تحقيقات

“القانون لا يحمي المغفلين”..مقولة المحتالين

لأجل حماية المواطن(المستهلك) وحرصاً على مصلحته المادية والمعنوية ومنعاً للكثير من حالات الغش والغبن التي تقع علينا كمستهلكين كان صدور قانون حماية المستهلك الذي نص وبوضوح تام على أن للمستهلك حقوقاً تنتهك ممن تسول لهم نفسهم غشه وغبنه
والإثراء على حساب الالتفاف على القوانين والأنظمة وتقديم خدماتهم وسلعهم بطرق غير مشروعة ضاربين عرض الحائط ما يضمن للمستهلك الوضوح والشفافية وحصوله على سلعة أو خدمة بالشكل القانوني السليم فكثير من الظواهر التي نلمسها واقعاً تدعونا للحديث وتسليط الضوء على ممارساتٍ نرى فيها من الغبن والإجحاف والغش والتضليل للمستهلك الشيء الكثير

مسابقات الاتصالات تحت مجهر الجمهور

"هي فخ 100% لا أثق بها بتاتا" عبارة بدأ بها المهندس إلياس حفار حديثه ليتابع القول"إن الطريقة التي يقدمون بها المسابقات تشكل تضليلاً للمشارك وكمثال : اتصل فوراً الآن واربح .. حيث لا ينوه انه باتصالك سوف يتم ادراج اسمك في القرعة النهائية والتي الله اعلم كيف يتم اختيار الفائزين ولا يتم التنويه انه بالاتصال يمكن ان يستغرق المتصل دقائق عدة قبل قبول اسمه في المسابقة" هذا ما يترك الباب مشرعاً للمزيد من ابتزاز مال المتسابق المنقاد بحلم الفوز،يتابع المهندس إلياس: لا يمكن تحديد ضوابط للجمهور من الوقوع بفخ الاعلانات المبهرة حيث ان الانسان دائماً يتعلق بأمل للفوز بجائزة ما ويمكن ان يقتنع منك اذا اوضحت له سيئات الاتصال الذي يقوم به ولكنه بالسر يجري الاتصال آملاً الفوز بالجائزة أي أن للحلم بالفوز بتلك الجائزة المبهرة وطريقة الإعلان عنها سطوة لا يقوى على مقاومتها كثير من العقول…وعن تجربته وتجربة أصدقائه المتكررة بالمشاركة بمسابقات الاتصالات يقول جميل سقاطي-مدير منشأة سياحية-" مراراً وتكراراً شاركت وأصدقائي بعدد كثير من المسابقات التي تتم عن طريق الاتصال أو الرسائل القصيرة من الهاتف الخليوي ولم أحظى مرةً بجائزة كما لم أرى أن أحداً من الأصدقاء والمعارف فاز بجائزة من خلال اشتراكه بتلك المسابقات وهذا ما دفعني للامتناع التام وأصدقائي عن المشاركة مجدداً لعدة أسباب منها عدم الإعلان عن تكلفة الاتصال أو الرسالة للمشاركة وقيام الشركات المنظمة للمسابقات بإستغفال المشترك بعدم الإيضاح أن للإشتراك بالمسابقة يجب على المتصل تسجيل اسمه ورقم هاتفه والتأكيد على صحتها وهذا يستهلك عدداَ من الدقائق تترجم بالفاتورة الشهرية ببضع مئات من الليرات وبعدها يتم طرح سؤال و عدد من الاحتمالات وعليك الاختيار من بينها فإن وفقت بالإجابة الصحيحة سيتم إدراج رقمك بالقرعة وإن لم تختر الإجابة الصحيحة سيطرح عليك سؤال جديد مع إحتمالات جديدة لتدور الدائرة من جديد وتستمر عملية الابتزاز أو أنهم سيشكرونك على مشاركتك ويعتذرون منك على عدم إدراج إسمك ورقمك بالقرعة طالبين منك إعادة الاتصال والمشاركة من جديد،"للأسف نحن ننقاد للمشاركة بعد أن يتم إبهارنا بالجائزة ونقع في فخ إطالة مدة الاتصال أو تكرار إرسال الرسائل وهو ما يشكل إضراراً بنا من ناحية مالية" وهذا ما ختم به جميل حديثه.. "ردين" شاب مغترب أكد بحديثه أن الجهات التي تقدم هذه المسابقات تسعى لتحقيق أكبر قدر من الأرباح لا تتناسب مطلقاً مع حجم الجائزة الموعودة فعدد المشاركين بالمسابقة يقدر بمئات الآلاف إن كانت المسابقة محلية وملايين المشاركين إن كانت المسابقة على مستوى عربي أو عالمي تطرح من خلال القنوات الفضائية وهو ما سيحقق عشرات ومئات الملايين من الأرباح مقابل جوائز لا يمكن وصفها إلا بالهزيلة مقارنةً مع حجم أرباح هائل محقق للشركات القائمة بطرح منتجها من مسابقات ودغدغة أحلام بالفوز…المهندسة عفراء سلطانة ترى أن ثمة محطات تلفزيونية قليلة تحترم المشارك وتلتزم بأخلاقيات المهنة من حيث المسابقات والجوائز التي تكون مقدمة من شركات ومؤسسات معروفة وماركات عالمية موثوقة وهي – عفراء- لا تثق بأغلب تلك المسابقات لأن ما يطرح من جوائز ضخمة يعمل بها على دفع الجمهور للمشاركة دون التفكير بجهة الاتصال ومدى مصداقيتها فكلما كان الاعلان مؤثراً ومستلباً لإرادة الجمهور فإن ذلك سيشكل زيادة بالأرباح لشركات الاتصالات المتفقة تماماً مع شركات تنظيم المسابقات على إغفال ذكر تكلفة دقيقة الاتصال وعدم تحديد مدة زمنية واضحة للمشارك ليبقى الباب مفتوحاً لتزايد بأرباحها ومن أشكال الممارسات التي تقوم بها شركات مسابقات الاتصالات ما تحدثنا عنه ربا أحمد – صحفية – فتقول: من غير المقبول أن يؤكدوا لك برسالةٍ تصل لهاتفك المحمول بأنك ربحت مجموعة كتب… ويطلبون منك الاتصال لتجد أن عليك شراء مجموعة كتب أخرى لتربح المجموعة الأولى ويحاولون إقناعك بأن السعر مخفض جداً فقط لأجلك لأنهم يهتمون بك ويريدون تقديم جائزة فريدة – برأيهم – لك وما عليك سوى شراء مجموعة لتأخذ جائزتك التي أعلموك بأنك ربحتها،هذا تضليل كبير وعملية إحتيالية لأنهم لا يقدمون عرضهم بشكل مباشر أن لديهم تخفيضاً سعرياً على منتجهم أما شركات الاتصالات فلا تخشى أي شكل من أشكال المنافسة وعليه فلا تهتم بالزبون أو بتضليله إن كان في ذلك أموالاً لها،وتضيف ربا القول" عادة ما تكون مسابقات وسائل الإعلام المحلية أكثر مصداقية من غيرها باعتبارها معروفة المصدر وتجري الوسائل المحترمة سحوباتها بشكل مباشر على المحطة ، أما الضوابط فتبدأ من وزارة الاتصالات أولاً ومن الشركات ثانية باحترام زبونها أو قد يكون للاعتراض دور في لفت نظر الشركات ، وهنا يلعب الإعلام دوراً كبيراً في فضح هذه الأعمال لأن من خلال عملنا تبين لنا أن العدو اللدود للشركات الخاصة المخالفة هو الإعلام والذي دفعها لتغيير الكثير من أعمالها وغالباً ما يكون المواطن على وعي بذلك فقلما ما صادفت من يهتم لها أو يجيب عليها.

غيض من فيض محلياً وعربياً..فماالضوابط؟

لا تنفك محطاتنا الاذاعية والتلفزيونية عن طرح مسابقات تقدم من خلالها جوائز قليلة جداً لمشاركين كثر جداً وتلك المسابقات والإعلان عنها تتصف بالغبن والتضليل حسب الآراء المطروحة باستطلاع الرأي السابق فعلى سبيل المثال وليس الحصر قدمت إحدى الشركات بإعلان تلفزيوني لمسابقتها استمر لأكثر من شهر جائزة كبرى للمتصلين المشاركين عبارة عن سيارة فخمة من الماركات المشهورة عالمياً إضافةً لثلاث سيارات أخرى لم يتم إعلام الراغبين بالمشاركة عن نوعها مما فتح المجال للوقوع بحيرةٍ وشكٍ ما إذا كانت السيارات الثلاث الموعودة من ذات الماركة أو موديل الجائزة الكبرى وهذا ما لم يتم توضيحه حتى بعد انتهاء المسابقة وتسليم الجائزة الكبرى للفائز بها إلا من خلال إعلان بسيط على أحد المواقع الإلكترونية الإخبارية حيث تم نشر خبر مفاده تسليم الجائزة والتي هي سيارة صغيرة(ما بتعبي العين) مع صورةٍ للسيارة ورابحها بالنسبة لإحدى السيارات الثلاث المرتقبة ولحقها خبرين متتاليين بتسليم سيارة بكل خبر دون صورةٍ تبين نوع السيارتين المقدمتين كجوائز للرابحين من المشاركين- فالتطبيل والتزمير للحث على المشاركة على قدم وساق لمرات متعددة يتم فيها بث الإعلان على التلفزيون يوميا لأكثر من شهر يقابله إعلان خجول على موقع الكتروني عن تسليم ثلاث جوائز أخرى هي سيارات!!!- مع ملاحظة أنه لم يتم خلال الشهر الإعلاني عن المسابقة ذكر أي تفاصيل عن السيارات الثلاث المقدمة ولم يعلن عن تكلفة الاتصال وأن المشاركة بالمسابقة ستستغرق عدد من الدقائق أو عدد من الرسائل القصيرة عبر الهاتف الخليوي ومن المتوقع أن الدقيقة أو الرسالة الواحدة قيمتها خمس وعشرون ليرة سورية وهو ما لم يتم ذكره ضمن الإعلان لا كتابةً ولا نطقاً من مقدمة الإعلان والوسيلة الإعلامية المستخدمة أما على ساحة القنوات الفضائية العربية ومنها ما اتخذت من مسابقات الاتصالات برنامجاً واحداً يغطي بثها المتواصل على مدار الساعة فهناك نرى العجب حيث يتم طرح سؤال والمطلوب الإجابة عليه بالإتصال وتسجيل الاسم والرقم واختيار الاجابة الصحيحة وسيدخل اسمك ورقمك بالقرعة التي لربما يختارك جهازهم الحاسوبي وبرنامجه من بين آلاف وملايين المتصلين لتنعم بآلاف الدولارات الموعودة مع التأكيد أنهم بمسابقاتهم لا يذكرون بأي شكل من الأشكال تكلفة دقيقة الاتصال أو كم من الدقائق أو الرسائل سيتكلفها المشارك والأمثلة أكثر من أن تحصى ويبقى باب التضليل والتعتيم مشرعاً لكل الاحتمالات كما في إعلان مفاده أن الجائزة الكبرى نصف كيلو من الذهب حيث لم يعلن إن كان الذهب من عيار 18 أم 20 أم غيرها من العيارات ولكل منها سعره

مصداقية البعض والثقة بهم تكشف خلل الآخر

خلال سنوات خلت ولا يزال الوضوح ظاهراً في عمليات اليانصيب الوطني الذي طالما اعتاد الكثيرون منا على التعلق به أملاً بتحقيق أحلامهم وآمالهم من خلال ورقة تحمل رقماً لربما يكون فيه الثراء وبحبوحة العيش الرغيد فالطريقة والاسلوب المتبع باليانصيب الوطني يشكل طرحاً شفافاً من حيث تحديد وطباعة عدد محدد من البطاقات وتوزيعها لكل سحب أسبوعي ولا تترك الأمور دون ضوابط (سايبة) كما هو موجود في مسابقات الاتصالات فلا حدود معروفة لعدد المشاركين ولا تاريخ معلن عن بداية وانتهاء الوقت المخصص للمشاركة بالمسابقة! لم يأت اختيارنا لليانصيب المحلي لنقدم دعايةً وإعلاناً له فكما تخبرنا اللجنة المشرفة عند انتهاء عمليات السحب المباشر على الهواء عبر أثير قناتنا التلفزيونية الاولى بأن جميع البطاقات مباعة لهو أكبر دليل على مدى الثقة التي يتمتع بها اليانصيب المحلي لدى المستهلك،الوضوح والشفافية بالطرح أكسب اليانصيب المحلي ثقةً يعتريها الشك لدى المستهلك تجاه مسابقات الاتصالات فالعرض المباشر لعمليات السحب والتي تتم من خلال الدواليب التي تحمل أرقاماً محددة بعدد البطاقات وإعلان رقم البطاقة الرابحة وجائزتها لا يترك مجالاً للشك في مصداقية اليانصيب وهذا كله مفتقد لدى مسابقات الاتصالات التي تعتمد التقنيات الالكترونية الحديثة والتي من خلال حواسيب الشركات المنظمة لمسابقات الاتصالات يتم اختيار الرابح دون أي شفافية أو وضوح بالنسبة لنا كمشاركين، وبالعودة إلى بطاقات اليانصيب المحلي نجد كل الأمور واضحةً جلية فسعر البطاقة محدد عليها وعدد البطاقات لكل سحب محدد وتاريخ السحب أيضاً محدد وثمة فترة صلاحية لصرف الجائزة مدتها ثلاثة أشهر تبدأ من اليوم الذي يلي تاريخ السحب والجائزة الكبرى محددة مع عدد وقيمة كل الجوائز التي ستقدم بالسحب وكل هذه البيانات التوضيحية نراها مطبوعة باللغتين العربية والانكليزية على بطاقة اليانصيب التي لا تتجاوز مساحتها الورقية 8-16 سم ومفتقدة في كل مساحات البث الاذاعي والتلفزيوني لمسابقات الاتصالات!

مخالفات قائمة فهل سيطالها القانون؟

من الواضح أن ما تتم ممارسته من أساليب خادعة ومضللة خلال مسابقات الاتصالات مرفوض قانوناً ومعاقب عليه ومن الواجب الإشارة وتسليط الضوء على عدد من المخالفات الواضحة المرتكبة وتقع مسؤولية ضبط وتنظيم الأمور بما يخص تلك المسابقات على عاتق كل من مديرية حماية المستهلك ووسائل الاعلام المروجة لتلك المسابقات إضافة لمؤسسة الاتصالات التي تتم من خلالها عملية الاشتراك ويمكن تلخيص المخالفات المرتكبة بـ:

· عدم الاعلان عن تكلفة دقيقة الاتصال أو الرسالة القصيرة ضمن كل اعلان يتم عن مسابقة.

· عدم تحديد زمن بداية وانتهاء المشاركة بالمسابقة ويجب التحديد باليوم والساعة للبدء والانتهاء.

· عدم وجود ضوابط تحدد العدد المتاح له الاشتراك بالمسابقة خلال مدة زمنية محددة.

· عدم تحديد الجوائز وذكرها بشكل تفصيلي دقيق لا غموض ولا لبس فيه من حيث النوع والعدد والقيمة.

· عدم وجود ضابط بعدم السماح بإطالة مدة الإتصال لأكثر من دقيقة أو رسالة واحدة للمسابقة.

· لماذا دقيقة الاتصال بقيمتها تتجاوز سعر (ربطة الخبز)؟! ما هي النفقات الانتاجية التي تتحملها شركات الاتصال وشركاؤها ليكون لها الحق بفرض سعر 17-20-25 ليرة سورية للدقيقة أو الرسالة الواحدة؟

مالنا وما عليـــهم

ليس من الإنصاف النكران أن للشركات والمؤسسات المقدمة لخدمة المسابقات عبر الاتصالات حقاً بتحقيق أرباح تنتج عن ممارسة نشاط تجاري أو خدمي وهذا ما كفلته لها القوانين النافذة وذات القوانين وغيرها كفلت لنا كجمهور تلقي وحيازة واستخدام سلعهم ومنتجاتهم أياً كانت أشكالها وأنواعها بالطريقة الأمثل وبما يمنع وقوع أي شكل من أشكال الغش أو الغبن أو التدليس أو التضليل أو الخداع وبما يحفظ لنا حقوقنا المادية والمعنوية كمستهلكين، لو أن مقولة "القانون لا يحمي المغفلين" صحيحة كما يروج لها المحتالون لما وجدنا قوانين تقمع وتردع الغش والاحتيال ولما تدخل القضاء بأحكامه ليحق الحق ويرفع الظلم عمن استُغِلَ قلة العلم والثقافة والمعرفة لديه وبهذا يكون المشرع أوجد قوانين كفيلة بحماية المواطن كمستهلك وعقوبات للمخالف الذي يستهدف ويستغل المواطن ويتلاعب بالألفاظ والكلمات منها إظهاراً ومنها إخفاءً بقصد استلاب الجمهور للوصول الى الاثراء على حساب بيع الأحلام والأوهام لنا، ويبقى تطبيق القانون بقرارات ناظمة لعمل تلك الشركات وما تقدمه من مسابقات أو خدمات هو ما ننشده من الجهات المختصة ولا يمكن هنا ألا نستذكر حدوث فورة اعلانات منذ بضع سنوات تدعو للمشاركة بما كان يسمى (خدمات الشبكة الذكية للاتصالات) والتي نعتقد أن قراراً رسمياً فرض عليها وعلى وسائل الإعلام – وقتها- وجوب الإعلان عن تكلفة دقيقة الاتصال بها آنذاك وما لبثت الجهات المعنية أن أوقفت نشاط مستثمري تلك الخطوط وألغتها أو جمدتها لما قامت به من عمليات احتيالية قوبلت بالامتعاض والاستنكار لأعمالها من قبل المواطنين الذين كوتهم أسعار خدمات الشبكة (الذكية)!!

بواسطة
نديم صيداوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى