مقالات وآراء

المستهدف هو المواطن!

بعد أن فشلت سياسياً في تحقيق مرادها باستصدار قرار إدانة من مجلس الأمن طوال الأسابيع القليلة الماضية،
لجأت الإدارة الأمريكية مؤخراً إلى استخدام ورقتها المعتادة، المتمثلة بتحريض بعض الدول على مقاطعة الاقتصاد السوري، وتحديداً قطاعي النفط والاستثمارات الأجنبية.

تحتفظ واشنطن بسجل مخزٍ يندى له جبين الإنسانية جراء استخدامها هذه الورقة، ومع ذلك فهي لا تتوانى عن إعادة استخدامها مادامت تفتح لها أبواباً لتحقيق مصالحها ومنافعها الخاصة، فالحصار الذي فرضته على العراق طوال ثلاثة عشر عاماً لم يؤدّ إلا إلى وفاة مئات آلاف المواطنين العراقيين جراء الجوع والمرض وارتفاع نسب الفقر والأمراض الوبائية بين المتبقين على قيد الحياة بشكل مخيف. ‏

وما تحرض عليه حالياً تجاه سورية اقتصادياً يستهدف كل مواطن سوري في لقمة عيشه وحليب أطفاله، فالصادرات النفطية التي تطالب هيلاري كلينتون بعض الدول بمقاطعتها تمول إلى جانب الإيرادات الأخرى رواتب وأجور مليون ونصف مليون موظف في الدولة مثلاً، وتستخدم في تدعيم موازنة قطاع الصحة الذي يوفر العلاج المجاني لملايين المواطنين، كما أنها تسد بعضاً من عجز الدعم المقدم من الدولة للعديد من السلع والمواد المرتبطة بحياة الطبقات الفقيرة في سورية…إلخ، أما الاستثمارات التي تسعى كلينتون إلى إيقافها فهي توفر آلاف فرص العمل لمواطنين سوريين ينتمون لشرائح اجتماعية مختلفة..!!. ‏

هل هذا ما تريده الإدارة الأمريكية من تحريضها على الاقتصاد السوري، وهي التي تدعي أن ما تفعله هو لخدمة مصالح الشعب السوري؟!. ‏

ما تريده إدارة أوباما من تحريض بعض الدول على مقاطعة الاقتصاد السوري لا يخرج عن الهدفين التاليين: ‏

-زيادة الضغط على الأوضاع المعيشية للشرائح الاجتماعية لدفعها لاحقاً إلى دائرة الاحتجاجات وأعمال العنف، وهي خطوة تضع واشنطن في قائمة الدول التي تتدخل بشكل مباشر وسلبي في الشؤون الداخلية السورية. ‏

-السعي لامتلاك ورقة ضغط على سورية، بغية الحصول على تنازلات تعتبرها (تاريخية)، وتتعلق بمستقبل عملية السلام والعلاقة مع المقاومة وإيران، وهذا ما لخصه علناً سفيرها في دمشق أمام مجلس الشيوخ، وبالتالي فهي لن تهتم بما سيولده تحريضها المذكور من مشاكل وصعوبات. ‏

إن حرص بعض الدول على تحقيق الإصلاح في سورية، كما تدعي، يفترض منها توفير كل سبل الدعم الممكنة، لا المبادرة إلى تقويض ركائزه وتوفير مقومات تأخره، وسورية, كما أكد الرئيس الأسد لدى استقباله وزير الخارجية التركي, منفتحة على أشكال المساعدة والخبرة لإنجاح الخطوات الإصلاحية التي أعلنت عنها.. ‏

لذلك فإن سير بعض الدول، ومنها الولايات المتحدة، في الاتجاه الآخر ليس له سوى معنى واحد هو تخريب الإصلاح لتخريب سورية!.‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى