اقتصاديات

مصرف سوريا المركزي : ليست العوامل الداخلية سبباً بالتضخم بل الحصار والعقوبات كانت سبباً

أكد السيد «منهل جانم» مدير الأبحاث الاقتصادية في مصرف سورية المركزي خلال مشاركته بالندوة الحوارية التي أجرتها منصة تشرين بأن : «التضخم لم تسببه فقط العوامل الداخلية بل هناك عوامل خارجية ليست خافية على أحد من حصار وعقوبات طالت حتى الأدوية و السعر العالمي ليس مقياساً لتكاليف الاستيراد» ..

وقد فسر مسؤول البنك المركزي بالندوة التي جمعته مع رجل الأعمال «وسيم القطّان» أمين سر غرف التجارة السورية، والدكتور «ياسر كريّم» رئيس لجنة الإعلام في غرفة تجارة دمشق عبر «منصّة تشرين» بأن واقع التضخم يتمثل بالارتفاع المستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات التي تهم الشريحة الواسعة من المواطنين والتي لها تأثير في القوة الشرائية وفي النشاط الاقتصادي بشكل عام وكل متعلقاته، ليكون المحدد الأساس للتضخم هو مستوى أسعار السلع والخدمات.

وفقاً لـ”جانم”، يحمل التضخم نوعين من التأثيرات الأول تأثير على المستوى الجزئي، أي على القوة الشرائية للمواطن، والتأثير الآخر هو الكلي، أي على الاستهلاك والاستثمار والصادرات والنشاط الاقتصادي بشكل عام، كما أن المعالجة الحكومية هي باقة متكاملة لا تتجزأ، والأبرز فيها هو دعم النشاط الزراعي الذي يحتاج الدعم الكبير لزيادة الإنتاج الزراعي، وثم دعم الصناعة ودعم بدائل المستوردات والعمل على تخفيض فاتورة الاستيراد التي كلما انخفضت خفت الحاجة إلى القطع الأجنبي.

ومن أوجه المعالجة أيضاً التكاتف مع القطاع الخاص -كما يصفه جانم- بغية دعم الإنتاج وتحفيز الاستثمار على حساب الاستهلاك، مؤكداً أن الوضع قابل للمعالجة والحل، وهناك جزء كبير من التضخم انعكس على الواقع الاقتصادي نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد المرتبطة بارتفاع الأسعار.

وميز “جانم” بين أنواع التضخم، مبيناً أن التضخم الجامح هو الارتفاع الكبير بالأسعار والذي تعجز السياسة النقدية عن ضبطه، والتضخم المرغوب هو هدف السياسة النقدية بحيث تحقق استقراراً بأسعار التضخم الذي يتحرك ضمن أهداف السياسة النقدية، وهنا لا يحمل المعنى السلبي بل يكون حالة صحية ضمن المستوى الذي تستهدفه السياسة النقدية ويكون محفزاً للطلب والإنتاج والتصدير، أما النوع الثالث، فهو التضخم المكبوت وهنا تتدخل الحكومة لتحديد الأسعار ويبقى غير معلن. كما يأتي التضخم من عوامل داخلية وخارجية -كما يؤكد جانم- حيث ترتبط العوامل الداخلية بسعر الصرف والقوة الشرائية وزيادة الأسعار وتكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة والمواصلات، بينما ترتبط الخارجية منها بمفهوم التضخم المستورد.

أهم المؤشرات النقدية ..

يرى مدير الأبحاث الاقتصادية بالبنك المركزي أن التضخم هو أهم المؤشرات النقدية في أي اقتصاد في العالم لأنه ينعكس على النشاط الاقتصادي برمته، وكلما ارتفعت الأسعار المحلية تخسر الميزة التنافسية، ما ينعكس على الصادرات وهو عامل محبط للادخار، والمطلوب حالياً هو التوازن. مشيراً إلى أن وتيرة التضخم كانت تصاعدية ولكن بعد أن بدأت السياسات النقدية الحكومية بأخذ مفاعيلها ورجوع العديد من مقدرات الدولة إليها، بدأنا نلمس تحسناً في المؤشرات الاقتصادية، وهذا التحسن يجب أن ينعكس على الواقع، وإذا ما قيمنا السياسة الحكومية النقدية من 2020 إلى 2022 وما مفاعيلها على التضخم العام السنوي والشهري نرى أن مؤشرات التضخم في تحسن -كما يوضح جانم- وهذا مثبت بالأرقام.

وبحسب “جانم” فإن معدل التضخم العام عام 2020، بلغ 114 في المئة، وتراجع عام 2021 إلى 101في المئة، واليوم وبعد الإجراءات الحكومية لضبط الائتمان والسيولة نرى أن معدل التضخم العام بلغ 59 في المئة، ومعدل التضخم السنوي حتى أيلول لهذا العام هو 55 في المئة وهو أقل من السنة الفائتة حيث بلغ 74 في المئة.

القاعدة الأساسية للسياسية النقدية …

تبدو القاعدة الأساسية التي يعمل عليها البنك المركزي لاتخاذ القرار هي الوصول إلى الهدف الأسمى المتمثل بالحفاظ على التضخم بمستويات مقبولة، حيث يعاني الاقتصاد من الإنهاك لجملة أسباب منها الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على بلدنا، والحكومة مضطرة لتأمين الموارد بطرق عقلانية لتحسين الظرف المعيشي للمواطن -كما يفسر جانم- حيث يتركز العلاج للوضع الاقتصادي القائم على دفع العجلة الاقتصادية اعتماداً على الإنتاج بالدرجة الأولى والذي هو كفيل بامتصاص حالة التضخم القائمة، وزيادة الإنتاج تعني زيادة الاستثمار وزيادة كتلة الرواتب.

علاج التضخم النقدي …

الحلول العلاجية لمشكلة التضخم تبدأ بزيادة الإنتاج المحلي وتحريك العجلة الاقتصادية وهما الضامن الأساس لزيادة الرواتب والأجور وتحسين الواقع المعيشي للمواطن، فلا يمكن زيادة الرواتب والأجور من دون التوجه إلى زيادة الإنتاج لأن ذلك يأخذنا إلى التضخم الجامح، وزيادة الإنتاج تكون من خلال دعم الاستثمار والمشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة وهناك جهود حكومية لتأمين مستلزمات الإنتاج وخاصة المتعلقة منها بالطاقة.

والأولوية -حسب جانم- في الدعم يجب أن تكون لمصلحة الإنتاج الزراعي لكون الاقتصاد السوري قائماً على الزراعة في الدرجة الأولى إلى جانب دعم الصناعات الأساسية لإحلال بدائل المستوردات، فكلما انخفضت تكلفة الاستيراد انخفض الاعتماد على القطع الأجنبي وزاد الاعتماد على الناتج المحلي الداخلي، وعليه يتم تصحيح ميزان المدفوعات ويزداد الإنتاج وتدور العجلة الاقتصادية ونحدّ من التضخم…

وأوضح “جانم” أن إصدار وزارة المالية سندات الخزينة الحكومية لتمويل عجز الموازنة إجراء مالي صحيح ١٠٠%؛ فمحفز التضخم هو التمويل بالعجز، وكلما كان في إصدار النقد تمويل للعجز، تم ضخ كتلة نقدية وبالتالي زيادة العرض النقدي، لافتاً إلى ضرورة تطوير شهادات الإيداع وطرحها للأفراد بدلاً من اقتصارها على المصارف؛ فبدلاً من رهن البيت مثلاً يتم رهن شهادات الإيداع للحصول على قرض، وتلك الشهادات خاضعة للحسم والتسوية وتسديد الدين والرهن إلى جانب تسهيلات ائتمانية ومحفزا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى