اقتصاديات

انتخابات العراق ‏..‏ حملات دعائية بملايين الدولارات‏

من يتجول في شوارع العاصمة العراقية بغداد هذه الايام لا يشعر بأنه في العراق او بالاحري في بلد يعاني من نقص كل شيء بدءا من أبسط الخدمات مرورا بالأمن وانتهاء بوجود احتلال وصراعات داخلية وإقليمية تحكم عمل هذا البلد‏ ..

العراق الآن ارتدي ثياب الدعاية للانتخابات البرلمانية القادمة وباتت اللوحات الدعائية الضخمة تزين شوارع العاصمة العراقية التي غاب عنها الامن والإعمار لسنوات طويلة واحتضنتها الكتل الاسمنتية ونقاط التفتيش‏,‏ ورغم الاجواء الامنية القلقة فإن الحملات الدعائية علي اشدها بين جميع الكتل والاحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التي لايعكر صفوها الا عمليات الاستبعاد التي شملت الكثير من القوي السياسية‏ ..

والتي استبعدت من قبل هيئة المساءلة والعدالة‏,‏ والامر الذي لايمكن تجاهله هنا هو كم ونوع الحملات الدعائية التي وظفتها جميع الكتل المتنافسة بدءا من رسائل الموبايل التي تعرف بالقوائم والناخبين مرورا بالملصقات الانتخابية الفاخرة والضخمة وانتهاء بالرشاوي الانتخابية التي تقدم للناخبين سواء كانت للاستخدام الصيفي او الشتوي في مختلف المناطق العراقية والتي من الصعب تقديرها بصورة شاملة او دقيقة ويكفي ان نشير الي ان مطبعة واحدة تعاقدت بمبلغ مليار و‏300‏ مليون دينار عراقي‏(‏ الدولار يساوي‏1118‏ دينارا‏)‏ لطبع ملصقات وبوسترات انتخابية لأحد المرشحين العراقيين‏,‏ هذا خلافا للإعلانات في الصحف ووسائل الاعلام الاخري المختلفة‏..‏ ان ما تشهده شوارع بغداد وفضائياتها وصحفها من زخم دعائي وضخ للاموال يكشف عن كم التناقض بين المعاناة التي يعاني منها الشعب العراقي وبين الاهدار للأموال من قبل من هم المفترض انهم يخدمون هذا الشعب‏ ..
 
وبالطبع فإننا لسنا ضد التجربة الديمقراطية في العراق بقدر ما نتساءل‏ :‏ اين كانت هذه الاموال من اصلاح القطاعات المختلفة المنهارة من كهرباء ومياه ومبان؟ وأين هي من معاناة الارامل والايتام والقتلي الذين سقطوا في صراعات ارتدت ثياب المذهب والعرق وهي في حقيقتها صراع علي المال والمنصب وكان الابرياء هم وقودها والآن يطلب منهم الادلاء بأصواتهم مرة اخري لهذا الطرف او ذاك‏,‏ والامر الذي لايمكن تجاهله ايضا ان البسطاء من العراقيين يتابعون مثلنا الموقف ولايجدون سبيلا الا مسايرة هذا الواقع الجديد محاولين الاستفادة قدر الامكان من الموسم الانتخابي‏,‏ ويقول احد العراقيين في شارع السعدون‏:‏ انه لو أنفق جزء من اموال الدعاية علي البلد لانصلح حاله ولما وجد عاطل او فقير ويضيف آخر ان الامر جيد ويكشف للجميع ان العراق بلد ثري والا لماذا هذا التبذير في الانفاق لو لم تكن الانتخابات تستحق هذا الانفاق والصراع عليها؟‏!.‏ 

ولاجدال ان الدعاية الانتخابية أنعشت الكثير من القطاعات وعاد سماسرة الاصوات وشركات الدعاية الي الوجهه مرة اخري هم ومصممو الشعارات الدعائية وحتي نضع القارئ في الصورة فإن المرشح او الكتل التي تضم عددا من الائتلافات الحزبية وضعت حملة دعاية ورصدت لها ملايين الدولارات لانفاقها في افكار الملصقات واساليب الدعاية والطباعة وتشكيل الفرق الميدانية من خلال استئجار شاحنات وسيارات لمتابعة الملصقات يوميا وتغيير التالف منها وتثبيت ما سقط او مزق من قبل آخرين في مختلف انحاء بغداد والعراق وعلي القارئ ان يتصور المبلغ الذي يمكن ان ينفقه أي مرشح او قائمة لتغطية بغداد وحدها بالملصقات وفرق المتابعة الميدانية فقط ويحسب المبلغ المنفق من جميع الاحزاب والكتل والذي قدر احد المصادر بأنه من الممكن ان يتجاوز المليار دولار في عموم العراق‏ ..

أما اساليب الصراع الانتخابي فهي متعددة هنا وتبدأ من الاغتيال او الاستبعاد القانوني وتنتهي بتمزيق الملصقات وتهديد المؤيدين وهنا نشير الي انه رغم ما اعلن عن اجراءات صارمة ضد من يمزق الملصقات للمرشحين فإننا رصدنا الكثير من الحالات التي تورطت فيها جهات من المفترض انها محايدة في تمزيق الملصقات الانتخابية لآخرين بل ان آثار الطائفية مازالت موجودة في العديد من المناطق رغم ان الكثير من القوائم ان لم يكن جميعها يضم شخصيات من مختلف المذاهب والاعراق‏,‏ بقيت الشعارات وهي متعددة وتبدأ من‏:‏ لن اغفر لمن ظلمكم لمحمود المشهداني ثم البناء والتعمير للمالكي ووطن للجميع وغيرها من الشعارات والاشارات من قبل رموز القوائم الانتخابية ولوحظ انها جميعا تبعد عن الطائفية وتركز علي محاسبة القتلة والفاسدين في العراق‏,‏ اما العناصر النسائية المشاركة في الانتخابات فكانت محل تعليق من العراقيين جميعا وعلي اختلاف توجهاتهم والجميع هنا يركزون علي المرشحات الجميلات بغض النظر عن القائمة وعندما شاهد احد العراقيين صورة احدي المرشحات قال انه سينتخب هذه المرشحة قائلا‏:‏ النساء افضل من الرجال وفي اثناء وقوف احد عناصر الجيش امام احد الملصقات لاحدي المرشحات من احد الاحزاب الدينية صاح برقم قائمتها وعاد إلي سيارة الدورية الخاصة به بعد ان تأملها بحسرة ولا تخلو الشوارع من الكثير من المشاهد المضحكة بشأن الانتخابات والمرشحين في مختلف الانحاء العراقية ولكن الامر الذي لايمكن تجاهله هو ان سير العملية الدعائية بسلام حتي الآن انعش الكثيرين ولم يزل المخاوف من نفوس العراقيين مما يمكن ان تشهده الفترة المقبلة من اعمال تفجير وقتل‏,‏ والجميع يتمنون ان تكون هذه الانتخابات بداية لنهاية المعاناة وليس استمرارا للوضع علي ما هو عليه خاصة ان العراق مثقل بالكثير من الملفات والقضايا الشائكة‏

بواسطة
محمد الأنور / العراق
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى