مقالات وآراء

هذه معاناتي يا سماحة المفتي

عندما علمت بمرسوم تسميتك مفتياً للجمهورية العربية السورية، عرفت كم ستعاني من التعب بتمثيلك الوجه الديني المضيء لبلدي الذي أعشق ورئيسي الذي أفدي.
لكم عانيتَ في إعطاء الصورة الصحيحة للإسلام الذي شوهه بعض من ينتسبون الى العلم من "المدلسين والجهال المتعممين" ومن الطرفين الإسلامي والمسيحي ، لا بل عشتُ معك ـ كما علمتني ـ ولم أتعايش، أنا المسيحي في إيماني والمسلم وجهه إلى الله تعالى ، فلم أفرق بين عيد الميلاد المجيد وعيد المولد النبوي الشريف ، ولأنني مسيحي مؤمن برسالة المحبة ، أحببت الله أولاً ووطني ثانياً ورئيسي ثالثاً .
إلا أن الكثير من التعقيدات التي عانيت منها جعلتني أقف أمام مفترق طرق ، هل أتابع مع سماحتك بصفتي مستشار لك (برغبتك ورغبتي) ، وهل التسمية هي الأساس أم خدمتي لبلدي ، وهل محبتي لبلدي مبنية على المناصب (بعائد مادي أم لا) أم هي ذاتية تنبع وتكبر معنا .
قد احزنُ من البعض (وكم ازدادوا) ولكنني لا احزن من وطني ، فالكل يذهب ووطني يبقى ، والكل يخطئ ووطني يصيب ، وكثر الذين يتزلفون ويتسلقون ووطني شامخ يسكن بي .
سرت معك دربا طويلا ، شائكاً ، إلا أنك بسجاياك العالية جعلته شيقاً ، لم يؤثر بي كلام مرجعية كاثوليكية عالية – مع بعض المرجعيات الأصغر – عندما صرح "أنهم لم يكلفونني أن أكون مستشاراً لك" ، ولم تتراجع أنت عندما هاجَمتكَ بعض المرجعيات الإسلامية لتسميتي مستشار مسيحي لك ، ونسوا أن محبتك ومحبتي لله الواحد ولوطننا ولرئيسنا أعلى من آرائهم الطفولية وخوفهم الوهمي من الشارع ، ولكأنهم لم يقرأوا ما يكتبه الشارع بصدق ومحبة وافتخار بالوطن ورئيسه ولكنهم قرأوا ما كتبه المأجورون والمدسوسون عليك .
اتهموك بكل ما تيسر لهم من اتهامات مسبقة مغلفة مبوبة ، اتهامات لها مرجعيات متعددة ، لا لشيء إلا لأنهم لا يستطيعون أن يشابهوك في خدمة ربك وبلدك ورئيسك .
واتهموني بالانتماء إلى كل التيارات التي سمعت عن بعضها ولم اسمع عن بعضها الآخر ، وروجوا لها في مجالسهم الخاصة ، وتلقيت الاتهامات ليس بحزن فقط ، بل بدهشة أن يكون بعض علماء ورجال دين هم من يسوق لها، وأنهم على هذه السوية، وأيضا لعدم قدرتي على الدفاع، لا لشيء إلا لان في فمي ماء، وحسبي أنه إذا كان الله معي فمِن مَن أخاف .
ولأن على الإنسان أن يقرر ، وأن يسير بقراره ، لأنه إذا تراجع فانه يسقط عند الجميع ، ولمحبتي العميقة لك ، ولمعرفة أن كرامة وطني ومحبتي لقائدي هي أهم من كرامتي وأنانيتي ، أترك لهم ما يجول بخاطري .
وبانتظارهم .
اللهم اشهد إني بلغت

بواسطة
باسل قس نصر الله

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. والله اننا نفتخر باسلامنا وبنصرانيتنا في سورية فهما وجهان لعملة واحدة وتسمو الروح باجتماعهما.. حفظ الله سماحة المفتي على شجاعته وقوله لكلمة الحق وحفظك اخ باسل… فالوطن اولا واهم من مايقال ويتفوهون به …..سيدنا عيسى ومحمد اخوة…

زر الذهاب إلى الأعلى