مقالات وآراء

نصحتك فالتمس يا ليث غيري..! بقلم د. صلاح عودة الله

من يريد أن يقشعر له بدنه, فعليه بقراءة ما رصدته صحيفة الحقيقة الدولية الأردنية على موقعها الالكتروني لمعاناة العالقين على معبر رفح..(ضابط مصري برتبة ملازم يصرخ في وجه الفلسطينيين عايزين إيه يا شوية كلاب وسائقو الباصات يبتزونهم لإجبارهم على دفع العيدية
عندما قام العدو الصهيوني بشن هجومه الوحشي على قطاع غزة في اواخر العام المنصرم وأوائل العام الحالي وارتكب مجزرته البشعة بحق أبناء شعبنا في القطاع مستخدما كافة الوسائل الحربية بما فيها المحرمة دوليا, قام وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط باطلاق تصريحه المخزي:"سنكسر عظام كل من يحاول عبور المعابر", مشيرا الى أبناء قطاع غزة الذين حاولوا الهروب من الة البطش الصهيونية الى الجانب المصري للمعابر, وتهديده هذا ذكرنا بالأمر الذي أصدره اسحق رابين عندما كان وزيرا لحرب الكيان الصهيوني لقائد أركان جيشه ايهود باراك ابان الانتفاضة الأولى بتكسير عظام الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال.
لقد قام ممثلوا السلطات المصرية على معبر رفح الذين لم يرحموا صرخات الصغار وأنات الكبار من العالقين الفلسطينيين العائدين إلى حضن الوطن بعيد رحلة قاسية قضوها في منافي البلاد المختلفة ليأتوا إلى هنا حيث معبر رفح املين في الدخول إلى وطنهم الذين فارقوه طويلا ورغبة في قضاء أخر أيام شهر رمضان المبارك وسط الأهل والديار ولكن صدمتهم كانت مدوية وهم يلاقون شتى أنواع العذاب والهوان على أيدي السلطات المصرية التي أوقفتهم لأيام خلف الحواجز وتحت الشمس الحارقة وهم صيام، كما على أيدي سائقي الباصات التي كانت تقوم بنقلهم من أمام الحواجز الأمنية لتوصيلهم إلى صالة المغادرة بمعبر رفح البري.
ووسط صراخ الاف العالقين المطالبين بتقديم التسهيلات لهم, كانت هنالك صرخة ولكن من نوع اخر, انها صرخة ضابط مصري حقير يطلقها مدوية في اذان الجميع(عايزين إيه يا شوية كلاب، مش عايز اسمع صوت كلب منكم واللي هاسمع صوته مش هضربه إلا بده"هو يشير إلى حذاءه")..وفي نفس الوقت قام سائقو الباصات المصريون بابتزاز العالقين واجبارهم على دفع"العيدية".
مرارا قلنا بأنه يوجد فرق شاسع ما بين الموقف المصري الرسمي والشعبي, ولكن نعرف ونقر بأن الشعب المصري الكادح المغلوب على أمره لهو شعب منتفع وله وجهان, وما يهمه هو مصلحته الشخصية, ومن كان في مصر يعرف أنه بدون الواسطة والرشوة لا يمكن عمل أي شيء..كنا نتوقع من الاخوان المصريين الشعور مع اخوانهم الفلسطينيين الذين يعيشون مرارة الاحتلال وقهر اللجوء وعذابه, فهم من لجوء الى لجوء, وما أصعبه من حال.
دافعنا عن الشعب المصري الغلبان ولا نزال ندافع, وهنا أستذكرأمرا حصل في شهر أيلول قبل عامين, فعلى خلفية قيام ضباط فى الشرطة الكويتية بتعذيب مواطنيين مصريين مقيمين فى الكويت، شن الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم هجوما عنيفا على مصر حكومة وشعبا..وقال الهاشم فى مقاله تحت عنوان "لا تعايرني..ولا أعايرك", بصحيفة "الوطن الكويتية" فى اطار رده على انتقاد الصحافة المصرية لتعذيب المصريين("الكتاب الصحافيون شنوا هجوما حادا ضد الكويت وكأنهم اكتشفوا ـ فجأة ـ ان "للمواطن المصري كرامة", بعد ان عودتهم حكومتهم على ان تسعيرة "المصري الغلبان" حين يموت في حادث قطار هو تعويض اهله بـ "2000 جنيه" ـ أي ما يعادل مائة دينار كويتي أو ثلاثمائة دولار امريكي أي ما يساوي سعر غسالة كورية في السوق الحرة بمطار القاهرة)..انها أقوال جارحة وقذرة, ومع أن موقفي من فؤاد الهاشم معروف ولا أريد النزول الى مستواه المخزي والمقرف في نفس الوقت, فهو انسان لم يترك مقاومة عربية الا وانتقدها وقلل من شأنها واستهزأ من قادتها, الا أن الصواب قد حالفه وان كان بشكل جزئي في ما جاء في مقاله المذكور أعلاه..لم أكن أن أتوقع في يوم من الأيام أن أقف مؤيدا لهذا الكاتب, ولكن ظروف العالقين وتصرفات المسئولين المصريين, جعلتني أخرج عن المسار السليم لفكري ونهجي واللجوء الى النهج الماكيافيلي.
وأما بالنسبة للضابط الذي نعت العالقين بالكلاب فأقول:لن أنعتك بهذه الصفة, فالكلب حيوان وفي وذكي جدا وأنت تفتقر لهاتين الصفتين, ولا أريد أن أظلم الكلب وأحتقره..لسنا بالكلاب يا هذا, نحن من علم كل الشعوب العربية أبجدية العلوم والثقافة وجعلناها شعوبا تسير في ركب التقدم, ورفعناها درجات بعد أن كانت في ركب التخلف..نحن من علم هذه الشعوب الصحوة والمطالبة بالحرية والاستقلال, وللأسف انقلب السحر على الساحر, فقام قادة هذه الشعوب وتاجروا بقضية شعبنا وباعوها.
أيها الوغد العبد, لسنا بالكلاب, وأهل مكة أدرى بشعابها, وقد نجح سيدك أبو الغيط في تعليمك كيف يكون انكار الجميل, ولكن عليكم جميعا أن تعلموا أن شعبا قاوم ولا يزال يقاوم الاحتلال البغيض والذي تمكن من هزيمة أربعة جيوش عربية, لهو قادرعلى أن يواجه بطشكم يا عبيد أمريكا و"اسرائيل", ولن أقول"وظلم ذوي القربى", فأمثالك وأمثال أسيادك لم ولا ولن يكونوا يوما قريبين من شعبنا المعطاء, ورحم الله مصر عبد الناصر, ولك ولأسيادك الخزي والعار, وليخسأ الخاسئون.
ومن هنا نقول ونذكر الجميع بالمثل القائل, "ليس كل الطيور تؤكل لحومها", ولحم شعب فلسطين لا يؤكل, ورحم الله القائل:نصحتك فالتمس يا ليث غيري**طعاما ان لحمي كان مرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى