اقتصاديات

مؤتمر العروبة والمستقبل يستأنف أعماله: العروبة والدولة عناصر قوة وصلابة.

استأنف مؤتمر العروبة والمستقبل أعماله لليوم الثاني وتمحورت أولى جلساته حول العروبة والدولة وذلك بحضور الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية .
وأشار الدكتور حيدر إبراهيم علي من السودان رئيس الجلسة إلى نشأة تكوين الدولة العربية مؤكدا إمكانية أن تكون قوية وحديثة بالعمل الجاد لذلك .

وتناول الدكتور عبد الحسين شعبان من العراق في محاضرته بعنوان العروبة والدولة المنشودة العلاقة بين العروبة والهوية و بين العروبة والمواطنة وعلاقة العروبة بالدولة موضحا أن عناصر القوة والصلابة والوحدة لا تزال موجودة في صورة العروبة وان كانت غير منظورة الأمر الذي يتطلب تفعيل هذه العناصر بأبعادها الراهنة والمستقبلية ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتاريخيا ودينيا ولغويا في سبيل تحقيق بعض من الطموحات العربية المنشودة مثل التنمية والديمقراطية والعدالة.

وقال إن مراجعة التجربة ونقدها هو السبيل الأمثل لتجاوز عناصر الضعف وتعزيز القدرات بما ينسجم مع التطور الدولي ولاسيما في ميدان التنمية المستدامة و ذلك لأنه الأساس المتين للحديث عن عروبة متطورة و دور يعزز وينمي الشعور بالانتماء إليها.

ولفت إلى انه لايمكن الحديث عن فكرة عروبية أو قومية عربية دون الحديث عن عملية انبعاث جديدة لتيار عروبي تقدمي بجناحين أساسيين الأول يتمثل بالإيمان بالديمقراطية السياسية والثاني بالعدالة الاجتماعية وتعطيل أحد الجناحين سيضر بالعروبة وبفكرة الوحدة العربية مبينا إن فكرة الوحدة العربية مسألة محورية ومفصلية يشترك فيها على نحو وجداني أبناء العروبة من أقصى الخليج إلى أقصى المحيط وفقا لشعور تلقائي وعفوي بالانتماء إلى المشترك العربي الإنساني.

واستعرض الدكتور شعبان فكرة نشوء الرابطة العروبية وتعمقها في الوجدان العربي واختلاف اشكال التعبير عنها ولاسيما في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي والدعوات التي صاحبت ذلك من ضرورة العمل على قيام وحدة عربية فورية شاملة أو قيام اتحاد عربي على أساس التقارب السياسي والاجتماعي ولاسيما بين الأنظمة العربية أو إيجاد دولة المركز الأساس التي يمكن أن تلتف حولها دول وأقاليم أخرى لتشكل دولة الوحدة السياسية والاجتماعية.

ورأى أن العروبة منذ انطلاقتها المبكرة وعلى ما فيها من نزعة إنسانية ودعوة للحرية وشعور وجداني لاحترام الآخر والتي ساهم فيها قوميون عرب وشخصيات تنويرية وإصلاحية تراجعت بشكل خطير في فترة لاحقة بسبب بعض الممارسات مؤكدا ضرورة إبراز الجانب الإنساني للعروبة والنظر بايجابية إلى التنوع الثقافي ما يعزز الأخوة وتعمقها بين مختلف مكوناتها .

بدوره رأى الباحث الدكتور أحمد ماضي من الأردن في محاضرته بعنوان العروبة ومسألة الحكم أن هذا الموضوع غاية في الأهمية و ينبغي أن يستأثر باهتمام كل عربي حريص على المصالح العليا للأمة العربية لأنه يتعلق بحياة العربي التي يتعين على الحكم أن يوليه اهتمامه الأول والأخير مشيرا إلى أن مفهوم العروبة ليس مفهوماً محدداً بدقة بل مفهوم عام جدا مستشهدا بالمفكر القومي العروبي الأول ساطع الحصري الذي ألف كتبا ثلاثة وهي دفاع عن العروبة والعروبة بين دعاتها ومعارضيها والعروبة أولا وبالمفكرين زكي الأرسوزي والدكتور قسطنطين زريق .

وأشار إلى أن العروبة تعني أخذ المصالح المشتركة للعرب بعين الاعتبار بحيث تكون لها الأولوية من الناحية السياسية حيث أن الحصري فضلا عن تأكيده العروبة أولا فهو يؤكد أن العروبة قبل كل شيء وفوق كل شيء أي أن العروبة كانت لدى الحصري عقيدة أو مذهبا في الحكم لافتا إلى أن الحصري كان يؤكد أن فكرة العروبة تواجه مقاومة شديدة وتتعرض إلى هجمات عنيفة وقد دعا الباحثين إلى وجوب التمييز بين العروبة وبين الشعور بها.

وأوضح الباحث أن الحصري كان لايشك في أن بدء العروبة يعود إلى تاريخ سحيق في القدم كظاهرة تاريخية ولذلك فإن الشعور والتفكير بها واقعتان حديثتان إذ لم يصبحا محور سياسة واضحة إلا بعد استعمار البلدان العربية بمدة غير يسيرة مؤكدا أن مفهوم العروبة يحتاج إلى المزيد من التحديد والتدقيق وان يعتقد كل مواطن أن العروبة هي هويته بغض النظر إلى أي قطر ينتمي .

وأشار المشاركون في مداخلاتهم إلى الحاجة لبلورة منظومة من المصالح المشتركة لمواجهة مفاهيم ومحاولات التفتيت وإسقاط ما هو سائد من مفاهيم في معظم الدول العربية من أن المواطنة على درجتين والحاجة إلى مراجعة كتاب العروبة لان هناك ومضات وكتابات تكرس العروبة .

وأكد المشاركون أن أحد أهم مقومات التلازم بين العروبة والدولة هي الخدمات التي تقدم للمواطن وانه لايمكن بناء الدولة إلا بالتأسيس لمجتمع معرفي.

وتمحورت الجلسة الثانية من المؤتمر حول العروبة والدين وقال الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب المصري الذي ترأس الجلسة إن دمشق عاصمة القومية العربية ومصدر الإشعاع العربي في تاريخنا العربي كله وأن الحركة القومية سورية المنبت وأننا مدينون بذلك للسوريين الاوائل في بلاد الشام الذين حملوا لواء القومية العربية واثروها في كل أصقاع الأرض.

وأشار الفقي إلى أن موضوع العروبة والدين من أهم الموضوعات المطروحة فالدين ثري وشريعة غنية دخلت في كل تفاصيل حياة الناس كما أن هناك نظاماً سياسيا في الإسلام لكن هذه الشريعة الغنية بدأت من خلال أغلب اتباعها متعارضة مع الفكرة القومية وتوافقت معها في احيان أخرى لكن بقي السؤال المطروح هل حملت العروبة الإسلام إلى العالم أم الإسلام حمل العروبة إلى الدول التي فتحها وفيما يرى دعاة الإسلام أن الإسلام هو الذي حمل العروبة يرى آخرون أن العروبة كانت في وجودها سابقة للإسلام الذي فتح لها الطريق بحكم الدعوة السمحاء الذي جاء بها الرسول الكريم.

وأوضح أن الإسلام أثرى العروبة وأعطاها زخماً لكنه ليس المصدر الوحيد لها فالعروبة كائن فكري ككل الكائنات تتغير وتتطور ويجب مراعاة ما يجري من تحولات والتي تجعل للوحدة أشكالاً وقوالب مختلفة قائلاً إن العروبة ليست هذياناً عاطفياً وشعارات وانما اصبحت تكاملاً اقتصادياً ومشاريع ولا بد أن يشعر المواطن العربي بأن الحديث عن العروبة حديث مفيد يقتضي أبعاداً جديدة بمفردات العصر التي يجب عدم تجاهلها.

واشار إلى العلاقة بين العروبة والإسلام من خلال حركات التحرر الوطني في بعض الدول العربية والطلائع العربية التي هبت للدفاع عن فلسطين.

وقال الباحث الدكتور حسن حنفي من مصر في محاضرته بعنوان العروبة والانتماء الديني إن العروبة والدين ركيزتان للوجود العربي وجوهر متحرك يتجلى في اللغة والثقافة وفي الفن والدين ومتداخلان في حياة العربي منذ حياته الأولى وحتى الآن.

وأوضح حنفي أن العروبة والدين يشكلان عنصري توحيد للأمة العربية الإسلامية ضد مخاطر التفتيت وخطط التجزئة التي تحاك لها الآن بهدف تحويلها إلى دويلات تتجاذبها دول واحلاف اكبر شرقاً وغرباً.

وأضاف حنفي ان العروبة والدين ليسا نقيضين بل دائرتين متداخلتين كل منهما ركيزة للاخرى فالعروبة وعاء للدين والدين عصب العروبة مضيفاً أن الحضارة العربية قامت بفضل الدين الذي وحد العرب وجعلهم فاتحاً ممتداً من الشمال والغرب والشرق والجنوب.

ورأى حنفي أن العروبة لغة وشعرا توحد العرب إذا ما تخاطبوا بها بالفصحى ويحرصون عليها في المدارس والجامعات والإعلام وحياتهم اليومية حيث لا يفرط أحد فيها لحساب اللهجات المحلية مشيراً إلى أنه طالما بقي الشعر العربي القديم أو الحديث تبقى العروبة ويظل الوعي العربي يقظاً يحمل في جنباته رموز الشعراء ما قبل الإسلام وما بعده مؤكداً أن العروبة على أرض الواقع هي محيط أول يجمع العرب في الوطن العربي.

وحدد الباحث الدكتور ابراهيم دراجي من سورية في محاضرته بعنوان "العروبة والتسامح الديني" عدداً من الأسئلة التي لابد من الاجابة عنها حول موقف العروبة وروادها من قضايا التسامح الديني في عالمنا العربي ولماذا تم تبني هذا المبدأ وماذا لو لم يتم تبنيه والمطلوب من العروبة على هذا الصعيد في المستقبل.

وأشار إلى أنه من الطبيعي أن تكون المنطقة العربية وتحديداً المشرق العربي منطقة تنوع ديني واسع شكلت لفترة طويلة قلب العالم القديم وشهدت تقاطعاً هائلاً للثقافات والحضارات وولادة الأديان السماوية الكبرى موضحاً أن التنوع جزء دائم من النسيج المجتمعي الطبيعي في منطقة تتميز أساساً بالتنوع والتعدد موضحاً ان المسيحيين العرب كانوا من الرواد الأوائل للقومية العربية التي طرحت فكرة تأسيس دولة عربية مستقلة وأن التسامح والاعتراف بالأقلية المسيحية كان سمة رئيسية للأفكار التي ظهرت في المؤتمر العربي الأول الذي انعقد بباريس في العام 1913.

ورأى دراجي أن الفكر القومي العربي في بداياته أظهر منذ نشأته تسامحاً واعترافاً بالأقليات الدينية وأبرز أهمية وإمكانية دمج العرب على اختلاف انتماءاتهم في الأمة العربية الواحدة موضحاً أن دعاة العروبة ابرزوا جانب التسامح الديني في الفكر القومي العربي ودعوا لتبنيه من خلال ابراز مجموعة من القيم الحضارية في مفهوم العروبة.

ولفت إلى مخاطر عدم وجود وممارسة وابراز وتفعيل قيم التسامح الديني في الفكر العربي وانعكاساته على الأمة العربية والى خطر فشل تحقيق هدف الدولة القومية الذي ستكون له اثار خطيرة في الهدف العروبي الجامع وهو توحيد العرب باعتبار أن واحدة من العقبات الاساسية التي تعترض تحقيق الوحدة العربية في ما يعتبره البعض قصور الفكر القومي العربي عن معالجة مسألة الأقليات.

وقال دراجي إن هناك مشاريع تستهدف عروبتنا تحت ستار التذرع بحماية وحقوق الاقليات الدينية في عالمنا العربي وهو ما يستدعي عدم اعطاء أي ذريعة أو مبرر لاحد في الداخل او الخارج للزعم بانتقاص الحقوق وانعدام قيم التسامح الديني في العالم العربي مؤكداً ضرورة تفعيل ممارسة التسامح على أرض الواقع بصورة جدية وملموسة وعدم تجاهل هذه القضية والاهتمام اكثر بإنتاج فكر قومي عربي يجيب عن كل التساؤلات المستجدة ويملك القدرة على مواجهة كل التحديات القائمة بصورة واقعية وعقلانية.

وركزت المداخلات حول مسألة تشخيص حالة التسامح الديني في الواقع العربي وثقافتنا المعاصرة وأن القضية الرئيسية هي أن العروبة مشروع دولة وقضية نضالية ينبغي تحقيقها وانا عليا قومية يمكن أن تشكل تجمعا أو دولة وأن القضية ليست ثقافية تراثية وانما مشروع سياسي

المصدر
سانا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى