مقالات وآراء

القوة الناعمة

لنجعل يوم الجمعة جمعة عمل وتعاون ومحبة عوضا عن الأسماء التي أصبحت تطلق على يوم الجمعة المقدس ولنجعلها جمعة عمل وطني…..
فالعمل وحده الكفيل ببناء بلدنا الغالي سوريا والمساهمة في مسيرة التطوير والإصلاح ولنعلم انه لن يكون هناك إصلاح يوما إذا لم نبدأ بإصلاح أنفسنا
فبعد أن فقد العالم الثقة بأمريكا ولم تعد بلد الحريات رمز الازدهار ملاذ المظلومين وأدرك الجميع أنها مجرد شعارات خرجت بها للعالم وخاصة بعد أن تعرض النموذج الأمريكي للعديد من الضربات القاسية كما أكدت استطلاعات الرأي العالمية وذلك نتيجة السياسات الأمريكية في العراق وأفغانستان و…إضافة لوقوف أمريكا في صف ربيبتها إسرائيل متحدية العالم دون وجه حق وأصبحتا الدولتين اللتين تهددان السلم الدولي ..
أدركت أمريكا أخيرا أنه كلما كانت أهداف الحرب معلنة وواضحة؛ كلما لقيت مقاومة أشرس وأشد، والعكس صحيح كلما كانت الحرب خفية وذكية؛ كانت المقاومة ضعيفة ومشتتة. لذلك كان لا بد من تفعيل خيار القوة الناعمة ولا بد من أن تكون حربهم معنا حرباً إعلامية ذكية مبطنة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب .. تخفى على العوام ولا تكاد تظهر معالمها إلا للخواص
و المخضرمين سياسياً و المدربين الخبراء …
ولا بد لنا من الوعي وأن ندرك ذلك ونحارب عدونا بنفس السلاح سواء بإنشاء محطات فضائية متعددة ودعمها ماديا وفنياً وتزويدها بالكوادر المدربة على أعلى المستويات ….والسعي لجعلها محطات عالمية وبلغات متعددة قادرة على الوصول إلى كافة شرائح مجتمعاتهم مستخدمين نفس الأساليب التي تتبعها المحطات التي تتبع لهم بشكل مباشر أو غير مباشر إضافة لا استخدام شبكة الانترنت والوسائل الأخرى ….
كما يجب أن ننظر إلى ما حل بأشقائنا العرب ولتكن لنا عبرة فمن جرب المجرب فعقله مخرب ولنعلم جميعا انه بانزلاقنا الأعمى في فخ الفتنه سندمر بلادنا وندمر أنفسنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا فسوريا جميله وبالعمل والتعاون وحده يمكننا أن نبني معا سوريا ونبني مستقبل أولادنا ولنجعل يوم الجمعة جمعة عمل وتعاون ومحبة عوضا عن الأسماء التي تطلق على يوم الجمعة المقدس ولنجعلها جمعة عمل وطني فالموظف يذهب إلى عمله وكذلك العامل والتاجر و…..وليكن ذلك بكل نشاط و إخلاص ولنقدم هذا اليوم هدية لبلدنا الغالي سوريا
القوة الناعمة او اللينة اصطلاح جديد طرحه جوزيف ناي عميد في جامعة هارفرد، رئيس مجلس الاستخبارات الوطني الاميركي، ومساعد وزير الدفاع في عهد ادارة بيل كلينتون، له العديد من الكتابات في اشهر الصحف مثل: النيويورك تايمز والواشنطن بوست والوول ستريت، وكذلك العديد من الكتب والمؤلفات ابرزها كتاب ( الطبيعة المتغيرة للقوة الاميركية ).
وجد جوزيف ناي ان القوة العسكرية والاقتصادية وكلاهما يطلق عليهما (القوة القاسية) لم تعد كافية في الهيمنة او السيطرة لذا فهو يدعو الولايات المتحدة الاميركية الى استخدام قوة غير عسكرية في الترويج والترغيب لافكارها وسياساتها، ويعتقد ناي ان استعمال القوة من قبل القوى الكبرى قد يشكل خطراً على اهدافها وتطلعاتها الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية، لذا فان الولايات المتحدة كما يقول ناي، ان ارادت ان تبقى قوية فعلى الاميركيين ان ينتبهوا الى قوتنا الناعمة (اللينة)… فبامكان دولة، مثل الولايات المتحدة ان تحصل على النتائج التي تريدها في السياسة الدولية لان الدول الاخرى تريد اللحاق بها واتباعها اعجاباً بقيمها، او تقليداً لنموذجها او تطلعاً للوصول الى مستوى ازدهارها ورفاهها وانفتاحها. إن من الاهمية بمكان ان تضع برنامجاً في السياسة الدولية يجذب الاخرين اليك، وان لا تجبرهم على التغيير من خلال التهديد او استعمال القوة العسكرية او الاقتصادية. هذا المظهر من القوة:
(جعل الاخرين ان يريدون ما تريده انت، هو ما اسميه انا بالقوة الناعمة- بهذه الطريقة تكسب الناس بدلاً من اجبارهم ).
القوة الناعمة:
تستند الى القدرة على وضع برنامج سياسي يرتب الاولويات بالنسبة للاخرين، على المستوى الشخصي، الابوان الحكيمان يعلمان انه اذا قاما بتربية اولادهما على القيم والمفاهيم الصحيحة، فان قوتهما ستكون اكبر، وستدوم اطول مما لو كان اعتمدا فقط على الضغط والتوبيخ او قطع المصروف، او اخذ مفاتيح السيارة مثلاً.. كذلك الامر فيما يتعلق بالمسؤولين السياسيين والمفكرين مثل انتونيوغرامشي، الذين فهموا طويلاً القوة الناجمة عن وضع جدول اعمال وخطة عمل، اضافة الى تحديد اطار عمل لنقاش معين.
ان القدرة على تأسيس الاولويات تميل دائماً الى الارتباط بمصادر القوة المعنوية، كأن تكون ثقافة جذابة، ايديولوجيا، او مؤسسات، فاذا استطعت ان اجعلك تريد ان تفعل ما اريد انا، فعندها لن يكون علي اجبارك على ان تقوم بما لاتريد ان تقوم به. فلو ان الولايات المتحدة تمثل قيما يريد الاخرون اتباعها لكانت الكلفة التي ندفعها للقيادة (قيادة العالم) اقل.
ان القوة الناعمة ليست تماماً كالتأثير، مع انها مصدر من مصادر التأثير المتعددة. في النهاية انا في استطاعتي ايضاً التأثير عليك بالتهديد او الترغيب، القوة الناعمة، ايضاً، لاتعني الاقناع فهي اكثر من الاقناع والبرهنة بالجدل، فهي الاغراء والجذب غالباً ما تؤدي الى الرضوخ والتقليد..
ويضيف ناي ان القوة الناعمة جزء من قيمنا، هذه القيم موجودة في ثقافتنا، وفي سياستنا التي نتبعها داخل دولتنا وفي طريقة فرض نفسنا على الصعيد العالمي في بعض الاحيان تجد الحكومة من الصعب السيطرة على القوة الناعمة وتوظيفها، فالامر شبيه بالحب، فهو صعب القياس والتحمل، وليس شيئاً ملموساً لكن ذلك لايلغي اهميته.
بالمقابل فان القوة القاسية والقوة الناعمة ترتبطان ببعضهما البعض، وتدعمان بعضهما فكلاهما مظهر من مظاهر القدرة على انجاز اهدافنا عبر التأثير في طريقة تصرف الاخرين. وبامكان بعض مصادر وعناصر القوة، في بعض الاحيان، ان تؤثر على مجمل تصرفات وسلوك الاخرين من الاجبار الى الجذب والاغراء لكن، على الارجح، ان الدولة التي تعاني من انحطاط وانحدار اقتصادي وعسكري ستفقد قدرتها على صياغة اجندتها الدولية، كما انها ستفقد قدرتها على الجاذبية والاغراء..
اذا استطاعت دولة ان تشرع قوتها في عيون الاخرين، فانها ستواجه مقاومة اقل لرغبتها، اذا كانت ثقافتها وايديولوجيتها جذابة، فسيرغب الاخرون اكثر في اتباعها، اذا استطاعت ان تؤسس قواعد دولية تتماشى مع مجتمعها ستكون رغبتها في التغيير اقل، واذا كانت باستطاعتها ان تساعد دعم المؤسسات التي تشجع الدول الاخرى، على التحول، او التي تحد من نشاطاتهم بوسائل تفضلها هي فعندها من الممكن ان لاتحتاج الى هذا الكم المكلف من العصي والجزر..
بأختصار فان عالمية ثقافة دولة ما، وقدرتها على وضع قواعد مفضلة ومؤسسات تحكم مناطق النشاط الدولي، هي مصادر حاسمة للقوة، كقيم الديمقراطية والحرية الشخصية والتطور السريع والانفتاح، الذي غالباً ما يتمثل في الثقافة الشعبية الاميركية، التعليم العالي والسياسة الخارجية.
القوة الناعمة الاميركية في رأي ناي، هي اكثر من مجرد ثقافة القوة، فقيم الحكومة الاميركية داخل بلادها (الديمقراطية على سبيل المثال)، في المؤسسات الدولية (الاستماع الى الاخرين) وفي السياسة الخارجية (دعم السلام وحقوق الانسان) من شأنه ان يؤثر ايضاً على خيارات الاخرين، اميركا، كما يقول ناي، باستطاعتها ان تجذب او تنفر الاخرين عبر تأثير نموذجها عليهم، لكن القوة الناعمة لاترتبط بالحكومة الاميركية مباشرة بنفس الدرجة التي ترتبط بها القوة القاسية..
في المقابل فان العديد من مظاهر القوة الناعمة لاترتبط بالحكومة الاميركية مع انها قد تساهم جزئياً في تحقيق اهدافها.. اليوم ساهمت جماعات وعناصر غير حكومية بتطوير القوة الناعمة الخاصة بها، والتي قد تتطابق او تتصادم مع السياسة الخارجية الاميركية الرسمية، وهذا سبب اخر لدفع الحكومة للتأكد من ان مساعيها تدعم ولاتتصادم مع القوة اللينة الاميركية، فاهمية كل مصادر وعناصر القوة الناعمة آخذة في الازدياد، خاصة في عصر العولمة والمعلوماتية لهذا القرن

بواسطة
أنس أسود

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى