرافق تبادل خلالها عطري وبدوي كلمتين وديتين عبرا فيهما عن ارتياحهما لما وصلت إليه علاقات التعاون الثنائي بين سورية وماليزيا من تطور واسع في مختلف المجالات واكدا على الرغبة وحرص حكومتي البلدين للارتقاء بهذه العلاقات بما يتوافق والامكانات والموارد التي يمتلكانها وبما يلبي الآمال والتطلعات والمصالح المشتركة.

وكان رئيس مجلس الوزراء قد زار هو والوفد المرافق برجي كوالالمبور التوءم اللذين يمثلان معلماً بارزاً من معالم هذه المدينة حيث استمع إلى شرح مفصل عن طبيعتهما العمرانية والهندسية واطلع على أقسامهما والفعاليات والنشاطات الاقتصادية والتجارية والخدمية فيهما.

كما زار المهندس عطري متحف الفن الإسلامي الذي أطلقته مؤسسة البخاري الخيرية عام 1998 المكون من 30 ألف قدم مربع ويضم نماذج ومجسمات لأشهر المساجد في البلدان العربية والإسلامية اضافة إلى فنون الزخرفة والنقوش والمخطوطات النادرة والحلي والمصوغات والأسلحة التقليدية والمنسوجات والأدوات والحرف اليدوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى