مقالات وآراء

الانتخابات السودانية حلم الاستقرار وتجاوز التحديات .. بقلم هشام منور

يعيش السودان ، سلة الغذاء العربي ، وخزان ثرواته المستقبلية ، وواحد من أكبر الدول الإفريقية من حيث المساحة ، حلماً راوده منذ أكثر من 24 عاماً هو تاريخ إجراء آخر انتخابات تشريعية عامة ..

إلا أن هذا الحلم لم تحل التحديات والأزمات التي يعرفها السودان من محاولة تعكيره أو حتى تأجيله أو إلغائه في ظل حالة الاستقطاب الجارية بين الحكومة وأحزاب المعارضة حول توقيت إجراء الانتخابات، وتوفير الظروف والأجواء المناسبة للخروج بانتخابات ذات شرعية وصدقية كبيرة ..

قد توصف الانتخابات الحالية بأنها انتخابات استثنائيّة أو تعدّدية أو حتى صعبة في ظل حالة المقاطعة، بأشكال متنوعة، والتي أعلنتها أحزاب رئيسية، ممهدة الطريق أمام مرشحي حزب المؤتمر الوطني الحاكم، لتحقيق فوز قد يكون طعمه أقرب إلى الخسارة. آمال كثيرة عقدت على الانتخابات السودانية، التي من المقرر أن تجري بين 11 و13 من الشهر الحالي، كان يطمح منها طيّ صفحة الانقلابات العسكرية في البلاد، والعودة إلى الحياة الديمقراطية الاعتيادية ..

خاض السودان في تاريخه الحديث خمس انتخابات رئيسية لاختيار أعضاء البرلمان الوطني وثمان انتخابات فرعية, غير أن الانتخابات الحالية مختلفة كلية عن سابقاتها من حيث الأهداف والمقاصد والتحديات, خصوصاً وأنها تجري على ستة مستويات وبثلاثة أنظمة انتخابية مختلفة بالتزامن, يختار من خلالها الشعب رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب وحكام الولايات الـ25 والبرلمان الوطني والبرلمان الجنوبي وبرلمانات الولايات, وبالتالي تصويت الناخبين البالغ عددهم 16 مليوناً في الشمال ثمان مرات وفي الجنوب 12 مرة وعلى مدى ثلاثة أيام ..

بيد أن العديد من التحديات والأزمات برزت قبل أشهر من موعد الانتخابات وتفاقمت في الأسابيع الأخيرة، ساهمت في دفع أحزاب رئيسية إلى المقاطعة، كالحركة الشعبيّة لتحرير السودان والحزب الشيوعي، قبل أن يعلن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي مقاطعته لها على كافة المستويات ..

والحال أن هذه الانتخابات تمثل خطوة أساسية من الخطوات المقررة في اتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب عام 2005 والذي أنهى حرباً أهلية استمرت 22 عاماً، وهي تسبق الاستفتاء الذي سيجري في عام 2011 على تقرير مصير الجنوب. لكن المجتمع الدولي – وبالتحديد الولايات المتحدة – أوضح أنه مهما كانت الانتخابات "سيئة"، فإن الأولوية هي إجراء استفتاء سلمي. وقالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة سوزان رايس إن واشنطن قد تقبل تأجيل بدء الانتخابات لفترة قصيرة، في دعم منها لأحزاب المعارضة في موقفها من الانتخابات الحالية ..

والحال أن إجراء الانتخابات الحالية على تنوعها وشمولها وأهميتها، لا يشكل التحدي الأكبر والأهم من وجهة نظر الشارع السوداني، إذ تبقى أزمات دارفور والاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، وإنهاء حالة النزاع بين الفرقاء السياسيين في السودان، التحديات الأبرز التي قد تغير من شكل وملامح مستقبل السودان الغني بتنوعه وثرواته البشرية والمادية على حد سواء، فيما يبقى أن يقف العرب مع السودان في مواجهة المؤامرات المتربصة بوحدته وسيادته وثرواته بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها الانتخابات الحالية ..

بواسطة
هشام منور
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى