جرائم وحوادث

مقتل «مهرّب» روّع قرى حدودية عديدة؟!..

«مهربون» يُقتلون ويقتلون كرمى رزقة مدنّسة برائحة المازوت؟! كانت القرى الحدودية تشتهر بالمميزين إدارياً وفنياً وعلمياً، وبوجهائها اللامعين، وبأفرادها الذين يصلون الى مواقع مسؤولية…
اليوم القرى الحدودية تشتهر بمهربيها لذلك كان الحدث الأميز ومازال في مجموعة قرى حدودية هو مقتل «أحد المهربين» منذ أيّام على يد دورية لإحدى السلطات إثر تراشق ناري كثيف وسط قرية حدودية اقتنص التهريب معظم كوادرها الشابة على حساب قطاع التعليم الذي كانت تشتهر به منذ عشرين عاماً كأفضل قرية بنسبة التعليم والمتفوقين ضمن إحدى المناطق الحدودية المشهورة… ‏

وبمقتل «المهرب» المشار إليه يكون التهريب قد أودى بحياته، كما أودى التهريب بحياة العشرات من ممتهنيه، ومن مكافحيه، وبالإشارة الى حادثة مقتل المشار اليه، فإنّ صيته انتشر في القرى الحدودية باعتماده على التهريب برفقة الحماية المسلحة، وأصبح «سيّداً» لمجموعة تقدّرها بعض السلطات بـ 30 شخصاً، مهمتها ممارسةالتهريب وفق حاجة السوق الداخلية والخارجية، وأشهر المهربات التي تشتهر بها مجموعته «المازوت» بحماية مسلحة، وتروّع أيّ قرية تعبرها «قافلته» والسيارات التابعة له، حيث يستعمل أفراد المجموعة السلاح لدى مشاهدة أيّ دورية مصادفة أوبشكل مخطط، ويطلقون النّار في أيّ شارع وقرية دون أدنى اعتبار لسلامة الأهالي، ويشتهر بمقاومة السلطات، ومهاجمتها، والتمكّن أحياناً من محاصرة دورية وسلبها سلاحها وسيّارتها، والمفاوضة على مطالب له تتعلّق بالتهريب؟!. ‏

الجدير ذكره أن أحد أهالي القرية التي شهدت مقتل المهرّب المشار إليه كان يروي مؤخراً عن مغامراته وإمكاناته، وتحدّث عن إمكانية أن تتسبب مغامراته أو مطارداته بمقتل أو أذية مواطن عابر في ا لقرى الحدودية ولا علاقة له بالتهريب، وشاء القدر أن تحدث الواقعة بشخص مقرّب جداً جداً من الذي كان يروي، إذ تعرّض طالب جامعي من القرية المشار إليها للقتل خلال عملية مداهمة المهرب الذي قتل أيضاً. ‏

وهكذا عندما كانت «العلكة من نوع داندي» إحدى السلع الرئيسة للتهريب من الجوار الى السوق السورية، كانت ترافقها مهربات أخرى شديدة البساطة «كاسات شاي ـ شاي ـ صابون ومنظفات ـ عطور ومساحيق التجميل ـ معلبات مرتديلا وسردين وجبنة ـ موز ـ بعض الحمضيات..»، وكانت وجهة التهريب من قرى الشريط الحدودي إلى المدن السورية. ‏

اليوم مهمة المهربين الرئيسة تغطية فراغ السوق الخارجية، حتى لو تم استنزاف الخزينة السورية، لذلك وجّه أحد الحاقدين على سورية من دول مجاورة مناصريه وعبر وثيقة رسمية صدرت عنه بأن هربوا مااستطعتم من سورية؟! وبين أيام تهريب العلكة وأحدث أيام وفصول تهريب المازوت، حدث ما حدث وأصبح جيل بكامله من القرى الحدودية متورط بالتهريب، فمن رحم تهريب أبسط السلع نشأ مهربون كانوا يومها يهربون العطور والموز…، واليوم أصبحوا سادة تهريب المازوت، ولا شيء يردعهم عن تهريب أي نوع خطير..، فمن يهرب المازوت برفقة عصابة مسلحة، ويرخص حياته ويروع الناس ويقاوم السلطات بالرصاص والقنابل لا يعني له الوطن أكثر من ليتر مازوت لخدمة أمثال الذي وجّه «هربوا ما استطعتم من سورية»؟!. ‏

ومع ذلك فالأمور دائماً قابلة للخطورة، فعندما تساهلت الدوريات مع مهربي العلكة والموز منذ «عشرين عاماً»، أصبحت شيئاً فشيئاً أمام أشرس المهربين الذين يقتلون الناس من أجل تهريب المازوت، وكلّما ظهر التساهل من مكافحة تهريب المازوت، أصبحت السلطات أمام أشرس أنواع العصابات القابلة لتخدم حتى الشيطان مقابل رزقه مدنسة برائحة المازوت؟! لذلك من المهم أن تكون الحملة التي تشنّها السلطات مؤخراً على التهريب حملة حاسمة ودائمة، فلربما تعود الشهرة في القرى الحدودية للوداعة، ولمن يتفوق فيها بعمل صالح وبعلم وكفاءة، بدلاً من الشهرة التي حصدها ويحصدها شبيحة القرى الحدودية بامتياز؟! ‏

المصدر
تشرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى