صحافة أجنبية

الشيوعية تحتفظ بقبضتها في آسيا رغم انهيارها في كل مكان

عندما انهار النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي وشرق أوروبا قبل 20 عاما أعرب الكثير من المراقبين عن أملهم في حدوث ردود فعل مماثلة في آسيا. لكنهم أصيبوا بالاحباط حيث أن أنظمتها الشيوعية الاربعة لم تبق فحسب وإنما ظل البعض منها مزدهرا منذ عام1989.
وسيطرت حكومات الصين وفيتنام وكوريا الشمالية ولاوس بقوة على السلطة مستخدمة استراتيجيات تتباين من إصلاحات السوق الحر إلى قبضات حديدية.

ودفعت الاصلاحات الاقتصادية إلى نمو سريع في الصين وفيتنام وهما من أكبر الدول المصدرة في العالم مع صعود الصين كثالث أكبر اقتصاد في العالم وهي الان في طريقها لان تحتل المكانة الثانية.

غير أن الاصلاحات السياسية غير مرتبطة بالاصلاحات الاقتصادية وتحتفظ الحكومتان بقبضتهما على السلطة من خلال حزب واحد فيما تقومان بقمع المعارضة. وتتخذ كوريا الشمالية ولاوس مسارين مختلفين.

والبلدان يفتقران إلى التنمية الصناعية والاقتصادية ويصنفان ضمن أفقر البلدان في العالم. وبقى النظام الكوري الشمالي في السلطة من خلال انتهاج أساليب وحشية وسياسة "الجيش أولا" والعزلة والتهديدات النووية. وفي الوقت نفسه تعتمد لاوس التي فتر الاهتمام الدولي بها منذ انتهاء الحرب الفيتنامية على المعونات الاجنبية.

وواجهت الصين وابلا من الانتقادات والدعوات للاصلاح من الغرب في عام 1989 بعد حملتها الصارمة الدامية ضد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في ميدان تيانانمين في بكين.

غير أن النمو السريع في قوتها الاقتصادية والدبلوماسية العالمية خلال الاعوام العشرين الماضية أدى تدريجيا إلى توجه أكثر واقعية من جانب معظم البلدان. وأثار الرئيس الامريكي السابق جورج بوش وزعماء غربيون آخرون بالكاد أثناء حضورهم الالعاب الاولمبية الصيفية العام الماضي في بكين على سبيل المثال القضايا القديمة لحقوق الانسان والديمقراطية.

وفي هذا الصدد يقول شين دينجلي المختص في العلاقات الدولية في جامعة فودان في شنغهاي أن الحكومات الغربية لم تقلل من اهتمامها بشأن حقوق الانسان وإنما أعربت عن استعدادها بشكل أكبر لاجراء حوار مع الصين بشروطها الخاصة واعترفت بأن حقوق الغذاء والامن في البلد النامي مهمة تماما مثل الحق في حرية التعبير.

وساعدت القوة الاقتصادية الصينية أيضاعلى ذلك . ومنذ عام 1989 شهدت الصين نموا غير مسبوق ناجم عن التجارة والاستثمار من دول غربية تتلهف لان تستفيد من عمالتها الرخيصة وإمكانيات مئات الملايين من المستهلكين الجدد من بين شعبها البالغ تعداده 3ر1 مليار نسمة.

وعلى الصعيد المحلي دعمت الحكومة حكمها بالسماح بالمزيد من الحريات الاجتماعية لكنها تحافظ على جهاز أمني سري هائل لضمان عدم تشكيل أي جماعات منظمة أي تحد سياسي للحزب.

وذكر بعض المراقبين أنهم يعتقدون أن زعماء صينيين تبنوا استراتيجياتهم لبقاء الحزب بعد أن حللوا انهيار الحلفاء الشيوعيين السابقين في الاتحاد السوفيتي.

وكتب جيفري واسيرستروم أستاذ التاريخ في جامعة كاليفورنيا بمدينة إرفين الشهر الماضي في مجلة "فورين بوليسي" الامريكية إنه ردا على ذلك شن الحزب حملات توعية وطنية في التسعينيات و " ثورة للمستهلكين " لمحاربة المشكلات الاقتصادية.

وفي فيتنام بدأت إصلاحات السوق الحر قبل اصلاحات البروستروكيا في الاتحاد السوفيتي.

وبعد أن تغلبت فيتنام الشمالية الشيوعية على الجنوب في عام 1975 كانت محاولة هانوي لتشكيل مزرعة جماعية على النمط السوفيتي كارثة وتسببت في ظروف أقرب ما تكون إلى المجاعة.

وغيرت الحكومة موقفها وبدأت في عام 1981 السماح للمزارعين ببيع حصادهم الفائض. وبحلول عام 1989 تحولت فيتنام من مستورد للارز إلى واحدة من أكبر مصدري الارز في العالم. وسرعان ما امتدت الاصلاحات التى اطلق عليها دوي موي إلى المشروعات الصغيرة.

وفي عام 1995 أعادت فيتنام إحياء العلاقات مع الولايات المتحدة والتي ساعدت في إنهاء عزلتها الدولية وفتحت البلاد أمام التجارة والاستثمار. وتدفقت الشركات الاجنبية ورؤوس الاموال الاستثمارية وانكمش مستوى الفقر في فيتنام من نصف إجمالي عدد السكان إلى أقل من ربعهم.

في كوريا الشمالية عزل حزب العمال الكوري الحاكم نفسه عن باقي دول العالم وبقى على سيطرته الشاملة على الاقتصاد على حساب الفقر الواسع الانتشار والمجاعة.

ولا يسمح الحزب بأي معارضة ودعم زعيمه كيم جونج إيل نظامه من خلال ما تسمى بسياسة "الجيش أولا" التي ساعدت الجيش الكوري الشمالي على أن يصبح خامس أكبر جيش في العالم.

وعلى الصعيد الدولي تتهم كوريا الشمالية بتبني أساليب الاندفاع إلى الحافة من خلال برامجها النووية والصاروخية للنجاة من الضغوط السياسية من الخارج وضمان أمن نظامها وحكومة وسلطة كيم.

ومازال ينظر إلى الصين على إنها الحليف الاكثر أهمية لكوريا الشمالية وأكبر مستفيد. وتحاول بكين منذ زمن طويل وضع كوريا الشمالية على مسار مماثل من الاصلاح تماما مثل الصين لكنها لم تنجح في ذلك.

أما لاوس فهي دولة من حزب واحد وحتى الاونة الاخيرة لا يسمح حتى للمنظمات المحلية غير الحكومية خوفا من إنها ربما تشكل قاعدة سياسية للمعارضة.

وتشكل المعونات الاجنبية 50 بالمئة من ميزانية الحكومة وتمول بشكل فعال قوة الاحتكار للحزب الشيوعي.

وسمحت تلك المعونات إلى جانب وفرة القوة الكهرومائية والخشب والمعادن لاقتصاد لاوس بالابقاء على نمو كبير بلغت نسبته 7 بالمئة في المتوسط في السنوات الاخيرة ومن المرجح أن يصل إلى 5 بالمئة في عام 2009 في وقت تترنح باقي دول العالم تحت وطأة كساد اقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى