مقالات وآراء

من يزني في الخبر ستجلده عقول المواطنين

إنها الشام يا أصدقائي تختار من يحكمها بالحب.. تختاره بالصدق.. تختاره بالعزيمة والشفافية التي اكتسبتها من مياه بردى الخالد أبداً..
ومنذ عهد معاوية كانت عربية صرفة ولم يفرق أبنائها بين مسلم ومسيحي أو يهودي فحب الشام هو العقد الجامع على مر العصور، وتفوقت على كل نظام علماني وجد في أوربة الحديثة اليوم، فإشعاعها الحضاري بهر العالم قاطبة مع أن دينها هو الإسلام ولا غريب أن نذكر أن وزير المال في الدولة الأموية كان مسيحياً، ولكن الفارق الوحيد بين الشام وغيرها هو تعامل أهلها القائم على مبدأ ((الدين المعاملة الطيبة والصدق)).
دمشق في ثورتها على المستعمر الفرنسي لم تسكت على ضيم أو ذل وكانت منها شرارة الثورة وبداية اللحمة التي يجتمع بها كل أبناء سورية قاطبة.
وعقد المودة والحب راهن الكثيرون على قطعه ولكنهم لم ولن يفلحوا.. ليس لأن مكونات هذا العقد سحرية بل لأنها مبارك من الله عز وجل وموجودة في مورثات وجينات كل سوري عاش وترعرع ها هنا.
أهل الشام اعتادوا أن الثابت الوحيد هو اللحمة والتغيير والإصلاح وسمته التأني ورفض العجلة والتسرع في اتخاذ قرارات فجائية غير مدروسة ولكن هذا لا ينفي أهمية المطالب ومشروعيتها وضرورة البت فيها بالسرعة القصوى فالمستهدف اليوم هو دماء ووحدة السوريين ولا شيء غيرها.
يريد المواطن اليوم للتغييرات أن تكون بذورها صالحة للزراعة والتطبيق ولا ترش على وجه الأرض جزافاً دونما تخطيط فتورق في البداية ثم تيبس.
ويرى السوريون أن الحوار الفعّال والجدي بداية جيدة يبدأ من رفع قانون الطوارئ فقد عاف عليه الزمان فالاعتقال التعسفي والمحاكم العسكرية أرهقت المواطنين من جميع فئاتهم ..
وما يسمى قانون الطوارئ ليس قاعدة أو مسلمة ثابتة فـ "شيشرون"- مؤسس القانون الطبيعي لتنظيم الحياة البشرية برمتها وأحد أبرز ما ولدته الحضارة الرومانية السابقة التي امتدت آباداتها لدمشق وما حولها- لم يخترع مع القانون ملحقاً اسمه "قانون الطوارئ".
ويجزم المراقبون بضرورة أن يكون الجميع قادرين على فهم حيثيات كل مرحلة فلا ثابت في الحياة إلا الله والموت.. وهما الأمران المطلقان، ولا يجوز لأي لجنة مشكلة من الحقوقيين أن تفشل في فهم متطلبات الشارع فالشارع السوري يعرف ما يريد.
ويرى الكثيرون أن الأمن والأمان لم يصنعهما قانون الطوارئ بل أوجده السوريون الذين أحبوا بعضهم والتزموا بالقانون ليس خوفاً من القانون بل حرصاً على بلدهم، فالشام شامة الدنيا وصفوتها وتسليم الله للشام وصونها أمر نافذ ولا فتنة بالشام بل صلاح وإصلاح.
هذا الإصلاح الذي يريد المطالبون أن يبدأ من الحرية السياسية وإلغاء المادة الثامنة فقد آن لحزب البعث برأيهم أن يعود لطليعة الجماهير والشعب وكل الشكر له ولجهوده منذ الاستقلال وحتى الآن وحان الوقت لنعرف من يريد العمل لهذا الوطن ومن يريد فقط ترديد الشعارات وليكن الفصل في القانون الجديد للأحزاب ولنعرف فعالية كل حزب وتوجهاته للإصلاح ذلك بدعوة كل الأحزاب إلى الحياة السياسية والسماح لها بممارسة دورها وليفز الأفضل حسب الشعبية وبرنامج العمل.
ويشير المطالبون بضرورة إيجاد تيارين أحدهما يقود الحكومة بعد حصوله على أغلبية مجلس الشعب والثاني معارضة كما يحدث في تركيا وفي أغلب دول العالم، فلا يمكن النهوض بالأمة إلا إذا تنوعت الآراء فجمالية أي وطن تكون بالغنى والتنوع بأطيافه.
ويرى الكثيرون أن تكون انتخابات مجلس الشعب الأساس لتحديد توجهات الشارع دون وضع أشخاص من الجبهة يفوزون دونما عناء وبذلك يعتقدون أن هذا المنصب تشريفاً وليس تكليفاً للعمل وخدمة البلد. وإذا نظرنا إلى الدول التي شهدت تطورا حضارياً كبيراً، لنأخذ بريطانيا نموذجا، نرى أن أحد أهم الأسباب لهذا النهوض هو تقديس واحترام ذاك الصندوق الذي يسمى صندوق الاقتراع بعد الله.
وإذا دخلنا إلى المدخل الرئيسي في جامعة كامبريدج البريطانية، وهي الجامعة الأولى في العالم من حيث التصنيف نرى أنه كتب على أعلى ذاك المدخل ((من لا يعمل لا يخطئ))-ولسنا بصدد ذكر ذاك النموذج الانكليزي ولكن الإنسان الفطن يتعلم من نجاحات الآخرين-.
بالإضافة لذلك يطلب الشارع السوري من المجالس المحلية القادمة أن تكون خلية عمل نابعة من تطلعات المواطن في عيشة كريمة.
والأساس كما يرى المحللون بالوعي الشعبي ورفع ثقافته ومن الأفضل أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب ((حسب الكفاءة والمهارة العلمية والخبرة، ولا نغفل هنا اجتماعية ذاك الشخص حتى يستطيع التعامل مع المواطنين كبشر ويفهم كلمة المواطنة وأبعادها اصطلاحياً ومعنوياً))، دون النظر إلى حزبيته أو منطقته أو طائفته وليفز الأفضل الذي يكون الرقيب عليه هو ضميره أولاً وليس أي قانون فمهما كان القانون صارماً فإن الفساد قادر على الالتفاف عليه وتفريغه من قدراته.
وفي خطواتنا نحو الحكومة الجديدة يَعد المواطن الرقابة الذاتية عند كل مسؤول وفرد هي الانتماء الحقيقي لهذا البلد قولاً وفعلاً.
فالإصلاح لا يبدأ من طرف واحد ولا يمكن أن ينجح الرئيس بقيادة مسيرة الإصلاح والتغيير إذا لم يعمل معه فريق وطني هو 23 مليون مواطن سوري.
الرئيس الأسد نادى بالتغيير ورفض أن يكون التصفيق هو دافعنا للتعبير عن حبه أو حب الوطن فاحمرار اليدين بالعمل أولى لينعكس على البلد بالخير والارتقاء، وهذا هو الحب الصادق الذي لم يفهمه بعض الفاسدين الذين أبوا إلا أن يكون التصفيق شعارهم وكرسوا أنفسهم كشخصيات كبرى لا يمكن الوصول لها وكان التصفيق لهم تحت صفة المسؤول المستمد سلطته من الرئيس الصفة الأساسية لاستغلال خيرات البلد.
ويعتقد الكثيرون أنه من الأفضل أن تكون سمة المسؤولين الجدد هي الحركة والتواجد بين الشعب ومعرفة ما يريد حقاً وليكن مثلهم الرئيس المواطن الذي زار العديد من القرى والمناطق ليعرف ماذا يريد المواطنين.
وفي الناحية الأخرى يرى الباحثون أنه يفترض بالإعلام أن يكون كطائر الهدد الذي نقل الخبر للملك النبي سليمان والذي توخى الدقة واليقين لإصلاح للأمة.. موضوعياً فدور الإعلام اليوم ليس تجميل الصورة أو تغليب فلان على حساب فلان فالأساس هو المصلحة العامة والاقتصاد السوري المطلوب منه النهوض…
نعم إعلامنا يجب أن يكون اليوم الساحة التي يجتمع فيها الجميع ليقولوا كلمتهم، ولا أحد فوق أي طرح ويستحق المواطن السوري أن يسمع صوته ويستحق الإعلام أن يعرف أين وصل المسؤول بتنفيذ الخطط والمشاريع، ويطرح أسئلته المشروعة ((من ولماذا وماذا وكيف وأين ومتى)) والكل في دائرة الضوء وعلى المسؤولين التعامل بشفافية مع وسائل الإعلام ومع ما يطرح فيها من ملاحظات والترحيب بالرأي والرأي الآخر.
وقانون الإعلام كما يرى غالبية الإعلاميون مطلب حقيقي يتمتع به الصحفي بالحصانة لقول كلمته ويكون مسؤولاً عنها فالحرية تعني مسؤولية، ويترافق ذلك مع حرية إعطاء المعلومات وعدم التعتيم عنها وحرية التعبير والرأي بما يحقق للإعلام بشتى أنواعه الغاية المرجوة منه والتماشي مع هوية الإعلام الجديد وصيغته. والابتعاد عن مسألة أن يكون الصحفي هو الضحية دائماً فيسجن ((وهي الفقرة التي ينص عليها قانون المطبوعات الحالي، ويطالب معظم الإعلاميين بإلغائها)) فلا رقابة على الإعلام مادامت المنافسة هي التي ستحدد مصداقية التي تلتزم المهنية التي تستلزم إعطاء فرصة للوصول إلى معلومات إعلامية وعدم التعتيم الإعلامي، والزاني في الخبر ستجلده أفكار المواطنين وعقولهم المنفتحة.
وكل ذلك يتم كما يرى المطالبون بمنح القضاء استقلاليته وتمتعه بالنزاهة فسورية هي دولة قانون ومؤسسات وحريات وحقوق يحترم بها المواطن ولا ينبغي أن تكون غير ذلك.
فإصلاحنا وتغيرنا اليوم خرج به المواطن بشار الأسد كما خرج به المواطنون في كل محافظات سورية، ولا يجب أن يكون مقروناً بإراقة دماء السوريين فدماء السوريين ثمنيه ومقدسة ويجب أن يحاكم كل من يريد المساس بها.
والجميع يريد الحفاظ على المكتسبات وتعزيزها وحبنا للوطن إيمان وإيماننا به دافعنا للتغير والإصلاح.

المصدر
زهرة سورية -نيوز سنتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى