تحقيقات

شهداء الانترنت

يبدو المشهد مروعا” عندما تسمع عن ضحايا الانترنت وهم يتساقطون الواحد تلو الأخر بعدما تطورات الأحداث سريعا” في مجرتنا الكونية ..

فتجلس لساعات وساعات أمام جهازك تنتظر تحميل الصفحة وبعد طول انتظار يظهر لك إشارة على الشاشة أما خطأ في الصفحة أو الشبكة فصلت لتبدأ بذلك العلة التي تقربك من الإصابة بالجلطة الدماغية أو القلبية كون حياتنا اليومية أصبحت رهينة لتحديثات الانترنت وماتبثه مواقع التواصل الاجتماعي وبوابات الرأي ..

إذا" .. هو موضوع "الرأي" الذي في حقيقة الأمر يشكل جوهر حديثنا عن "شهداء الانترنت" ..

نتيجة للتطورات الأخيرة التي يشهدها العالم وخاصة منطقتنا العربية ، برزت شبكة الانترنت كأهم عامل من عوامل قيادة الرأي العام وتحريك الشارع نحو قضية ما ، سواء كانت سياسية كمشروع "الربيع العربي" الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية ، أو ديني كبث مقاطع من الفيلم المسيء لرسول الاسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عبر موقع اليوتيوب ، أو عبر تأجيج الموقف العام تجاه قضايا اقتصادية كما في وول استريت وبريطانيا .. ويبقى السؤال كم من الضحايا والجرائم التي خلفها الانترنت بحياتنا ؟..

لقد أصبح الإنسان بعد تطور الحياة يلجأ إلى مواقع الانترنت باختلاف أنواعها "تواصل اجتماعي ، مدونات ، منتديات ، دردشات ، صحافة إلكترونية .. " والتي عادة ماتعبر عن رأي شخص أو عدة أشخاص أو رأي مجتمع بأكمله ، المهم أنها أضحت وسيلة للرأي العام شئنا أم أبينا ..

طبيعة الحياة تقضي اختلاف بالآراء والتوجهات فعندما يطرح رأي ليس من الضرورة أن يلقى اهتمام وتأييد الرأي العام بالكامل وهذا يفترض علينا كبشر أن نواجه قضايا الرأي بالرأي ، والفكر بالفكر ..
إلا أن حقيقة الأمر لايتم التعامل بهذه الطريقة بل يواجه الفكر والرأي عادة بالعنف بهدف اقصاء الفكر والرأي عن تقديمه للرأي العام والذي هو الفاصل الحقيقي لكل الأفكار والطروحات ..

فلو استعرضنا واقع الطروحات والأفكار التي طرحت حول العالم ، لوجدنا أن في معظمها تم مواجهته بالعنف ، وفي كل فكرة ورأي كان يسقط وينهار أمامها أعداد من القتلى والشهداء الذين كتب لهم أن يكون شهداء في سبيل الرأي عبر الانترنت ..

فمقتل السفير الأمريكي في بنغازي كان نتيجة لمجموعة من الأشخاص الذين أساءوا عبر الانترنت لرمز ديني مشهور وهو سيدنا "محمد" عليه الصلاة والسلام ..
ولو تطرقنا لواقع ماخلفه "الربيع العربي" على شعوبنا من ضحايا وشهداء لعرفنا جيد كيف أن قضايا الرأي في معظم الحالات لم تواجه بمثلها بل بالاقصاء والعنف ، فأينما توجهت في بلاد العرب لوجد حقيقة الإتهاضات وسياسة الاقصاء التي أصبحت ثقافة كل أطراف النزاع ، فعندما تطرح فكر ورأي مناهض لسياسة بلدك يصبح مصيرك مجهول سواء عبر الاعتقالات أو النفي أو … ، أما إذا كنت تواجه برأيك أطرافا" وأفرادا" يحملون أفكار وآراء مناهضة لسياسة بلدك فأنت تتجه بنفسك إلى الهاوية ، لتكتشف أن هؤلاء الذين تناقضهم بالرأي قد أصبحوا يعتبرونك جزء من السياسة التي يحاربونها فيواجهونك بالعنف الذي لاحدود له ..
في جميع الحالات والاحتمالات يتساقط شهداء وموتى بسبب أفكارهم وآرائهم باعتبار أن الفكر هو المحور الأساسي في حياتنا ..

أختم حديثي بالقول ..
إلى أن ملامح التطور في أي مجتمع ترتبط بمدى قدرة هذا المجتمع كمؤسسات وأفراد على مواجهة الرأي والفكر بالرأي والفكر المغاير والإبتعاد قدر الإمكان عن سياسة العنف والإقصاء وهذا ماسيولد في المجتمع مفكريين وقادة حقيقيين للرأي العام.

بواسطة
أحمد دهان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى