اقتصاديات

هيئة الضرائب تفرض عشرات الآلاف من الرسوم على شقق التعاون السكني بتفسير خاطيء

منذ صدور القانون 17 لعام 2007 (قانون التعاون السكني) و الهيئة العامة للضرائب والرسوم (في وزارة المالية) لديها مفهوم وتفسير خاص بالشرفات والمناور والأدراج..
وبموجب ذلك التفسير يمكنها إلزام أصحاب الشقق التعاونية السكنية بتسديد رسوم عشرات الآلاف من الليرات على الشقة الواحدة كي يتم تثبيت الشقة ملكية للمتخصص بها.. في حين (الاتحاد التعاوني السكني، ونقابة المهندسين وأعضاء تعاونيون…) ووزارة الإسكان مع تفسير مغاير يعفي العضو التعاوني من تلك الرسوم الباهظة عند تثبيت ملكيته.
خمس سنوات وهذه المسألة في دوامة المراسلات بينما تثبيت الملكيات يتم عبر اللجوء إلى القضاء، وتبقى الإجراءات منقوصة وفي هذه الحال تضيع رسوم رمزية على الخزينة العامة لكن قيمتها مهمة.
معضلة استبعاد الشرفات
في تاريخ 7/10/2010 عمم وزير المالية آنذاك على مديريات المالية في المحافظات التالي: (إشارة للاستفسارات التي طرحت حول تحديد مفهوم عبارة المساحة السكنية الصافية التي وردت في المادة 67 من قانون التعاون السكني رقم 17 لعام 2007 نبين ما يلي: نصت المادة 1 من قرار السيد وزير الإسكان والتعمير رقم 124 تاريخ 24/8/2010 على ما يلي: مادة 1 يقصد بالمساحة السكنية الصافية الواردة بالمادة 67 من القانون 17 لعام 2007 مساحة الشقة بعد استبعاد مساحة الشرفات المكشوفة والمناور والأدراج.
للاطلاع والعمل بمقتضاه في معرض تطبيق أحكام المادة 67 من قانون التعاون السكني عند دراسة طلبات إعفاء الشقق السكنية التي تبنيها الجمعيات التعاونية السكنية.
ولكن قبل هذا التعميم ببضع سنوات كانت المراسلات نشطة بشكل يبدو كأنّ المنظومة الإدارية السورية عاجزة عن تحديد مفهوم ومعنى المساحة الصافية للشقة السكنية، إذ سبق لوزير الإسكان في تاريخ 17/12/2007 الاستعانة بكتاب نقابة المهندسين لشرح المقصود بالمساحة الصافية للشقة، وتعني مساحة الشقة بعد استبعاد مساحة الشرفات والمناور والأدراج.. وعمم ذلك على مديريات الخدمات الفنية في المحافظات /أقسام التعاون السكني/ من أجل إبلاغ الجمعيات التعاونية السكنية للتقيد بمضمونه.
– في تاريخ 9/11/2008 أرسل رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني السكني بدمشق إلى مديرية السجل المؤقت بدمشق كتاباً يحيل به كتاباً من جمعية العاملين بالصحافة.. عن المساحة الصافية لكل شقة من شقق الجمعية والمشمولة بالإعفاءات والمزايا القانونية.. وقال في كتابه صراحة أنّ الجمعيات السكنية مشمولة بالإعفاءات وفق القانون 17…إلخ.
-في 17/6/2009 أرسل محافظ دمشق كتاباً إلى وزارة الإدارة المحلية يشير فيه إلى كتاب لوزارة الإدارة المحلية المعطوف على كتاب لوزير الدولة لشؤون مجلس الشعب المرفق بكتاب رئيس مجلس الشعب حول الشكوى المقدمة من رئيس مجلس إدارة جمعية العاملين بالصحافة التعاونية للسكن والاصطياف، وطلب بيان أسباب امتناع مديرية السجل المؤقت بدمشق عن تنفيذ المادة رقم 67 من القانون 17 لعام 2007.. ويبين كتاب المحافظ (أن تطبق أحكام المادة المذكورة عند تسجيل المسكن باسم العضو المخصص به في السجل المؤقت والذي لا تزيد مساحته السكنية الصافية عن 130متراً مربعاً ويعفى من الرسوم العقارية، ويستوفى منه رسم شامل مقداره ألف ليرة إضافة إلى رسم الطابع المالي البالغ 4% من التكلفة النهائية باعتباره غير معفى منها وفق أحكام القانون رقم 429 لعام 1948 وتعديلاته وخاصة المرسوم التشريعي رقم 44 لعام 2005.. وتعتمد مساحة الشقة الواردة في القيد المالي في معرض تنفيذ المادة المذكورة نظرا لعدم وجود مساحة مسجلة للشقة السكنية في قيود السجل المؤقت وفق قانون إحداثه وتطبق أحكام المواد 19-20 من قانون الرسوم العقارية رقم 429 لعام 1948 وتعديلاته والمرسوم التشريعي رقم 44لعام 2005 على المخصص بمسكن من الجمعية التي تزيد مساحتها عن 130م2).
فضيحة مراسلات منذ خمس سنوات والخزينة العامة خسرت الرسوم الباهظة والرمزية.
والمعضلة ذاتها مستمرة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 99 تاريخ 3/8/2011 الخاص بالجمعيات التعاونية السكنية والذي نص في المادة 67 منه صراحة على مجموعة إعفاءات ومزايا للشقة السكنية التي لا تزيد مساحتها عن 130م2 بعد استبعاد بيت الدرج والشرفات المكشوفة والمناور.. (ومن تلك المزايا والإعفاءات: الإعفاء من كل الضرائب المفروضة والتي تفرض مستقبلاً على الأرباح التجارية والصناعية، ومن الرسوم والتكاليف التي تفرضها مجالس الوحدات الإدارية المتعلقة بالمرافق العامة… ومن الضرائب والرسوم الجمركية الواجبة على مادتي الحديد والإسمنت.
معضلة ما هي الشرفات؟!
بعد تعميم وزير الإسكان الأسبق وتعميم وزير المالية السابق وكل تعميم صدر نتيجة دوامة مراسلات، باتت دوامة المراسلات تتركز على (ما هو المقصود بالشرفات المكشوفة) التي تعفى من الرسوم لدى تثبيت ملكية الشقة التعاونية.
ونوجز عينة من مراسلات مهمة في تدويخ الوصول إلى حسم ما تجاه الشرفات والمساحة الصافية.. إذ بتاريخ 5/1/2012 أرسل مدير عام هيئة الضرائب كتاباً إلى وزارة الإسكان يوضّح فيه مراحل مراسلات وتعاميم وقرارات حول (إشكالية المساحة الصافية والشرفات)..وقال: "وردنا كتاب من مديرية مالية دمشق لبيان المقصود بالشرفات المكشوفة وهل الشرفات التي يعلوها سقف تعد من الشرفات المكشوفة؟ علماً أن مفهومنا للشرفات المكشوفة يعني الشرفات التي لا يعلوها سقف".
وهذا المفهوم لهيئة الضرائب يرتب على الأعضاء التعاونيين عشرات الآلاف من الليرات رسوما وضرائب على كل شقة تعاونية يمكن أن تزيد مساحتها عن 130م2 لعدم استبعاد الشرفات من مساحتها.. وفي نموذج شقق جمعية الصحافة المذكورة كل شقة يترتب عليها نصف مليون ليرة، فما هذه القوانين والتفسيرات التي تجعل رسم شقة تعاونية يعادل ثمن شقة صغيرة في بعض المناطق؟
صدر رأي جديد لنقابة المهندسين في تاريخ 18/3/2012 يوضح أنّ (الشرفات المكشوفة هي شرفات خارج منطقة السكن غير مضمومة للمسكن ويمكن أن تكون مسقوفة أو غير مسقوفة..). وأحالت وزارة الإسكان هذا الرأي إلى هيئة الضرائب والرسوم التي لم تقتنع برأي نقابة المهندسين كمرجعية هندسية فوجدت لنفسها باباً روتينياً جديداً عندما أرسلت مجدداً كتاباً إلى وزارة الإسكان في تاريخ 7/5/2012 تقول فيه: (تمت إحالة كتاب نقابة المهندسين إلينا من دون إصدار قرار في حال اعتماده من قبلكم.. يرجى الاطلاع وتزويدنا بقرار صادر عن وزارتكم بخصوص الشرفات المكشوفة، علماً بأننا بينا أنّ مفهومنا للشرفات المكشوفة يعني الشرفات التي لا يعلوها سقف)..
«سقف العقل»!
الشيء الذي يجعل العقل من دون سقف.. أن تفهم المالية (المقصود بالشرفات المكشوفة..) أكثر من نقابة المهندسين الجهة المرجعية في الهندسة وتطبق مفهومها الذي هو مفهوم موظف فيها –حسب بعض الأعضاء التعاونيين- والذي عجزت المنظومة الإدارية في سورية عن إقناعه وإقناع هيئة الضرائب والرسوم أنّ الشرفات مسقوفة وغير مسقوفة مستبعدة من مساحة الشقة التعاونية الصافية.
وكانت وزيرة الإسكان قد أرسلت إلى وزارة المالية كتاباً في تاريخ 8/2/2012 أحالت بموجبه كتاباً صادراً عن جمعية العاملين في الصحافة التعاونية للسكن والاصطياف بخصوص عرقلة موظفي مالية دمشق تنفيذ المادة 67 من أحكام المرسوم التشريعي رقم 99لعام 2011 والتي تمنع إتمام عملية توثيق الشقق في السجل المؤقت التي هي أصلاً مسجلة بأسمائهم.
تشير «تشرين» إلى أنّ الحالة ليست فردية ولا تخص جمعية تعاونية فقط.. وهيئة الضرائب بهذا المفهوم تدفع الأعضاء التعاونيين بفرض رسوم باهظة جداً إلى اللجوء لطرق إثبات الملكية وتسجيلها من دون دفع الرسوم الباهظة التي تطلبها نتيجة (اعتمادها الشرفات وفق مفهومها) ومن دون دفع الرسوم الرمزية في حال (اعتمادها الشرفات وفق مفهوم القانون ونقابة المهندسين)، في كلا الحالتين الخزينة خاسرة والتعقيد هو الفائز الوحيد!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى